«داعش» يفرج عن 270 مدنيًا من المختطفين في دير الزور.. واستمرار المعارك

مقتل ألف مدني وألفي مسلح في الغارات الروسية على مناطق المعارضة السورية في شهرين

الجنرال سيرغي رودسكوي من هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية واللواء إيغور كوناشنكوف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية يتحدثان في مؤتمر صحافي في موسكو في 15 من الشهر الحالي عن سير العمليات العسكرية في سوريا (رويترز)
الجنرال سيرغي رودسكوي من هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية واللواء إيغور كوناشنكوف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية يتحدثان في مؤتمر صحافي في موسكو في 15 من الشهر الحالي عن سير العمليات العسكرية في سوريا (رويترز)
TT

«داعش» يفرج عن 270 مدنيًا من المختطفين في دير الزور.. واستمرار المعارك

الجنرال سيرغي رودسكوي من هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية واللواء إيغور كوناشنكوف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية يتحدثان في مؤتمر صحافي في موسكو في 15 من الشهر الحالي عن سير العمليات العسكرية في سوريا (رويترز)
الجنرال سيرغي رودسكوي من هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية واللواء إيغور كوناشنكوف المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية يتحدثان في مؤتمر صحافي في موسكو في 15 من الشهر الحالي عن سير العمليات العسكرية في سوريا (رويترز)

