وصفة مجانية للسعادة... شاهد أفلام «استوديو غيبلي»

أفلام «غيبلي» يشاهدها الكبار قبل الصغار (استوديو غيبلي)
أفلام «غيبلي» يشاهدها الكبار قبل الصغار (استوديو غيبلي)
TT

وصفة مجانية للسعادة... شاهد أفلام «استوديو غيبلي»

أفلام «غيبلي» يشاهدها الكبار قبل الصغار (استوديو غيبلي)
أفلام «غيبلي» يشاهدها الكبار قبل الصغار (استوديو غيبلي)

يوم اجتاحت موجة صور «استوديو غيبلي» وسائل التواصل الاجتماعي قبل مدة، لم يكن الأمر مجرّد «ترند» عابر. والأسباب التي دفعت الناس إلى نشر صورهم على طريقة أبطال الرسوم المتحركة اليابانية الشهيرة، لم تنحصر برغبتهم في ركوب الموجة الرائجة. فللأمر أبعادٌ نفسية وعاطفية، إذ أيقظت تلك الملامح المرسومة بدقّة وذات الألوان الدافئة، نوستالجيا إلى زمن أمان الطفولة وأحلامها. كما ترجمَ ذاك التهافتُ على توليد الصور بواسطة الذكاء الاصطناعي، رغبةً في الهروب إلى مكان مثاليٍّ ساحر، حيث الإيجابية والتناغم هما الحاكمان.

وصلت موجة صور استديو غيبلي إلى قادة السياسة (إنستغرام)

انسجام ملهم

أعمقُ من صورةٍ يولّدها الذكاء الاصطناعي، يذهب أثر أعمال «استوديو غيبلي» على البشر. فوفق دراسة حديثة نشرتها «كلّية لندن الإمبراطورية»، تعزّز مشاهدة أفلام «غيبلي» الصحة النفسية والاتّزان العاطفي، وترفع منسوب السعادة والرضا والهدوء لدى البشر.

وجدت الدراسة الجامعية البريطانية أنه في صُلب معظم أفلام «غيبلي»، تكمن رسالة انسجام مُلهم، سواء كان ذلك العيش بسلام بين أحضان الطبيعة كما في فيلم «جاري توتورو» (My Neighbor Totoro)، أو إيجاد مكان وانتماء ضمن مجتمع جديد كما في فيلم «خدمة كيكي للتوصيل» (Kiki’s Delivery Service).

تمنح هذه المواضيع المُلهمة شعوراً عميقاً بالراحة النفسية، وتُذكّر المشاهدين بمتعة الحياة البسيطة وعجائبها الهادئة. يُضاف إليها ما تُبرزه قصص «غيبلي» من أمور خارقة للطبيعة وخارجة عن المألوف، تتداخل واليوميات العادية، ما يشجّع المشاهدين على اكتشاف متع صغيرة ولحظات سِحرٍ وجمال في روتينهم اليومي.

يوميات في الطبيعة حيث يمتزج العاديّ بالخارق في فيلم My Neighbor Totoro (استوديو غيبلي)

فضول ودهشة

أبطال «غيبلي» هم في غالبيّتهم صغار السن، مثل «ماهيتو» في «الصبي ومالك الحزين» (The Boy And The Heron)، و«شيهيرو» في «المخطوفة» (Spirited Away)، و«مي» و«ساتسوكي» في «جاري توتورو». يفعّل انفتاحهم على الاستكشاف وحماسهم تجاه بيئات جديدة الفضول لدى المشاهدين، صغاراً وكباراً. مع العلم بأنّ الجزء الأكبر من عشّاق «غيبلي» من البالغين.

يكفي الجلوس لساعة أو ساعتين أمام تلك الأعمال التي خطّت معظمَها ريشةُ المؤلّف والمخرج هاياو ميازاكي، حتى تتحرّك دهشة الطفولة. فبدلاً من التركيز على مشاهد «الأكشن» والإثارة والقتال الضخمة، تُفرد هذه الأفلام مساحاتها للّحظات الإنسانية البسيطة من دون أن يخلو الأمر من الفنتازيا. لكنّ السحر يكمن هنا في التفاصيل، حيث يضيء الأسلوب السردي على العجائب الصغيرة التي تزيّن الحياة اليومية، مُذكّراً المشاهدين بأن البطولة ليست دائماً في الإنجازات الملحميّة، بل في تقدير البساطة المحيطة بنا.

