مكاسب الأسد العسكرية تلقي بظلالها على المحادثات السورية المقبلة في جنيف

خبير: غير مبشرة لأنه لن يكون أي من الجانبين مستعدًا لتقديم التنازلات

عائلة مهاجرة تعبر الحدود المقدونية إلى صربيا ضمن موجة اللجوء التي اجتاحت أوروبا في الأشهر الأخيرة (أ.ف.ب)
عائلة مهاجرة تعبر الحدود المقدونية إلى صربيا ضمن موجة اللجوء التي اجتاحت أوروبا في الأشهر الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

مكاسب الأسد العسكرية تلقي بظلالها على المحادثات السورية المقبلة في جنيف

عائلة مهاجرة تعبر الحدود المقدونية إلى صربيا ضمن موجة اللجوء التي اجتاحت أوروبا في الأشهر الأخيرة (أ.ف.ب)
عائلة مهاجرة تعبر الحدود المقدونية إلى صربيا ضمن موجة اللجوء التي اجتاحت أوروبا في الأشهر الأخيرة (أ.ف.ب)

تبدو محادثات السلام السورية المقرر انعقادها الأسبوع المقبل أكثر إثارة للجدل إثر سلسلة الانتصارات العسكرية الأخيرة التي حققتها قوات النظام، والتي عززت من قبضة بشار الأسد ودفعت بقوات المتمردين إلى حالة من التشتت والفوضى.
وأسفرت الانتصارات التي حققتها قوات النظام عن إضافة المزيد من العوائق التي قضت على فرص إيقاف - في أي وقت قريب على أدنى تقدير - الحرب الأهلية المستمرة منذ خمس سنوات، وأدت إلى مقتل أكثر من ربع مليون مواطن، وتشريد نصف سكان البلاد، ومكنت تنظيم داعش الإرهابي من السيطرة على ثلث أراضي البلاد.
ويُضاف إلى الموقف السوري المشتعل، حرب الوكالة على الأرض ما بين المنافسين الإقليميين، وحالة الفوضى القيادية التي ضربت صفوف المعارضة، عقب مقتل أحد كبار قادة المعارضة المسلحة وعدد من القادة المحليين، إلى جانب المواقف الصارمة لدى كل من الولايات المتحدة وروسيا حيال مستقبل الرئيس السوري، والخلاف العميق حول أي من الجماعات سوف توجه لها الدعوة للحضور على طاولة المفاوضات.
يقول فواز جرجس أستاذ سياسات الشرق الأوسط لدى كلية لندن للاقتصاد لوكالة «أسوشييتد برس»: «لا أعتقد أنه ينبغي توقع أي نتائج كبيرة في الأزمة السورية. فالأسد يعتقد وبقوة أن الوقت في صالحه، وأنه يحقق انتصارات، وأن المعارضة في حالة مزرية يرثى لها».
وتهدف محادثات السلام السورية المقرر انعقادها في الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) الحالي، إلى بدء العملية السياسية لإنهاء الصراع الذي بدأ في عام 2011 كانتفاضة سلمية كبيرة ضد نظام حكم الأسد ثم تطور إلى حرب شاملة بعد الحملات الأمنية والعسكرية العنيفة من قبل النظام. وتدعو الخطة المقترحة إلى وقف إطلاق النار بالتوازي مع المحادثات المنعقدة، ووضع دستور جديد للبلاد خلال عام ونصف العام.
وقد اشتد القتال في سوريا عقب التدخل العسكري الروسي وشن الغارات الجوية الكثيفة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، التي في ظاهرها موجهة ضد مواقع تنظيم داعش الإرهابي وغيره من الجماعات المتطرفة. غير أن الضربات الجوية الروسية ساعدت نظام الأسد في تراجع قوات المعارضة على مختلف الجبهات ثم السيطرة على عشرات القرى في شمال وغرب البلاد.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، كسرت القوات الحكومية السورية الحصار المفروض منذ ثلاث سنوات على مطار كويرس العسكري في شمال محافظة حلب، وفي ديسمبر (كانون الأول) تمكنت القوات الحكومية كذلك من استعادة مطار عسكري آخر، هو مطار مرج السلطان العسكري، ويقع في أحد معاقل التمرد الحصينة بالقرب من العاصمة دمشق. وساعد المقاتلون الحلفاء للنظام السوري من تنظيم حزب الله الشيعي اللبناني، إلى جانب المستشارين العسكريين الإيرانيين والميليشيات الموالية للحكومة السورية، الجيش السوري على استعادة الكثير من المناطق داخل وحول إقليم اللاذقية، وهو معقل الطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الرئيس الأسد والتي تسيطر على الجيش والحكومة.
