تركمان العراق يتوجسون من خندق كردي.. وأربيل تؤكد: لا علاقة له بالانفصال

يمتد نحو ألف كيلومتر من الحدود السورية غربًا حتى الإيرانية شرقًا

عنصر في البيشمركة يحرس خندقًا على خط التماس مع «داعش» في منطقة داقوق جنوب غربي كركوك أمس (أ.ف.ب)
عنصر في البيشمركة يحرس خندقًا على خط التماس مع «داعش» في منطقة داقوق جنوب غربي كركوك أمس (أ.ف.ب)
TT

تركمان العراق يتوجسون من خندق كردي.. وأربيل تؤكد: لا علاقة له بالانفصال

عنصر في البيشمركة يحرس خندقًا على خط التماس مع «داعش» في منطقة داقوق جنوب غربي كركوك أمس (أ.ف.ب)
عنصر في البيشمركة يحرس خندقًا على خط التماس مع «داعش» في منطقة داقوق جنوب غربي كركوك أمس (أ.ف.ب)

بينما ندد سياسيون تركمان في العراق أمس بقيام السلطات الكردية بحفر خندق قالوا إنه يقسم البلاد وينتهك القانون الدولي، أكد مسؤولون أكراد لـ«الشرق الأوسط»، أن الغرض من الخندق صد هجمات مسلحي «داعش»، نافين علاقته بالانفصال.
وقال مسؤولون من الأقلية التركمانية إن حكومة إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي في شمال البلاد تقوم بحفر خندق على مدى ألف كيلومتر على خطوط التماس مع الأراضي الواقعة تحت سيطرة تنظيم داعش. ووصف رئيس الجبهة التركمانية النائب أرشد الصالحي والخندق بأنه «فعل مشبوه». ونقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية قوله: «نحن نرى أن هذا الخندق تمهيد لتقسيم العراق لأنه يُحدد الخرائط الجيوسياسية على الأرض». وأضاف أن «الخندق يبدأ من حدود منطقة ربيعة وصولا إلى قضاء طوزخورماتو والعبور إلى مناطق ديالى وصولا إلى حدود قضاء خانقين في محافظة ديالى». وطالب الصالحي رئيس الوزراء حيدر العبادي إعلان موقف من حفر الخندق، قائلا: «على الحكومة أن تعلن هل تم بعلمها أم لا؟».
من جهته، اتهم النائب التركماني جاسم محمد جعفر الأكراد باستخدام شعار الحرب على تنظيم داعش لغرض التوسع والسيطرة على الأراضي. واعتبر أن «الخندق الكردي (....) مخالف للمواثيق الدولية وتجاوز على المكونات التي تعيش داخل (المناطق التي أقيم فيها) هذا الخندق». وأضاف «الثابت لنا أن هناك خندقا يحفر حاليا من قبل كردستان حول آبار النفط التي سيطر عليها الإقليم بعد أحداث يونيو (حزيران) 2014، مؤكدا أن «هذا الخندق يقطع الشك باليقين بأن هناك مشروعا لفصل مساحات عراقية عن مساحات أخرى».
لكن المتحدث باسم قوات البيشمركة الكردية، جبار ياور، أكد أن «الغرض من الخندق تأمين مواضع دفاعية ضد الآليات الانتحارية التي يستخدمها إرهابيو (داعش) ضد ثكنات البيشمركة». وأضاف «الحفر تم بعمق مترين وعرض ثلاثة أمتار، والخندق ليس في كل مكان، فهناك مناطق لا تحتاج إلى خنادق، وهذا القرار يعود للقادة العسكريين».
وبحسب المسؤولين التركمان، سيضم الخندق مدينة طوزخرماتو التركمانية الواقعة تحت سيطرة الأكراد، وتبقي بلدة أمرلي التركمانية خارجه. ويشيرون إلى أن أعمال الحفر حول مدينة كركوك الغنية بالنفط وبلدة جلولاء في شمال محافظة ديالى قرب الحدود الإيرانية، بدأ بالفعل. وقال مهدي سعدون، وهو ناشط تركماني من مؤسسة «إنقاذ التركمان»، إن المشروع القومي ينفذ بدعم واستشارة خبراء دوليين في ترسيم الحدود. وأضاف: «المناطق التي تدخل ضمن هذه الحدود تعادل ما يقارب 70 إلى 80 في المائة من المناطق التركمانية».
لكن محافظ كركوك نجم الدين كريم أكد أنه يدعم أي إجراءات تقوم بها قوات البيشمركة من أجل حفظ الأمن. وأوضح أن «كل الخيارات والإجراءات التي تقوم بها البيشمركة ندعمها ونساندها لأنها تضمن الأمن والاستقرار، وأثبتت حماية أهالي كركوك جميعا دون أي تميز».
بدوره، قال كفاح محمود، المستشار الإعلامي في مكتب رئيس إقليم كردستان، إن «هناك نوعا من المزايدات السياسية، قد يريد البعض من خلاله التشويش على المشهد السياسي والعسكري في البلاد». وأضاف: «الخندق الذي تحفره قوات البيشمركة إنما يأتي ضمن سياق الأعمال العسكرية والأمنية، وهذا ما يعرفه الخبراء العسكريون جميعا، إذ حينما تُحرر أية قوة عسكرية منطقة ما تحفر خندقا أو تُنشئ ساترا فيها كي يقيها من هجمات لاحقة، وهذا ما تفعله قوات البيشمركة خاصة وأنها تواجه عدوا يستخدم أنماطا كثيرة من الهجمات منها الانتحاريون الذين يأتون بالعشرات والسيارات المفخخة التي تأتي بأعداد كثيرة أيضا، وهذا دفع بقوات البيشمركة لأن تحفر خنادق في المناطق التي حُرِرَت أو التي لديها وجود عسكري فيها سواء في سنجار أو زمار أو في مخمور، وكل مناطق العمليات الممتدة من سنجار قرب الحدود السورية إلى السعدية قرب الحدود الإيرانية»، مؤكدا «ليس لهذه الخنادق أي علاقة بأي عمل كما يصوره البعض أو يستخدمه كمزايدات سياسية هنا وهناك».
الفريق جمال محمد، رئيس أركان قوات البيشمركة، شدد هو الآخر على أن الغرض من الخندق هو التصدي للهجمات الانتحارية التي يشنها مسلحو (داعش) ويأتي ضمن الأعراف العسكرية الدولية وتستخدم كل الجيوش في العالم الخنادق لأغراض التنقل وصد الهجمات».
من جانبه، حرص ريبوار طالباني، رئيس مجلس محافظة كركوك، على التأكيد على أن لا علاقة للخندق بحدود الدولة الكردية، مؤكدا أنه «تكتيك عسكري لحماية الأراضي المحررة من (داعش) وتحصينها وخطوة لإحراز مزيد من التقدم والانتصارات على (داعش) ولا علاقة له بالانفصال».
من ناحية ثانية، أعلن مجلس أمن إقليم كردستان، أمس، مقتل أحد قادة «داعش» البارزين إثر استهدافه من قبل طيران التحالف الدولي بالقرب من قضاء الحويجة (جنوب غربي كركوك). وجاء في بيان لمجلس أمن الإقليم أنه «قُتل الإرهابي أحمد عبد الله حسن، المسؤول العسكري لتنظيم داعش في قاطع دبس الذي كان يُلقب بـ(أبي سيف) و(أبي حذيفة) و(ليث) في غارة لطيران التحالف الدولي في شمال قضاء الحويجة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.