تحريك دهشة الطفولة حتى لدى البالغين أحد المكوّنات السرية لأفلام «غيبلي» (استوديو غيبلي)

طبيعة تتنفّس

يتعامل «استوديو غيبلي» مع الطبيعة على أنها شخصية أساسية في أفلامه. من أشجارها، وحقولها، وأنهارها، وغيومها، وحيواناتها، ينبثق السحر فتصبح تلك العناصر شريكاً في الحبكة الروائية وكأنها كائنات حيّة تتنفّس. تمجيد الطبيعة هذا، وهو سِمة يابانية عامة، يسهم في تهدئة عين المُشاهد ونَفسِه؛ لا سيما أن صورة «غيبلي» تتّسم بالنقاء، وبالشاعريّة، وبالخطوط الواضحة، وبالألوان الجذّابة.

ترتبط الطبيعة كذلك بروح المغامرة، ما يحفّز الجمهور بشكلٍ غير مباشر على احتضان التحديات واسترجاع حس الاستكشاف، الخارجي والداخلي على حدٍّ سواء. فمغامرة «شيهيرو» في «المخطوفة» ليست مجرّد رحلة إلى مكان غريب، إنما هي غوصٌ في الأعماق الروحية والنفسية.

فيلم Spirited Away حيث تتداخل عناصر الطبيعة بالمخلوقات الخيالية (استوديو غيبلي)

اللطف سلاح ضد الصعوبات

حتى عندما يواجهون صعوبات، كالمرض والوحدة والخسارة، يحافظ أبطال «غيبلي» على الأمل واللطف. كما «كيكي» في «خدمة كيكي للتوصيل»، حيث تخسر الكثير من قدراتها الخارقة في مواجهة تحديات الطبيعة والبشر، غير أنها لا تتخلّى عن عزمها على التحليق من جديد، كما أنها تعثر على الطيبة من خلال أشخاصٍ محيطين بها.

يشجّع هذا الأمر المشاهدين على التعامل بإيجابية مع الظروف الصعبة والتكيف معها سعياً وراء النموّ الذاتي. وغالباً ما تكون روايات «غيبلي» مدفوعة بأفعال التعاطف، مثل الجيران الذين يساعدون بعضهم البعض، والأرواح التي تقدم المساعدة، والغرباء الذين يصبحون أصدقاء. من دون المبالغة في توظيف المشاعر، تقدّم الأفلام بيئة آمنة ومريحة، تنعكس طمأنينةً لدى الجمهور.

استندت الدراسة إلى فيلم Kiki’s Delivery Service كنموذج أساسي يبث السعادة والراحة النفسية (استوديو غيبلي)

مشاعر مغلّفة بالحلم

في ظلال القطط الناطقة والجزر العائمة والمكانس الطائرة، تتناول أفلام «غيبلي» مشاعر حقيقية ومعقّدة. لكن السر يكمن في أن كل ذلك مُغلّف بحلم. وفي هذا الإطار، تؤكّد بعض الدراسات في مجال علم النفس، أنّ الخيال واللهو يساعدان على معالجة المشاعر الصعبة بطريقة أكثر أماناً.

في فن «غيبلي»، يواجه الأطفال الحرب في فيلم «قبر اليراعات» (Grave of the Fireflies)، والهجران في «المخطوفة»، والحزن في «عندما كانت مارني هناك» (When Marnie Was There)، لكن ذلك يحصل بأسلوب منمّق وحنون يُساعد الجمهور على التفاعل بدلاً من الانسحاب.

يخفّف الحلم والخيال من وطأة الحزن الذي يواجه الشخصيات (استوديو غيبلي)

لكل تلك الأسباب مجتمعةً، خلصت الدراسة البريطانية إلى أنّ أعمال «غيبلي» هي بمثابة علاجٍ نفسيّ على هيئة أفلام.

قائمة بأكثر أفلام «غيبلي» جماهيريةً

انطلق نشاط «غيبلي» السينمائي عام 1985، ومنذ 40 عاماً، ما زال الاستوديو الياباني ينتج الأفلام المدهشة وينافس على الجوائز العالمية.