وجاء آخر تلك الانتصارات في الأسبوع الماضي مع استعادة بلدة سلمى، مما يعتبر أحد أهم التطورات التي حققتها الحكومة السورية منذ بدء الحملة الجوية الروسية، حيث تطل تلك البلدة الصغيرة على الساحل، ولا تبعد أكثر من 12 كيلومترًا (7 أميال) عن الحدود مع تركيا، وهي من مراكز الدعم الرئيسية بالنسبة لقوات المتمردين في المنطقة.
ويقول الدكتور جرجس إن «تلك الانتصارات لا تبشر بخير بالنسبة للمحادثات السورية في جنيف، حيث لن يكون أي من الجانبين مستعدًا لتقديم التنازلات مع التغيرات المستمرة الحالية في خطوط القتال الأمامية». وأشار مسؤولون سوريون في الآونة الأخيرة إلى أن مستقبل سوريا سوف يُصاغ على أرض المعركة.
وفي الأثناء ذاتها، شهدت العلاقات بين اثنين من اللاعبين الرئيسيين الذين يدعمون طرفي الصراع السوري تدهورا شديدا - أي المملكة العربية السعودية وإيران. وقوضت التصعيدات السياسية من الآمال التي نشأت داخل أروقة الأمم المتحدة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث أرسى القرار الأممي حينئذ دعائم «خريطة للطريق» كان من المقرر أن تبدأ أولى خطواتها في محادثات جنيف.
وفي حين أن فصائل المعارضة السورية خارج البلاد تقول إنهم يأملون في رؤية بعض تدابير بناء الثقة من جانب حكومة الأسد قبل محادثات جنيف، فإن العشرات من المعارضة المسلحة في الداخل السوري، قالت، الأسبوع الماضي، إنهم لن يكونوا حاضرين في المفاوضات، ما لم يُسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق الواقعة تحت حصار القوات الحكومية وإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام. ويقول زكريا أحمد، الناطق الرسمي باسم فصيل معتدل، على مقربة من الحدود التركية: «يحاول النظام الحاكم تحقيق أقصى قدر ممكن من المكاسب على الأرض قبل بدء محادثات السلام، التي سوف تكون جوفاء وخاوية الوفاض».
ومن غير الواضح حتى الآن لمن سوف توجه الدعوة من بين مختلف جماعات المعارضة السورية لحضور المحادثات. وتريد كل من روسيا وسوريا منع كثير من الجماعات الإسلامية المعتدلة التي تدعمها المملكة العربية السعودية من حضور المفاوضات.
وفي الأثناء ذاتها، فإن كبار اللاعبين الدوليين - الولايات المتحدة وروسيا – يختلفون على القضية الأساسية المتمثلة فيما إذا كان ينبغي السماح للأسد الاحتفاظ بمنصبه ويخوض الانتخابات الرئاسية أو أنه ينبغي عليه التنحي كجزء من عملية الانتقال السياسية. وتصر السعودية وكثير من القوى الغربية على ضرورة تنحي الأسد عن السلطة، بينما إيران وروسيا تدعوان إلى تحديد مصير الأسد السياسي من خلال الانتخابات.
ويقول رامي خوري من معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية لدي الجامعة الأميركية في بيروت: «ما دامت المسألة الأساسية المتعلقة بمستقبل الأسد غير قابلة للحل فلن يمكن عقد الانتخابات - إنها قضية مركزية».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.