القوات الأمنية تنفذ حملات مداهمة واعتقالات في عدن

حرب ثانية تخوضها مع خلايا نائمة «تتحرك بتعليمات من صالح»

القوات الأمنية تنفذ حملات مداهمة واعتقالات في عدن
TT

القوات الأمنية تنفذ حملات مداهمة واعتقالات في عدن

القوات الأمنية تنفذ حملات مداهمة واعتقالات في عدن

حملات مداهمة واعتقالات واسعة لأوكار مسلحين مطلوبين للسلطات المحلية نفذتها القوات الحكومية بالعاصمة عدن في عدد من المديريات، ويأتي ذلك ضمن الخطة الأمنية المشددة بالتزامن مع حظر التجوال الذي أقرته اللجنة الأمنية منذ يوم الاثنين الماضي لتطهير العاصمة المؤقتة من الخلايا النائمة التابعة للمخلوع صالح والحوثيين، وكذلك الجماعات المسلحة الخارجة عن النظام والقانون، حسب مصادر أمنية رفيعة.
وتخوض القوات الأمنية الحكومية التابعة للشرعية والرئيس هادي حربها الثانية، بعد أن دحرت ميليشيات الانقلاب من عدن وباقي المحافظات المجاورة، مع الخلايا النائمة والجماعات المسلحة والمتطرفة التي انتشرت في عدن مؤخرًا وحاولت السيطرة على بعض المرافق الحكومية قبل أن تتصدى لها القوات الأمنية في المدينة وتطردها من تلك المرافق وتجري ملاحقتها في الأحياء السكنية بالمدينة.
وأول من أمس نجا محافظ عدن عيدروس الزبيدي، ومحافظ لحج ناصر الخبجي، ومدير أمن الأولى العميد شلال شائع من حادثة اغتيال حين استهدفت موكبهم سيارة مفخخة في حي مدينة إنماء على الخط الرئيسي الرابط بين مديرتي البريقة والمنصورة بعدن، وأسفرت عن مقتل اثنين من المرافقين وإصابة ثمانية آخرين.
وتهدف القوات الأمنية الحكومية التي يقودها محافظ عدن العميد عيدروس وقائد الأمن العميد شلال شائع في حربها الثانية إلى إرساء الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة من خلال بسط نفوذها وسيطرتها على كل المدن المحررة ابتداء بمحافظة عدن التي شهدت إجراءات أمنية مشددة وسط التفاف وترحيب شعبي غير مسبوق.
ومنذ ثلاث أيام تخوض السلطات الأمنية بالعاصمة المؤقتة عدن بقيادة رئيس اللجنة الأمنية محافظ عدن ومدير الأمن العميد شلال شائع مع مجموعات مسلحة في مدينة عدن سعت إلى السيطرة على بعض المرافق الحكومية وتنفيذ عمليات استهداف للقوات الأمنية المنتشرة في مداخل مديريات المحافظة ومحيط المدينة تمكنت من خلالها القوات الأمنية المسنودة بوحدات من المقاومة الجنوبية من فرض سيطرتها على الأمن في المدينة الأولى.
وتوعد محافظ عدن العميد الزبيدي بالقصاص من مرتكبي أعمال الاغتيالات التي قال إن منفذيها لا يريدون الدولة أن تفرض سيطرتها على المرافق السيادية في عدن، مؤكدًا أنه لا يخاف الموت ويبذل روحه فداء في سبيل أن ينعم السكان بالأمن والاستقرار في العاصمة عدن.
وتفرض اللجنة الأمنية بعدن منذ مساء الاثنين حظرا للتجوال ليلاً في مديريات العاصمة، وسط تجاوب للمواطنين بالمدينة مع القرار الذي يبدأ الساعة الثامنة مساء وحتى الساعة الخامسة فجرًا. ومكنت تلك الإجراءات اللجنة الأمنية من فرض سيطرتها على مؤسسات الدولة واستعادة الأمن والاستقرار.
وخلال العمليات التي تفرضها اللجنة الأمنية في تصديها للجماعات المسلحة التي ترتبط بميليشيات الحوثيين والمخلوع صالح قتل وجرح العشرات من تلك العناصر بالإضافة إلى اعتقال عدد من قادة تلك الجماعات خلال المواجهات التي دارت بالقرب من ميناء عدن الأحد الماضي، إلى جانب مداهمة السلطات الأمنية لأحد المواقع في مدينة التواهي واعتقال اثنين من قادة تلك الجماعات وفق ما أفادت به مصادر أمنية خاصة لـ«الشرق الأوسط».
ويربط الكثير من المراقبين بين تلك الجماعات المسلحة والخلايا النائمة التي تتحرك بتعليمات من المخلوع صالح والحوثيين والتي تعمل على زعزعة أمن عدن، داعين السلطات الأمنية بعدن إلى تشديد الإجراءات الأمنية والبحث والتحري عن تلك الخلايا النائمة لكونها تشكل تهديدًا كبيرًا، ولم يستبعدوا أن تكون تلك الخلايا لها صلة بالعمل الاستخباراتي الذي يزود الجماعات المسلحة بالمعلومات.
وكان العميد عيدروس الزبيدي محافظ عدن رئيس اللجنة الأمنية قد أكد في أول حديث له عقب محاولة اغتياله، أن العمل الإرهابي، المتمثل باستهداف موكبه بهجوم انتحاري، تم تمويله من قبل ميليشيات الحوثيين والمخلوع علي صالح، من خلال تفعيل الخلايا النائمة في المنطقة، مؤكدًا أن عملية تطهير عدن مستمرة حتى استعادة الأمن وضبط الخارجين عن القانون وفرض سلطة الدولة في عموم العاصمة عدن.
وفي حديث لـ«سكاي نيوز» أشار محافظ عدن العميد الزبيدي إلى أن الرسالة التي حاول الحوثيون والمخلوع صالح إيصالها من خلال الهجوم هي رفضهم القاطع لسيادة عدن كعاصمة لليمن، ورفض المتمردين لسيطرة الشرعية على مؤسسات الدولة، مشيرًا إلى أن الحرب مستمرة حتى تطهير عدن بالكامل مما سماها خلايا وجماعات الإرهاب التي يديرها المخلوع صالح.
وكان الرئيس المخلوع صالح الذي ظهر مؤخرا في خطاب متلفز يهدد ويتوعد قائلاً إن الحرب لم تبدأ بعد بالإضافة إلى تلميحه إلى للخلايا النائمة والتي اعتبر محللون أنها انتقال المخلوع في عمله من المواجهة إلى استخدام الجماعات المسلحة والخلايا النائمة التي كشفت الكثير من التقارير عن صلته بتلك الجماعات. وعليه يربط محللون بين تهديدات المخلوع والعمليات التخريبية التي تنفذها الجماعات الإرهابية في عدن، وهو ذاك الأمر الذي أشار له محافظ عدن في أول حديث له عقب محاولة اغتياله.
وتحظى الإجراءات التي اتخذتها اللجنة الأمنية بعدن في مواجهتها للجماعات المسلحة بالتفاف شعبي كبير من قبل المواطنين والقوى السياسية والمدنية في عدن والمحافظات المحررة، حيث أبدى الكثير من المواطنين تأييدهم للإجراءات الأمنية المشددة وحظر التجوال وقالوا إننا نقف إلى جانب اللجنة في كل ما تتخذه من إجراءات وسوف نكون عاملاً مساعدًا لها في تنفيذ مهامها على أكمل وجه.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.