* Spirited Away

شكّل عام 2002 محطة مفصليّة في مسيرة «غيبلي»، إذ حصد فيلم «المخطوفة» (Spirited Away) أوسكار أفضل فيلم رسوم متحركة. وكان العمل قد سبق أن خطف قلوب كل من شاهدوه حول العالم. يتميّز «Spirited Away» بالسرد البصري، وهو بمثابة تفريغٍ تصاعديّ للطاقة السلبيّة وحلحلة تدريجية للعقد النفسية وتنظيف لأرواح الشخصيات؛ ما يُشعر المُشاهد بأن هذا الارتقاء الروحيّ يلمسه شخصياً.

* My Neighbor Totoro

يروّج الفيلم لمواضيع المرونة والتأقلم والتعاطف مع الآخر واكتشاف الذات، التي يمكن أن تكون أداة فعّالة لتعزيز الذكاء العاطفي.

* Kiki’s Delivery Service

تتعلم الساحرة «كيكي» الاستقلالية وتجد هويتها الخاصة بعيداً عن قواها السحرية. تُذكّر رحلتها المشاهدين بأن قيمتهم لا تُحدَد بعملهم أو إنجازاتهم، وأنه لا بأس بالتمهل وإعطاء الأولوية للسعادة الشخصية.

* Ponyo

يُعَدّ «بونيو» فيلماً لطيفاً يمنح شعوراً بالهدوء والطمأنينة. تُعزز مُشاهدتُه التعاطف وتقديراً أكبر للحظات اليومية البسيطة وسط بيئة آمنة حتى وإن كانت خيالية.

يُعدّ «بونيو» من ألطف شخصيات «غيبلي» (استوديو غيبلي)

وللباحثين عن مزيدٍ من المغامرات البصريّة التي تمنح شعوراً بالسعادة الهادئة والرضا النفسي، يمكنهم مشاهدة فيلمَي «قصر هاول المتحرّك» (Howl’s Moving Castle)، و«صعود الرياح» (The Wind Rises).



استخدام تطبيقات المواعدة مرتبط بتدهور الصحة النفسية

الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)
الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)
TT

استخدام تطبيقات المواعدة مرتبط بتدهور الصحة النفسية

الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)
الاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة يرتبط بمشاكل نفسية (رويترز)

يستخدم الملايين من الأشخاص حول العالم تطبيقات المواعدة للعثور على شريك حياة. ورغم مزايا التطبيقات العديدة، كإمكانية تحديد شركاء محتملين عدة ودعوتهم للقاء، فإنها لا تُعدّ دائماً إيجابية للصحة النفسية، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية.

فالاستخدام المفرط لتطبيقات المواعدة، كالبحث لساعات عن الشريك المثالي، قد يرتبط بمشاكل نفسية. مع ذلك، لم تُجرَ حتى الآن دراسات نفسية شاملة حول هذا الموضوع، ولم تُدمج نتائجها بشكل منهجي لتحديد أنماط عامة تربط بين استخدام تطبيقات المواعدة والصحة النفسية.

دراسة جديدة

نُشرت مؤخراً دراسة تحليلية جديدة في مجلة «الحواسيب في السلوك البشري» الأكاديمية، تركز على سد هذه الفجوة المهمة في الدراسات النفسية المتعلقة بتطبيقات المواعدة. ودمج فريق البحث في هذه الدراسة التحليلية لتطبيقات المواعدة بيانات من 23 دراسة (نُشرت بين عامي 2007 و2024) حول تأثير هذه التطبيقات على الصحة النفسية. وشملت البيانات التي تم تحليلها بيانات أكثر من 26 ألف متطوع.

وأظهرت الدراسات التي تم تحليلها أشكالاً مختلفة من النتائج السلبية لتطبيقات المواعدة على الصحة العقلية، مثل الاكتئاب والقلق والوحدة والتوتر.

صحة نفسية أسوأ

أظهرت نتائج تحليل الدراسات أن مستخدمي تطبيقات المواعدة يعانون مشاكل نفسية أسوأ بشكل ملحوظ، بما في ذلك الاكتئاب والوحدة والقلق والضيق النَفْسِي، مقارنةً بمن لا يستخدمون هذه التطبيقات.

وأظهر مستخدمو تطبيقات المواعدة العزاب مشاكل نفسية أسوأ بشكل ملحوظ مقارنة بمستخدمي تطبيقات المواعدة من المرتبطين.

