لمواجهة موجة الغلاء الطاحن الذي يجتاح البلاد بسرعة، بدأ السودانيون يلجأون للطرف والمزح والقفشات لعلها تساعدهم على مجابهة ظروف الحياة الصعبة، خصوصًا بعد صدور قرار مضاعفة أسعار غاز الطهي. وأمام هذه الموجة من الغلاء وبدل الخروج في تظاهرات احتجاجية كما تتشهي قوى المعارضة، اكتفت مجالس الخرطوم بالسخرية المريرة والتهكم على القرار، الذي أعقب إجازة الميزانية التي قطع خلالها الوزير بعدم حدوث أي زيادة في أسعار السلع أو المحروقات.
وكانت وزارة المالية السودانية قد أصدرت الأسبوع الحالي قرارًا، رفعت بموجبه سعر غاز الطهي بثلاثة أضعاف، مما جعل سعر قنينة الغاز يقفز من 25 إلى 75 جنيهًا دفعة واحدة، رغم انخفاض أسعار المنتجات البترولية دوليًا، وهو الأمر الذي أثار سخرية واستغراب المواطنين والخبراء معًا.
وأعلنت المالية السودانية بأنها تخلت عن الحماية والقيود الإدارية والرسوم التي كانت تفرضها على تلك السلع، وتركت شأن الاتجار فيه لشركات ومؤسسات القطاع الخاص، يستوردها ويبيعها دون أدنى قيود، ما ينذر بارتفاعات متتالية في أسعارها، وانعكاسها على سوق السلع الرئيسية، التي تعاني الغلاء الطاحن هي الأخرى.
وارتفع تبعا لتلك القرارات سعر أنبوبة غاز الطهي المنزلية إلى 75 جنيهًا سودانيًا (نحو 12 دولارًا)، بعد أن كان سعرها 25 جنيهًا.
وأدت قرارات مشابهة إلى تظاهرات واحتجاجات مشابهة في شهر سبتمبر (أيلول) 2013، قابلتها السلطات بعنف مفرط، مما تسبب في مقتل أكثر من 80 شخصًا، وفقًا للمصادر الرسمية، وأكثر من 200 قتيل، وفقًا لمنظمات حقوقية دولية ومعارضين.
ويتبادل الناس في الخرطوم طرائف وقفشات تسخر من حالهم ووضعهم، ومن ارتفاع أسعار الغاز وانعكاسها على حياتهم. وفي تدوينة ساخرة قال المدون عمر الحاج إنه «يمنع منعًا باتًا استخدام في إشعال الفحم والطلح والبخور، ويحاكم من يستخدم الغاز في إشعال السيجارة بالقطع من خلاف، الغاز للطبخ وبس».
ويتناقل الناس أن سيدة طلبت تزويد أنبوبة الغاز الخاصة بها برقم سري لتمنع أطفالها وزوجها من استخدام الغاز بدون معرفتها وعلمها، ولما سمته «حفظ خصوصية الأنبوبة». كما امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي بطرائف وصور ساخرة عن أوضاع السودانيين، بعد رفع سعر الغاز، حيث تتداول على نطاق واسع أسئلة ساخرة عن أحقية الحكومة في زيادة سعر الغاز، ومن بينها: «لكل من يعارض ارتفاع سعر الغاز، فإن الحكومة هي التي اكتشفت النفط واستخرجته وباعته، فهل هناك من بين هؤلاء المعارضين من حفر معها، أو صفى معها؟ أو زودها ببرميل فارغ لزوم التعبئة، أو دعا عمال البترول لغداء أو عشاء؟ من لم يفعل واحدة من هذه الأعمال فليسكت»، وحملت هذا الطرفة عنوان «معًا لتحسين سمعة الحكومة».
كما تداول النشطاء طرفة عن عزوف الناس عن الاحتجاج والتظاهر بسبب ارتفاع الغاز بسخرية، وأحيانا بروح ناقدة، مثل قول بعضهم: «رجال السودان ماتوا في كرري»، وغيرها من المواقف.
كما اشتغل فنيو الغرافيك وخبراء المعلوماتية على صور وأشكال و«كولاجات فيديو» تعبر عن الحال التي بلغها الناس بسبب ارتفاع أسعار الغاز، وانتشرت على الإنترنت صور ورسومات تعكس حالة الغضب الساخر، الذي واجه به السودانيين رفع أثمان أنبوب غاز الطهي.
ودفع ارتفاع سعر الغاز في الخرطوم المواطنين إلى ابتداع سخرية من نوع خاص، وعلى تخبئة غضبهم داخل الطرائف والقفشات «خشية أن تصدر السلطات قرارًا تعلن بموجبه منع الضحك والسخرية»، ويتذكرون في هذا السياق ما قاله وزير الإعلام أحمد بلال حين شن حملة على الإعلام الإلكتروني، طالب فيها بتطبيق قانون الصحافة والمطبوعات على المدونين «ما يتناوله الإعلام الإلكتروني يحمل الكثير من الأكاذيب التي يستوجب التعامل معها بجدية»، قاصدًا بذلك محاصرة السخرية المريرة، التي يواجه بها الناس أوضاعهم الصعبة، لكن السخرية التي تخفف الغضب المكتوم لن تحول دون تفجره يومًا.
السودانيون يواجهون ارتفاع الأسعار بالطرائف والقفشات
ارتفاع أثمان غاز الطهي يشعل المواقع الاجتماعية بتدوينات تتهكم على قرار الحكومة
السودانيون يواجهون ارتفاع الأسعار بالطرائف والقفشات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة