إسلام آباد: جدل في وسائل الإعلام لرفض منح تأشيرة دخول لممثل كوميدي هندي

كان من المفترض أن يتحدث عن تقليد التسامح في كشمير

الممثل الكوميدي الهندي أنوبوم
الممثل الكوميدي الهندي أنوبوم
TT
20

إسلام آباد: جدل في وسائل الإعلام لرفض منح تأشيرة دخول لممثل كوميدي هندي

الممثل الكوميدي الهندي أنوبوم
الممثل الكوميدي الهندي أنوبوم

أصيب الكثير من الباكستانيين بالصدمة عند سماعهم نبأ عدم موافقة المفوضية الباكستانية في نيودلهي على منح الممثل الكوميدي الهندي أنوبوم خير تأشيرة الدخول لزيارة كراتشي حيث كان من المفترض حضوره مؤتمرا أدبيا هناك هذا الشهر.
وعندما انتشر خبر عدم حصول الكوميديان المعروف على تأشيرة الدخول عبر وسائل التواصل الاجتماعي، اشتعل النقاش والجدل من دون توقف أو حدود، حيث اتهم الجميع المفوضية الباكستانية العليا بتعمد رفض منح تأشيرة الدخول لممثل يحظى بشعبية كبيرة في باكستان.
بدا الممثل نفسه شديد الاهتياج ووصف رفض منحه التأشيرة بالمؤامرة التي حيكت ضده كي لا يحضر المهرجان المفترض أن يتحدث فيه عن «تقليد التسامح في الهند حيث كان من المقرر أيضا أن يكشف فيه عن صلة باكستان بالإرهاب».
ووفق تغريده أنوبوم خير التي نشرت قبل انتشار خبر رفض منحه التأشيرة، قال: «رفضوا منحي تأشيرة الدخول لأنني كشميري بانديتي (طائفة هندوسية تعيش في كشمير طردت من كشمير من قبل الجماعات الانفصالية المسلمة الموالية لباكستان)، لأني كنت سأكشف علاقات باكستان بالإرهابيين خلال كلمتي بالمؤتمر». غير أن الخبر برمته جرى نفيه من قبل المفوضية الباكستانية العليا في نيودلهي على لسان ممثلها عبد الباسط الذي قال في تغريدة إن المفوضية «لم تتلق أي طلبات من أنوبوم خير من الأساس». وقالت المفوضية: «نأسف سيدي، لا نعرف من أبلغك هذا الكلام، فنحن لم نتسلم بعد أي طلبات منك للحصول على تأشيرة الدخول ولم نتلق جواز سفرك من الأساس». جاء توضيح المفوضية الباكستانية متأخرا وبعد انتشار الخبر والتحليل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي. ويعتبر الممثل الهندي أنوبوم خير مقربا من الحزب الأصولي الحاكم في الهند «بي جي بي»، وكذلك زوجته التي خاضت الانتخابات البرلمانية عن نفس الحزب، ووقف الاثنان في واجهة الحملة التي تشنها بلاده ضد الهند وضد المفوضية الباكستانية العليا، حيث اتهم الممثل الهندي وزير الداخلية الباكستاني بالتآمر ضده.
ويحظى أنوبوم خير بشعبية كبيرة سواء في الهند أو باكستان حيث قام ببطولة الكثير من الأفلام الكبيرة.
وأبلغ مسؤولو وزارة الداخلية الباكستانية صحيفة «الشرق الأوسط» أن المسؤولين الباكستانيين عرضوا في وقت لاحق منح أنوبوم خير تأشيرة الدخول، غير أن الممثل الهندي رد في تصريح للإعلام قائلا: «ألغيت برنامج الزيارة لباكستان».
سلطت الحادثة الضوء على البيروقراطية في كلا البلدين وكيف أنها تفسد العلاقات والتواصل بين مواطني الشعبين.
ورغم الحادثة فقد عقد المؤتمر في موعده في كراتشي بمشاركة 17 شخصا من الهند.
وصرح مسؤول باكستاني رفيع لـ«الشرق الأوسط» بأن حكومته ليس لديها النية لرفض منح أنوبوم تأشيرة الدخول وأن ما حدث لم يكن سوى مثال على سوء الفهم وانعدام التواصل.
وأضاف أن رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف قام خلال رحلته الأخيرة للهند بلقاء كبار ممثلي السينما الهندية وأخبرهم أنه شخصيا يحب مشاهدة الأفلام الهندية.



لبنان: نجاة شرف الدين... أول «ناطقة باسم الرئيس»

خلف المايكروفون في القصر الجمهوري (نجاة شرف الدين)
خلف المايكروفون في القصر الجمهوري (نجاة شرف الدين)
TT
20

لبنان: نجاة شرف الدين... أول «ناطقة باسم الرئيس»

خلف المايكروفون في القصر الجمهوري (نجاة شرف الدين)
خلف المايكروفون في القصر الجمهوري (نجاة شرف الدين)

كانت تتمنى دخول السلك الدبلوماسي لتكون سفيرة لبلدها لبنان، ولكن القصر الرئاسي ناداها.

