انخفاض حاد في عمليات الطعن والدهس الفلسطينية

جيش الاحتلال ومخابراته يعتبرانه دليلاً على انتهاء الصراع

انخفاض حاد في عمليات الطعن والدهس الفلسطينية
TT

انخفاض حاد في عمليات الطعن والدهس الفلسطينية

انخفاض حاد في عمليات الطعن والدهس الفلسطينية

أعدت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزته الأمنية تقريرا أوضحت فيه أن هناك انخفاضا حادا في عدد العمليات الفلسطينية ضد إسرائيل، لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن هذا لا يعني أن الفلسطينيين باتوا «يحبون» الاحتلال.
وجاء في التقرير الذي عرض في معهد أبحاث الأمن القومي، أمس، أنه خلال الأشهر الثلاثة الماضية وقع نحو ألف حادث أمني ضد إسرائيل، من بينها 296 عملية أوقعت قتلى وجرحى. وبلغ عدد القتلى في الجانب الإسرائيلي، منذ بداية الأحداث أواسط سبتمبر (أيلول) الماضي، 29 شخصا، بينما أصيب 491، من بينهم 342 مدنيا.
وقال التقرير إن شهر سبتمبر شكل بداية لنقطة التحول التي بدأ فيها تنفيذ العمليات بشكل يومي، ولكن بوتيرة منخفضة جدا مقارنة بالشهرين التاليين. ففي سبتمبر مثلا لم تقع عمليات دهس، وبلغ عدد عمليات الطعن خلاله أربع عمليات فقط، بينما ركز الفلسطينيون على عمليات رشق الحجارة والزجاجات الحارقة بشكل خاص. وقبل تسلل موجة العمليات إلى إسرائيل كانت القدس مركزا للعمليات في سبتمبر، فقد شهدت 38 حادثة من بين 89 حادثا وقع خلال الشهر. وللمقارنة جرى في القدس الغربية تسجيل خمسة أحداث أمنية خلال شهر سبتمبر، بينما تضاعف هذا الرقم أربع مرات في شهر أكتوبر (تشرين الأول). وبشكل عام شهد أكتوبر تصعيدا في الأحداث، وجرى خلاله تسجيل أكبر عدد من العمليات التي بلغت 420، من بينها 156 عملية رشق زجاجات حارقة، 79 رشق حجارة، 41 إطلاق رصاص، 15 هجوما على خلفية قومية، وخمس عمليات دهس. وبرز خلال شهر أكتوبر الارتفاع الكبير في عدد عمليات الطعن بالسكاكين، واعتقال المهاجمين، حيث بلغ عدد عمليات الطعن 78 مقارنة بأربع عمليات فقط في سبتمبر. وفي شهر أكتوبر، وصلت وبقوة العمليات إلى الخط الأخضر، حيث وقعت 59 عملية في مختلف أنحاء البلاد، مقابل ثماني عمليات خلال شهر سبتمبر. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول)، حدث انخفاض ملموس في عدد العمليات في كل مجال تقريبا. وعمليا، باستثناء عمليات الدهس التي تضاعفت (12 في نوفمبر و11 في ديسمبر، مقابل خمسة في أكتوبر)، تشير المعطيات إلى انخفاض ملموس في مختلف مجالات العمليات. فرشق الحجارة انخفض بنسبة 67 في المائة، وعمليات إطلاق النار انخفضت إلى النصف، ومقابل 15 هجوما على خلفية قومية في شهر أكتوبر وقع في ديسمبر هجومان فقط. كما انخفضت عمليات الطعن من 78 عملية في أكتوبر إلى 40 في نوفمبر. وتواصل الانخفاض في ديسمبر حيث تم تسجيل 31 عملية طعن فقط. خلال هذه الأشهر تم إحصاء 145 فلسطينيا شاركوا في العمليات، من بينهم ثلاثة من المواطنين العرب في إسرائيل فقط، أما البقية، فجاءوا من مناطق «أ» و«ب» و«ج» في الضفة الغربية ومن القدس الشرقية. ويستدل من الإحصائيات أن 29 جاءوا من القدس الشرقية، و29 من الخليل.
وقد أنشأت صحيفة «هآرتس» مقالا افتتاحيا، عقبت فيه على التقرير، فحذرت من اعتبار «تهدئة المناطق» حلا للصراع، وقالت إن الحكومة تضع التهدئة هدفا استراتيجيا لا يرتبط بتاتا بالطموحات السياسية للقيادة الفلسطينية. وانتقدت الصحيفة قيادة الجيش الإسرائيلي والمخابرات، «التي يمكن التكهن بأنها تعرف جيدا استراتيجية عباس السياسية، وتعرف بأنه لا يوجد حل عسكري للصراع، وأن اللفتات الضئيلة لن تحبط (الإرهاب)، ولكنها تحذر من القول للحكومة كيف يجب عليها إدارة سياستها. إنها لا تشرح حتمية التوصل إلى حل سياسي، ولو في سبيل ضمان الأمن، لكنها بذلك تحول نفسها إلى مسؤول عن السياسة وليس عن الأمور العسكرية فقط. هذه هي المفارقة الكامنة في التحذيرات المتكررة للجيش: من جهة، يطمح الجيش إلى حصر عمله في محاربة الإرهاب دون تحمل المسؤولية السياسية، كما يليق بالمبنى الهرمي للمجتمع الديمقراطي».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.