تقرير مصري: «داعش» يتمدد في أفريقيا لتعويض خسائره في سوريا والعراق

ليبيا والصومال ونيجيريا ومالي والنيجر بدائل أساسية للتنظيم

عناصر من داعش فوق دبابة في مدينة الرقة السورية (رويترز)
عناصر من داعش فوق دبابة في مدينة الرقة السورية (رويترز)
TT

تقرير مصري: «داعش» يتمدد في أفريقيا لتعويض خسائره في سوريا والعراق

عناصر من داعش فوق دبابة في مدينة الرقة السورية (رويترز)
عناصر من داعش فوق دبابة في مدينة الرقة السورية (رويترز)

في حين أفتى الأزهر أمس بأن تنظيم «داعش» الإرهابي لا يملك شرعا حق الدعوة إلى الجهاد، ولا يملك حق تغيير أديان الناس وتبديلها بالإكراه، كشف تقرير مصري لدار الإفتاء عن اتجاه «داعش» خلال الفترة المقبلة للتمدد في أفريقيا بدلا من آسيا لتعويض خسائره نتيجة العمليات العسكرية ضد التنظيم في سوريا والعراق.
وقال التقرير الذي أعده مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع للدار، إن «ليبيا والصومال ونيجيريا بدائل جديدة عن سوريا والعراق لـ(داعش)»، فيما قال الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي مصر لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر «داعش» الفارين من سوريا والعراق تحت وقع الضربات الجوية ينتقلون إلى ليبيا ومخططاتهم المقبلة التوغل باتجاه مالي والنيجر في أفريقيا، لأن الاستقرار هناك سيكون أسهل وإنه يمكنهم التحرك بسهولة.
وأكد الأزهر أن ما ورد في وثائقه في ما يتعلق بالحريات ومنها حرية المعتقد امتثالا لقوله تعالى: «لا إكراه في الدين» وقوله تعالى: «لكم دينكم ولي دين»، يرفض رفضا قاطعا ما يقوم به تنظيم «داعش» الإرهابي من انتهاك حرمات الناس مسلمين وغير مسلمين في دمائهم وأموالهم وأعراضهم على السواء.
وأعلن الأزهر في بيان له أمس حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أنه «ليس من الإسلام ولا من شريعته السمحة ما يقوم به هذا التنظيم المجرم من فرض الإسلام على غير المسلمين ولا خطف النساء والاعتداء على أعراضهن بدعوى السبي والاسترقاق، الذي انتهى من عالم الناس وقضت عليه شريعة الإسلام، وأصبح استدعاؤه الآن من أكبر الجرائم الدينية والخلقية والإنسانية»، مؤكدا أن هذا التنظيم لا يملك شرعا حق الدعوة إلى الجهاد، ولا يملك حق تغيير أديان الناس وتبديلها بالإكراه، و«هذا حكم عام ينطبق على جميع الناس».
وأكد الأزهر أن إجبار أي إنسان على تغيير الهوية التي يحملها أو إكراهه على النطق بالشهادتين أو إجباره على الصلاة وغيرها من فرائض الإسلام، لا يترتب عليه دخول المكره في الإسلام ولا يغير من معتقده، ويعد ذلك تشويها للإسلام واعتداء على شريعته وأحكامه، مضيفا: «استحلال دم الناس أو أعراضهم أو أموالهم من المسلمين وغيرهم، هو إنكار لما علم من الدين بالضرورة يخرج من دين الإسلام».
في غضون ذلك، أكد تقرير دار الإفتاء المصرية أن هناك حالة من التنافس والصراع المحتدم بين تنظيمي «القاعدة» و«داعش» لفرض السيطرة وإعلان النفوذ على مناطق الصومال وكينيا، خاصة أن هذه المناطق تشهد كثيرا من الاضطرابات وعدم الاستقرار، بالإضافة إلى أنها بيئة حاضنة ومناسبة لنمو مثل تلك التنظيمات واستقرارها.
ولفت تقرير مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء، إلى أن وتيرة الصراع زادت بشكل محتدم بين «القاعدة» و«داعش»، بعد عدة محاولات من جانب تنظيم «داعش» لاستقطاب عناصر من «حركة الشباب» الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة، وهو ما نجح فيه التنظيم بالفعل، وعزز ذلك ظهور عدة مقاطع مصورة لعناصر تابعين لـ«حركة الشباب المجاهدين»، وهم يعلنون البيعة والولاء لزعيم تنظيم «داعش» الإرهابي، مما دفع «حركة الشباب» إلى إعلان نيتها قتل كل من يعلن ولاءه لتنظيم «داعش» بديلا عن «القاعدة»، وهو الأمر الذي لم يمنع انضمام كثير من مقاتلي الحركة إلى «داعش» حتى الآن.
وأنشأت دار الإفتاء مرصد الفتاوى التكفيرية للرد على آراء وفتاوى «داعش» بطريقة منضبطة. وأكدت دار الإفتاء في تقريرها أمس، أن «حركة الشباب المجاهدين» الصومالية قد صعدت للمشهد في الصومال في عام 2007، إثر تفكك «اتحاد المحاكم الإسلامية» المتشدد، وأعلنت الحركة أنها تقاتل أعداء الصومال وترفض التسوية السياسية مع السلطة الحاكمة هناك، مؤكدين أنهم يسعون إلى إقامة دولة إسلامية؛ على حد زعمهم، وتطبيق الشريعة في الصومال.
وتابع التقرير: «تعتبر الحركة أحد أنشط الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة في مناطق شرق أفريقيا، حيث قامت الحركة بالكثير من العمليات الإرهابية في الصومال وكينيا وأوغندا، ففي فبراير (شباط) من عام 2010 أعلنت الحركة الجهاد المسلح في كينيا ردا على دعم كينيا للقوات الحكومية الصومالية وتدريبها لهم، وقد نفذت الحركة الكثير من العمليات الإرهابية داخل كينيا، أبرزها عملية جامعة جاريسا، والتي تعد الأكثر عنفًا على الإطلاق في تاريخ العمليات الإرهابية التي تقوم بها الحركة، حيث قامت الحركة بقتل 147 شخصا مع احتجاز أكثر من 500 شخص استطاعت الحكومة الكينية تحريرهم بعد قتل المهاجمين الأربعة الذين نفذوا الهجوم». وأكد المرصد أن تنظيم القاعدة يتخوف من التمدد الداعشي في مناطق شرق أفريقيا بعد سيطرته على كثير من معاقل التنظيم في غربها، خاصة بعد إعلان جماعة «بوكو حرام» مبايعتها الرسمية لتنظيم «داعش» في مارس (آذار) الماضي، وسيطرة عناصر تابعة للتنظيم على مساحات واسعة في ليبيا، وهو ما يشير إلى تمدد السيطرة الداعشية في غرب أفريقيا وتقلص نفوذ «القاعدة»، وهو الأمر الذي يخشى تنظيم القاعدة من تكراره في شرق أفريقيا.
من جانبه، قال الدكتور نجم إن «داعش» الإرهابي يتمدد بقوة في عدة مناطق في ليبيا ويركز عملياته الإرهابية بشكل خاص على مناطق حقول البترول، «فالتنظيم يسعى للتمدد باتجاه مدينة أجدابيا الواقعة بين مدينتي سرت وبنغازي، ويحاول أعضاء التنظيم الالتفاف على الموانئ التي من خلالها يتم بيع وتصدير البترول الذي يمثل المورد المالي الأساسي لأنشطة (داعش) الإرهابية»، لافتا إلى انتشار مئات المقاتلين الأجانب التابعين لـ«داعش» في سرت والمناطق المجاورة لها، آتين من تونس والسودان واليمن خصوصا، وحتى من نيجيريا، ليتدربوا ويستعدوا لتنفيذ هجمات في دول أخرى.
ونبه مرصد الإفتاء في تقريره أمس، إلى أن هذه الأحداث تشير إلى انتقال مراكز القوة التابعة لجماعات العنف والتكفير إلى أفريقيا وتمركزها بها بدلا من آسيا، خاصة أن العمليات العسكرية هناك تدفع تلك العناصر إلى الهروب واللجوء إلى دول أفريقية كثيرة، تأتي على رأسها ليبيا والصومال ونيجيريا، وهي دول تمثل مراكز انطلاق وإدارة عمليات لتنظيمات العنف والتكفير مثل «داعش» و«القاعدة».



غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
TT

غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)

أثار إعلان زعيمي الجزائر وتونس غيابهما عن حضور القمة العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء، حول غزة والقضية الفلسطينية، تساؤلات حول مستوى مشاركات الدول العربية في القمة وتأثير ذلك على مخرجاتها، بينما أكد مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده «وجهت الدعوة لجميع زعماء الدول العربية الأعضاء في الجامعة، وكان هناك حرص على مشاركة الجميع للتشاور واتخاذ موقف بشأن هذه القضية المصيرية في تلك اللحظة الحرجة بالمنطقة».

ومساء الأحد، أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأن رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، قرر عدم المشاركة في القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر يوم 4 مارس (آذار)، لبحث تطورات القضية الفلسطينية.

وبحسب ما نقلته الوكالة عن مصدر، «كلف تبون وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية أحمد عطاف، لتمثيل الجزائر»، وأرجعت القرار إلى «اختلالات ونقائص شابت المسار التحضيري للقمة»، ومنها «احتكار مجموعة محدودة من الدول العربية إعداد مخرجات القمة دون تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية»، وفق تقرير وكالة الأنباء الجزائرية.

والاثنين، قبل ساعات من انعقاد القمة، أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس التونسي قيس سعيد، كلف وزير الخارجية، محمد علي النفطي، بترؤس الوفد التونسي المشارك في القمة الطارئة.

