مصر تؤكد رفض أي «إجراءات أحادية» تُصعّد التوتر في القرن الأفريقي

عبد العاطي أكد للرئيس الأنغولي تطلع بلاده إلى مواصلة تطوير العلاقات

خلال انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين مصر وأنغولا (الخارجية المصرية)
خلال انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين مصر وأنغولا (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي «إجراءات أحادية» تُصعّد التوتر في القرن الأفريقي

خلال انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين مصر وأنغولا (الخارجية المصرية)
خلال انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين مصر وأنغولا (الخارجية المصرية)

أكدت مصر رفض «أي تدخلات خارجية في شؤون القارة الأفريقية» و«أي إجراءات أحادية في منطقتَي القرن الأفريقي والبحر الأحمر قد تُسهم في زيادة التوتر أو تهديد الأمن الإقليمي».

جاءت التأكيدات المصرية خلال لقاء وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الرئيس الأنغولي جواو لورنسو، حيث قام بتسليمه رسالة خطية من الرئيس عبد الفتاح السيسي، معرباً عن تقدير مصر البالغ للعلاقات الأخوية التي تجمع البلدين، والحرص المشترك على مواصلة تطوير العلاقات الثنائية.

وجدَّد عبد العاطي خلال زيارته الرسمية للعاصمة الأنغولية لواندا، بحسب بيان وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، تأكيد «التزام بلاده بمواصلة التعاون والتنسيق الوثيق مع أنغولا إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية»، مثمناً «الزخم الكبير الذي تشهده العلاقات الثنائية خلال الفترة الأخيرة، لاسيما عقب زيارة الرئيس لورنسو إلى مصر في أبريل (نيسان) الماضي».

وأبرز عبد العاطي، خلال لقاء الرئيس الأنغولي، تطلع الشركات المصرية لتعزيز استثماراتها في المشروعات التي سيتم تنفيذها ضمن «ممر لوبيتو» التنموي وغيره من الممرات الاستراتيجية في أنغولا، مشيراً إلى الخبرات الكبيرة لدى الشركات المصرية في تنفيذ مشروعات بنية تحتية عملاقة في دول أفريقية عدة، لافتاً إلى الدراسة الجارية لتدشين تحالف من الشركات المصرية في مشروعات «ممر لوبيتو» بما يسهم في دعم التنمية ورفع كفاءة شبكات النقل واللوجيستيات.

ووفق إفادة لمتحدث «الخارجية المصرية»، تميم خلاف، الجمعة، أكد عبد العاطي «الحرص على مواصلة التنسيق مع أنغولا لإنجاح رئاستها للاتحاد الأفريقي خلال هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها القارة، والتزام البلدين المشترك بتحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة من خلال حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية». وأشاد بمستوى التنسيق بين البلدين في مختلف قضايا الاتحاد الأفريقي، لا سيما ملفات السلم والأمن في القارة، سواء فيما يتعلق بالقرن الأفريقي أو السودان أو شرق الكونغو أو منطقة الساحل، مؤكداً «أهمية تعزيز وتكثيف التشاور بين الجانبين بما يدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في ظل التطورات الداخلية والتحولات السياسية التي تشهدها بعض دول القارة».

وحذَّرت مصر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من محاولات «أطراف إقليمية» تصدير أزماتها الداخلية وتهديد استقرار البحر الأحمر، والذي يُشكِّل أهميةً استراتيجيةً لاستقرار منطقة القرن الأفريقي، وذلك بعد أيام من تصريحات لرئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد «تمسّك فيها بالحصول على مَنفذ على البحر الأحمر».

وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الأنغولي (الخارجية المصرية)

وتُعدُّ منطقة القرن الأفريقي جزءاً ممتداً غرب البحر الأحمر وخليج عدن، وتشمل 4 دول رئيسية هي الصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا، بينما تتسع المنطقة من زوايا سياسية واقتصادية لتشمل كينيا والسودان وجنوب السودان وأوغندا.

في حين أعرب الرئيس الأنغولي، الجمعة، عن تقديره العميق للرئيس السيسي، مؤكداً اعتزازه بالعلاقات الأخوية التي تجمع البلدين، مثمناً الحرص على تعزيز التعاون والارتقاء بالعلاقات الثنائية، معرباً عن «تطلعه لمواصلة العمل مع مصر لتعزيز الشراكة بين البلدين في مختلف المجالات».

