في مكان ما، ربما في مرآب أحد أعضاء رابطة مشجعي فريق لوس أنجليس غالاكسي، المعروفين باسم لوس أنجليس رايت سكوود، ترقد مجموعة من اللافتات المطوية. سبق وأن استخدمت هذه اللافتات ضد ديفيد بيكام عندما انضم لأول مرة على سبيل الإعارة إلى فريق «إيه سي ميلان»، الذي التحق به خلال توقف دوري المحترفين الأميركي «إم إل إس»، في 2009 و2010.
«ارحل يا محتال»، عبارة حملتها إحدى اللافتات. بينما قالت أخرى: «نحن هنا يا بيكام، هنا من قبلك، هنا من بعدك، وهنا رغم أنفك». أدى بيكام بشكل جيد مع فريق لوس أنجليس غلاكسي في النهاية، لكنه كان في وقت من الأوقات رمزا لخيبة أمل كرة أميركا الشمالية حيال صفقات الإعارة الشتوية. بالتأكيد لم يكن قائد منتخب إنجلترا السابق وحيدا في سعيه لاستثمار فترة التوقف، وعقد صفقة إعارة، فقد اعتاد نجوم من أمثال لاندون دونوفان وروبي كين وتييري هنري، قضاء عدد من الشهور على سبيل الإعارة في الدوري الإنجليزي (البريميرليغ) بين 2009 و2012، عندما لم يكن دوري المحترفين الأميركي يحوز على الاهتمام الكامل لألمع النجوم. وليس معنى هذا أنهم لم يكونوا يرغبون في الوجود في الـ«إم إس إل»، إنما أرادوا أن يكونوا في مكان آخر فحسب.
ثمة شيء قد تغير، رغم هذا. قد تكون أيام الإعارات الشتوية - وهي من النوع الذي اعترضت عليه جماعة «لوس أنجليس رايت سكوود» بشدة - معدودة، قياسا على العامين الماضيين. ليام ريدجويل هو «اللاعب المصنف» الوحيد في دوري المحترفين الأميركي، الذي يقضي فترة التوقف على سبيل الإعارة في 2016، بدلا من تفضيل الراحة والتعافي قبل الموسم الجديد. لكن هذا لا يعني بالضرورة أن الـ«إم إل إس» قد بدأ فجأة يلفت الأنظار بقوة، أو أن معيار اللعب أصبح محل احترام أكبر. تظل غواية اللعب في البريميرليغ وغيره من المسابقات الأوروبية قوية، وهو ما يظهر انتقال مات ميازغا إلى تشيلسي الأسبوع الماضي. لكن مشكلة الإعارة الشتوية في دوري المحترفين الأميركي تعد فرصة من أجل فهم أكبر لصعوبات هذه المسابقة.
إن فكرة أن الـ«إم إس إل» يمثل تحديا سهلا هي إحدى أكبر الأكاذيب الكروية. الحقيقة مختلفة تماما، مثلما اكتشف الكثيرون والكثيرون. قد لا يرقى معيار اللعب لأفضل المعايير في أوروبا، ولكن المؤهلات البدنية المطلوبة للعب في هذا الدوري أكبر من مؤهلات أخرى به. وإذا كان الـ«إم إس إل» مكانا للتقاعد، إذن فلا بد وأن يكون من النوع الذي يتخصص في تمارين التحمل. في إنجلترا، قد تستدعي إحدى المباريات التي تقام خارج الأرض، ساعة من الزحام المروري الخانق على طريق «إم 6» السريع، بينما يكون مكان الاستراحة الوحيد في إحدى استراحات «ويلكم بريك» الوضيعة. لكن في دوري المحترفين الأميركي قد تكون إحدى المباريات خارج الديار بمثابة رحلة سفر. مباريات الـ«إم إل إس» لا تحظى بحضور جماهير سوى في منطقتي شمال غربي المحيط الهادي والساحل الشرقي، وهذا بالنظر إلى المسافات الطويلة التي يتعين على المتفرجين قطعها. ومثل هذا السفر بين المباريات يجعل الدوري الأميركي أكثر الدوريات العالمية إجهادا من الناحية البدنية في العالم، وقد بدأ اللاعبون أصحاب الأسماء الكبيرة يضعون هذا في اعتبارهم أخيرا، عندما يخططون لقضاء فترات التوقف في هذه المسابقة.
ويوضح ديدييه دروغبا أنه «تحد مختلف»، عند المقارنة بين متطلبات كرة القدم الإنجليزية ونظيرتها الأميركية. ويضيف: «يظن الناس أن اللعب سهل هنا. صدقني، إنه أكثر صعوبة من اللعب في البريميرليغ بسبب السفر. من الممكن أن تنتظر في أحد المطارات لـ3 أو 4 ساعات إذا تأخرت عن اللحاق بطائرتك، ومن ثم فهذا هو فعلا ما يقضي على اللعبة. ولا تجد الكثير من الانتصارات خارج الأرض لأن الفرق تصل وهي مرهقة». واقع الأمر أن مهاجم «مونتريال إمباكت» رفض عرض إعارة يعيده إلى الدوري الإنجليزي - أو أي مكان آخر لهذا السبب. بالطبع كان هناك بعض الإغراء في عرض للانضمام إلى الطاقم التدريبي لتشيلسي، بقيادة غوس هيدنيك، لكنه لم تكن هناك أبدا تساؤلات عما إذا كان دروغبا سيغادر «ستاد سابوتو»، معقل مونتريال إمباكت، على سبيل الإعارة. ويعكس موقف النجم الإيفواري اتجاها أوسع نطاقا في الدوري الأميركي.
