ترقب أممي لزيارة كيري إلى الرياض لحسم موعد انطلاق المفاوضات السورية

ترجيح عقد «محادثات تمهيدية» الأسبوع المقبل لجس النبض

عمال إنقاذ يعاينون آثار الدمار الذي الحقته غارات الطيران الروسي على مدينة إدلب أمس ({غيتي})
عمال إنقاذ يعاينون آثار الدمار الذي الحقته غارات الطيران الروسي على مدينة إدلب أمس ({غيتي})
TT

ترقب أممي لزيارة كيري إلى الرياض لحسم موعد انطلاق المفاوضات السورية

عمال إنقاذ يعاينون آثار الدمار الذي الحقته غارات الطيران الروسي على مدينة إدلب أمس ({غيتي})
عمال إنقاذ يعاينون آثار الدمار الذي الحقته غارات الطيران الروسي على مدينة إدلب أمس ({غيتي})

تتجه الأنظار في الساعات القليلة المقبلة إلى العاصمة السعودية الرياض التي يصل إليها وزير الخارجية الأميركية جون كيري اليوم (السبت) لعقد اجتماع مشترك مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي. إذ من المتوقع أن يعقد رأس الدبلوماسية الأميركية على هامش هذا الاجتماع لقاءات مع مسؤولين سعوديين وقيادات في المعارضة السورية والهيئة العليا للتفاوض لحسم موعد انطلاق المفاوضات في جنيف، والتوصل لاتفاق مبدئي على جدول الأعمال بعد تحقيق تفاهم نهائي حول تشكيلة الوفد المفاوض.
نائب وزير خارجية روسيا غينادي غاتيلوف كان قد رجّح أن تبدأ المفاوضات السورية يوم 27 أو 28 يناير (كانون الثاني) متحدثا عن «حالة من الغموض بشأن تشكيل الوفد السوري المعارض»، إلا أن مكتب المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أكد سعيه لإطلاق عجلة المفاوضات يوم الاثنين المقبل المصادف في 25 يناير، أي في الموعد المحدد مسبقًا، لافتًا في بيان إلى انّه سيقيّم خلال اليومين المقبلين التقدم الذي سيتحقق في هذا الاتجاه على أن يعقد المبعوث الدولي مؤتمرا صحافيا بعد ظهر الاثنين للحديث بكل تفاصيل المفاوضات.
وحول الموضوع، قال أحد أعضاء الوفد المعارض الذي سيفاوض وفد النظام الأسبوع المقبل في جنيف، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنّهم يترقبون نتائج زيارة كيري إلى الرياض كي تتضح معالم العملية السياسية المرتقبة، مرجحا الاستعاضة عن المفاوضات التي يكثر الحديث عنها بـ«محادثات تمهيدية لجس النبض واستكشاف ما إذا كان هناك إمكانية لتحقيق خروقات في جدار الأزمة».
ومن جهة ثانية، كشفت مصادر معنية بالحراك الحاصل لـ«الشرق الأوسط» أن الروس حمّلوا الوزير كيري مطلبهم إضافة أسماء شخصيات معارضة تدعمها موسكو إلى الوفد الذي شكلته الهيئة العليا للتفاوض التي تدعمها الرياض، وقالت: «إلا أن روسيا التي تعي أن ما تطلبه أمر مستحيل أن تقبل به الهيئة، أبلغت واشنطن أن الخيار البديل هو تشكيل وفد ثالث يشارك في المفاوضات، ويضم بشكل أساسي الحزب الديمقراطي الكردي».
واعتبرت المصادر أنّه «في حال نجح كيري بالتوصل إلى تحقيق تفاهم بين موسكو والمعارضة حول الوفد الذي سيشارك في المحادثات، فالأرجح إرسال الدعوات من قبل الأمم المتحدة يوم غد (الأحد)». وأضافت: «من المتوقع أن يلتقي كيري خلال الساعات القليلة المقبلة بالمنسق العام للهيئة العليا رياض حجاب كما أن يزور دي ميستورا المملكة العربية السعودية يوم الأحد بإطار الجهود الدولية الحالي بذلها لانطلاق العملية السياسية لحل الأزمة السورية الأسبوع المقبل». وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال بوقت سابق هذا الأسبوع إن المحادثات السورية - السورية ستعقد في جنيف الأسبوع القادم، لكنه أشار إلى أنها لن تكون مباشرة.