الحد من الاستخدام المفرط

ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان هذا التأثير ناتجاً من استخدام الأشخاص ذوي الصحة النفسية المتدهورة لتطبيقات المواعدة بشكل أكبر من الأشخاص السعداء، أو أن استخدام هذه التطبيقات يؤدي إلى مشاكل نفسية.

وعلى الأرجح، يحدث كلا الأمرين بدرجات متفاوتة. وهذا يُبرز ضرورة أن يضع مصممو تطبيقات المواعدة الصحة النفسية للمستخدمين في حسبانهم عند تصميم تطبيقاتهم، وفق «سيكولوجي توداي».

كما ينبغي على المستخدمين التفكير في الحد من الاستخدام المفرط لهذه التطبيقات والتركيز على التفاعلات الواقعية مع الأشخاص الذين التقوهم عبر التطبيق أو بطرق أخرى.


هل يُحسّن الجزر الصغير النوم؟ خبراء يعلقون على «ترند» بمواقع التواصل

يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)
يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)
TT

هل يُحسّن الجزر الصغير النوم؟ خبراء يعلقون على «ترند» بمواقع التواصل

يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)
يحتوي الجزر على فيتامين «سي» والحديد والمغنسيوم وهي عناصر ضرورية للنمو (بيكساباي)

انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مزاعم بأن تناول الجزر الصغير قبل النوم يُحسّن جودة النوم، لكن عِلم التغذية لا يدعم فكرة أن الجزر - أو أي طعام آخر - يُساعد على النوم.

والجزر الصغير من الخضراوات منخفضة السُّعرات الحرارية، وهو غني بالألياف والكربوهيدرات والبوتاسيوم وفيتامين ك والبيتا كاروتين، الذي يحوّله الجسم إلى فيتامين أ، وفقاً لوزارة الزراعة الأميركية.

وتلعب هذه العناصر الغذائية أدواراً معروفة في الصحة العامة، لكن لا تُصنّفها الهيئات الصحية الفيدرالية على أنها تُساعد على النوم عند تناولها ليلاً، وفق ما أفادت شبكة «فوكس نيوز» الأميركية.

ومع ذلك، يُساعد التركيب الغذائي للجزر في تفسير سبب انتشار الحديث عنه على الإنترنت، إذ تقول جيسيكا ماك، خبيرة الصحة في نيويورك: «ينبع هذا الاعتقاد من العناصر الغذائية التي يحتويها الجزر وعلاقتها بتنظيم النوم».

وعلى الرغم من الادعاءات المتداولة على الإنترنت، لا توجد أدلة تُثبت أن الجزر يُحسّن النوم بشكل مباشر. ويقول خبراء التغذية واختصاصيو النوم إن تناول وجبات كبيرة أو دسمة قبل النوم مباشرة قد يُؤثر سلباً على النوم، مُسبباً شعوراً بعدم الراحة أو عسر الهضم. قد تكون الوجبات الخفيفة أسهل هضماً لبعض الأشخاص، لكن استجابة كل فرد تختلف.

وجدت الدراسات ارتباطاً بين زيادة تناول الفاكهة والخضراوات، وزيادة استهلاك الألياف، وتحسين جودة النوم، لكن هذه النتائج تعكس جودة النظام الغذائي بشكل عام، وليس التأثيرات المباشرة لتناول وجبة خفيفة قبل النوم.

وتقول الخبيرة ماك: «الجزر ليس من مُساعِدات النوم، ولا يوجد دليل قاطع على أن تناول الجزر الصغير وحده يُساعد على النوم أسرع». وأضافت أن أي فائدة مُحتملة ستكون غير مباشرة، وأردفت: «يُمكن أن يُساعد الجزر بشكل غير مباشر على النوم عند تناوله بصفته جزءاً من وجبة عشاء مُتوازنة. فقد تُساعد الألياف والكربوهيدرات الطبيعية الموجودة فيه على استقرار مُستويات السكر بالدم طوال الليل، مما قد يُقلل اضطرابات النوم لدى بعض الأشخاص. ومن المُرجّح أن تكون أي فائدة طفيفة وداعمة وليست فورية أو ملحوظة».

وقد خضعت بعض الأطعمة لدراسات مُعمّقة حول علاقتها بالهرمونات والنواقل العصبية المُتعلّقة بالنوم. ووفقاً لماك، فإن الأطعمة التي تحتوي على التربتوفان أو المغنسيوم أو المركبات التي تدعم إنتاج الميلاتونين قد يكون لها ارتباط أقوى بالنوم.