تحدثت تقارير صحافية عن عودة ستيفن جيرارد إلى ليفربول، بعد مضي بضع شهور من رحيله عن أنفيلد، وقضى بعض الوقت يتمرن مع الفريق. لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق إعارة، وهو ما جنب لاعب الوسط المدافع التعرض لغضب المشجعين مثلما حدث مع بيكام. كما قام أندريا بيرلو وديفيد فيا بالتعبير عن الرغبة في العودة إلى أوروبا، وكان النجم الإيطالي بيرلو تحديدا مصرا على البقاء في الدوري الأميركي، رغم الاهتمام الكبير المعلن من جانب نادي إنتر ميلان بضمه. وقال بيرلو معترفا: «حاول الكثير من الأندية معرفة موقفي. لكن لدي عقد مع نيويورك سيتي إف سي وأريد احترامه».
لدى النجوم الكبار في الـ«إم إل إس» الحق في التفكير في المعايير البدنية المطلوبة، وتأثيرها المحتمل على أكثر اللاعبين صلابة. ومع توسع الدوري ليشمل مدينتي أورلاندو وكاسكيدا، فهناك احتمال أكبر من ذي قبل لأن يكون هناك تأثير أكبر من مجرد الأميال التي تقطعها الفرق للعب خارج أرضها. يلعب 9 من بين الفرق الـ10 الأقل سفرا على مدار الموسم في دوري المحترفين الأميركي العام الماضي، في القسم الشرقي. وكان فريق نيويورك رد بولز، الفائز بلقب «درع المشجعين»، هو من قطع أميالا أقل في مشواره - 13.383 ميلا. كما أن فرق القسم الشرقي التي وصلت إلى الأدوار النهائية لكأس الدوري الأميركي، قطعت ثاني أقل عدد من الأميال خلال مبارياتها خارج ملعبها في 2015 – 13.794 ميلا. على النقيض من هذا، نجح فريقان فقط من الفرق الخمسة التي تسافر أطول المسافات، في الوصول إلى المباريات المؤهلة (فانكوفر وايتكابس وسياتل ساوندرز). ثمة ارتباط واضح هنا بين المسافة المقطوعة والنقاط التي يتم تسجيلها.
قارن هذه الأميال الطويلة بالمسافات التي تقطعها الفرق الإنجليزية الأكثر سفرا، وسيكون العبء البدني الحقيقي الموجود في كرة القدم في أميركا الشمالية واضحًا. كان سوانزي سيتي أكثر فرق البريميرليغ سفرا الموسم الماضي، لكنه قطع فقط 4.129 أميال على مدار الموسم. بينما كان أستون فيلا الأقل سفرا في موسم 2014 / 2015، إذ قطع فقط 2.117 ميلا في 19 مباراة. وللتوضيح، فقد امتدت أقصر رحلة قطعها فريق أولاندو سيتي ضمن مسيرته في الدوري الأميركي في 2015، 735 ميلا لمواجهة «دي سي يونايتد».
بالطبع يجب أن ينظر جدول الـ«إم إل إس» غير المتكافئ، والمصمم للتخفيف من إجهاد السفر الذي يواجهه كل فريق، إلى عدد الأميال التي يقطعها كل فريق، لكن لا شك في المؤهلات البدنية المطلوب توفرها في اللاعبين. ويعتبر انتهاء الإعارة الشتوية أوضح مؤشر إلى الآن على أن هذه الضغوط البدنية أصبحت مفهومة بشكل أفضل. وهنا لا تصبح هناك حاجة لاستخدام لافتات جماعة «لوس أنجليس رايت سكوود».
خدعوك فقالوا.. الدوري الأميركي مجرد نزهة كروية
الإعارة الشتوية في الـ«إم إس إل» تلفظ أنفاسها.. والمجهود البدني الهائل السبب
فريق «مونتريال إمباكت» رفض انضمام مهاجمه دروغبا لطاقم تدريب تشيلسي بقيادة هيدنيك خلال فترة الإعارة الشتوية (إ.ب.أ) - جيرارد يفكر في العودة إلى إنجلترا بعد شهور قليلة في غالاكسي
خدعوك فقالوا.. الدوري الأميركي مجرد نزهة كروية
فريق «مونتريال إمباكت» رفض انضمام مهاجمه دروغبا لطاقم تدريب تشيلسي بقيادة هيدنيك خلال فترة الإعارة الشتوية (إ.ب.أ) - جيرارد يفكر في العودة إلى إنجلترا بعد شهور قليلة في غالاكسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة

