مكتب الإفتاء بسلطنة عُمان: أساليب المتطرفين تطورت بصورة لم نعرفها من قبل

أكد لـ {الشرق الأوسط} أن فتاوى التكفير أساس المشكلات التي نواجهها

مكتب الإفتاء بسلطنة عُمان: أساليب المتطرفين تطورت بصورة لم نعرفها من قبل
TT

مكتب الإفتاء بسلطنة عُمان: أساليب المتطرفين تطورت بصورة لم نعرفها من قبل

مكتب الإفتاء بسلطنة عُمان: أساليب المتطرفين تطورت بصورة لم نعرفها من قبل

قال الشيخ أحمد بن سعود السيابي، أمين عام مكتب الإفتاء بسلطنة عُمان، إن أساليب المتطرفين تطورت بصورة لم نعرفها من قبل، مضيفا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في مؤتمر تأسيس الأمانة العامة لهيئات الإفتاء في العالم بمصر، أن الفتاوى التكفيرية والشاذة هي أساس المشكلات التي يواجهها العالم الإسلامي الآن، وأن تشكيل تجمع عالمي للإفتاء بمصر، يهدف إلى حصار ظاهرة تصدي غير المؤهلين للفتوى وتفكيك مصدرها من البداية.
وعقدت دار الإفتاء المصرية مساء أول من أمس، اجتماعا مغلقا مع 25 مفتيا وعالما من عدد من الدول من بينها الإمارات وسلطنة عُمان والسعودية ونيجيريا، لمناقشة وإقرار اللائحة التنفيذية للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، والتي جاء إنشاؤها كأول تنفيذ لتوصيات المؤتمر العالمي للإفتاء الذي عقدته الدار في أغسطس (آب) الماضي برعاية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ولفت الشيخ السيابي إلى أنه كان لا بد من الالتفاف سويا كمفتيين لتأسيس أمانة عامة للإفتاء للبحث عن مخرج للمشكلات التي يواجهها العالم الإسلامي والمتمثلة في إصدار الفتاوى الشاذة والتكفيرية. وأضاف: «حاولنا جاهدين التصدي لكل المندسين في مجال الفتوى»، مؤكدا أن تشكيل أمانة عامة لدور الإفتاء لتكون منظمة دولية متخصصة تقوم بالتنسيق بين الجهات العاملة في مجال الإفتاء في جميع أنحاء العالم، بهدف نشر وسطية الإسلام وسماحته ورفع كفاءة الأداء الإفتائي لهذه الجهات كُلا في بلده بزيادة فاعليتها في مجتمعاتها، فضلا على التنسيق بين دور الإفتاء لبناء تكتل إفتائي وسطي علمي منهجي، يمثل سمات الشخصية الإسلامية في الاعتدال ويعمل على التصدي لغير المؤهلين للإفتاء، ومن ثم القضاء على هذه الظاهرة من خلال ابتكار حلول غير تقليدية للتعامل معها وتفكيك مصدرها من البداية بتجمع عالمي في الإفتاء.
وتابع بقوله: إن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم سوف تعمل على بناء استراتيجيات مشتركة بين دور وهيئات الإفتاء، لطرح خطاب إفتائي علمي متصل بالأصل ومرتبط بالعصر، لمواجهة التطرف في الفتوى، فضلا عن وضع معايير لوظيفة الإفتاء وكيفية إصدار الفتاوى مما يسهم في ضبط الإفتاء، وتعزيز التعاون المثمر بين دور وهيئات الإفتاء في العالم بالوسائل الممكنة، وبناء الكفاءات الإفتائية وتأهيلهم من خلال تراكم للخبرات المتنوعة للدول الأعضاء.
وأضاف الشيخ السيابي أن مشكلات التطرف والإرهاب التي زادت بصورة مبالغ فيها من حيث نوعيته وأساليبه بطريقة لا يعرفها الإسلام من قبل، مشيرا إلى مشاهد وصور الفظاعة في ارتكاب الجرائم والغلظة في إصدار الأحكام على المسالمين التي تقوم بها التنظيمات المتطرفة. وقال الشيخ أحمد بن سعود السيابي: إن الفتوى بطبيعتها فيها مرونة، بحيث تتغير بتغير الزمان والمكان فلكل مجتمع خصوصيته، بحيث لا يأتي مفت من بلد معين ليفتي في دولة أخرى حتى لا يحدث تضارب في الفتاوى. كما أوضح أن الارتقاء بالفتوى يحدث بتكاتف العلماء ورجال الدين في توضيح مصادر الفتوى وتوقيتها والقائم عليها، فضلا عن بيان خطورة الفتوى على الأفراد والمجتمعات وانعكاس تأثيرها على مصالح البلاد والعباد في العيش بمستوى راق يقدر قيمة الإنسان، حتى تكون الفتوى أحد عوامل التنمية والتحضر للإنسانية.
وعن كيفية وقف إراقة الدماء في الدول الإسلامية، قال السيابي «بداياتها قد تكون لها خلفيات وتدخلات خارجية، لكن إيقافها يتوقف على الدول والمجتمعات، وربما على الفكر نفسه - إن صدقنا التعبير، وعن الحوار بين الجميع»، لافتا إلى أنه على علماء الأمة التعاون لبيان حقيقة الإسلام الذي ينبذ العنف والتطرف ويدعو إلى التسامح. وأضاف: لا بد أن يحترم كل واحد مذهب الآخر ويحترم دينه، فالاختلاف قد يحدث، وحدث بالفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، لكن كل شخص كان يعرف حدوده بشكل طيب (...) فالخلاف في الرأي مقبول.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.