المقاومة تتقدم نحو مرتفعات صنعاء.. وتأمل كسب القبائل المحيطة

المتمردون يتمترسون.. ويجندون السجناء المجرمين ويزرعون آلاف الألغام

تكثف المقاومة الشعبية، في محافظة صنعاء تحركاتها وسط القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء (رويترز)
تكثف المقاومة الشعبية، في محافظة صنعاء تحركاتها وسط القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء (رويترز)
TT

المقاومة تتقدم نحو مرتفعات صنعاء.. وتأمل كسب القبائل المحيطة

تكثف المقاومة الشعبية، في محافظة صنعاء تحركاتها وسط القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء (رويترز)
تكثف المقاومة الشعبية، في محافظة صنعاء تحركاتها وسط القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء (رويترز)

بدأت قوات الجيش الوطني والمقاومة، أمس، في التقدم وخوض مواجهات ضد الميليشيات في منطقة مسورة وجبل بن غيلان، وهذا الجبل شاهق الارتفاع ويطل على العاصمة صنعاء وباقي المناطق المجاورة، وتعني السيطرة عليه أن صنعاء ستصبح تحت نيران مدفعية قوات الشرعية، حسب تأكيد الخبراء العسكريين.
وقد بدأت هذه العمليات وسط تعزيزات عسكرية من التحالف، وصلت إلى جبهات القتال في شرق العاصمة صنعاء، التي تعرضت، أمس، لسلسلة غارات جوية عنيفة من طائرات التحالف، التي استهدفت مخازن السلاح في جبل النهدين المطل على دار الرئاسة، في جنوب العاصمة.
وخلق التقدم الكبير الذي حققه الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، بالسيطرة على معسكر الفرضة ومديرية نهم، بشكل كامل، بما فيها المرتفعات الاستراتيجية، واقعا جديدا في معطيات العمليات العسكرية الهادفة إلى إسقاط العاصمة صنعاء وتحريرها من قبضة الانقلابيين من ميليشيات الحوثيين والمخلوع علي عبد الله صالح.
ويؤكد القادة العسكريون اليمنيون أن التطورات الميدانية مكاسب كبيرة. ويقول اللواء الركن محسن خصروف، رئيس دائرة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني لـ«الشرق الأوسط» إن السيطرة على معسكر «اللواء 312» في الفرضة يعني الكثير: «لأنها تمثل الثغرة الأكبر لفتح صنعاء، وسيتجسد هذا المعنى بشكل أوضح حين تتم السيطرة، في المرحلة التالية بعد حسم معركة مسورة، على نقيل بن غيلان الذي سيمكن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من فتح محاور قتال جديدة باتجاه أرحب وبني الحارث وبني حشيش، وسيمكن من السيطرة على معسكري بيت دهرة وجبل الصمع ومن خلالهما مطار صنعاء وبالتالي العاصمة».
وتكثف المقاومة الشعبية، في محافظة صنعاء، تحركاتها وسط القبائل المحيطة بالعاصمة صنعاء، وشدد اللواء خصروف على ضرورة «وكسب ولاء القبائل المحيطة بصنعاء أو تحييدها، في الحد الأدنى»، مؤكدا أن «أحد أهم أهداف العمليات الجارية حاليا، هو دخول قوات الشرعية سلميا العاصمة، وهو ما تتوخاه معركة استعادة الدولة».
وفي هذا الصدد، أكد، أيضا، عبد الكريم ثعيل، عضو المجلس الأعلى للمقاومة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن «التواصل والتنسيق مع مشايخ وأعيان القبائل المحيطة بصنعاء مستمر لأجل المساهمة والتكامل لإنجاح عملية تحرير صنعاء بأقل التكاليف وأسرع وقت وهناك إنجازات كبيرة جدا وذلك لأن الجميع يرفض الميليشيات والانقلاب ويسعى للعيش في ظل دولة النظام والقانون دولة العدالة والمساواة لا تحت استعباد أبو فلان أو أبو علان أو أسرة بعينها أو شخصية ما»، مشيرا إلى أن «الجميع يتعاونون مع المقاومة، خاصة كون قادتها هم أبرز الشخصيات الاجتماعية والسياسية والرسمية في مديريات وقبائل محافظة صنعاء».
وردا على سؤال يتعلق باعتقاد بعض الأوساط اليمنية بأن المخلوع علي عبد الله صالح ما زال يحتفظ بمخزون كبير من ترسانته العسكرية، قال اللواء خصروف إنه «فعلا ما يزال لدى صالح مخزون من السلاح والعتاد لكنه سيتبخر مفعوله حين تضيق قوات الجيش الوطني والمقاومة الخناق على العاصمة وتسحب البساط قبليا من تحت أقدامه، لأن للسلطة والقوة مفعول درجة الغليان التي تؤدي إلى تبخر السوائل».
وفيما يتعلق بالمعارك التي تدور، في الوقت الراهن، في مناطق الساحل الغربي وتحديدا في حرض وعبس وميدي، في إقليم تهامة وعاصمته مدينة الحديدة، قال رئيس التوجيه المعنوي في الجيش اليمني اللواء خصروف إن «الحديدة وموانئ البحر الأحمر، هدف تال لمعركة حرض وميدي وستكون محافظة حجة هدفا يستلزم تحقيقه كسب ولاء قبائل المحافظة»، وفي الوقت ذاته، لم يستبعد المسؤول العسكري البارز لجوء المخلوع علي صالح والمتمردين الحوثيين إلى افتعال عمليات إرهابية في مناطق الصراع المسلح في صنعاء وغيرها من مناطق شمال البلاد، كما يفعلون حاليا في المحافظات الجنوبية، وهو أمر معروف ومعلوم عن حلف الحوثيين – صالح، وأضاف اللواء خصروف: «إشاعة العنف والإرهاب في الجنوب عموما وعدن على وجه الخصوص أمر مخطط له مسبقا منذ ما قبل تحرير عدن، وتم لذلك الهدف تنويم خلايا إرهابية متعددة هي التي تقوم بعمليات الإرهاب الآن بهدف إفشال تقديم نموذج متقدم لسلطة الدولة الشرعية في المناطق المحررة».
في السياق ذاته، أدى التقدم الكبير في جبهة نهم، بشرق صنعاء، إلى قيام ميليشيات الانقلابيين بسلسلة من الإجراءات وردود الفعل، أبرزها نشر المئات من عناصر الميليشيات في المناطق المحيطة بالعاصمة، إضافة إلى تعزيز بعض المعسكرات المتبقية والمرابطة في مداخل العاصمة، رغم أن معظم تلك المعسكرات تعرضت لقصف جوي من قبل طيران التحالف، ووفقا لمصادر محلية وشهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، فإن الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، زرعت، اليومين الماضيين، آلاف الألغام حول صنعاء، وذلك من أجل الحد من تقدم قوات الشرعية صوب العاصمة، التي لا تتوقع المصادر أن تهاجمها قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، قبل استكمال السيطرة على كافة المناطق المحيطة بها من كافة الاتجاهات، إضافة إلى أن الحوثيين، واستعدادا لمعركة صنعاء، أطلقوا مئات وربما آلاف السجناء المحكومين في قضايا قتل ونهب وتقطع وسرقات وغيرها من الجنح الكبيرة، من السجون وتقوم، حاليا، بإعدادهم وتسليحهم لضمهم إلى صفوف.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».