وفي لقاء آخر مع وزير خارجية أنغولا، تيتي أنطونيو، أكد وزير الخارجية المصري «حرص بلاده على مواصلة التنسيق لدعم جهود إحلال السلام والاستقرار والتنمية في القارة»، مشيداً بـ«مواقف أنغولا الداعمة للقضية الفلسطينية».

خلال انعقاد الدورة الأولى للجنة المشتركة بين مصر وأنغولا (الخارجية المصرية)

وبحسب «الخارجية المصرية»، الجمعة، جرى التأكيد على «أهمية التنسيق المشترك خلال عضوية البلدين في مجلس السلم والأمن الأفريقي». وتبادَل الوزيران الآراء حول الأوضاع في السودان، ومنطقة الساحل، والصومال، والقرن الأفريقي، والبحر الأحمر، والبحيرات العظمى، كما تم الاتفاق على «مواصلة التنسيق اتصالاً بالريادة الأنغولية في ملف السلام والمصالحة، والريادة المصرية في ملف إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات».

كما ترأس وزير الخارجية المصرية ونظيره الأنغولي الدورة الأولى لـ«اللجنة المشتركة بين البلدين»، التي عُقدت مساء الخميس في لواندا بمشاركة واسعة من المسؤولين الحكوميين من البلدين.

وأكد عبد العاطي على «الأهمية التي توليها مصر لشراكتها مع أنغولا، وحرصها على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى (الشراكة الاستراتيجية)»، مشدداً على أن اجتماع «اللجنة المشتركة» يمثل دعوة للعمل المشترك من أجل الاعتماد على آليات مؤسسية مستدامة تحقق نتائج فعّالة تلبي تطلعات الشعبين، لافتاً إلى أن «قوة العلاقات السياسية الراسخة بين البلدين ينبغي أن تُستكمل بدفعة قوية للتعاون الاقتصادي».

وفيما يتعلق بالتعاون الأمني، أكد الوزير عبد العاطي «الحرص على توسيع نطاق التعاون الثنائي في إطار مذكرات التفاهم الموقعة، بما في ذلك برامج بناء القدرات والتعاون في الصناعات الدفاعية بما يخدم مصالح البلدين». وشدَّد على استمرار مصر في تقديم برامج التدريب وبناء القدرات من خلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في القطاعات ذات الأولوية للجانب الأنغولي.

وبحسب متحدث «الخارجية المصرية»، الجمعة، تم التوقيع على مذكرات تفاهم أبرزها، مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الصحة والمستحضرات الصيدلانية، وأخرى في مجال خدمات الطيران المدني، وثالثة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.


مقالات ذات صلة

ساحل العاج تسعى لنشر طائرات تجسس أميركية للتصدي لمتشددين مرتبطين بـ«القاعدة»

أفريقيا طائرة تجسس

ساحل العاج تسعى لنشر طائرات تجسس أميركية للتصدي لمتشددين مرتبطين بـ«القاعدة»

قال مسؤولان أمنيان إن ساحل العاج تريد من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نشر طائرات تجسس أمريكية لتنفيذ عمليات عبر الحدود ضد متشددين متحالفين مع "القاعدة".

«الشرق الأوسط» (داكار - أبيدجان )
أفريقيا رئيس مالي الجنرال آسيمي غويتا تعهَّد بالقضاء على الإرهاب ويحظى بدعم روسي كبير (إعلام محلي)

الجيش المالي يوجه ضربات جديدة لمعاقل «القاعدة»

أعلن الجيش المالي أنه دمَّر مواقع تابعة للجماعات الإرهابية، في منطقة قرب الحدود مع موريتانيا.

الشيخ محمد (نواكشوط)
شمال افريقيا سد النهضة (رويترز)

إثيوبيا تتهم مصر بتنفيذ «حملة لزعزعة الاستقرار» في القرن الأفريقي

اتهمت وزارة الخارجية الإثيوبية مصر اليوم (الأربعاء) بتنفيذ «حملة لزعزعة الاستقرار» في منطقة القرن الأفريقي تتركز على إثيوبيا.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
العالم العربي رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري (وكالة الأنباء الصومالية)

ماذا وراء تأجيل الانتخابات المحلية في مقديشو؟

أجلّت السلطات الصومالية الانتخابات المحلية في مقديشو لنحو شهر؛ حيث تُجرى للمرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن، بموازاة تطبيق نظام الاقتراع المباشر في الانتخابات.

