سقوط معسكر الفرضة.. البوابة الشرقية لصنعاء بيد الجيش الوطني

عسيري: وجود قوات الشرعية أصبح واقعًا داخل العاصمة

رجال القبائل اليمنية من المقاومة الشعبية بعد سيطرتهم على فرضة نهم (أ.ف.ب)
رجال القبائل اليمنية من المقاومة الشعبية بعد سيطرتهم على فرضة نهم (أ.ف.ب)
TT

سقوط معسكر الفرضة.. البوابة الشرقية لصنعاء بيد الجيش الوطني

رجال القبائل اليمنية من المقاومة الشعبية بعد سيطرتهم على فرضة نهم (أ.ف.ب)
رجال القبائل اليمنية من المقاومة الشعبية بعد سيطرتهم على فرضة نهم (أ.ف.ب)

سيطرت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محافظة صنعاء، أمس، على معسكر فرضة نهم «اللواء 312»، وذلك بعد نحو أربع وعشرين ساعة على بدء هجوم واسع لاستعادة السيطرة عليه من قبضة ميليشيات الحوثيين. وتأتي السيطرة على المعسكر الاستراتيجي بعد أيام قلائل من السيطرة على أجزاء واسعة من سلسلة جبال فرضة نهم الاستراتيجية التي تطل على محافظات صنعاء ومأرب والجوف، وتعد المنطقة والمعسكر البوابة الشرقية لصنعاء، حيث تبعد قرابة أربعين كيلومترا إلى الشرق من العاصمة صنعاء.
وأعلن المستشار في مكتب وزير الدفاع السعودي، العميد الركن أحمد عسيري المتحدث باسم قوات التحالف العربي في اليمن، أمس الخميس، أن «وجود قوات الشرعية أصبح واقعا داخل محافظة صنعاء»، مضيفًا أن «ميليشيات الحوثي تعمد إلى نشر الألغام عشوائيا لوقف التقدم نحو صنعاء».
وقال القيادي في مقاومة صنعاء، عبد الكريم ثعيل، لـ«الشرق الأوسط»، إن عشرات الانقلابيين سقطوا بين قتيل وجريح في المواجهات، وإن المعسكر بات تحت سيطرة الشرعية «التي تجاوزته إلى مناطق أخرى»، ووصف ثعيل المعارك التي دارت، خلال الأيام الخمسة الماضية، بأنها عنيفة، وقال: «كانت بدايتها بسيطرة قوات الشرعية جيشا ومقاومة على سلسلة جبال قرود الاستراتيجية ومنطقة ملح التي تحد فرضة نهم من الجنوب وجبال يام من الشمال ومفرق الجوف من الشرق ومنطقة بران من الغرب، وبعدها تم تطويق المعسكر كاملا، واليوم تحديدا تم تحرير معسكر فرضة نهم».
وأضاف: «كان لطيران قوات التحالف ودعمهم العسكري الدور الأهم في إسناد الجيش والمقاومة حتى تمت عملية تحرير فرضة نهم، والمناطق التي تم تحريرها حتى اللحظة بسرعة ناجحة»، وأنه «حتى اللحظة قوات الجيش والمقاومة وبتمهيد وإسناد طيران التحالف العربي يتقدمون في عملية تحرير محافظة صنعاء ببسالة وانسجام منقطع النظير ونجاحات الشرعية كبيرة، خصوصا داخل مديرية نهم»، وأشار إلى تجاوز قوات الشرعية المنطقة التي يوجد بها المعسكر (في إطار مديرية نهم)، مدللا على ذلك بسيطرة المقاومة الشعبية علی طقم يحمل عيار «23»، ومخازن ذخائر لجميع أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة وعربة 106، وسيارة بداخلها 200 لغم وأسر 15 من ميليشيات الحوثي والمخلوع في جبل منيف المطل علی معسكر الفرضة، وهذا يؤكد أن التقدم تجاوز الفرضة كثيرا.
وكان رئيس هيئة أركان الجيش اليمني، اللواء محمد علي المقدشي، وعدد من القادة العسكريين في قوات التحالف، زاروا المناطق التي سيطرت عليها قوات الجيش الوطني في منطقة فرضة نهم، قبل بدء الهجوم الذي أدى إلى تحرير المعسكر من الميليشيات وقوات المخلوع صالح.
ووفقا لمصدر قبلي لـ«الشرق الأوسط»، فإن عناصر الميليشيات وقوات المخلوع فروا بأعداد كبيرة من المعسكر مخلفين وراءهم عدتهم وعتادهم العسكري وجرحاهم، إثر هجوم قوات الجيش والمقاومة، وذلك بعد أن تعرض المعسكر، خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية، لضربات جوية مكثفة من قبل طائرات التحالف، خصوصا أن المعسكر كان محاصرا من قبل قوات الشرعية لمدة يومين قبل الهجوم.
وبالسيطرة على معسكر فرضة نهم والمنطقة بالكامل، باتت قوات الجيش الوطني والمقاومة وجها لوجه مع مناطق الحزام القبلي المحيط بصنعاء، من جهة الشرق. وأكد مصدر في المقاومة بمحافظة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك اتصالات مكثفة تجرى مع رجال القبائل المحيطة بصنعاء بشأن التوصل إلى تفاهمات تتعلق بسير المعارك، المرحلة المقبلة، التي تتضمن التقدم نحو العاصمة صنعاء، وأشار المصدر إلى أن القبائل مطالبة بتحديد موقف من المتمردين وبالتخلي عنهم أو على الأقل، البقاء في موقف محايد.
وفي تطورات ميدانية أخرى، تقدمت قوات الجيش الوطني في محور حرض، قرب الحدود اليمنية السعودية، في المواجهات التي تخوضها ضد الميليشيات الحوثية التي تخوضها قرب مدينة حرض، وأكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط»، أن المواجهات اندلعت بعد وصول تعزيزات عسكرية كبرى من قوات التحالف في عملية إنزال بحري جرت في سواحل مدينة ميدي، التي تمكنت قوات الجيش من السيطرة عليها، قبل نحو أسبوعين. وتشير المعلومات إلى أن المعارك التي تدور في حرض وشمال اليمن (الحدود السعودية الجنوبية)، تهدف إلى استكمال تطهير مناطق الساحل الغربي من وجود الميليشيات الحوثية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.