مرصد الإفتاء في مصر يرجح قيام جماعة الإخوان بمراجعات فكرية

الدار حددت ضوابط حاكمة للمراجعات.. وأوصت بإتاحة منابر إعلامية لنشرها

صورة أرشيفية للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع يتوسط أعضاء الجماعة أثناء مثولهم أمام المحكمة في مايو الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع يتوسط أعضاء الجماعة أثناء مثولهم أمام المحكمة في مايو الماضي (رويترز)
TT

مرصد الإفتاء في مصر يرجح قيام جماعة الإخوان بمراجعات فكرية

صورة أرشيفية للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع يتوسط أعضاء الجماعة أثناء مثولهم أمام المحكمة في مايو الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع يتوسط أعضاء الجماعة أثناء مثولهم أمام المحكمة في مايو الماضي (رويترز)

رجحت دراسة حديثة لدار الإفتاء في مصر، قيام جماعة الإخوان المسلمين والتيارات المتحالفة معها بمراجعات فكرية مع فقدان شعبية الجماعة وبروز خلافات وانشقاقات داخلها، لكن الدار حددت ضوابط لذلك وأوصت حال حدوثها بإتاحة منابر إعلامية لنشرها للمصريين.
في حين قال مصدر مسؤول بالدار لـ«الشرق الأوسط» إن سبب إصدار الدراسة هو صدور نتائج التحقيقات البريطانية حول الإخوان وما يتردد عن حدوث انشقاقات داخلها. وكان التقرير البريطاني الذي صدر مؤخرا أكد أن بعض أجزاء الشبكة الدولية للجماعة لها علاقة ملتبسة بالتطرف العنيف.
وتساءلت الدراسة التي أعدها مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة بدار الإفتاء، هل حان الوقت لقيام «الإخوان» وحلفائها بعمل مراجعات فكرية وحركية على غرار مراجعات الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد، التي جرت في تسعينات القرن الماضي؟
وأكدت الدار في دراستها التي جاءت بعنوان «مراجعات جماعات العنف.. نحو سبيل للخروج من متوالية العنف والمراجعة»، أن المراجعات عادة ما تكون نتيجة فشل أو هزيمة أو فقدان القاعدة الشعبية الداعمة والمؤيدة لأي جماعة، وهو ما تشير إليه الخبرة التاريخية لتجارب الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد.
وأنشأت دار الإفتاء مرصدا لفتاوى التكفير والآراء المتشددة للرد عليها بطريقة علمية منضبطة لمواجهة الإرهاب والتطرف في العالم، وأشارت الدار في دراستها أمس، إلى أن المفاهيم الخاطئة والتأويلات المشوهة للنصوص الدينية لدى جماعات العنف في الماضي تتكرر مع تغير الفاعلين هذه المرة (في إشارة للإخوان).. فبعد أن عانى المجتمع من عنف جماعات الجهاد والجماعة الإسلامية، حتى أقروا بفساد قولهم وزيف تأويلهم، نجد أنفسنا اليوم أمام جماعات أخرى متمثلة في تفريعاتها العنقودية المنتشرة، والتي تعيد تقديم خطاب العنف والقتل والتفجير.
تابع التقرير: أن المراجعات السابقة لجماعات العنف قد تناولت الرد على مسائل الجهاد في سبيل الله، والتكفير، وقضية العلاقة بين الحركة الإسلامية والدولة، وضوابط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والموقف من حكام المسلمين في هذا العصر، واستحلال أموال المعصومين، وتخريب الممتلكات.. وخرجت بنتائج مفادها تحريم الخروج على الحكام في بلاد المسلمين، وعدم جواز تنزيل ما في بطون كتب السلف من أحكام مطلقة على الواقع الحاضر لغير المؤهلين شرعيا، وأنه لا يُقبل قول أو فتوى من أحد خاصة في المسائل الحرجة كالدماء والأموال إلا بحجة، والحجة هي الدليل الشرعي من كتاب الله أو سنة النبي صلى الله عليه وسلم ثم الإجماع المعتبر، والقياس الصحيح، بالإضافة إلى التحذير من «فقه التبرير».. وهو أن يرتكب أحد حماقة – كما تفعل تنظيمات اليوم - ثم يبحث لها بعد ذلك عن دليل من كتاب أو سنة يبرر به حماقته ويدفع به اللوم عن نفسه.