في هذه الأثناء، أبلغ محمد يحيى مكتبي، الأمين العام للائتلاف السوري المعارض «الشرق الأوسط» أن اللقاءات التي سيجريها كيري في الرياض «سيكون لها أثر كبير في تحديد بوصلة انطلاق المفاوضات»، ولفت إلى أنّه «حتى الساعة لم يتم إرسال الدعوات لهذه المحادثات تمامًا، كما أنه ليس هناك جدول أعمال واضح، حتى إنه لا تفاهم بعد على كل التفاصيل الأخرى وبالتحديد لجهة شكل المفاوضات.. وكلها أمور يجب أن نتفق عليها مع دي ميستورا والوقت أصبح ضيقا ما يعزز فرضية التأجيل لفترة قصيرة».
المعروف أن موسكو تدفع بشكل أساسي باتجاه إشراك «مجلس سوريا الديمقراطية»، الذي هو الذراع السياسية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» المؤلفة معظمها من الأكراد في المفاوضات المرتقبة في جنيف. وقد أتم هذا المجلس استعداداته ليكون شريكا في هذه المفاوضات، بحسب عضو هيئة الرئاسة في المجلس علاء الدين الخالد الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن إعداد «وفد وازن يضم جميع القوى الديمقراطية المشاركة في المجلس ومن جميع مكونات المجتمع السوري الحقيقية والفعلية والعملية»، ورجّح ترؤس هيثم منّاع، رئيس المجلس، هذا الوفد «في حال تم حل الخلافات الدولية القائمة في هذا المجال»، لكنه تابع «لا شيء نهائي ومؤكد حتى اللحظة، لكن كل المعطيات تشير إلى تأجيل المفاوضات». من جهته، شدّد صالح مسلم، رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، على أنه «لا بد من تمثيل الأكراد في محادثات السلام المقررة في جنيف وإلا باءت بالفشل»، معتبرا - في تبنّ كامل للموقف الروسي - أن «إحدى جماعات المعارضة المعنية وهي جيش الإسلام لها نفس فكر تنظيم القاعدة و(داعش)». وتابع مسلم لـ«رويترز»: «إذا كانت هناك أطراف مؤثرة في هذه القضية السورية لن تجلس على الطاولة فسيتكرر ما حدث في جنيف 2»، في إشارة إلى مفاوضات فاشلة عقدت عام 2014. أما المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية فأوضح أن بلاده ترغب في مشاركة جماعات كردية في محادثات السلام السورية. وقال: «نعم هناك أقلية كردية كبيرة في سوريا.. وحق الأقلية الكردية في المشاركة في صياغة مستقبل سوريا المستقرة حق أصيل».
في المقابل، قال تنظيم «جيش الإسلام» الذي جرى تعيين أحد أعضائه (محمد علوش) كبيرا للمفاوضين، إن المعارضة «تتعرض للكثير من الضغوط لتقديم تنازلات». وذكر في بيان «لن ننسى أن هناك دولا شقيقة تدعمنا وتساعدنا في تجاوز هذه الضغوط لا سيما السعودية وقطر وتركيا». واستبعد جورج صبرا، نائب رئيس وفد المعارضة التفاوضي، إجراء محادثات سلام حتى لو كانت غير مباشرة مع الحكومة السورية قبل وقف الضربات الجوية الروسية ورفع الحصار الحكومي للمناطق المأهولة. وأردف صبرا «حتى الآن لم تزل العقبات أمام انعقاد المؤتمر التي هي.. يجب وقف قصف المدنيين من قبل الطيران الروسي ويجب فك الحصار عن المناطق المحاصرة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.