الانتخابات الرئاسية في أوغندا.. فصل جديد لاختيار موسيفيني الحاكم منذ 30 عامًا

تنطلق على وقع الاعتقالات والعنف

الانتخابات الرئاسية في أوغندا.. فصل جديد لاختيار موسيفيني الحاكم منذ 30 عامًا
TT

الانتخابات الرئاسية في أوغندا.. فصل جديد لاختيار موسيفيني الحاكم منذ 30 عامًا

الانتخابات الرئاسية في أوغندا.. فصل جديد لاختيار موسيفيني الحاكم منذ 30 عامًا

تشهد أوغندا غدا (الخميس) انتخابات رئاسية، يبدو الرئيس يوويري موسيفيني الذي يتولى الحكم منذ 30 عاما، الأوفر حظا للفوز فيها، وإن كانت المعارضة المشتتة التي تخوض السباق مرة أخرى تعمل بكل قوتها لدفعه إلى دورة ثانية غير مسبوقة.
وسيختار نحو 15 مليون ناخب بين موسيفيني (75 عاما) الذي يطمح إلى ولاية خامسة من خمس سنوات، وبين سبعة مرشحين آخرين، يشكل اثنان منهم فقط، هما المعارض التاريخي كيزا بيسيغي، ورئيس الوزراء السابق أماما مبابازي، تهديدا حقيقيا له. ومنذ استقلالها عام 1962 لم تشهد أوغندا البلد المحصور، في شرق أفريقيا والتي يقدر عدد سكانها بـ37 مليون نسمة، انتقالا سلميا يوما، ونصف الناخبين لم يعرفوا إلا موسيفيني رئيسا.
وحسب مراقبين، يستطيع موسيفيني الذي وصل إلى الحكم في 1986 بعدما استولى على كمبالا بواسطة «جيش المقاومة الوطنية»، الذي كان يقوده وأطاح بالرئيس المستبد ميلتون أوبوتي، أن يستند إلى القوة المالية الانتخابية لحزبه «حركة المقاومة الوطنية». وبعدما تراجعت على امتداد الانتخابات بمعدل 75 في المائة في 1996 و69 في المائة في 2001 و59 في المائة في 2006، سجلت نتائج موسيفيني ارتفاعا في الانتخابات السابقة خلال سنة 2011، حيث بلغت 68 في المائة. لكن عددا كبيرا من مرشحي المعارضة رفض تلك النتائج، وانتقد عمليات الغش والتزوير التي قام بها النظام.
وخلال الحملة الانتخابية أعربت المعارضة عن قلقها من إمكانية حصول أعمال عنف واتهمت الشرطة بممارسة القمع، فيما أخذت الحكومة عليها في المقابل إنشاء ميليشيات مسلحة، لكنها اتسمت على العموم بالهدوء. بينما كان المرشحون الرئيسيون يعقدون أمس اجتماعات لناشطي أحزابهم في اليوم الأخير من الحملة، التي انتهت منتصف ليل أمس.
وأول من أمس بلغ التوتر ذروته لدى توقيف كيزا بيسيغي لفترة قصيرة، فيما كان يقوم بحملة في كمبالا، وسقوط قتيل لدى إقدام الشرطة على تفريق مؤيديه بعنف.
وكان بيسيجي، رئيس «منتدى التغيير الديمقراطي»، أكد أنه لن يترشح بعد هزائمه في 2001 و2006 و2011، معتبرا أن من المتعذر إجراء انتخابات حرة ونزيهة في أوغندا. لكنه انساق من جديد إلى رغبته في أن يصبح رئيسا وترشح مرة أخرى، علما بأن بيسيجي الذي كان طبيبا شخصيا لموسيفيني في فترة المقاومة، ووزيرا مرات عدة، قطع علاقته بالنظام أواخر التسعينات. وهو يتمتع بشعبية حقيقية، وخصوصا في المدن، لكن لا تتوافر لديه موارد شبيهة بموارد موسيفيني.
من جهتها، قالت الشرطة إن شخصا قتل وأصيب عدد غير معروف، بالإضافة إلى اعتقال أكثر من 20 شخصا خلال أحداث أول من أمس، بعد أن اشتبك متظاهرون في أوغندا مع شرطة مكافحة الشغب إثر اعتقال مرشح بارز للمعارضة في الانتخابات الرئاسية المقررة هذا الأسبوع، حيث خاض المتظاهرون معارك مع الشرطة في عدة ضواحٍ، بالإضافة إلى إلقاء ورمي الحجارة والإطارات المشتعلة.
وقال باتريك أونيانجو، نائب المتحدث باسم الشرطة: «لقد لقي شخص حتفه، ولكننا لا نزال نحاول التأكد من سبب الوفاة إلى الآن.. ليس بإمكاني الإفصاح عن عدد المصابين، إلا أننا اعتقلنا نحو 21 شخصا».
من جانبه، قال ويلبرفورس كيامبادي مدير الحملة الانتخابية للمرشح بيسيجي، إنه جرى احتجاز بيسيجي (59 عاما) لدى ذهابه لإلقاء خطاب أمام حشد انتخابي في وسط كامبالا، مشيرا إلى أنه تم إطلاق سراح بيسيجي بعد فترة قصيرة من احتجازه. ويشار إلى أن هذه ثاني مرة يتم فيها إلقاء القبض على بيسيجي قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة غدا.
وبالنسبة لرئيس الوزراء السابق أماما مبابازي، فإن نقطة الضعف التي يواجهها فهي صلاته القريبة السابقة مع الحكم، حيث كان رئيسا للوزراء بين 2011 و2014، ثم فقد حظوته وعزل على خلفية التنافس مع رئيس الدولة في إطار «حركة المقاومة الوطنية»، تمهيدا للانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من إجراء مشاورات طويلة، أخفقت المعارضة في الاتفاق على مرشح واحد. وتأمل مع ذلك في دفع موسيفيني، الذي ترجح استطلاعات الرأي فوزه في الدورة الأولى بـ51 في المائة من الأصوات، إلى دورة ثانية.
وحسب مراقبين، فإن حركة المقاومة الوطنية تملك تأييدا قويا في الأرياف وموارد مالية لا تقارن بموارد المعارضة، التي تجيد استخدامها من خلال الاستعانة بدعم الأنصار.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.