تتشابك حكاية المواجهات بين المنتخبين السعودي والمغربي عبر أكثر من 6 عقود، ورغم أن عدد المباريات بينهما ليس كبيراً، فإنها كانت كافية لصناعة ندّية خاصة بين مدرستين عربيتين مختلفتين في الأسلوب ومتقاربتين في الطموح. ومع اقتراب لقائهما الجديد يوم الاثنين في ختام دور المجموعات من كأس العرب على ملعب لوسيل، يعود التاريخ إلى الواجهة من جديد، في مباراة تمثل للسعودية فرصة تثبيت الصدارة، وللمغرب بوابة العبور إلى ربع النهائي ومرافقة «الأخضر».
خاض المنتخبان حتى الآن 8 مواجهات رسمية وودية، تميل الكفة فيها قليلاً لصالح المغرب الذي حقق 4 انتصارات، مقابل فوزين للسعودية، فيما انتهت مباراتان بالتعادل. هذه الأرقام تكرّس صورة صراع متوازن أكثر منه تفوقاً مطلقاً، إذ لم ينجح أي طرف في فرض هيمنة كاملة على حساب الآخر، بل ظلّت النتائج تتأرجح بين فوز هنا، وردّ هناك.
تنوّعت بطولات وملابسات تلك اللقاءات بين دورات عربية ومباريات ودية واستحقاقات كبرى، وشهدت تغير الأجيال والأساليب داخل أرض الملعب. في كل مرة، كان المنتخب السعودي يدخل باعتماده على الحماس والاندفاع والسرعة، فيما يستند المنتخب المغربي إلى تنظيمه الدفاعي المعروف وحضوره البدني والفني القوي، لتخرج المباريات في معظم الأحيان مغلّفة بطابع تكتيكي واضح، وأحياناً مشحونة بحسّ تنافسي عالٍ.
ومع مرور السنين، تحولت مواجهات السعودية والمغرب إلى نوع من «الامتحان الفني» لكل منتخب. فالفوز يمنح صاحبه دفعة معنوية مضاعفة، لأنه يأتي على حساب منافس، له وزن تاريخي في الكرة العربية، بينما تُعدّ الخسارة مؤشراً يحتاج إلى قراءة عميقة داخل غرف الملابس.
وتبدو مواجهة المنتخبين في كأس العالم 1994 التي أقيمت في الولايات المتحدة الأميركية هي الأبرز في مسيرتهما على اعتبار أنها الأقوى والأكثر مشاهدة وتأثيراً حيث انتهت بفوز سعودي بهدفين مقابل هدف حيث أحرز الهدفين فؤاد أنور وسامي الجابر، فيما سجل للمغرب محمد الشاويش، حيث ساهمت هذه المباراة في إنجاز سعودي كبير ببلوغه دور الـ16 للمرة الأولى في تاريخه في تلك الحقبة.
اليوم، يدخل «الأخضر» مواجهة لوسيل بثقة أعلى، بعد أن ضمن التأهل مبكراً بتحقيقه فوزين متتاليين في المجموعة الثانية، مع رغبة واضحة في إنهاء الدور الأول في الصدارة، وإرسال رسالة قوة قبل ربع النهائي. في المقابل، يدرك المنتخب المغربي أن مصيره بيده، وأن انتزاع نتيجة إيجابية أمام السعودية يعني البقاء في دائرة المنافسة ومرافقة بطل آسيا إلى الأدوار الإقصائية.
بين أرقام تاريخية تميل قليلاً لصالح المغرب، وواقع حالي يمنح السعودية أفضلية الصدارة والتأهل، تبدو مواجهة الاثنين مرشحة لكتابة فصل جديد في قصة كروية عربية قديمة... لكنها ما زالت مفتوحة على كل الاحتمالات.