وبين تقرير مرصد الإفتاء التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس، أن ممارسات الجماعات التكفيرية اليوم، هي في واقع الأمر ممارسات عابرة للحدود والمسافات، ومتسلحة بأدوات وتكتيكات لم تكن متاحة لمثيلاتها من قبل.. وبالتالي فهي تمثل خطرا عظيما وتهديدا ملحا للكيانات الدولية والمجتمعية في العالم، مما يفرض تقديم معالجة أكثر تنوعا وشمولا من مراجعات الجماعات التكفيرية داخل الدول، بحيث تكون جامعة بين معالجة الفكر وممارسات التنظيمات المحلية والعابرة للحدود.
وشدد تقرير الإفتاء على عدد من الضوابط الحاكمة للمراجعات أهمها، التأكيد على أنها تمثل أعمالا للشرع والقانون وليست إهمالا له خاصة فيمن تورطوا في أعمال إجرامية، ودرءا للفتنة وليست وقوعا فيها، وعودة لصحيح الدين، والجمع بين الفتوى والجدوى التي تخاطب الاعتبارات العملية، وأن تمثل المراجعات كذلك ظاهرة مجتمعية تصب في ارتقاء ونهوض المجتمع، ولا تقف عند حدود التبرير والاعتذار، وهو الأمر الذي قد يفقدها المصداقية والحجية لدى فئات المجتمع.
وتعتبر السلطات المصرية جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا، وحملتها جميع أعمال العنف والقتل التي شهدتها البلاد عقب عزل محمد مرسي عن السلطة عام 2013.. ويقبع أغلب قيادات الجماعة داخل السجون، وبعضهم صادر ضده أحكام بالمؤبد والإعدام.
ولفتت الدراسة إلى احتمالية ظهور موجة جديدة من المراجعات تقوم بها «الإخوان» والتيارات المتحالفة معها ممن تورطت في أعمال عنف وسفك الدماء وإشاعة الفوضى، خاصة مع توافر الظروف المواتية والبيئة المحيطة لعمل المراجعات، والتي من أهمها، فقدان الجماعة للحاضنة الشعبية في المجتمع المصري، وبروز الخلافات والانشقاقات داخلها، وهزيمتها أمام مؤسسات الدولة الأمنية والشرطية، وهزيمتها الفكرية، بالإضافة لاتجاه المجتمع الدولي لمراجعة موقفه من ممارسات الجماعة في دول كثيرة من دول العالم، كما حدث في بريطانيا.
وأوصت الدار في ختام دراستها بعدد من التوصيات للخروج من متوالية العنف والمراجعة أهمها، نقل فكر المراجعات ومضمونه إلى الآليات التعليمية في المدارس والجامعات، والاعتماد على الأدوات الثقافية المتنوعة في نشر فكر المراجعات وتوثيقه وتسويقه، وتوظيف واستثمار الأداة الإعلامية في نشر فكر المراجعات وكشف زيف الأقوال والممارسات الدموية، والعمل على تسجيل تلك المراجعات ونشرها وإتاحتها للجميع، حتى لا نجد أنفسنا بين الحين والآخر نواجه أفكارا تكفيرية وجرائم عنصرية وإرهابية.
مضيفة: كما أن تسجيل ونشر تراجع قادة ومفكري الجماعات التكفيرية عن أفكارهم وتوجهاتهم، يحصن المجتمع من تلك الأفكار ويكون كاشفا وفاضحا لمن ينقلب من قادة التكفير على تلك المراجعات.
وشدد التقرير على أهمية نشر تلك المراجعات على ثلاث فئات، الأولى التي توشك أن تنضم لتلك الجماعات التي تحمل الفكر ذاته.. وهي الأخطر، فهذه المراجعات توضح خطأ وخطيئة تلك الجماعات وخطها الفكري وما تستند إليه من خلفية تعتبرها شرعية، فهي ذات تأثير معتبر في رد المتعاطفين الذين قد يتحولون لمناصرين وأعضاء بعد ذلك في هذه الحركات.
أما الفئة الثانية، بعض أعضاء تلك الحركات الذين خبروا عيانا عمليات القتل والتعذيب لزملاء لهم اعترضوا على مخالفات شرعية واضحة لهذه الحركات، فهذه المراجعات مفيدة في أنها تمد تلك الفئة بدلائل بينات تعزز من توجههم للتخلي عن تلك الحركات، بينما تمثل الفئة الثالثة الجمهور العام المدرك لضلال تلك الحركات، فتثبت تلك المراجعات تلك الرؤية وتعززها، وتحمي قطاعا عريضا من المسلمين من التأثر بالجهاز الإعلامي الضخم لتلك الحركات، وما تستخدمه من نصوص شرعية مجتزئة بفهم خاطئ تبرر بها أفعالها النكراء.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.