مشروع تطوعي لتمكين الشباب والنساء السوريات في مخيمات شرق عرسال

لاجئون يتمتعون بكفاءات علمية ومهارات حرفية يشرفون على «مركز الأمل للتدريب»

نازحان صغيرا السن يقفان عند باب ملجأ مؤقت أقيم داخل كهف جبلي في قرية أم الشعير قرب مدينة إدلب شمال سوريا (رويترز)
نازحان صغيرا السن يقفان عند باب ملجأ مؤقت أقيم داخل كهف جبلي في قرية أم الشعير قرب مدينة إدلب شمال سوريا (رويترز)
TT

مشروع تطوعي لتمكين الشباب والنساء السوريات في مخيمات شرق عرسال

نازحان صغيرا السن يقفان عند باب ملجأ مؤقت أقيم داخل كهف جبلي في قرية أم الشعير قرب مدينة إدلب شمال سوريا (رويترز)
نازحان صغيرا السن يقفان عند باب ملجأ مؤقت أقيم داخل كهف جبلي في قرية أم الشعير قرب مدينة إدلب شمال سوريا (رويترز)

يخضع عدد من النساء والأطفال السوريين اللاجئين إلى المخيمات العشوائية على أطراف بلدة عرسال الحدودية مع سوريا، لدورة «محو أمية» مطلع العام المقبل، بادر إليها «مركز الأمل للتدريب» السوري، الذي أنشأه لاجئون في سبتمبر (أيلول) الماضي، بهدف تمكين السوريين، وتنمية مهاراتهم.
والدورة تُقام مجانا، إلى جانب عدد من الدورات التعليمية التي خصّ بها سوريون متعلمون ومن أصحاب الكفاءات أطفالا ونساء غير متعلمين، وتتنوع بين التدريب على الخياطة، وتعليم الكومبيوتر واللغات الأجنبية، استكمالا لجهود بذلت وستستمر رغم الظروف الأمنية التي تعاني منها المنطقة في محيط بلدة عرسال المحاذي للمنطقة الحدودية مع سوريا.
ويقول الناشط الإعلامي السوري في القلمون، الذي يتابع عمل المركز، ثائر القلموني، لـ«الشرق الأوسط»، إن المركز «يضم عددا كبيرا من شرائح المجتمع السوري اللاجئين إلى الحدود اللبنانية، ويقدم الخدمات للنساء والأطفال»، موضحا أن دورات التعليم «يخص بها المركز المحتاجين الذين تتخطى أعمارهم الـ16 عاما». ويشير إلى أن الأشخاص الذين تلقوا تدريبات من سبتمبر (أيلول) الماضي حتى الآن «بينهم نساء ربات منازل، وأطفال حرموا من التعليم بسبب نزوحهم من بلداتهم بسبب الحرب».
ولا يعتبر القيمون على المركز، وهم من اللاجئين الذين يتمتعون بكفاءات علمية ومهارات حرفية، أن اللجوء هو نهاية العالم. ويسعى هؤلاء لأن يكون النزوح «بداية لحياة جديدة أساسها الاجتهاد والعمل والاعتماد على الذات»، معتبرين أنهم «مدفوعون بالأمل»، وقد حفزهم ذلك للمباشرة بمشروع تعلمي تدريبي يخص الشباب السوري «بغض النظر عن العمر والأصل والجندر»، وتقوم عليه مجموعة من الشباب المتطوع والمتخصص، وذلك «بهدف نشر المعرفة وتأهيل الكوادر البشرية للاعتماد على النفس».
وينقسم اللاجئون السوريون في المنطقة الحدودية مع سوريا في غرب مناطق القلمون الغربي إلى لاجئين يقيمون في مخيمات داخل بلدة عرسال اللبنانية، وبضعة آلاف آخرين يقيمون في المنطقة الجردية شرق البلدة التي تضم أكثر من 60 ألف لاجئ سوري، ويتحدر معظمهم من بلدات القلمون وريف القصير. ويقول القلموني إن المشروع «يعدّ تعويضا عن الإقصاء الذي تعرضت له فئات واسعة من الشعب السوري والناشئين الشباب نتيجة الحرب والدمار في البلاد، فحرمتهم الحرب من متابعة مسيرة العلم والمعرفة ليكونوا نواة مستقبل واعد»، لافتا إلى أن التدريب «سيسهم في تنمية تلك القدرات، وتأهيل الجيل الشاب، وتعويضه عن سنوات الحرمان من العلم والمعرفة، وذلك عبر تعليم وتدريب أكبر عدد من الشباب السوري وتأهيلهم ليكونوا قادرين على الاعتماد على أنفسهم».
بدأ المشروع في سبتمبر الماضي، بإخضاع عدد من الشباب لدورات إسعافات أولية، ولغات (إنجليزي، فرنسي) ودورات على استخدام الكومبيوتر ومحو الأمية المعلوماتية، فضلا عن دورات الخياطة للنساء وربات المنازل. وقد تخرّجت دفعة من طلاب دورة الإسعافات الأولية، وكذلك دفعتان من طالبات دورة الخياطة، وسط استعدادات لافتتاح معرض لإنتاجات مشغل الخياطة الخاص بالمتدربين ضمن المشروع. ويعد القيمون على المشروع بمواصلة تلك الدورات التأهيلية، على أن تتسع لتشمل كل الاختصاصات خلال الفترات المقبلة، وهي دورات مجانية، يدرّب فيها أشخاص من أصحاب الكفاءات العلمية والحرفية.
ويوضح القلموني: «نحن لا نطلب شيئا من المتدربين، ولا نتوقف عن العمل، وكل عملنا هو بجهود شخصية من المشرفين»، لكنه يعرب عن اعتقاده أنه «لو كانت إحدى المنظمات أو الجمعيات موجودة وتبنت عملنا، فالنتائج ستكون أفضل بشكل أكيد، وستزيد وتيرة التدريب، كذلك عدد المتدربين، بهدف بناء الجيل الواعي المتعلم، ولنضع معا لبنة في بناء المستقبل».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.