«الأعلى للحسابات» المغربي ينتقد ضعف الشفافية في نفقات الأحزاب

أفتتاح السنة القضائية بمقر محكمة النقض في الرباط

جانب من حفل افتتاح السنة القضائية في محكمة النقض في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
جانب من حفل افتتاح السنة القضائية في محكمة النقض في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

«الأعلى للحسابات» المغربي ينتقد ضعف الشفافية في نفقات الأحزاب

جانب من حفل افتتاح السنة القضائية في محكمة النقض في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)
جانب من حفل افتتاح السنة القضائية في محكمة النقض في الرباط أمس (تصوير: مصطفى حبيس)

كشف تقرير أصدره المجلس الأعلى للحسابات المغربي، الذي يعد أعلى هيئة لمراقبة المال العام، بشأن تدقيق حسابات الأحزاب السياسية وأوجه صرف الدعم المالي الممنوح لها من قبل الدولة، أن 27 حزبا قامت بإيداع حساباتها السنوية داخل الأجل القانوني، في حين لم تدل خمسة أحزاب بحساباتها إلا بعد انصرام هذا الأجل، ويتعلق الأمر بحزب «جبهة القوى الديمقراطية» و«حزب النهضة والفضيلة» و«حزب المجتمع الديمقراطي» و«حزب المؤتمر الوطني الاتحادي»، ثم «الحزب الديمقراطي الوطني»، بينما لم يتوصل المجلس بأي إيداع لحسابي كل من حزب «الاتحاد الوطني للقوات الشعبية» المعارض، وحزب «الديمقراطيون الجدد»، الذي تم تأسيسه سنة 2014.
وبخصوص الموارد المالية للأحزاب، كشف تقرير المجلس المتعلق بسنتي 2013 و2014 أن حزب «الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية» المعارض توصل بهبة ممنوحة من طرف مؤسسة أجنبية، يوجد مقرها بالرباط لم يسمِّها، قدرها نحو 70 ألف درهم (7 آلاف دولار)، «وهو ما يخالف مقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية»، بحسب المجلس. كما كشف المجلس على أنه لم يتمكن من تحديد مصدر هبة قدرها 80 ألف درهم (8 آلاف دولار) ممنوحة لحزب «الحركة الديمقراطية الاجتماعية»، في الخانة المخصصة لتحديد هوية المانح في ما يتعلق بالهبات والوصايا والتبرعات، التي تتوصل بها الأحزاب.
وأشار التقرير أيضًا إلى أنه من أصل 33 حزبا، التي أدلت بحساباتها السنوية إلى المجلس، تبين أن «18 حزبا قدمت حسابات مشهودا بصحتها من طرف خبير محاسب مقيد في هيئة الخبراء المحاسبين، منها 11 حزبا أدلت بحسابات مشهود بصحتها من دون تحفظ، وخمسة أحزاب قدمت حسابات مشهودا بصحتها بتحفظ، وحزبان قدم كل منهما حسابا مشهودا بصحته، إلا أن تقرير الخبير المحاسب لا يشير إلى أن القوائم التركيبية من شأنها أن تكون صورة أمينة لأصول الحزب».
وفي سياق منفصل، كشف مصطفى مداح، الوكيل العام (النائب العام) للملك لدى محكمة النقض، ارتفاع عدد القضايا الواردة على هذه المحكمة، إذ ارتفعت من 36080 قضية سنة 2014 إلى 41374 خلال السنة الماضية. وأوضح مداح، الذي كان يتحدث خلال افتتاح السنة القضائية بمقر محكمة النقض بالرباط، أن عدد القضايا المحكومة عرفت العام الماضي ارتفاعا بنسبة 15 في المائة مقارنة مع سنة 2014، كما أن عدد القضايا المسجلة يشهد بدوره ارتفاعا كل سنة، وعزا ذلك إلى «تطور النمو الديموغرافي وحركية المجال الاقتصادي والاجتماعي»، بالإضافة إلى أن النظام القضائي المغربي «يتميز بتكلفته المنخفضة ويقوم على تسهيل ولوج المتقاضين إلى العدالة والقانون، وازدياد الثقة والمصداقية في القضاء».
كما كشف مداح أنه إذا كان حجم المحكوم من القضايا أقل من المسجل، فإن ذلك مرده أساسا إلى الازدياد المضطرد لعدد القضاة المحالين على التقاعد، والذي وصل هذه السنة إلى 38 قاضيا من كبار القضاة .
وأشار مداح إلى أن افتتاح السنة القضائية للعام الحالي يتميز بمستجدات غير مألوفة حتى في كثير من الدول المتقدمة، تتمثل في إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية كمؤسسة دستورية، يرأسها الملك محمد السادس، الضامن الأعلى للعدالة لكل المغاربة، وأن الرئيس الأول لمحكمة النقض هو الرئيس المنتدب لها، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض هو رئيس النيابة العامة، مشددا على أن المجلس خول له تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، وحماية استقلالهم في إطار فصل السلطات وتوازنها.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.