«حمى الضنك» يستفحل في اليمن.. و«القاعدة» تستثمر الأوبئة

وزارة الصحة تخذل المرضى بأمر التمرد

«حمى الضنك» يستفحل في اليمن.. و«القاعدة» تستثمر الأوبئة
TT

«حمى الضنك» يستفحل في اليمن.. و«القاعدة» تستثمر الأوبئة

«حمى الضنك» يستفحل في اليمن.. و«القاعدة» تستثمر الأوبئة

استفحل داء حمى الضنك في اليمن، قبل حلول موسمه السنوي المحدد بين مارس (آذار) وأغسطس (آب) من كل عام، وذلك نتيجة عدم قدرة وزارة الصحة على تأدية مهامها، تفعيلا لأوامر الاحتلال الحوثي في صنعاء، بالتزامن مع ظهور تنظيم القاعدة في الجنوب، ليقدم نفسه بوصفه منقذا للبلاد من تفشي الأمراض، فيما تغرق السلطات الشرعية في تفاصيل أخرى لا تنعكس نتائجها على الصحة العامة للمواطنين في مختلف أرجاء البلاد.
وأظهرت السلطات الصحية الشرعية عجزا واضحا في تقديم الحد الأدنى من واجباتها في التصدي لانتشار الأمراض الوبائية في جنوب اليمن وشماله، على الرغم من انتقال الحكومة إلى اليمن بعد تحرير عدن.
وفي هذا الخصوص، قال الدكتور ياسر باهشم، مدير برنامج مكافحة الملاريا في حضرموت وشبوة والمهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بعد الإعصار الأخير الذي ضرب منطقة حضرموت، انتشر كثير من الأوبئة مثل حمى الضنك والحميات الفيروسية، نتيجة تكون المستنقعات وانتشار البعوض الناقل لفيروس حمى الضنك والحميات».
وبحسب باهشم: «بلغت الإصابات بحمى الضنك أكثر من ألفي إصابة، كما تسببت في وفاة حالات فتكت بهم، مسجلة بذلك وفاة 25 حالة، كان آخرها قبل أسبوعين». وقال إن «الأمراض الأخرى مثل الملاريا وفيروس الكبد والرمد، جاءت بنسب متفاوتة لم تصل خطورتها لحمى الضنك»، مبينا أن انخفاض معدل الحالات ناتج عن تدخلات علاجية ومكافحة داخل المنازل وفي الأماكن العامة التي أثمرت عن الحد من بلوغ مرحلة الإصابة إلى الوفاة.
وأشاد بدور منظمات المجتمع المدني التي دعمت بشكل أساسي من الناحية المالية واللوجيستية للحد من انتشار المرض، كما شاركت منظمة الصحة العالمية بشكل غير رئيسي بمبالغ مالية وتموين من المبيدات الحشرية، إضافة إلى مساهمتها في الجانب العلاجي والتوعوي، في ظل غياب تام وتجاهل من الجانب الحكومي المتمثل في الحكومة الشرعية.
ودافع باهاشم عن السلطات الشرعية، قائلاً إن «القطاع الصحي في حضرموت تحت إشراف الحوثيين، لأن الوزارة في صنعاء هي التي تسلم رواتب الكوادر الطبية وتوفر بعض المعدات الطبية البسيطة، ويتقرب منه تنظيم القاعدة المسيطر على حضرموت من خلال مد يد العون وإظهار حسن النية».
وزاد أن «كلتا الإدارتين لن تتمكن من إنقاذ الكارثة الوبائية التي حدثت بعد الإعصارين اللذين ضربا حضرموت»، مشيرا إلى أن «تأمين الوضع الصحي يتطلب توفير أبسط السبل مثل المبيدات الحشرية والمواد الطبية الخاصة بالحميات التي رُفع بها لأكثر من ثلاثين جهة مسؤولة ومنظمات طبية إلى جانب الحكومة الشرعية التي لم تسأل حتى اللحظة عن الاحتياجات الطبية لحضرموت»، حسب قوله.
وذهب إلى أنه «في هذا الوضع الاستثنائي الذي يحتاج إلى برنامج طبي لمكافحة الأوبئة لم تستطع إحدى الجهات المسؤولة توفيره، فعلى سبيل المثال عندما انتشرت حمى الضنك كانت هناك حاجة ماسة للمبيدات الحشرية وحتى اللحظة لم نتمكن من توفيرها، ولم نتحصل سوى على 36 لترًا من خلال تاجر في السعودية قام بإيصالها عن طريق سيئون».
ورغم تخوّف المجتمع الدولي من فيروس زيكا فإن باهشم أبدى عدم اهتمامه كثيرا به، لأنه يرى أن حمى الضنك التي فتكت بكثير من اليمنيين ومنتشرة في حضرموت أخطر من زيكا، كونها تودي بالحياة دون هوادة، مبينًا أن هناك تحديين تواجههما حضرموت يتمثل الأول في أن الموسم الفعلي لحمى الضنك سيبدأ الشهر المقبل، ولا بد من أخذ الحيطة والحذر والتصدي له، كونه يهدد حضرموت قبل حلول موسمه.
وقال الدكتور ياسر باهشم، مدير برنامج مكافحة الملاريا في حضرموت وشبوه والمهرة، إن «الخوف مما سيحدث في الموسم يبدأ الشهر المقبل، ولمدة خمسة أشهر متواصلة، متوقعا سقوط وفيات وإصابات أكثر بكثير من الأعداد التي كانت في الشهر الماضيين، ما لم يكن هناك برنامج ودعم للتصدي له»، موضحًا أن التحدي الثاني يتمثل في الملاريا الذي يعزز انتشاره وجود المستنقعات والبرك والمياه الآسنة، حيث بدأ فعليا الآن موسم الملاريا، وأصيبت في الأسبوعين الماضيين ست حالات داخل المكلا.
وشدد على أن الحل يتمثل في وقوف الجميع إلى جانب حضرموت والالتفات حولها من خلال مكافحة الأوبئة التي لا علاج لها، مبينا أن مكافحتها لن تأتي إلا من خلال توفير المبيدات الحشرية والمعدات اللازمة لمكافحة البعوض الناقل لحمى الضنك والحميات الفيروسية الأخرى.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.