صراع تصريحات بين واشنطن وموسكو وتشكيك في النيات لحل الأزمة السورية

كيري: روسيا تقف أمام إرادة المجتمع الدولي لحل الأزمة

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يلقي كلمته في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري يلقي كلمته في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
TT

صراع تصريحات بين واشنطن وموسكو وتشكيك في النيات لحل الأزمة السورية

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يلقي كلمته في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري يلقي كلمته في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)

احتدم أمس الصراع في ميونيخ بين أكبر قوتين في العالمين وتحديدا بين واشنطن وموسكو ليطلقا تصريحات نارية وتشكيكا في النيات حول حل الأزمة السورية، ليطالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في مؤتمر الأمن الدولي، روسيا بتغيير استراتيجيتها تجاه القضية السورية، والقضايا الدولية الأخرى.
وقال كيري إن الجزء الأكبر من القصف الروسي يركز حتى الآن على المعارضة الشرعية لنظام الأسد. وطالب حكومة الكرملين بالتركيز على «أهداف أخرى» كي تتيح للمجموعة الدولية الداعمة لسوريا فرصة تطبيق الهدنة فعلاً.
وصف كيري عواقب الحرب الأهلية في سوريا بأنها أسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، وأضاف أن تداعياتها، وخصوصًا موجات اللاجئين السوريين، ستمتد إلى ما وراء منطقة الشرق الأوسط. ولا يمكن تطبيق الاتفاق، حول وقف «الأعمال العدائية» في سوريا، بحسب رأيه، إلا إذ غيرت روسيا استراتيجيتها.
وذكر كيري أن التوصل إلى حل سياسي في أسرع وقت سيكون مفتاح التوصل إلى حل سلمي، وأن ذلك سيكون «نقطة تحول» في القضية. وستحدد القرارات التي تتخذ في الأسابيع المقبلة ما إذا كانت الحرب في سوريا ستنتهي أو أن النزاع سيتعمق أكثر.
ووجه كيري نقدًا شديدًا للسياسة الخارجية الروسية متهما موسكو بالوقوف بالضد من إرادة المجتمع الدولي من خلال دعمها للمتمردين في أوكرانيا ودعمها لحكومة بشار الأسد. ورد على ادعاءات ميدفيديف عدم قصف المدنيين، متهمًا روسيا بممارسة سياسة عدوانية.
وحذر رئيس الدبلوماسية الأميركية أوروبا من الانقسام بسبب أزمة اللاجئين، وأشار إلى أن أوروبا موحدة قادرة فعلاً على الخروج من الأزمة، وسبق لأوروبا أن تجاوزت أزمات أكبر وهي موحدة. امتدح أيضا سياسة المستشارة أنجيلا ميركل تجاه اللاجئين ووصفها «بالشجاعة».
ويأتي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضمن ركب «المتشائمين» من اتفاق «وقف الأعمال العدوانية» في سوريا والتوصل إلى هدنة تمهد لسلام دائم فيها.
وقال لافروف على هامش المؤتمر إنه لم يعد واثقًا تمامًا من أن هذا اللقاء سيكون ناجحًا، وخصوصًا في ما يتعلق بالهدنة. وجاء هذا التصريح بعد أن قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه لا يجد مبررًا لكثير من التفاؤل.
وكان رئيس المؤتمر فولفغانغ إيشنغر قد سأل وزراء خارجية ألمانيا وروسيا عن مدى تفاؤلهم في نجاح خطة الهدنة في سوريا، فقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إنه يمنح الهدنة فرصة 51 في المائة، معبرًا عن تفاؤله باتخاذ خطوة مهمة على طريق وقف القتال. ورد لافروف، بحسب تقرير لصحيفة «زود دويتشه تزايتونغ»، بأن طرح مزيد من الشروط التي يعتقدها لازمة لنجاح خطة الهدنة.
