موريتانيا: أكبر كتلة معارضة تتظاهر ضد نظام الرئيس

طالبت بتوفير الأمن بعد انتشار الجرائم في العاصمة

موريتانيا: أكبر كتلة معارضة تتظاهر ضد  نظام الرئيس
TT

موريتانيا: أكبر كتلة معارضة تتظاهر ضد نظام الرئيس

موريتانيا: أكبر كتلة معارضة تتظاهر ضد  نظام الرئيس

نظم المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر كتلة سياسية معارضة في موريتانيا، مظاهرة مساء أمس، رفع فيها مطالب تتعلق بتوفير الأمن، وذلك بعد سلسلة من الجرائم في العاصمة نواكشوط، وانتقدت نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، ولكن المظاهرة تخلف عنها عدد من أحزاب منتدى المعارضة في ظل انقسام كبير في صفوف المنتدى.
وجابت المظاهرة كبريات شوارع العاصمة نواكشوط، منددة بما سمته «الانفلات الأمني» و«تفشي الجريمة» في العاصمة، كما وجه المشاركون فيها انتقادات حادة لنظام ولد عبد العزيز، الذي يتهمونه بـ«الفساد» وإدخال البلاد في «أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية خطيرة»، على حد وصفهم.
ودعا المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يتشكل من عدة أقطاب سياسية ونقابية ومجتمع مدني، إلى المظاهرة، بينما يتشكل قطبه السياسي من 11 حزبا شاركت جميعها في مظاهرة أمس، باستثناء حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يرأسه الزعيم التقليدي للمعارضة أحمد ولد داداه، وحزبي التناوب الديمقراطي والطلائع من أجل التغيير.
وتعد هذه المظاهرة الثانية من نوعها لمنتدى المعارضة خلال العام الحالي (2015)، ولكنها تأتي في ظل حالة من الانقسام وتباين وجهات نظر الأحزاب المشكلة للمنتدى على خلفية لقاءات، عقدها رئيسه الدوري المحامي أحمد سالم ولد بوحبيني مع الحكومة، تمهيدا للحوار الوطني المرتقب.
في غضون ذلك، قال حزب التناوب الديمقراطي في بيان صحافي وزعه أمس في نواكشوط، إن قرار تنظيم المظاهرة لم يتم اتخاذه بطريقة تتماشى مع المساطر القانونية المعتمدة لاتخاذ القرارات في المنتدى، مشيرا إلى أن «القرارات في المنتدى لا يمكن أن تتخذ إلا بالإجماع المطلق، وذلك بناء على نص المادة 13 من الميثاق التنظيمي للمنتدى».
وخلص الحزب، الذي يرأسه رجل أعمال موريتاني مقيم في الخارج، إلى أن «قرار تنظيم المسيرة ليس محل إجماع، ولا يختلف عن القرار السابق بلقاء الوزير الأمين العام للرئاسة، وبالتالي فهي لا تعبر عن المنتدى ولا تمثله»، وفق تعبير الحزب.
من جهة أخرى، اجتمع أمس المكتب التنفيذي لحزب تكتل القوى الديمقراطي الذي قاطع المسيرة، وأصدر بيانا انتقد فيه بشدة ما سماه «الانفلات الأمني»، ولكنه في الوقت نفسه «اتخذ قرارا بعدم مشاركة الحزب في المسيرة التي تعتزم بعض مكونات المنتدى تنظيمها»، وبرر المكتب التنفيذي للحزب قراره بالقول إنه «غير معني بالمسيرة، لكونها جاءت ضمن جملة من القرارات لم تكن محلا للإجماع»، وفق نص البيان.
وتحدث الحزب ذو الطابع الليبرالي، الذي اشتهر بمواقفه الراديكالية من نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، عما سماه «أزمات» تمر بها البلاد، وفي مقدمتها «أزمة حادة في نقل الطلاب، والقمع الوحشي الذي يتعرضون له»، و«الوضع المتردي لظروف المواطنين المعيشية والصحية، فضلا عن الاحتقان السياسي والاجتماعي».
وكان حزب التكتل قد تعرض لهزات كبيرة خلال الأسابيع الماضية بسبب خلافات عميقة أثارها موقف الحزب من الحوار مع الحكومة، حيث تمسك بمطلب تلبية بعض «الممهدات» قبل الدخول في أي حوار مع الحكومة، وهو الموقف الذي حاولت بعض القيادات التقليدية للحزب مراجعته قبل أن تقرر الانسحاب، وتأسيس حزب جديد من المنتظر أن يرأسه النائب البرلماني السابق ودكتور الرياضيات الشاب يعقوب ولد أمين، الذي ينتمي لواحدة من العائلات العريقة المؤثرة في حزب التكتل.
وتعاني المعارضة الموريتانية من حالة من التشرذم بدأت منذ عام 2011، وذلك عندما قررت «منسقية المعارضة الديمقراطية» التصعيد ضد النظام، والخروج في مظاهرات مطالبة بـ«رحيل النظام»، تماشيا مع موجة «الربيع العربي»، مما دفع ثلاثة أحزاب سياسية نحو الانشقاق وتأسيس كتلة جديدة تحمل اسم «المعاهدة من أجل التناوب السلمي على السلطة»، دخلت في حوار مع النظام في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من سنة 2011.
واستمرت حالة الانقسام تطارد المعارضة حتى شهر مارس (آذار) من العام الماضي، وذلك حين قررت الأحزاب الراديكالية تأسيس كتلة سياسية جديدة تضم هيئات المجتمع المدني، والنقابات والشخصيات المستقلة، وسمتها «المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة»، ولكن الكتلة الأخيرة بدأت منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي تواجه تحديات كبيرة تهدد تماسكها.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.