كل من يعرفها يعترف بتمتعها بصلابة ناعمة تخوّل لها إتقان التحاور مع الآخر. نجاة شرف الدين تملك خبرة إعلامية واسعة تدرّجت فيها ما بين المرئي والمسموع والمكتوب. وأخيراً سمّيت الناطقة الإعلامية الرسمية باسم رئاسة الجمهورية.

هذا الخبر لم يفاجئ زملاءها، لا سيما أنها على علاقة طيبة مع الجميع، بيد أن اللافت في الموضوع هو طبيعة المنصب الذي تبوأته. ذلك أنه، بصفته الحالية، استُحدث مع وصول رئيس الجمهورية اللبناني الجديد العماد جوزيف عون. وعندما طلب شخصاً يتولّى هذه المهمة بالصفات التي يرغب بها، وقع الخيار عليها، فوافق بسرعة كونها تستوفي جميع الشروط التي يريدها. ومَن يعرف الرئيس عون يشير إلى حرصه الشديد على اختيار من يراه الشخص المناسب للمكان المناسب. وهكذا، أصبحت نجاة شرف الدين أول إعلامية «ناطقة باسم الرئيس»، ودخلت القصر لتكون سيّدته الإعلامية لست سنوات مقبلة. وبالمناسبة، استُحدث المنصب من باب مواكبة الإعلام الرئاسي بأسلوب عصري يشتهر في الغرب، ويتمثّل بالتعبير عن مواقف رئيس الجمهورية اللبنانية ضمن بيانات رسمية... وأحياناً لنقل توضيحات معينة صادرة عنه.

نجاة شرف الدين "الناطقة باسم الرئاسة اللبنانية" (نجاة شرف الدين)
نجاة شرف الدين "الناطقة باسم الرئاسة اللبنانية" (نجاة شرف الدين)

خلفية شخصية

ولكن، من هذه الإعلامية التي تدخل حلقة رئاسة الجمهورية؟

إنها ابنة بلدة الطيّبة الحدودية الجنوبية، في قضاء مرجعيون. تلقت تعليمها الجامعي متخصصة بالإعلام والاتصال في الجامعة اللبنانية. وهي متزوّجة من وزير المالية السابق الدكتور غازي وزني، وتردّد دائماً بأنه لو تسنى لخطة زوجها المالية رؤية النور لكان أمكن إنقاذ البلد اقتصادياً. وأما بالنسبة لهواياتها وشغفها، فإنها تهوى السفر والاستماع إلى أغاني فيروز وأم كلثوم وعبد الحليم والطرب الأصيل.

مهنياً، تعدّ نجاة شرف الدين فعلياً ثاني امرأة تتولى مهمة إعلامية في القصر الجمهوري؛ إذ سبقتها الإعلامية مي كحالة في عام 1990 بصفة «المستشارة الإعلامية في رئاسة الجمهورية». وكانت كحالة قد لمعت بدايةً إبان عملها في صحيفة «النهار»، واختارها للمنصب رئيس الجمهورية الأسبق الراحل إلياس الهراوي. وتجدر الإشارة، إلى أن التعارف بينهما حصل عندما حاورته في برنامج تلفزيوني كانت تقدمه بعنوان «أيها اللبنانيون». وكانت كحالة تلتقي في ذلك البرنامج مع مرشحين لتولي مركز رئاسة الجمهورية. وعندما سألته في أثناء المقابلة عن أول خطوة يرغب في القيام بها إذا ما فاز بالرئاسة، أجابها: «ستكونين معي مستشارةً إعلامية». وبالفعل، حافظ الرئيس الهراوي على وعده للإعلامية الطموحة، ووقع عليها اختياره لتولي منصب الناطقة باسم لرئيس الجمهورية.

مع الرئيس جوزاف عون (نجاة شرف الدين)
مع الرئيس جوزاف عون (نجاة شرف الدين)

مع الإعلام المرئي

أما شرف الدين فقد عملت في الإعلام المرئي، وبالتحديد في قناة «المستقبل» لمدة 20 سنة. وكانت تقدّم النشرات الإخبارية، وكذلك برامج حوارية كان آخرها «ترانزيت». ومن نشاطاتها في هذا المضمار تغطيتها بوصفها مراسلة لـ«المستقبل» مؤتمرات دولية جرت في أفغانستان والعراق.

ولكن، في عام 2013 لملمت شرف الدين ذكرياتها في هذه المحطة وقرّرت مغادرتها. وفي حينه، برّرت قرارها بأنه مبني على ضرورة التغيير، وأن التجربة المرئية في «المستقبل» طالت. وأيضاً، تخللها في الأيام الأخيرة قبل إقفال أبوابها نهائياً تقليص نفقات وإنتاجات.

من هناك، توجهّت نحو صرح إعلامي آخر، ولكن من النوع المسموع هذه المرة؛ إذ دخلت إذاعة «صوت كل لبنان» لتتولى تقديم البرنامج السياسي «لقاء الأحد»، لتحلّ بدلاً من الإعلامية الراحلة جيزيل خوري. وكانت خوري قد اضطرت إلى ترك الإذاعة إثر عملها بقناة الـ«بي بي سي» العربية. وحقاً، بقيت شرف الدين ضمن عائلة «إذاعة صوت كل لبنان» حتى قبل أيام قليلة من تسميتها «الناطقة الإعلامية لرئاسة الجمهورية». وبعد نحو 10 سنوات من العمل الإذاعي تخلله 3 سنوات عمل في قناة «العربي»، لملمت أغراضها مجدداً لتخوض تجربة مهنية مختلفة.

وما يجدر ذكره في هذا السياق، أن شرف الدين كانت قد مارست الإعلام المكتوب في مجلة «الشراع»، وفي مواقع إلكترونية عديدة بينها «بوست 180». وإذا ما سألتها اليوم عن المجال الإعلامي الأقرب إلى قلبها تردّ بسرعة «إنه الإعلام المكتوب».

علي جابر... المدير الأستاذ

في العمل الإذاعي، استمتعت نجاة شرف الدين بالتفاعل الذي لاقته من قبل المستمعين، خاصة أنها لم تكن تتوقع أن يكون للمسموع في زمن الصورة كل هذا الازدهار. وعليه، كانت تجربة جديدة تدرجها على لائحة «خبرات» من نوع آخر. وتعتبر رواج الـ«بودكاست» اليوم، تكملة لزمن المسموع الذهبي، ولكن بقالب مختلف.

طيلة ممارسة شرف الدين مهنة الإعلام تعاونت مباشرة مع عدد من مديري المؤسسات التي دخلتها. وبالنسبة لها، فإن مدير تلفزيون «المستقبل» (آنذاك)، علي جابر، أكثر من أثّر في مشوارها الإعلامي؛ إذ زوّدها بالثقة بالنفس، وبخبرة رفيعة المستوى سببها أسلوبه في العمل. وهو منذ اللحظة الأولى، وضعها بمواجهة التحديات في عملها الصحافي. وكان يرفض السطحية في تنفيذ المحتوى، ويصرّ على التعمق بأي مهمة تقوم بها. ذلك الأمر ما كان يقتصر على قراءة نشرة أخبار، بل المتابعة والإلمام بكل التطوّرات على الأرض.

«لا أعرف» تحفّزها للبحث المستمر

تتمتع نجاة شرف الدين بشخصية ليّنة ومطواعة، تصغي إلى الآخر بدقة، وتشعر دائماً بأنها تحتاج إلى المعرفة. ولطالما ردّدت: «ولا مرة أجاهر بمعرفتي بأمور كثيرة، وأفضّل عليها عبارة (لا أعرف) لأنها تحفّزني على البحث المستمر». وهنا نشير إلى أنه منذ أن شاع خبر تسميتها «ناطقة إعلامية لرئاسة الجمهورية» انتظر الجميع إطلالتها على المنصة الإعلامية في القصر. ولكن الإطلالة تأخرت لأيام قليلة لبضعة أسباب، في مقدمها أنه كان عليها التعرف إلى طبيعة مهمتها وإلى فريق العمل.

واليوم تأتي إطلالتها بشكل محدود وفي مناسبات معينة. ويتطلّب الأمر التركيز على حدث معين يجري في القصر، من دون الحاجة إلى إطلالات متكرّرة لا جدوى إعلامية منها.

القصر والمحطة الأخيرة

كما سبق، حتى اليوم أطلّت نجاة شرف الدين مرات قليلة على الشاشة. وكانت تتلو في كل مرة على الإعلاميين مراسلي القصر الجمهوري نتائج مباحثات أو لقاءات أجراها الرئيس عون. فهل يمكن أن يشكّل القصر آخر المحطات الإعلامية في مشوارها؟

مَن يعرف شرف الدين يدرك تماماً بأن هذا الأمر غير وارد في أجندتها المهنية.

صحيح أنها تصف مركزها الإعلامي اليوم بـ«المكافأة المعنوية لمشوار متعب ومضنٍ»، إلا أنها ترفض اعتباره المحطة الأخيرة. وبرأيها لا يمكن للحياة أن تخلو من الفرص، ومن ثم، فالتجربة الإعلامية التي تعيشها اليوم ممتنّة لها بشكل كبير، ولكنها بالتأكيد لن تكون الأخيرة.