ترجيحات بتأجيل المفاوضات السورية إلى 31 يناير

هيئة التنسيق تتحدث عن خرق قانوني.. وحكومة الأسد تشكّل وفدها إلى جنيف

صبي سوري مقعد أمام باب «مركز عطية الأنصاري للنازحين» بحي الزهراء قرب دمشق الذي زاره المفوض السامي الجديد للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أمس (أ.ف.ب)
صبي سوري مقعد أمام باب «مركز عطية الأنصاري للنازحين» بحي الزهراء قرب دمشق الذي زاره المفوض السامي الجديد للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أمس (أ.ف.ب)
TT

ترجيحات بتأجيل المفاوضات السورية إلى 31 يناير

صبي سوري مقعد أمام باب «مركز عطية الأنصاري للنازحين» بحي الزهراء قرب دمشق الذي زاره المفوض السامي الجديد للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أمس (أ.ف.ب)
صبي سوري مقعد أمام باب «مركز عطية الأنصاري للنازحين» بحي الزهراء قرب دمشق الذي زاره المفوض السامي الجديد للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي أمس (أ.ف.ب)

فيما قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري على هامش المنتدى الاقتصادي في دافوس، يوم أمس، إن «توجيه الدعوات لمؤتمر جنيف قد يستغرق يوما أو يومين لكن لن يكون هناك تأخير»، مؤكدا أن المفاوضات ستبدأ في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي، عادت الأمم المتحدة وأعلنت أن انطلاق المفاوضات سيتأخر «على الأرجح» لبضعة أيام، وهو ما أشارت إليه مصادر في المعارضة لـ«الشرق الأوسط» لافتة إلى أنّه قد يتم تحديدها في 31 يناير.
وقالت جيسي شاهين المتحدثة باسم دي ميستورا إنه «من المرجح أن يتم إرجاء تاريخ 25 (الحالي) بضعة أيام لأسباب سياسية» من دون أن توضح ماهيته.
وشكل النظام السوري وفده إلى لقاء جنيف التفاوضي مع المعارضة المرتقب في نهاية الشهر الحالي، بينما أشارت معلومات إلى اتفاق مبدئي بين روسيا وأميركا يقضي بتكليف المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بتشكيل الوفد المعارض مناصفة بين معارضة الرياض وبين الأسماء التي تقدمت بها موسكو.
وأتى تشكيل دمشق لوفدها غداة إعلان (الهيئة العليا للمفاوضات) المنبثقة من اجتماع عقد في الرياض الشهر الماضي أسماء مفاوضيها، وقد ضم كبير المفاوضين محمد علوش، المسؤول السياسي في «جيش الإسلام»، الفصيل المقاتل الذي تعتبره كل من دمشق وموسكو «إرهابيا».
وسيضم وفد النظام نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد وممثل سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري اللذين سيرأسان وفدا يضم أيضا «ثلاثة دبلوماسيين وثمانية من كبار المحامين».
وأبدت موسكو معارضتها الاكتفاء بأسماء الوفد المعلن في الرياض، خصوصا أنه يضم ممثلين عن فصائل مقاتلة. واعتبرت صحيفة «الوطن»، من جهتها، أن «تعيين علوش بصفة كبير المفاوضين عن وفد المعارضة، (خطوة استفزازية)»، وأفادت الصحيفة القريبة من النظام السوري، أمس، أن لافروف وكيري توصلا إلى «اتفاق مبدئي يقضي بتكليف الموفد الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا بتشكيل الوفد المعارض مناصفة بين معارضة الرياض والأسماء التي تقدمت بها موسكو». وهو الأمر الذي عاد وأكد على رفضه نائب رئيس الائتلاف السوري هشام مروة، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «تشكيل وفد ثالث من قبل روسيا أو محاولتها إضافة أسماء لوفد المعارضة غير مقبول، وسيؤدي إلى انسحاب المعارضة من المفاوضات». وأضاف «النظام مستعد لعرقلة سير المفاوضات انطلاقا من أنه يشعر بأنه الأقوى على الأرض ويحاول استثمار ذلك في أي عملية سياسية».
وكانت أسماء الوفد المعارض المعلنة من الرياض قد أثارت احتجاج أطياف أخرى من المعارضة السورية، وخصوصا بالنسبة إلى تعيين محمد علوش كبيرا للمفاوضين وعضوية قياديين آخرين في الفصائل المقاتلة هما عبد الباسط طويل ومحمد العبود.
وأكد بسام صقر، عضو المجلس المركزي في هيئة التنسيق الوطنية المعارضة وعضو مؤتمر الرياض، أن كل الخيارات مطروحة أمام هيئة التنسيق بما فيها انسحاب أعضائها من الوفد إذا لم يتم التغيير في التركيبة والأسماء. وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك ثلاثة أعضاء في الوفد المفاوض بينهم كبير المفاوضين (محمد علوش) هم أعضاء في الهيئة العليا للمفاوضات، وهذا لا يجوز لأنه مخالف للاتفاق الذي تم في مؤتمر الرياض، ويعد خرقا قانونيا صريحا للعقد المتفق عليه في الغاية والهدف من تشكيل الهيئة العليا للمفاوضات، فالهيئة العليا للمفاوضات شكلت أساسا لتكون مرجعية للوفد المفاوض يتم العودة إليه حال الحاجة لأي تغيير في الاستراتيجية أو الهدف المتفق عليه من العملية التفاوضية، فمن غير المقبول قانونيا أن يأخذ بعض الأعضاء دور محامي الدفاع ودور القاضي في الوقت ذاته». مضيفا «وعليه، بالإضافة إلى الملاحظات الأخرى التي أشارت إليها هيئة للتنسيق الوطنية بما يخص الوفد الوازن للمعارضة وتركيبة الوفد الحالي بتصدر العسكري والمسلح إلى واجهة الوفد، والذي أرسل إشارة خاطئة للشعب السوري، سيكون لهيئة التنسيق موقف معلن من كل هذه القضايا والخروقات التي تقوم بها الهيئة العليا للمفاوضات، مع إبقاء كل الخيارات مفتوحة».
في المقابل، اعتبر مروة، أنّ أي خطأ ارتكب في تحديد الأسماء قابل للتصحيح وهو من مهمة الهيئة العليا للمفاوضات، مشيرا في الوقت إلى أنه ليس هناك أي توجّه لإجراء أي تعديل في الأسماء لا سيما في ظل الظروف والأوضاع الحالية».
ولكن على الرغم من هذه الاعتراضات، فقد أكد المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات ورئيس الحكومة السوري السابق رياض حجاب أن «المفاوضات ستقتصر على من رأت الهيئة أنه يمثل وفدها فقط». وأضاف «نسمع أن هناك تدخلات خارجية، وتحديدا تدخلات روسية ومحاولاتها لزج أطراف أخرى في وفد الهيئة»، مؤكدا أن «موقفنا واضح ولن نذهب للتفاوض إذا تمت إضافة وفد ثالث أو أشخاص».
وفي كل الأحوال، لن يلتقي وفدا النظام والمعارضة مباشرة بل سيقوم الأكاديمي والمتخصص بالشؤون السورية فولكر بيرتس بدور الوسيط بينهما.
وتبنى مجلس الأمن بالإجماع في 19 ديسمبر (كانون الأول) وللمرة الأولى منذ بدء النزاع السوري قرارا يحدد خريطة طريق تبدأ بمفاوضات بين النظام والمعارضة الشهر الحالي. وينص القرار على وقف لإطلاق النار وتشكيل حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر وتنظيم انتخابات خلال 18 شهرا.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.