وحسب الرئاسة التونسية، فإن تونس «ستجدد موقفها الثابت والداعم للحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها إقامة دولة مستقلة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف».

من جانبه، قال المصدر المصري المطلع إنه «لا يمكن اعتبار موقف الجزائر وتونس غياباً عن المشاركة في القمة، لأن إيفاد ممثل لرئيس الدولة وبتكليف منه يعدُّ مشاركة رسمية للدولة، وهذا هو الهدف، أن تكون هناك مواقف ومشاركة رسمية من الدول».

ونوه المصدر بأن «هناك عدداً من الدول سواء في هذه القمة أو قمم سابقة درج على إرسال ممثلين للرؤساء والملوك، ولم يقلل هذا من مشاركة تلك الدول، لأن الممثلين يعبرون عن مواقف دولهم، مثلهم مثل الرؤساء، حتى إن كان ممثل الرئيس يغيب عن بعض الاجتماعات التي تعقد على مستوى الزعماء، لكن في النهاية يتم عرض ما تم الاتفاق عليه على الجلسة الختامية للقمة لاتخاذ موقف جماعي بشأنه من كل الوفود المشاركة».

وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي مع نظيره التونسي محمد علي النفطي الذي سيمثل بلاده في القمة بالقاهرة الاثنين (إ.ب.أ)

وحول ما ساقته الجزائر من أسباب لغياب رئيسها عن القمة، أوضح المصدر أن «القاهرة من اللحظة الأولى حرصت على إطلاع الجميع على خطة إعادة الإعمار التي أعدتها لقطاع غزة، لأن هذه هي النقطة الرئيسية والهدف من وراء تلك القمة، ومن المصلحة أن يكون هناك موقف موحد واتفاق حولها، ولم يكن هناك تجاهل أو إقصاء لأحد، فضلاً عن أن هذه قضية كل العرب ولا يمكن تصور أن دولة أو عدة دول يمكن أن تمنع دول أعضاء من أن يكون لها دور في القضية».

وشدد المصدر على أنه «ليس هناك قلق من مستوى التمثيل في القمة، لأن الاجتماع يحيط به الزخم المطلوب منذ الإعلان عنه، فضلاً عن كون الدول التي تأكدت مشاركتها سواء عبر زعمائها أو ممثلين لها هي من الدول الفاعلة والمشتبكة مع القضية، التي لا تنتظر من أحد أن يحدد لها دورها الطبيعي والمطلوب».

يأتي ذلك بينما بدأ قادة عرب، الاثنين، التوجه إلى القاهرة للمشاركة في القمة، حيث أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، بأن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد غادر البلاد متوجهاً إلى مصر للمشاركة بالقمة العربية.

وفي البحرين، أعلن الديوان الملكي أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة، رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، سيغادر المملكة الاثنين، متوجهاً إلى مصر. وأضاف الديوان أن الملك سيرأس وفد البحرين المشارك في القمة، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، كما سيرأس أعمال القمة، بحسب وكالة الأنباء البحرينية الرسمية (بنا).

كما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) أن ممثل أمير البلاد مشعل الأحمد الجابر الصباح، ولي العهد صباح خالد الحمد الصباح «يغادر أرض الوطن، الثلاثاء، متوجهاً إلى مصر لترؤس وفد الكويت في القمة العربية غير العادية».

ويرى مندوب مصر السابق لدى الأمم المتحدة، السفير معتز أحمدين، أن «المشاركة في القمم الدولية تكون بمن تحدده الدول ممثلاً لها، فإن حضر الرئيس فهذا جيد، وإن كان رئيس الحكومة فهذا جيد أيضاً، وإن كان وزير فهذا معقول، وإن لم يكن وكان المندوب الدائم أو سفير الدولة في بلد القمة فهذا لا ينقص من تمثيلها».

أحمدين أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى غياب تمثيل الدولة تماماً بالقمة، فهذا لا يعطل صدور القرارات، لأن القرارات تصدر بالإجماع، والغياب يعني أن الدولة تنازلت عن صوتها، لكن إن شاركت بأي مستوى من التمثيل وسجلت موقفها، فهذا هو الأفضل في الدبلوماسية».

وبحسب جدول أعمال القمة الطارئة المرسل من المندوبية الدائمة لمصر إلى أمانة الجامعة العربية، يبدأ استقبال رؤساء الوفود المشاركة، الثلاثاء في الثالثة عصراً بتوقيت القاهرة، وتنطلق أعمال الجلسة الافتتاحية في الرابعة والنصف، وبعد مأدبة الإفطار الرمضاني المقامة على شرف الوفود المشاركة، ويتم عقد جلسة مغلقة، ثم جلسة ختامية وتنتهي أعمال القمة في الثامنة والنصف مساء، بإعلان البيان الختامي والقرارات التي تم الاتفاق عليها.