المعارضة السورية الأحد في الرياض للاتفاق على سياسة التفاوض مع النظام

تلتقي دي ميستورا الاثنين وتبقي اجتماعاتها مفتوحة حتى 21 يناير

شباب من سكان دوما بريف دمشق يبحثون عن متعلقات بين ركام مبنى البلدية الذي استهدف بغارة جوية من طيران النظام أول من أمس (إ.ب.أ)
شباب من سكان دوما بريف دمشق يبحثون عن متعلقات بين ركام مبنى البلدية الذي استهدف بغارة جوية من طيران النظام أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

المعارضة السورية الأحد في الرياض للاتفاق على سياسة التفاوض مع النظام

شباب من سكان دوما بريف دمشق يبحثون عن متعلقات بين ركام مبنى البلدية الذي استهدف بغارة جوية من طيران النظام أول من أمس (إ.ب.أ)
شباب من سكان دوما بريف دمشق يبحثون عن متعلقات بين ركام مبنى البلدية الذي استهدف بغارة جوية من طيران النظام أول من أمس (إ.ب.أ)

دخل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مرحلة التحضير لعملية التفاوض مع النظام، المنتظر أن تبدأ في جنيف في 25 يناير (كانون الثاني) الحالي، والجلوس معه وجها لوجه، على وقع التضارب في آلية برنامج المفاوضات التي يرغب النظام في توزيعها على لجان أمنية وسياسية وإدارية، فيما تضع المعارضة على جدول أعمالها بندا وحيدا، هو تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحية، لا يكون فيها أي دور للرئيس بشار الأسد ولا لأركان نظامه المتورطين في دماء الشعب السوري.
ومن المقرر أن تعقد الهيئة العليا للتفاوض اجتماعها الأول بعد غدٍ الأحد في الرياض، للبحث في ترتيبات عملية التفاوض، على أن تجتمع في اليوم التالي، أي الاثنين المقبل، في الرياض أيضا مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، الذي يحمل إلى اللقاء رسالة روسية تتضمن اقتراحا بإضافة أسماء جديدة على وفد المعارضة المفاوض، وهو اقتراح مرفوض سلفا من الهيئة التي تؤكد أنها سيدة نفسها، وهي وحدها من تشكّل وفد المعارضة إلى المفاوضات.
منذر ماخوس، سفير الائتلاف المعارض في باريس والناطق الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات، أوضح أن «الهيئة ستجتمع الأحد في الثالث من يناير الحالي، على أن تلتقي دي ميستورا في الرابع من يناير (الاثنين) في الرياض. وتبقي الهيئة اجتماعاتها مفتوحة حتى 21 يناير، أي قبل أربعة أيام من المفاوضات التي يفترض أن تبدأ في 25 من الشهر الحالي، هذا إن بدأت».
وأكد ماخوس، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماع الهيئة «سيبحث التطورات التي حصلت أخيرا على الساحة السورية، والتحضير للمفاوضات وإعداد الوثائق والبرامج والاتفاق على سياسة التفاوض، ووضع آلياتها ليكون الوفد جاهزا وملما بكل التفاصيل».
ولفت ماخوس، الناطق باسم الهيئة العليا للتفاوض، إلى أن «اغتيال القائد زهران علوش، واعتقال النظام اثنين من المفاوضين (عضوي هيئة التنسيق الوطنية أحمد العسراوي ومنير البيطار)، واعتماد سياسة الأرض المحروقة من قبل الروس، كلّها أمور تستدعي التوقف عندها»، مضيفا: «أنا سأحمل اقتراحا لوقف استعمال السلاح الثقيل كشرط مسبق للتفاوض، لأنه لا يمكن أن نذهب إلى مفاوضات في ظل استمرار القتل والمجازر وحالات الحصار والتجويع، ولن نذهب إلى التفاوض بأي ثمن».
وكشف ماخوس أن دي ميستورا «سيحمل إلى لقائه من الهيئة رسالة روسية تحمل مقترحات من أجل إضافة أسماء إلى وفد المعارضة المفاوض». وقال: «المعارضة شكلت وفدها وهي سيدة نفسها ولن تقبل بأي إضافات أخرى»، مشيرا إلى وجود «محاولات حثيثة من روسيا لدس بعض الأسماء، لكن لا يحق لموسكو ولا دي ميستورا أو غيرهما التدخل في تشكيل وفد المعارضة، كما أنه لا يحق للمعارضة التدخل في تشكيل وفد النظام»، مذكرا بأن «بعض الأطراف التي لم تدع إلى اجتماع المعارضة في الرياض هناك شبه إجماع من أطراف دولية على أنها لا يمكن تصنيفها معارضة، لأنها لا تزال تتعامل مع النظام السوري». وكانت المعارضة شكلّت، في اجتماعها الذي عقدته في الرياض في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الهيئة العليا للمفاوضات، وفوضتها بتشكيل الوفد الذي سيفاوض النظام ووضع آلية التفاوض للمرحلة الانتقالية، تنفيذا لمقررات مؤتمر فيينا.
ولا يخفي ماخوس أن دي ميستورا سيبحث مع الهيئة العليا للمفاوضات في آلية التفاوض، وتسويق اقتراح يقضي بتشكيل أربع لجان، هي لجنة أمنية ولجنة سياسية ولجنة إعادة الإعمار ولجنة إدارية. وقال: «نحن نتحفّظ على هذه الآلية لأنها ستطيل عمر الأزمة ويسعى من خلالها النظام إلى (اللف والدوران) لتضييع الوقت، ونحن نصرّ على أن تبدأ المفاوضات بهيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحية، وهذا ما نصرّ عليه، ولن نقبل بمفاوضات مفتوحة تستمر مع سياسة تدمير سوريا». وبدا الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات غير متفائل بأي نتيجة إيجابية للعملية التفاوضية، وختم: «يخطئ من يعتقد أن النظام السوري سيقبل بهيئة حكم انتقالية، لأنها تعني سقوطه الحتمي، ولذلك لن يكون دوره سوى التمييع وإطالة عمر الحرب».
وكان النظام السوري أفرج بعد منتصف ليل الأربعاء - الخميس عن عضوين في هيئة التنسيق الوطنية، أحمد العسراوي ومنير البيطار، بعد اعتقالهما صباح الأربعاء عند نقطة الحدود السورية - اللبنانية خلال توجههما لحضور اجتماع الهيئة العليا للتفاوض في الرياض، وتم اقتيادهما إلى جهة مجهولة قبل أن يتم الإفراج عنهما لاحقا.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.