تواصلت الاشتباكات العنيفة بين تنظيم داعش وقوات النظام السوري في ضواحي مدينة دير الزور، إثر محاولات التنظيم لتحقيق تقدم إضافي في آخر المدن الخاضعة لسيطرة النظام في شرق البلاد، وسط مخاوف لدى سكان المدينة من ذهاب الأمور نحو الأسوأ بعد مقتل العشرات وخطف المئات منهم في الهجوم الذي يشنّه التنظيم منذ يوم السبت الماضي.
وحقق تنظيم داعش، أمس، تقدمًا إضافيًا في شمال البغيلية في الضاحية الغربية للمدينة، بسيطرته على تلة استراتيجية ومستودعات ذخيرة، وذلك إثر استعادة قوات النظام السيطرة على ثلاث نقاط عسكرية في جنوب البغيلية كانت خسرتها في هجوم السبت الماضي، بحسب ما قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط». وقال: «لم يحقق (داعش) تقدمًا استراتيجيًا منذ يوم السبت، لكن الاشتباكات لا تزال مستمرة، بوتيرة عنيفة، وسط استقدام الطرفين لمقاتلين». وكان معلومات أفادت بأن «داعش» بات على وشك «السيطرة على كامل النقاط العسكرية العائدة للنظام في المدينة ومحيطها، مما يعني توسعة المنطقة الجغرافية الخالصة الواقعة تحت سيطرته والممتدة من العراق إلى الرقة ودير الزور حتى ريف حلب الشرقي».
لكن عبد الرحمن نفى تلك المعلومات، قائلاً إن النظام «يستميت للدفاع عن دير الزور ومنع (داعش) من السيطرة على المدينة»، مشيرًا إلى أن الاشتباكات «لا تزال في الضواحي»، متحدثًا عن «آلاف العناصر التابعين للنظام لا يزالون في المدينة، ويشاركون في المعارك». واستبعد أن يتخلى النظام عن المدينة «التي يطمح من خلال مقاتليه في داخلها إلى استنزاف التنظيم، واستعادة السيطرة على الحقول النفطية الغنية فيها». وكان الضابط النظامي الموكل بقيادة قوات النظام والميليشيات التابعة لها في دير الزور عصام زهر الدين، ظهر على الشاشات الموالية للنظام السوري، لنفي الأنباء التي تحدثت عن مقتله أو خروجه من المدينة.
وفي موازاة استمرار المعارك في عدد من أحياء دير الزور، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «التنظيم أفرج (أمس) عن 270 مدنيًا جلّهم من الأطفال والعجزة والنساء، من أصل 400 اعتقلهم، فيما لا يزال مصير الباقين مجهولاً». وقال المرصد إن «التنظيم أبقى على نحو 130 رجلاً وفتى تتراوح أعمارهم بين 15 و55 عامًا، سيعمد إلى التحقيق معهم حول علاقتهم بالنظام السوري»، مشيرًا إلى أن «المفرج عنهم لن يعودوا إلى مدينة دير الزور بل سيتوزعون على العشائر في المحافظة». وأوضح أن «المخطوفين المتبقين لدى (داعش) الذين لم تثبت علاقتهم بالنظام، سيخضعون لدورة في الشرع الإسلامي».
وأسفر الهجوم الذي بدأه تنظيم داعش على دير الزور عن مقتل نحو 300 مدني، بعضهم قضوا في عمليات انتحارية نفذها التنظيم خلال الهجوم. وذكر أن 85 مدنيًا «قُتلوا السبت فقط، فيما سقط 120 عنصرًا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وقد أعدم التنظيم عددًا كبيرًا منهم، في حين قتل سبعين متطرفًا في المعارك». في هذا الوقت أعلن الناشط الميداني في دير الزور محمد الحامد، أن «المعارك التي يخوضها تنظيم داعش تشمل ثلاثة أحياء تقع تحت سيطرة النظام، وهي أحياء الجورة والقصور والهرامش، بالإضافة إلى أجزاء من أحياء الموظفين والصناعة والجبيلي، وبلدتي الجفرة والبغيلية الواقعتين غرب المدينة، فضلا عن المطار العسكري الذي لا يزال تحت سيطرة النظام». وأكد الحامد لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم أفرج عن جميع النساء والأطفال الذين اعتقلهم من المناطق التي انتزعها من النظام في دير الزور وبلدة البغيلية، فيما لا يزال يحتفظ بعشرات الشباب ويطابق أسماءهم على قوائم لديه بأسماء أشخاص يقاتلون مع النظام»، مشيرًا إلى أنه «إذا ثبت أنهم كانوا في عداد مقاتلي النظام، فهم معرضون للتصفية».
وأحكم التنظيم المتطرف سيطرته على مجمل محافظة دير الزور، باستثناء أجزاء من المدينة والمطار العسكري المحاذي لها، وقد ساعدته سيطرته على ضاحية البغيلية المعروفة بإنتاجها الزراعي، على تشديد الحصار على الأحياء الواقعة تحت سيطرة النظام في وسط المدينة وغربها وجنوبها الغربي. وبات التنظيم يسيطر الآن على 60 في المائة من المدينة وضواحيها. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن غالب الحاج حمدو (23 عامًا)، وهو طالب جامعي مقيم في دير الزور قوله: «أخشى حصول مجزرة في حال اجتاح (داعش) مناطقنا». وتحدث عن «إغلاق المسلحين معظم منافذ المدينة، ما أدى إلى نقص كبير في المواد الغذائية والخدمات الأساسية» وأكد أن «الخبز بات مفقودًا بشكل شبه كامل». وقالت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة ليندا طوم لوكالة الصحافة الفرنسية: «تلقت الأمم المتحدة تقارير جديرة بالمصداقية حول إعدام وخطف واعتقال مدنيين بينهم أشخاص كانوا يحاولون إدخال مواد غذائية سرّا إلى المدينة». وأعلن مكتب الشؤون الإنسانية في مذكرة نشرت قبل بدء الهجمات الأخيرة أن غالبية سكان مدينة دير الزور يعيشون بشكل أساسي على الخبز والماء. من جهتها، نقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها أمس الأربعاء: «إن سلاح الجو أسقط 50 طنًا من المساعدات الإنسانية لمدينة دير الزور السورية المحاصرة يوم 15 يناير (كانون الثاني) ويواصل العمليات الإنسانية في المنطقة». وأشارت إلى أن «الطائرات الروسية نفذت 16 طلعة في سوريا وقصفت 57 هدفا إرهابيا خلال الساعات الـ24 الماضية».
إلى ذلك، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من ألف مدني «قتلوا جراء الغارات التي نفذتها الطائرات الحربية الروسية على المحافظات السورية منذ 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وحتى فجر اليوم (أمس) الأربعاء». وأكد أن «آلاف الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات الحربية الروسية أسفرت عن مقتل 1015 مدنيًا سوريا هم 238 طفلاً و137 امرأة و640 رجلاً وفتى»، مؤكدًا أن «هذه الغارات أدت إلى مقتل 893 عنصرًا من (داعش)، و1141 مقاتلاً من الفصائل المقاتلة والإسلامية وجبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.