وقالت ماك: «الجزر الصغير غني بالعناصر الغذائية، وسعره مناسب، وسهل التناول، كما أنه يدعم صحة العين، ووظائف المناعة، وصحة الجلد، بفضل محتواه من البيتا كاروتين».

وأشارت الخبيرة إلى أمثلة تشمل الزبادي والحليب والمكسرات والبذور والشوفان والموز والكيوي والكرز والحبوب الكاملة، ولاحظت أن «تناول الكربوهيدرات مع البروتين على العشاء أو كوجبة خفيفة مسائية يُسهم في تحسين جودة النوم، من خلال دعم إنتاج السيروتونين وتوازن سكر الدم».


«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)
إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)
TT

«إميلي» تعثَّرت في روما فمدَّت لها باريس حبل الإنقاذ

إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)
إميلي تتنقّل بين روما وباريس في الموسم الخامس من المسلسل (نتفليكس)

ولَّى زمن الاندهاش أمام سطحيِّة الحبكة وخفَّة الأحداث في «Emily in Paris» (إميلي في باريس). بعد خمسة مواسم من الإبهار البصري والتركيز على الجماليَّات على حساب القصة، بات من الممكن التغافل عن أسباب الانتقاد. فهوية المسلسل صارت معروفة، مزيجٌ من الحكايات اللطيفة المحفِّزة على الحلم والصالحة لتمرير الوقت، تزيِّنها أزياء فائقة الأناقة والجرأة، وأهم ما في خلطة المسلسل الكثير من الأهداف التسويقية.

في موسمه الخامس الذي حلَّ قبل أيام على منصة «نتفليكس»، بدا مسلسل «Emily in Paris» أشبه بإعلان ترويجيّ طويل لعددٍ لا يُحصى من العلامات التجارية. من دُور الأزياء الإيطالية، مروراً بمستحضرات التجميل الفرنسية، وليس انتهاءً بأسماء معروفة من منتجات القهوة والكحول. وكأنّها احتفاليّة لرُعاةٍ تجاريين موَّلوا رحلة (إميلي) من باريس إلى روما.

الشابة الأميركية التي أحدثت إطلالتها ضجّة عالمية في الموسم الأول، نقلت مقرّ إقامتها من العاصمة الفرنسية حيث بدأت مغامرتها عام 2020، إلى روما. لحقت بالحب المتمثّل بالشاب الإيطالي مارتشيللو موراتوري، وبطموحها المهني لتسلُّم الفرع الإيطالي من شركة التسويق حيث تعمل. لكن كالعادة، صاحبة الشركة المتغطرسة (سيلفي غراتو) تقف لإميلي بالمرصاد، فهي وفريقها انتقلوا جميعاً إلى روما لاستكمال مجريات القصة هناك.

بشعرٍ قصير وتسريحاتٍ جريئة تكمّلها جرأة الملابس، تطلّ إميلي على معجبيها وهُم كثُر. لا بدّ من الاعتراف بأنّ أداء الممثلة ليلي كولنز اكتسب مزيداً من النضج والقدرة على الإقناع مع مرور المواسم. غير أنّ مناخ روما لم يلائم المسلسل كثيراً، رغم توظيف عناصر الجاذبيّة كافةً؛ من جمال المدينة بأبنيتها التاريخية ومعالمها الأثرية وساحاتها الصاخبة، مروراً بالمائدة الإيطالية بما فيها من باستا وأطباقٍ ملوّنة شهية، وليس انتهاءً بأناقة الإيطاليين ولُطفهم.

مارتشيللو موراتوري حبيب إميلي الإيطالي (نتفليكس)

يتّضح منذ البداية أن المسلسل لم يجد لنفسه حبكة يوحّد بها بنيته الدرامية، ما يعرّض الإيقاع للرتابة والمُشاهد للشرود، لولا أدوات الزينة وهي كثيرة. من بينها على سبيل المثال صديقة إميلي (ميندي تشن)، العائدة بحيويّتها وصوتها الساحر وأغانيها التي لا تغيب عن أيٍ من الحلقات العشر. وتنضمّ إلى أسرة المسلسل الممثلة المخضرمة ميني درايفر بشخصية (الأميرة جاين) الغارقة وزوجَها الأمير الإيطالي في الإفلاس، فتحاول الاستفادة من صداقتها مع سيلفي غراتو للترويج لنفسها ولقَصرها وجَمع بعض المال.