وعبر الوزير الروسي عن قناعته بأن الجانب الأميركي يعلق نجاح الهدنة فقط على وقف القصف الروسي لمواقع «داعش» و«جبهة النصرة». وطالب لافروف الولايات المتحدة بالتعاون مع روسيا في قضية «تعريف المنظمات الإرهابية» قائلاً إن الولايات المتحدة ترفض التعاون في هذا المجال. وأضاف أنه من دون هذا التعاون، وبالاستعانة بالجيش السوري، لن تتمكن القوات المسلحة لروسيا والولايات المتحدة من إنهاء الحرب في سوريا.
إلى ذلك، حذر ديمتري ميدفيديف، رئيس الحكومة الروسية، في خطابه الذي ألقاه في مؤتمر الأمن في ميونيخ من مغبة الانزلاق إلى حرب باردة، التي قال إنه «تم الانحدار إليها»، فيما أكد على «أهمية المحافظة على وحدة أراضي الدولة السورية وعدم السماح بتفككها على أسس عرقية وطائفية».
وأشار ميدفيديف إلى أن العالم لن يتحمل مزيدا من التجارب المريرة التي تشهدها ليبيا واليمن وأفغانستان، وأن العواقب لا بد أن تكون وخيمة بالنسبة لكل الشرق الأوسط. وقال إن «الكثير من المسلحين في سوريا قدموا من روسيا ومن الدول المجاورة لها، وهم يسعون للعودة إلى بلادنا من أجل تنفيذ أعمال إرهابية. لا يجوز السماح بذلك».
وأشار إلى أن ما تفعله روسيا في سوريا يستهدف الدفاع عن مصالحها الوطنية، على حد تعبيره. وناشد ميدفيديف الأطراف الخارجية التوقف عن تهديداتها وعدم التلويح بشن العملة العسكرية البرية في سوريا، بقوله: «لا تخوِّفوا أحدًا بالعملية البرية»، وإذ نفى ميدفيديف قصف الطيران الروسي المواقع المدنية السورية، قال بضرورة تبادل الآراء من أجل سرعة وقف إطلاق النار في سوريا، وتبادل المعلومات بين القوات الجوية الروسية في سوريا وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، من أجل الحيلولة دون ظهور ما وصفها بالاحتكاكات والأزمات.
وأشار ميدفيديف إلى التزام بلاده بمواصلة العمل من أجل تنفيذ المبادرات السلمية المشتركة لحل الأزمة السورية، مؤكدا عدم وجود أي بديل للحوار الإقليمي والدولي في هذا المجال.
وفي خطابه الذي ألقاه في مؤتمر الأمن أمس، قال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية إن التنسيق بين العسكريين الروس والأميركيين يشكل أساسا لحل المشكلات الإنسانية في سوريا، وشرطا لا بد منه لتحقيق هدنة في البلاد.
وإذ أشار لافروف إلى أن الهدنة في سوريا ممكنة فقط في حال التنسيق بين روسيا والتحالف الدولي، عاد ليؤكد أن «العسكريين الروس يعملون في سوريا تلبية لطلب من دمشق». وفيما قال إن مجموعة دعم سوريا لم تناقش احتمالات العملية البرية في سوريا، حذر لافروف من مغبة طرح شروط مسبقة للحوار بشأن سوريا، مثل الحل الكامل للمسائل الإنسانية، ودعا إلى «عدم «شيطنة» دور الرئيس السوري بشار الأسد في إحداث الأزمة الإنسانية في سوريا، وحمل الإرهابيين مسؤولية انفجار هذه الأزمة. وأضاف أن «المسائل الإنسانية يمكن حلها فقط عن طريق التعاون، أما الحديث عن ضرورة حلها قبل وقف العنف، فيقود إلى طريق مسدود».
وكانت الخارجية الروسية أعلنت أمس عدم صحة ما يتوارد من أنباء حول ما وصفته ماريا زاخاروفا، الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية، بـ«خرافة» بدء البحث والتفكير في العملية البرية من قبل روسيا في أراضي سوريا، فيما أكدت تركيز بلادها على المسار السوري من أجل تحقيق التسوية السياسية في سوريا، وأنه «لا يمكن دون هذه التسوية استعادة السيطرة على كل الأراضي السورية، وتحقيق الاستقرار والتوافق بين المجموعات الإثنية كافة».
مع ذلك، أعرب لافروف عن تفاؤل حذر بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار في سوريا، قائلا إن فرص تطبيقه قد تتجاوز 49 في المائة، حسبما نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.