محمد محمود (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أثناء مشاركته في القمة الأفريقية - الأوروبية (مجلس الوزراء المصري)

مصر ترسّخ حضورها في القرن الأفريقي بتوسيع التعاون مع جيبوتي

عززت مصر حضورها في منطقة «القرن الأفريقي» بتوسيع التعاون في مجالات مختلفة مع دولة جيبوتي، مع تأكيدها رفض «أي إجراءات أحادية» بتلك المنطقة أو في البحر الأحمر.

أحمد جمال (القاهرة)

واشنطن لحلحلة الأزمة الليبية قبيل إطلاق «الحوار الأممي»

تيتيه والقائم بالأعمال المصري تامر الحفني في لقاء بطرابلس (البعثة الأممية)
تيتيه والقائم بالأعمال المصري تامر الحفني في لقاء بطرابلس (البعثة الأممية)
TT

واشنطن لحلحلة الأزمة الليبية قبيل إطلاق «الحوار الأممي»

تيتيه والقائم بالأعمال المصري تامر الحفني في لقاء بطرابلس (البعثة الأممية)
تيتيه والقائم بالأعمال المصري تامر الحفني في لقاء بطرابلس (البعثة الأممية)

مع اقتراب موعد انطلاق «الحوار المهيكل»، الذي ترعاه الأمم المتحدة في العاصمة الليبية طرابلس، والمقرر الأحد المقبل، كثّفت واشنطن تحركاتها الدبلوماسية بهدف كسر جمود الأزمة الليبية المستمرة منذ سنوات.

وخلال الـ48 ساعة الماضية، أجرى القائم بأعمال السفارة الأميركية في ليبيا، جيرمي برنت، سلسلة لقاءات سياسية بين طرابلس وبنغازي، هدفها المعلن توجيه رسائل دعم أميركية للسلام ووحدة المؤسسات الليبية، قبيل انطلاق جلسات الحوار المقررة من 14 إلى 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

ويرى مراقبون أن المساعي الأميركية تأتي في إطار تعزيز الصورة الذهنية عن حرص واشنطن على دعم الوساطات السياسية، خصوصاً بعد زخم عسكري أحدثته زيارة الجنرال داغفين أندرسون، قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) إلى طرابلس وبنغازي، في بلد يغرق في الانقسام السياسي والعسكري منذ عام 2011.

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح والقائم بالأعمال الأميركي برنت في لقاء ببنغازي (مجلس النواب)

وفي هذا السياق، جاء لقاء برنت برئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الخميس، مؤكّداً «دعم الولايات المتحدة للجهود الرامية إلى تجاوز الانقسامات، وتحقيق سلام مستدام في البلاد».

جاء ذلك بعد يوم واحد من لقاء منفصل في طرابلس مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، حيث شدد على «أهمية توحيد المؤسسات الليبية وبناء أسس سلام دائم»، كما التقى وزير الخارجية بحكومة الوحدة، محمد الباعور، لتأكيد «استمرار دعم واشنطن لمبادرات المصالحة الوطنية».

وكما كان متوقعاً، لم تغِب المبعوثة الأممية، هانا تيتيه، عن سلسلة اللقاءات التي أجراها الدبلوماسي الأميركي، إذ ناقش معها أيضاً التحضيرات لإطلاق الحوار المهيكل، الذي يظل الغموض يكتنف أسماء المشاركين فيه.

ومن المقرر، بحسب تسريبات إعلامية، أن تعقد الجلسة الافتتاحية للحوار المهيكل بفندق كورنثيا في طرابلس، وأن يخضع المشاركون لمجموعة من القواعد والإجراءات الموحدة، بما في ذلك مدونة السلوك وشروط المشاركة، والنصاب القانوني لانعقاد الاجتماعات المرتقبة، الذي يشترط حضور ثلثي المشاركين.

كما تم تحديد آلية عمل فرق الحوار الأربعة، بحيث تختار كل مجموعة إدارة خاصة من 3 أعضاء لتقديم تقاريرها إلى الجلسة العامة، قصد مراجعتها واعتمادها، وفق وسائل إعلام محلية ليبية.

يشار إلى أن الحوار المهيكل هو أحد بنود خريطة طريق عرضتها مبعوثة الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن في أغسطس (آب) الماضي.

