منذر ماخوس: اجتماع جنيف بين المعارضة والنظام في موعده مستحيل

قال لـ {الشرق الأوسط} إن المبعوث الأممي طالب باجتماع جديد في ختام جولاته

سوريون في بلدة زملكا قرب دمشق ينقلون رجلا أصيب بغارة من طيران الأسد قتلت 20 شخصا على الأقل امس(أ.ف.ب)
سوريون في بلدة زملكا قرب دمشق ينقلون رجلا أصيب بغارة من طيران الأسد قتلت 20 شخصا على الأقل امس(أ.ف.ب)
TT

منذر ماخوس: اجتماع جنيف بين المعارضة والنظام في موعده مستحيل

سوريون في بلدة زملكا قرب دمشق ينقلون رجلا أصيب بغارة من طيران الأسد قتلت 20 شخصا على الأقل امس(أ.ف.ب)
سوريون في بلدة زملكا قرب دمشق ينقلون رجلا أصيب بغارة من طيران الأسد قتلت 20 شخصا على الأقل امس(أ.ف.ب)

استبعد منذر ماخوس المتحدث باسم الهيئة العليا للمعارضة السورية انعقاد الاجتماع بين وفدي المعارضة والنظام في نيويورك في 25 من الشهر الحالي، بينما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن حسين أمير عبد اللهيان نائب وزير الخارجية الإيراني، قوله أمس، صبيحة وصول المبعوث الدولي دي ميستورا إلى طهران، إن الخلاف الدبلوماسي مع السعودية سيؤثر على محادثات السلام السورية، مشيرًا إلى أن حكومته ستبقى ملتزمة بالمحادثات.
وأوضح ماخوس في اتصال مع «الشرق الأوسط» أن الهيئة العليا للتفاوض رفضت تسليم دي ميستورا قائمة بأسماء وفد التفاوض، مبررًا ذلك بأن النظام أراد أن يدفع بالمبعوث الأممي لتسلم قائمة المعارضة، حتى يتعرف على بعض أسماء الفصائل المقاتلة المشاركة في الوفد، ليستبعدها، ويرفض بذلك الحل السياسي، بذريعة أنها شخصيات إرهابية، مؤكدا أن كل الممثلين في الهيئة، سوريون، وليس من بينهم داعشي أو من ينتمي لجبهة النصرة. وذكر أن هناك مجموعات بينها الائتلاف وهيئة التنسيق والفصائل المقاتلة على الأرض وهي الأهم والعمود الفقري للمعارضة، ويريد النظام أيضًا أن يتأكد إن كانت هناك شخصيات مستقلة، وهذا الذي فاجأ النظام وحلفاءه، لأنهم كانوا يراهنون على أن المعارضة ليست لديها خطة عمل، وليست لديها رؤية لعملية الحل السياسي.
وشدد ماخوس: «نحن نتكلم عن دولة ديمقراطية مدنية تعددية، دولة القانون والمواطنة ولا يهمنا إن كانت ليبرالية أو علمانية أو إسلامية، فهذا متروك للشعب السوري وليس ملكًا لنا. إنما نحن ندير هذه العملية حتى يرحل النظام، وبعدها يبدأ النظام الجديد بحماية دولية حتى لا تتكرر مأساة العراق أو اليمن، أو ليبيا، وغيرها».
وأكد أن نتائج مباحثات الهيئة العليا مع دي ميستورا، لم تصل إلى مستوى يلزم بعقد اجتماع بين وفدي المعارضة والنظام في موعده المحدد في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي، مبينًا أن القضايا الأساسية والمسائل اللوجيستية التي تحتاج إلى حسم، مثل هيئة الحكم الانتقالي والصلاحيات الكاملة، لم تحسم بعد.
وتابع ماخوس: «نحن لن نقبل إلا بعملية حل سياسي شامل وفق مرجعية جنيف التي تقول بهيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة. هناك قرار 2118 وقرار 2254، ونريد أن نعرف بالضبط نيات النظام. وطلبنا من دي ميستورا أن يخبرنا بنتائج مباحثاته في دمشق، خصوصا أنه رأى أهمية أن نجتمع مرة أخرى في الرياض أو في جنيف بعد انتهاء جولته التي تشمل طهران وإسطنبول ودمشق.
وأضاف: «على كل حال نحمل مجلس الأمن مسؤولياته في حماية المناطق المحاصرة وتقديم المساعدات»، مشيرا إلى أن الصين ليست المكان المناسب لإجراء مباحثات فيها، كونها تساند النظام وحلفاءه، وتستخدم «الفيتو» في إجهاض أي قرار في مصلحة الشعب السوري.
وقال ماخوس: «هناك كثير من الإشكاليات التي كنا نتباحث فيها على مدار يومين، وسنوضح آليات التعاطي مع جنيف، الثلاثاء المقبل، هناك إشكاليات مثل تشكيل الحكم الانتقالي، إذ لدى النظام مقاربات أخرى، وحتى قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، الذي تحدث عن البحث عن آليات للانتقال السياسي، بما في ذلك تشكيل هيئة الحكم الانتقالي، وبالتالي هذا رجوع عن قرارات بيان جنيف الأساسية، التي تمثل المرجعية الوحيدة بالنسبة لنا».
ولفت إلى أن هناك مقاربات أخرى بحثناها مع دي ميستورا، هي خلق بيئة من أجل التفاوض، وحصلت على نقاش مستفيض، مثل إطلاق سراح المعتقلين، بما في ذلك الأطفال والنساء، وفتح ممرات إنسانية، ورفع الحصار عن المناطق المحظورة، مبينا أن ما يحدث اليوم في مضايا والمعظمية كارثة إنسانية بامتياز.
وقال الناطق باسم الهيئة العليا للتفاوض، إن «النظام يقول: لا أفاوض بشروط مسبقة. وهي ليست شروط مسبقة، وإنما قرارات دولية، فهناك أكثر من قرار أصدره مجلس الأمن منها القرار 2254 الذي يدعو إلى تحقيق المطالبات المحددة، ولذلك أبلغنا دي ميستورا بأننا لن نفاوض في ظل الكارثة الإنسانية والقصف الروسي مستمر بالصواريخ الباليستية والقنابل العنقودية وغيرها».
من جهته، قال جورج صبرا عضو الهيئة العليا للتفاوض لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد تكرار التجارب الفاشلة، ولذلك لا بد أن نحصل على إجابات عن الأسئلة التي طرحناها على دي ميستورا، بعد زيارته لكل من طهران ودمشق، فالدعوة لعقد اجتماع الوفدين، في 25 من الشهر الحالي، ليست موعدًا واقعيًا، لأن الطريق لم يمهد له كما يستدعي الأمر».
وأضاف: «قلنا لدي ميستورا: إذا كان المجتمع الدولي لا يستطيع أن يوصل سلة غذائية لأولئك الذي يموتون جوعًا في المناطق المحاصرة والمتأثرة بالحرب؛ فكيف إذن ستكون لدينا قناعة بإمكانية تحقيق حل سياسي تقترحه الأمم المتحدة والمجتمع الدولي؟».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».