«جنيف 3» غير محسومة.. وإدخال المساعدات لا يكفي لاستئناف المحادثات

دي ميستورا يبحث مع المعلم إيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المحاصرة

«جنيف 3» غير محسومة.. وإدخال المساعدات لا يكفي لاستئناف المحادثات
TT

«جنيف 3» غير محسومة.. وإدخال المساعدات لا يكفي لاستئناف المحادثات

«جنيف 3» غير محسومة.. وإدخال المساعدات لا يكفي لاستئناف المحادثات

يهدد التصعيد العسكري في الريف الشمالي لمحافظة حلب، المساعي الآيلة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، على ضوء تنامي الأعمال العسكرية بين أطراف عدة، بينها دولية هي روسيا وتركيا، خلافًا للمقررات التي توصل إليها الأميركيون والروس في مؤتمر ميونيخ الأسبوع الماضي، والآيلة إلى «وقف الأعمال العدائية خلال أسبوع».
وفي خرق لتلك المؤشرات، بحث موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أمس، مع وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم، سبل إدخال المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى المناطق المحاصرة في سوريا. وأكدت المتحدثة باسم مكتب مبعوث الأمم المتحدة الخاص للأزمة السورية جيسي شاهين أن دي ميستورا «اجتمع مع المعلم، ودار الحديث حول إمكانية وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع المناطق المحاصرة، ليس فقط من قبل الحكومة، وكذلك من قبل المعارضة و(داعش)». وأوضحت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الطرفين «سوف يجتمعان مرة ثانية اليوم (أمس) الثلاثاء، لمعالجة هذه القضية الملحة والتي تتعلق برفاه جميع السوريين، والتي تم الاتفاق عليها خلال مؤتمر ميونيخ».
وكانت موسكو وواشنطن أعلنتا ليل الخميس / الجمعة التوصل إلى اتفاق يقضي بالعمل على وقف إطلاق النار بين الجيش السوري والفصائل المقاتلة خلال أسبوع. كما اتفقتا على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع إلى البلدات والمدن المحاصرة في سوريا. ويشكل إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة عملية معقدة، إذ يتم أحيانا إلغاء الموافقة على دخول القوافل في الدقائق الأخيرة بسبب تراجع الأطراف المعنية عن موافقتها وتجدد اندلاع المعارك. وتصر المنظمات الدولية على ضرورة إدخال المساعدات بشكل دوري إلى المناطق المحاصرة.
من جهته، جدد المعلم «تأكيد موقف الحكومة السورية بشأن مواصلة الالتزام بحوار سوري سوري بقيادة سوريا ودون شروط مسبقة وأن الشعب السوري وحده صاحب القرار في تقرير مستقبله». وقال أحمد فوزي، المتحدث باسم المبعوث الدولي إن دي ميستورا، بحث مع المعلم استئناف محادثات السلام المقررة في 25 فبراير (شباط) بعد تعليق الجولة الأولى من المحادثات الأسبوع الماضي. وقال فوزي في إفادة صحافية في جنيف: «نشهد تدهورا على الأرض ولا يمكن الانتظار.. سبب تعليقه للمحادثات كما تعلمون أن المدن ما زالت تتعرض للقصف والناس ما زالوا يتعرضون للمجاعة على الأرض».
وقال فوزي: «لا يمكن أن تجبر الناس على الجلوس على طاولة المفاوضات لبحث السلام. بالطبع هناك من يؤثر على الأطراف وهذا هو ما يحاول القيام به.. إقناع من يؤثرون على الأطراف بالضغط عليهم للمشاركة في المحادثات ووقف هذا الجنون».
وتصر المعارضة السورية على وقف القصف وإدخال المساعدات الإنسانية قبل العودة إلى محادثات جنيف التي من المقرر أن تستأنف في 25 فبراير الحالي.