ورغم التحركات الدبلوماسية المكثفة، التي استبقت الحوار المهيكل، والتي شملت أيضاً الجوار الليبي، بالنظر إلى لقاء تيتيه مع القائم بالأعمال المصري في ليبيا تامر الحفني بطرابلس الخميس، يظل نجاح هذا الحوار محل تساؤلات، وذلك بسبب استمرار الانقسامات بين شرق ليبيا وغربها، وصعوبة التوصل إلى توافق كامل حول المؤسسات والسياسات الأساسية.

ووفق رؤية المحلل السياسي، فرج فركاش، فإن «كل مخرجات الحوار المهيكل لن تكون ملزمة»، وذهب إلى الاعتقاد بأن «أعضاء الحوار لن يخرجوا عن تأثير القوى الفاعلة، التي تمتلك المال والقوة والسلاح شرقاً وغرباً»، وهو وقع توقعه «تكراراً للتجارب وللحلول الفاشلة لحوارات ليبية سابقة برعاية دولية».

ويبدي فركاش تشاؤمه واصفاً هذا المسار بأنه «قفزة في الهواء، وسنستمر في المراحل الانتقالية»، معرباً عن التطلع إلى «دعم إنجاز دستور توافقي تبنى على أساسه الانتخابات المقبلة، مع مسار موازٍ لتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، لتحييد أي قوى قد تؤثر على نتائج الانتخابات، أو على القبول بنتائجها»، وفق إدراج عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك».

في سياق ذلك، يشير مراقبون إلى أن نجاح الحوار يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف الليبية على تجاوز الخلافات التقليدية، والالتزام بالآليات التي وضعتها البعثة الأممية لضمان مشاركة فعّالة وشاملة.

يأتي ذلك بينما تشهد ليبيا انقساماً سياسياً حاداً منذ سنوات، يتمثل في وجود حكومتين متنافستين؛ الأولى في طرابلس هي «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في الشرق منبثقة عن البرلمان.

هذا الانقسام، بحسب بعض المراقبين، ينعكس على مؤسسات الدولة، ويفاقم التوتر بين القوى المسلحة ويعطل المسار السياسي، فيما تحاول المساعي الدولية والأممية الدفع نحو تسوية تُنهي ازدواج السلطة، وتعيد توحيد مؤسسات البلاد تحت إطار انتخابي متفق عليه.


تونس والجزائر توقعان 25 اتفاقية في أشغال اللجنة المشتركة الكبرى

الرئيس التونسي أكد على تميّز العلاقات التونسية - الجزائرية وعلى عراقة التعاون بين تونس والجزائر (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي أكد على تميّز العلاقات التونسية - الجزائرية وعلى عراقة التعاون بين تونس والجزائر (أ.ف.ب)
TT

تونس والجزائر توقعان 25 اتفاقية في أشغال اللجنة المشتركة الكبرى

الرئيس التونسي أكد على تميّز العلاقات التونسية - الجزائرية وعلى عراقة التعاون بين تونس والجزائر (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي أكد على تميّز العلاقات التونسية - الجزائرية وعلى عراقة التعاون بين تونس والجزائر (أ.ف.ب)

وقعت تونس والجزائر، اليوم الجمعة، 25 اتفاقية تعاون ومذكرة ضمن أشغال الدورة 23 للجنة المشتركة الكبرى بين البلدين التي تجري في تونس. وشملت الاتفاقات بالخصوص التعاون الدبلوماسي ومكافحة الإرهاب، وتبييض الأموال، وقطاعات الصحة والنقل والتعليم العالي والطاقة، والمياه والتكوين والتشغيل. وأمس الخميس وقعت شركات من البلدين 7 اتفاقات شراكة اقتصادية خلال أشغال المنتدى التونسي - الجزائري لرجال الأعمال بحضور رئيسي حكومتي البلدين. وشملت الاتفاقات قطاعات السياحة والنسيج وصناعة السيارات والصناعات الغذائية.

يذكر أن حجم التبادل التجاري بين البلدين في 2024 بلغ 2.3 مليار دولارأميركي، وذلك بزيادة تقدر بنحو 12 بالمائة عن السنة السابقة.

وقبل انطلاق أشغال الدورة 23 للجنة المشتركة الكبرى بين البلدين، استقبل رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، أمس الخميس، سيفي غريب، الوزير الأوّل للجمهوريّة الجزائريّة، الذي كان مرفوقاً بأحمد عطاف وزير الدّولة، وزير الشؤون الخارجيّة والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية، وعزوز باعلال السفير الجزائري بتونس.

