لبنان: احتجاجات على موقف وزارة الخارجية خلال المؤتمر الطارئ للتضامن مع السعودية

الحريري اعتبر أن التغريب المتكرر للبنان عن عروبته «نذير شؤم»

لبنان: احتجاجات على موقف وزارة الخارجية خلال المؤتمر الطارئ للتضامن مع السعودية
TT

لبنان: احتجاجات على موقف وزارة الخارجية خلال المؤتمر الطارئ للتضامن مع السعودية

لبنان: احتجاجات على موقف وزارة الخارجية خلال المؤتمر الطارئ للتضامن مع السعودية

تجدد السجال اللبناني الداخلي على خلفية قرار وزير الخارجية جبران باسيل «النأي بالنفس» عن الإجماع الإسلامي بموقف لبناني وحيد مقابل 57 دولة عربية وإسلامية أدانت الاعتداء الإيراني على السفارة السعودية في طهران، وذلك خلال «المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية المؤتمر الإسلامي» الذي انعقد في جدة للتضامن مع السعودية في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الدبلوماسية في إيران ولرفض التدخل الإيراني في الشؤون العربية.
رئيس تيار المستقبل النائب سعد الحريري شدد على أن «انفراد وزارة الخارجية بما زعمت أنه نأي بالنفس عن موقف عربي جامع في المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية المؤتمر الإسلامي، هو موقف لا يعبر عن غالبية الشعب اللبناني، وخروج مرفوض للمرة الثانية عن سياسة الوقوف مع الإجماع العربي التي شكلت قاعدة ذهبية للدبلوماسية اللبنانية منذ الاستقلال». ولفت الحريري في بيان إلى أن «النأي بالنفس يتحول اصطفافًا حين تجد الخارجية اللبنانية نفسها للمرة الثانية وحيدة خارج موقف جميع الدول العربية بلا استثناء، وتنأى بنفسها وحيدة عن قرار تؤيده جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي باستثناء إيران المعتدية على البعثات الدبلوماسية والسيادة العربية».
وسأل الحريري: «عن ماذا نأت الخارجية اللبنانية بنفسها هذه المرة خصوصًا أن البيان لم يتضمن أي ذكر للبنان أو أي تنظيم سياسي لبناني (في إشارة إلى تبرير الخارجية موقفها في الجامعة العربية بأن القرار وصف حزب الله بأنه إرهابي)، أم أننا بصدد محاولة للنأي بالدبلوماسية بعيدًا عن لبنان وعروبته نحو إيران وعدوانيتها ومصالحها التوسعية؟».
وحذّر الحريري من أن «هذا التغريب المتكرر للبنان عن عروبته وعن قواعد دبلوماسيته التاريخية إنما هو نذير شؤم عن محاولة الهيمنة على القرار الوطني ضد إرادة غالبية اللبنانيين وعلى حساب مصالحهم ومصلحة لبنان العليا»، مشددا على «إننا على ثقة تامة بأن إخواننا العرب يعرفون أن مواقف الخارجية اللبنانية هي رهينة ذرائع يتبرأ منها اللبنانيون المخلصون لوطنهم وعروبتهم وقيمهم الذين لن يسمحوا لهذا الوضع الشاذ بأن يطول ويتجذر».
ومع أن وزير الخارجية جبران باسيل لم يشارك شخصيًا في المؤتمر الإسلامي في جدة لوجوده إلى جانب رئيس الحكومة تمام سلام في «منتدى دافوس الاقتصادي العالمي»، فإنه كلف سفير لبنان لدى السعودية عبد الستّار عيسى «النأي بالنفس» عن قرار المؤتمر. وبينما لم يتضح ما إذا كان هذا الموقف منسق مع رئيس الحكومة، على غرار ما حصل خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة حين اتخذ لبنان موقفًا مماثلاً، اعتبر سلام أن «أصل النزاع بين إيران والسعودية هو التدخل الإيراني القائم منذ سنوات في العالم العربي والذي يزيد الأوضاع المعقّدة فيه تعقيدا».
