الجزائر: جدل حول وقف معاش أحد رموز رجال الدين

وزير الشؤون الدينية يطلب تحقيقا لتحديد الجهة التي سرَبت {الشائعة}

الجزائر: جدل حول وقف معاش أحد رموز رجال الدين
TT

الجزائر: جدل حول وقف معاش أحد رموز رجال الدين

الجزائر: جدل حول وقف معاش أحد رموز رجال الدين

أعلن وزير الشؤون الدينية في الجزائر، محمد عيسى، أمس، عن فتح تحقيق حول ما أسماه «شائعات كاذبة» تتعلق بوقف صرف معاش رجل الدين الكبير محمد الطاهر آيت علجت، بعد أن أثارت هذه القضية جدلا كبيرا في وسائل الإعلام المحلية، وعدَت «إساءة غير مسبوقة لأحد رموز الإمامة والاعتدال والوسطية في البلاد».
وذكر عيسى في وثيقة موجهة إلى المفتش العام بالوزارة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن «الضجة الإعلامية التي أحدثتها وسائل الإعلام حول الإساءة، التي يكون قد تعرض لها فضيلة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت، تدعوني إلى أن آمر بفتح تحقيق معمق لمعرفة مصدر هذه الإشاعة المغرضة، والبحث عن النيات الحقيقية التي دفعت البعض إلى أن يكذبوا على الوزارة، واكتشاف ما الذي تخفيه هذه الحملة من نيات».
وأوضح عيسى أنه يعتزم اتخاذ «الإجراءات العقابية التي تنص عليها قوانين الجمهورية، ضد كل من تورط في هذه القضية، سواء بالكذب أو بترويج الكذب على الوزارة، مهما كان مستواه في درجات المسؤولية، بالنظر إلى الضرر الذي لحق بالمرجعية الدينية الوطنية وبمصداقيتها، بعد هذا التصرف العاري من الأخلاق». ويقصد بـ«التصرف» ضمنًا، أطر بوزارته سرَبوا للصحافة خبرا مفاده أن الوزير طلب من مدير الشؤون الدينية بولاية الجزائر التحري في مصادر دخل الشيخ العالم آيت علجت، بهدف وقف منحة التقاعد التي تصرفها له الوزارة، كأحد قدامى كوادرها.
وتجاوز الشيخ، الذي يحظى بوقار كبير، 104 سنوات، وهو يلقي خطبة الجمعة أسبوعيا في أحد مساجد العاصمة، ويوميا يلقي دروسا في الفترة الصباحية بالمسجد المحاذي لبيته، وفي الفترة المسائية يقصده عشرات الأشخاص للفصل في نزاعات في كل المجالات بحكم أن كلمته مسموعة.
وأشاد الوزير عيسى بـ«الأخيار من أبناء أسرة المساجد أو من خارجها، الذين هبَوا إلى نصرة الشيخ محمد الطاهر آيت علجت ضد إساءة زعمها المرجفون»، داعيًا «أولئك الذين استغلوا هذا الإفك للإساءة إلى وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، إلى أن يحترموا الفضاءات الإعلامية التي وثقت في نزاهتهم، في حين خيَبوا الآمال وجانبوا الحق لأغراض أطلب من المفتشية العامة تجليتها في القريب العاجل».
وأطلق ناشطون بشبكة التواصل الاجتماعي حملة دعم لفائدة عالم الدين، سموها «لا لإهانة علماء الجزائر»، إذ قال ناشط إن «وزارة الشؤون الدينية تأمر بإيقاف منحة الشيخ العلامة طاهر آيت علجت، على اعتبار أنه قد يكون فقد الأهلية بعد أن تجاوز 104 سنوات. إنه تصرف مهين لعالم وداعية جزائري بحجم الشيخ حفظه الله». وذكر آخر أن «هذا أمر خطير يهدف إلى إلهاء الناس عن أشياء أخرى، لا أحد يستطيع وقف معاش الشيخ علجت، وأين مصالح الضمان الاجتماعي؟».
وكتب عدَة فلاحي، مستشار وزير الشؤون الدينية، بصفحته بـ«فيسبوك»، «لو أن وزارة الشؤون الدينية اهتمت بخلية الإعلام بالوزارة، وأسندت الأمر لأهله لما شاعت الأخبار التي يصنفونها على إشاعة، مثل ما وقع للشيخ آيت علجت، وغيرها من القضايا التي تشغل الرأي العام. وفي كل الحالات ليست خلية الإعلام هي وحدها المعطلة، بل كثير من الخلايا التي ما زالت نائمة تنتظر من يوقظها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».