الحمد الله يعلن جاهزية حكومته للاستقالة تمهيدًا لحكومة وحدة

اتفاق حماس وفتح يحتاج لبعض الوقت والرئيس عباس ينتظر توضيحات

ممرضون ينقلون مواطنا اسرائيليا تعرض لاعتداء بالسكين في القدس أمس (إ.ب.أ)
ممرضون ينقلون مواطنا اسرائيليا تعرض لاعتداء بالسكين في القدس أمس (إ.ب.أ)
TT

الحمد الله يعلن جاهزية حكومته للاستقالة تمهيدًا لحكومة وحدة

ممرضون ينقلون مواطنا اسرائيليا تعرض لاعتداء بالسكين في القدس أمس (إ.ب.أ)
ممرضون ينقلون مواطنا اسرائيليا تعرض لاعتداء بالسكين في القدس أمس (إ.ب.أ)

قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الاتفاق العملي الذي توصل إليه وفدان من حركتي فتح وحماس في الدوحة، أولي، وما زال ينتظر ملاحظات ومصادقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس عليه.
وبحسب المصادر، فإن الوفدين لم يناقشا أو يتوصلا إلى بنود جديدة، وإنما بحثا آليات لتطبيق الاتفاقات السابقة، ومن بينها تشكيل حكومة وحدة وطنية، وحل مشكلة موظفي حماس وانتخابات تشمل المجلس الوطني وتسليم معبر رفح إلى حرس الرئيس الفلسطيني. ورفض مسؤولون في فتح وحماس الخوض في تفاصيل النقاط، التي يعتقد أنها شملت تسليم معبر رفح مع بقاء موظفي حماس هناك، وتشكيل حكومة وحدة ببرنامج سياسي متفق عليه ويرتكز إلى التزامات المنظمة ووثيقة الأسرى، والعمل على تفعيل دور الإطار القيادي في منظمة التحرير تمهيدا لترتيب انتخابات للمجلس الوطني، وحل مشكلة موظفي حماس وفق مقترحات رئيس الوزراء الحالي رامي الحمد الله. وبحسب المصادر، فقد طلبت قطر من الوفدين عدم إعطاء أي تصريحات لوسائل الإعلام من أجل إنجاح المفاوضات. وقالت المصادر إن الرئيس عباس يحتاج إلى توضيحات دقيقة من الأحمد.
وحرص الفصيلان على إبقاء الباب مفتوحا لكل الاحتمالات، فأعلنا التوصل إلى «تصور عملي محدد، سيتم تداوله والتوافق عليه في المؤسسات القيادية للحركتين، وفي الإطار الوطني الفلسطيني مع الفصائل والشخصيات الوطنية، ليأخذ مساره إلى التطبيق العملي على الأرض».
وجاء الاتفاق بعد اجتماعات جرت على مدى يومين واستغرقت 13 ساعة. وكان وفد فتح الذي يضم عضوي اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد وصخر بسيسو، وصل السبت إلى قطر والتقى مسؤولين قطريين، قبل أن يلتقي الأحد وفد حماس الذي ضم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل وأعضاء المكتب موسى أبو مرزوق وعزت الرشق ومحمد نزال، في جلسة طويلة استمرت 5 ساعات وكانت جادة وإيجابية، لكنها لم تنجح. واستكمل اللقاء يوم الاثنين واستمر 7 ساعات.
وهذا ليس أول اتفاق بين فتح وحماس، فقد وقعت الحركتان اتفاقات عدة في مكة والقاهرة والدوحة وغزة، في أوقات سابقة، ولكن لم ينجحا في تطبيقها بسبب خلافات حول الآليات والصلاحيات.
وكان آخر اتفاق بين حماس وفتح جرى في أبريل (نيسان) 2014 في غزة عقبه ورقة تفاهمات في سبتمبر (أيلول) في القاهرة، ونصت على تمكين حكومة التوافق الوطني وإصدار المرسوم الخاص بدعوة المجلس التشريعي للانعقاد والبدء بممارسة مهامه المنصوص عليها في النظام الأساسي، وإنصاف جميع الموظفين المعينين قبل وبعد 12 (يونيو (حزيران)، 2014 وفق الأنظمة والقوانين التي تنظم عملهم، ومتابعة الجهود السياسية والتحركات من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، وبشكل خاص لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير (الإطار القيادي المؤقت)، والتأكيد على سرعة تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات وفق ما ورد في الاتفاقيات والتفاهمات.
وعلى الرغم من تشكيل حكومة توافق، فإن الخلافات دبت سريعا بين الحكومة وحماس بسبب تمكين الحكومة من العمل في غزة.
وتتهم الحكومة حركة حماس بتشكيل حكومة ظل متحكمة في القطاع، وتتهم حماس الحكومة الحالية بتهميش القطاع. ويعتقد الفصيلان الأكبر حماس وفتح، أن تشكيل حكومة وحدة سينهي هذه الخلافات، وسيعطي الحكومة القوة والشرعية اللازمة للعمل في غزة، بما في ذلك حل مشكلة المعابر.
وفورا أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله أن حكومته الحالية جاهزة لتقديم استقالتها لدعم تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأنها ستقدم كل ما من شأنه دعم جهود تحقيق المصالحة الوطنية، وستتحمل مسؤولياتها كاملة إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
وأعرب الحمد الله عن تمنياته بنجاح الجهود المبذولة لتحقيق المصالحة، وإعادة الوحدة للوطن.
وقال الحمد الله في بيان إن «مواجهة تحديات المرحلة يقتضي إيلاء بيتنا الداخلي كل الجهد، ومنحه أعلى درجات الاهتمام الوطني، على صعيد المصالحة الوطنية، وإنهاء الانقسام وتوحيد الجهد والبرنامج الوطني، وتوفير كل مقومات الصمود والمقاومة والبقاء على الأرض، حتى نتمكن معًا من حماية مشروعنا الوطني، وتعزيز قدرتنا على مواجهة التحدي الأكبر المتمثل في إنهاء الاحتلال، ومواجهة مشاريع الاستيطان وتهويد القدس، وإنجاز قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».
وردت حماس على الحمد الله بقولها إن حكومته الحالية أصلا غير شرعية. وقال الناطق الحمساوي صلاح البردويل، إن «حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها الدكتور رامي الحمد الله لا شرعية لها وهي مقالة تلقائيًا فور تشكيل حكومة الوحدة الوطنية دون أن يتم استشارتها من حركتي حماس وفتح».
وأضاف البردويل في تصريحات عبر فضائية الأقصى التابعة لحماس، تعقيبًا على إعلان حكومة الوفاق جهوزيتها لتقديم استقالتها، إن «حكومة الوفاق لم تأخذ مصادقة من المجلس التشريعي ليكون لها شرعية فهي عاشت وماتت دون شرعية».
وتابع «حكومة الحمد الله هي نقمة على الغزيين، فلم تحقق أي إنجاز لرفع الظلم الواقع على أبناء شعبنا في غزة من حصار وإغلاق للمعابر الحدودية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».