وخلال ندوة شارك فيها في دافوس مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في إطار «منتدى دافوس» أوضح سلام أن «روسيا والولايات المتحدة الأميركية تبذلان جهودًا للتوصل إلى حل في المنطقة وهذه الجهود ضرورية ويجب أن تتواصل»، متحدثًا عن «علاقات متوترة بين الجهات المختلفة في المنطقة خاصة بين السعودية وإيران». وقال: «فالسعودية تعتبر، وهي محقة بذلك، أن لها دورًا قياديًا في العالم العربي وأن عليها أن تضطلع بهذا الدور بما من شأنه تعزيز الاستقرار وتحسين الأوضاع الإقليمية، أما إيران فتتدخل في العالم العربي منذ سنوات كثيرة وهذا هو أصل النزاع بينها وبين السعودية».
أما النائب مروان حمادة فاعتبر أن باسيل ارتكب «خطأ بلغ مستوى الخطيئة. فبعد اقترافه جريمة ضد عروبة لبنان في مؤتمر القاهرة، ها هو في المؤتمر الطارئ لوزراء خارجية المؤتمر الإسلامي للتضامن مع المملكة العربية السعودية في مواجهة الاعتداءات على بعثاتها الدبلوماسية في إيران ولرفض التدخل الإيراني في الشؤون العربية، يخرج عن الإجماع الإسلامي، لكي يكرس تبعيته للنظام الإيراني، مما يعرض لبنان لحال من العزلة بين إخوانه العرب وعلى امتداد الأمة الإسلامية». وسأل حمادة في بيان: «بعد الكلام الذي سمعناه من معظم القادة العرب حول اللعبة المزدوجة لوزير خارجية لبنان الذي يبيع زملاءه العرب كلاما وزميله الإيراني أفعالا، من سيضمن مصالحنا ومغتربينا وعلاقاتنا السياسية والاقتصادية؟ ومن سيحمينا في النهاية من هذا التغريد المستمر خارج السرب؟ وأين رئيس مجلس الوزراء، وما هو موقفه، ولماذا هذا الصمت المريب في قضية بغاية الدقة والخطورة؟».
وردّت وزارة الخارجية ببيان أوضحت فيه أنّها كانت قد أعطت التعليمات لسفير لبنان في منظمة التعاون الإسلامي قبل انعقاد الاجتماع بوجوب اتخاذ الموقف نفسه المشابه للموقف السابق في الجامعة العربية في حال تضمّن القرار المضامين نفسها الواردة سابقًا، وذلك التزامًا بسياسة الحكومة القاضية بنأي لبنان عن المواضيع المشابهة والمرتبطة بالأزمة السورية، وعملاً كذلك بالتوافق على هذا الموقف الذي ظهر جليًا على طاولة الحوار الوطني حول هذا الموقف في جلسته الأخيرة إبان عرض وزير الخارجية باسيل لمعطيات وموجبات الموقف اللبناني آنذاك، التي تكرّرت الآن في منظمة العمل الإسلامي، وهو الموقف الذي يحفظ الوحدة الوطنية من خلال الالتزام بالبيان الوزاري وبسياسة حكومة الوحدة الوطنية.
وفي بيان لها كرّرت وزارة الخارجية تأكيدها موقف لبنان الثابت في إدانة الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بموجب الاتفاقيات والمعاهدات الدبلوماسية والقنصلية، وفي رفض التدخّل في الشؤون الداخلية للدول العربية احترامًا لميثاق جامعة الدول العربية، مؤكدة أهمية الإجماع العربي عندما لا يمسّ بالوحدة الداخلية.
وأشارت الخارجية إلى أن «موقف لبنان بالامتناع عن التصويت لم يخلّ بأي إجماع، إذ إن الموقف اللبناني الذي حصل في الاجتماع، لم يأتِ معترضًا بل ممتنعًا بالإضافة إلى الموقف المتحفّظ والآخر المعترض اللذين صدرا عن الدول المشاركة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».