انضمام الممثلة ميني درايفر إلى أسرة «إميلي في باريس» (نتفليكس)

تترافق البنية الدرامية المترنّحة واهتزاز قصة الحب بين إميلي ومارتشيللو، ما يستدعي عودةً سريعة إلى باريس. كالسمكة التي رجعت إلى الماء، يتنفّس المسلسل بعض الصعداء في موطنه الطبيعي. تمدّ باريس حبل الإنقاذ إلى إميلي ورفاقها، فبدءاً من الحلقة الخامسة يسترجع المسلسل جزءاً من مزاجه المعهود.

يتسارع إيقاع الأحداث قليلاً فتُمتَحن الصداقة ما بين إميلي وميندي، كما تختبر البطلة قدرتها على منح فرصٍ ثانية لمَن خذلوها. أما سيلفي، فيعود جزءٌ من ماضيها ليُضفي بعض الإثارة والتشويق. غير أنّ معظم الحبكات الفرعية تعاني من البَتر، لا سيما تلك التي تبرز في الحلقة السادسة حيث تزور إميلي السفارة الأميركية في باريس وتتعرف على أحد الموظفين هناك.

تخضع الصداقة بين إميلي وميندي لامتحان في هذا الموسم (نتفليكس)

وحدَه الثابت والعائد أبداً إلى حياة إميلي (الشيف غابرييل)، حبُّها الباريسي الأول. فرغم التغييرات الكثيرة التي تطرأ على حياته في هذا الموسم، تعود به الطريق دوماً إليها. مثلُه مثلُ مشاهدي المسلسل، الذين وإن علموا بهفواته وخفّته أحياناً، فإنهم أوفياء لمُشاهدة أيِ موسمٍ جديدٍ منه.

إلى جانب إميلي، يقف مارتشيللو داخل دائرة الضوء في هذا الموسم. فإذا كانت ثمة حبكة ما في المسلسل، هي تدور حوله. من علاقته بعائلته الثرية، وإرث والده مصمم الأزياء، مروراً بمشاعره تجاه إميلي، وصولاً إلى مستقبله المهني. نرى إميلي تضع اهتماماتها الشخصية جانباً من أجل الدفع بحبيبها إلى الأمام. يبدو وكأن الجميع يتجرّأ على اقتناص فرصٍ جديدة باستثناء إميلي، المتشبّثة بكرسيّها الباريسي داخل شركة سيلفي غراتو.

العودة إلى باريس تعيد للمسلسل بعض إشراقته (نتفليكس)

لعلَّ الرسالة الوحيدة التي يتضمنها المسلسل والتي تبعث على التفكير قليلاً، هي تلك الجرأة التي تتسلّح بها بعض شخصياته للتخلِّي عن الماضي وابتكار حياة جديدة. يغادر الشيف غابرييل مطعمه الباريسي ليعمل طاهياً على متن يختٍ خاص برجل أعمال نافذ. أما (نيكو)، حبيب ميندي، فيترك إمبراطورية والده للأزياء ليؤسس عمله الخاص بالشراكة مع مارتشيللو. حتى (سيلفي) التي تجاوزت سنّ المجازفة، تمتد إليها العدوى فتطلب الطلاق من زوجها.

كما أنّ لفترة أعياد نهاية السنة سحرها الخاص، كذلك لمسلسل «Emily in Paris»، وقد اختارت «نتفليكس» التوقيت الأذكى للعَرض.

لا توحي نهاية الموسم الخامس بأنه سيكون الأخير في السلسلة (نتفليكس)

قبل أيام من انطلاق الموسم الخامس، دخل مؤلِّف المسلسل الكاتب والمخرج الأميركي دارن ستار إلى قصر الإليزيه مكرّماً. هناك، قدّم له إيمانويل ماكرون وسام جوقة الشرف، وهو أعلى تكريم في فرنسا. توجَّه الرئيس الفرنسي إلى الضيف قائلاً: «لقد جعلت فرنسا تلمع حول العالم»، في إشارةٍ إلى الدور الذي لعبه «Emily in Paris» في التسويق للسياحة والمطاعم والأزياء في باريس. مع العلم بأن السيدة الفرنسية الأولى، بريجيت ماكرون، كانت لها إطلالة خاطفة في الموسم الرابع من المسلسل.