واستهلّ رئيس الدّولة هذه المقابلة بالتذكير بعديد المحطّات التاريخية في العلاقات بين تونس والجزائر على كلّ الأصعدة، خصوصاً خلال حرب التحرير في كلا البلدين، مُحمّلاً الوزير الأوّل الجزائري إبلاغ أخلص تحياته إلى الرئيس عبد المجيد تبون، وتمنياته الصادقة للشعب الجزائري الشقيق بمزيد الرفعة والتقدّم والازدهار.

وخلال اللقاء أكّد رئيس الجمهورية على تميّز العلاقات التونسية - الجزائرية، وعلى عراقة التعاون بين البلدين، مشدّداً على أهمية العمل المشترك بمناسبة انعقاد الدورة 23 للجنة الكبرى المشتركة التونسية - الجزائرية «من أجل تذليل كلّ العقبات، وتنفيذ سائر المشاريع المشتركة بين الجانبين في أقصر الآجال، فالعالم اليوم متغيّر ومتقلّب بسرعة غير مسبوقة، ولا يمكن أن نواجه كافّة التحدّيات إلاّ بالعمل المشترك، ومزيد خلق الثروة في البلدين، سواء في القطاع العام أو في القطاع الخاص».

كما تمّ التطرّق خلال هذا اللقاء إلى تطورات الأوضاع التي يشهدها العالم، والتأكيد على أهمية مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين لمجابهة مختلف التحدّيات، وعلى ضرورة أن نكون في الموعد حتى يعمّ العدل والأمن والاستقرار.

وأكّد رئيس الدّولة في هذا السياق على الموقف الثابت من حقّ الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه كاملة، وإقامة دولته المستقلّة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.


ليبيا: اشتباكات واسعة في صبراتة تنهي أسطورة «العمو»

الميليشياوي أحمد الدباشي (العمو) (حسابات ليبية موثوثة)
الميليشياوي أحمد الدباشي (العمو) (حسابات ليبية موثوثة)
TT

ليبيا: اشتباكات واسعة في صبراتة تنهي أسطورة «العمو»

الميليشياوي أحمد الدباشي (العمو) (حسابات ليبية موثوثة)
الميليشياوي أحمد الدباشي (العمو) (حسابات ليبية موثوثة)

طوت ليبيا صفحة أسطورة الميليشياوي أحمد الدباشي، المعروف بـ«العمو»، والمطلوب دولياً في قضايا اتجار بالبشر والمخدرات، بعد إعلان مقتله إثر اشتباكات واسعة مع قوة أمنية موالية لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في مدينة صبراتة، الواقعة على بُعد 70 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس.

وبينما استمرت الاشتباكات منذ فجر الجمعة، جاء الإعلان عن مقتله ظهراً، على يد ما يُعرف بـ«جهاز مكافحة التهديدات الأمنية»، التابع لرئاسة الحكومة في غرب ليبيا، والذي يقوده الميليشياوي محمد بحرون، المعروف بـ«الفار».

وبينما لم تظهر روايات من معسكر «العمو» بشأن مقتله، فإن رواية «مكافحة التهديدات» أشارت إلى أن سقوط الدباشي واعتقال شقيقه صالح جاءا نتيجة «مداهمة أمنية نفذتها وحداته، رداً على هجوم مسلح استهدف إحدى بواباته قرب تقاطع المستشفى في صبراتة»؛ ما أسفر عن إصابة ستة من عناصره بإصابات بليغة، نُقلوا على إثرها إلى قسم العناية الفائقة.

عناصر تابعة لما يعرف بـ«جهاز مكافحة التهديدات الأمنية» في ليبيا (الصفحة الرسمية للجهاز)

ومنذ الفجر لم تنقطع الاشتباكات في مناطق عدة بمدينة صبراتة، من بينها طريق المستشفى، والتنارة بطريق البحر، والدبابشية، وجزيرة النخلات وخرسان، وسط انتشار أمني مكثف، حسب وسائل إعلام محلية ليبية.