ولا يرى عضو هيئة التفاوض إلى مؤتمر جنيف3 جورج صبرة، أن إدخال المساعدات من شأنه أن يحفز على الانخراط مجددا في التفاوض. وقال صبرة لـ«الشرق الأوسط»: «إدخال المساعدات هو تفصيل جزئي وصغير جدا لا يكفي لفتح الباب أمام استئناف المفاوضات في موعدها المقبل. فالعقبات أكبر بكثير»، مشيرًا إلى أن «العقبات التي حالت دون استمرار جولة المفاوضات قبل أسبوعين وأدت إلى تعليقها من قبل دي ميستورا، ما زالت قائمة وزادت عليها الصعوبات التي تضاعفت خلال الأسبوعين الأخيرين، ونعني بها القصف الروسي والقتل المتعمد على المشافي والمدارس من أجل تهجير السوريين»، معتبرًا أن «هذا القصف هو عملية تطهير عرقي وتهجير متعمد للسوريين، وبالتالي يدخل عنصر جديد يعقّد العملية أكثر مما هي معقدة».
وقال صبرة: «في ظل هذه المناخات، لا يمكن أن يكون الموعد واقعيًا. فالمطلوب هو رفع الحصار بالكامل، وهو ما ينص عليه البند 12 من قرار مجلس الأمن المتعلق بسوريا، ولا يعني ذلك إدخال المساعدات، بل يعني رفع قضية الحاجات الإنسانية من أن تطرح مرة ثانية على طاولة المفاوضات»، مؤكدًا أن رفع الحصار «هو ملف غير قابل للتفاوض لأنه مرتبط بالقانون الدولي وشرعة حقوق الإنسان».
وتضاعفت العقبات أمام إمكانية انعقاد الجلسة الثانية من مؤتمر «جنيف 3» بفعل التصعيد العسكري الذي تتعرض له أنحاء واسعة في سوريا، وهو ما يهدد بنسف المفاوضات وليس ترنحها فقط، وذلك إثر تغييرات ميدانية كبيرة وقعت في ريف حلب الشمالي، تمثلت في تقدم قوات النظام وحلفائه في ريف حلب، بغطاء جوي روسي، وتقدم قوات «سوريا الديمقراطية» التي تجمع مقاتلين أكراد وعرب نحو ريف أعزاز، والسيطرة على مطار منغ العسكري وبلدة تل رفعت الاستراتيجية القريبة من الحدود مع تركيا، فيما تواصل المدفعية التركية قصفها لأهداف داخل المناطق السورية.
ولا يرى عضو الائتلاف الوطني السوري عبد الأحد اسطيفو أن موعد الجلسة المقبلة من اجتماع جنيف، في 25 فبراير الحالي، «يترنح» فحسب، بل «يهدد التصعيد العسكري بنسف الجلسة»، معربًا عن اعتقاده أن «إمكانية تأجيلها قد تكون أكبر بالنظر إلى حدة التوتر والنزاع القائم والتهديدات التي من شأنها أن توسع نطاق النزاع إلى المستوى الدولي والإقليمي».
وقال اسطيفو في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أبسط النتائج التي يمكن أن تترتب على التصعيد العسكري، هي إبعاد تاريخ عقد الجلسة الثانية»، شارحًا أن «مجموعة الدعم اجتمعت في ميونيخ، واتفقت على وقف الأعمال العدائية، لكن ما حصل كان العكس تماما، فبدل تخفيض الأعمال العدائية، ذهبت روسيا والنظام إلى تصعيد». وأضاف: «الأمور تتعقد أكثر على صعيد المسار السياسي»، موضحًا أن «ما يحصل يتجاوز الحسابات التكتيكية في الميدان بهدف تحسين شروط التفاوض. ما يحصل على صعيد الواقع الميداني، هو تصعيد جدي ليس مستبعدًا أن يشمل المنطقة بأكملها، استنادًا إلى تصريحات روسية بشأن الحرب الشاملة أو الحرب الباردة».
ويعكس التصعيد العسكري مخاوف السوريين من إعادة إحياء مشروع تقسيم لسوريا، على ضوء التغييرات الميدانية. ورأى اسطيفو أنه «على ضوء التصعيد، بدأت الأمور تتبلور، وتظهر مدى تناقض المصالح على المستوى الدولي»، معربًا عن مخاوفه من «تحقق هواجسنا المرتبطة بالتقسيم ورسم حدود سوريا المفيدة». وأكد أن «المخاوف اليوم مرتبطة بوجود سوريا الموحدة، وهو التحدي الجديد وسط الصراعات الدولية الكبيرة».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.