ويُنظر إلى مقتل «العمو» بوصفه في سياق سلسلة اغتيالات قادة ميليشيات غرب ليبيا خلال العامين الماضيين. ففي مايو (أيار) الماضي، قُتل عبد الغني الككلي، المعروف بـ«غنيوة»، أحد أبرز قادة التشكيلات المسلحة في طرابلس، خلال مواجهات مع قوات مرتبطة بحكومة الوحدة الوطنية؛ ما أدى إلى اندلاع اشتباكات دامية أطاحت قوة جهاز دعم الاستقرار من بعض مناطق سيطرته. كما قُتل عبد الرحمن ميلاد، المعروف بـ«البيدجا»، قائد ميليشيا في الزاوية في سبتمبر (أيلول) 2024 على يد مسلحين مجهولين؛ ما أثار احتجاجات محلية، وكشف عن تصاعد التوتر بين الجماعات المسلحة في المدينة.

ووفقاً للمحلل العسكري، محمد السنوسي، فإن «مقتل أحمد الدباشي يعكس سباق نفوذ مالي بين مجموعات مسلحة في غرب ليبيا، فقدت سببها الأخلاقي لبقائها، وكانت تتخذ من ثورة فبراير (شباط) 2011 واجهة لها»، مستبعداً وجود عمل أمني حكومي منظم من جانب حكومة الدبيبة يقف وراء هذا الحادث، وفق ما قال لـ«الشرق الأوسط».

تعزيزات أمنية مكثفة في صبراتة (إ.ب.أ)

ويُعدّ «العمو» أحد أبرز المطلوبين دولياً في ليبيا. فقد ذكر تقرير مجلس الأمن الدولي لعام 2018 أن الدباشي، وهو قائد ميليشياوي في صبراتة ومليتا، ينشط في الأنشطة غير المشروعة المرتبطة بالاتجار بالمهاجرين، وله علاقات طويلة مع الجماعات الإرهابية مثل «داعش» المتطرف، ويضم عناصر من التنظيم ضمن ميليشياته، بما في ذلك عبد الله الدباشي، القائد السابق للتنظيم في صبراتة.

وحسب ما سبق أن أورده هذا التقرير الأممي، فإن «ميليشيا (العمو) تسهم بشكل مباشر في تصاعد العنف وانعدام الأمن في غرب ليبيا، وتهدد السلام والاستقرار الداخلي والإقليمي، كما تعمل على تهريب المهاجرين بشكل ممنهج، بما يعكس نمطاً من الجرائم المنظمة، التي تؤثر على الأمن في ليبيا والدول المجاورة».

لكن السنوسي أشار إلى أن مقتل العمو «لن يكون نهاية المطاف في شبكات الإتجار بالبشر والمهاجرين المتسرطنة في غرب ليبيا»، حسب رؤيته.

وجاء القضاء على الدباشي بعد أشهر من أمر اعتقال وجهته وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية «المؤقتة» إلى أجهزة الأمن لاعتقاله في صبراتة، وكل من يثبت تورطه معه في ارتكاب جرائم، وتحديداً في يونيو (حزيران) الماضي.

ووقتذاك أثار حادث مؤلم غضب الرأي العام في البلاد، حين أظهر مقطع فيديو فتاة ليبية، تُدعى رهف الكرشودي، وهي مقيدة من رقبتها بالسلاسل وتخضع للتعذيب، بينما ظهر «العمو» إلى جانبها، قبل أن تعثر الأجهزة الأمنية على جثتها في فبراير 2024، دون أن يُكشف بعد عن الجناة.

ويعيد مقتل العمو تسليط الضوء على خلاصة سبق أن توصلت إليها منظمة خدمات الاستخبارات الجيوسياسية (جي آي إسي) الألمانية، التي حذرت في تقرير صادر في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي من «استمرار هشاشة النظام الأمني الليبي، حيث تتحكم الميليشيات في الإقطاعيات والموارد، وأي تصفية لقائد ميليشيا تهدد التحالفات المؤقتة والاستقرار الهش للبلاد».

وتعيش ليبيا على وقع انقسام عسكري وأمني مزمن بين حكومتين، إحداهما في غرب ليبيا برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وغريمتها التي تهمين على شرق وجنوب البلاد برئاسة أسامة حماد.

ومع مقتل «العمو»، تطرح أسئلة كثيرة حول ما إذا كان محمد بحرون (الفار) سيتمكن من فرض سيطرته على مدينة صبراتة، بعد هذه الضربة الأمنية الكبيرة، ومن بينها سؤال عن القادم في سلسلة استهداف قادة التشكيلات المسلحة.