اجتمع كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع مفاوضي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في «هالانديل بيتش» بولاية فلوريدا الأحد، في محاولة لدفع جهود إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية. ويُعوّل الأميركيون على إحراز تقدّم، تمهيداً لمحادثات مقررة الثلاثاء في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وبحث وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، والمبعوث الرئاسي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، تفاصيل إطار مقترح للسلام مع الوفد الأوكراني، بهدف وضع اللمسات الأخيرة على تفاهمات الخطة الأميركية لتكون «أكثر قبولاً» لدى كييف. وقاد الوفد الأوكراني وزير الدفاع السابق رستم عمروف، غداة استقالة رئيس مكتب زيلينسكي وأبرز مساعديه أندريه يرماك، على خلفية فضيحة فساد هزّت أركان الرئاسة الأوكرانية.
The meeting between the Ukrainian delegation and the American side on steps toward achieving a just peace has already begun in the United States.I remain in constant contact with the President of Ukraine. We have clear directives and priorities: safeguarding Ukrainian... pic.twitter.com/jUYBoVpLVq
— Rustem Umerov (@rustem_umerov) November 30, 2025
وقال عمروف في منشور على «إكس»، الأحد: «لدينا توجيهات وأولويات واضحة: حماية مصالح أوكرانيا، وضمان حوار جوهري، والمضي قدماً على أساس التقدم الذي تم إحرازه في جنيف». وأضاف: «نعمل على تأمين سلام حقيقي لأوكرانيا وضمانات أمنية موثوقة وطويلة الأمد». من جانبه، توقّع وزير الخارجية الأميركي إحراز تقدّم في المحادثات، عادّاً أن «الأمر لا يقتصر على اتفاقيات السلام فقط. بل يتعلق بخلق مسار مستقبلي يحافظ على سيادة أوكرانيا واستقلالها وازدهارها، ولهذا نتوقع إحراز مزيد من التقدم اليوم».
«نهج بنّاء»
يركز الدبلوماسيون على تعديلات خطة ترمب المؤلفة من 28 بنداً، التي تم تطويرها في مفاوضات بين واشنطن وموسكو. وواجهت الخطة انتقادات حادّة من كييف وبروكسل ولندن، وحتى من داخل واشنطن، لكونها منحازة إلى المطالب الروسية.

وكانت تنص في البداية على تنازل أوكرانيا عن كامل منطقة دونباس لروسيا، وهو ما يمثل عقبة رئيسية بالنسبة لكييف. كما تفرض الخطة قيوداً على حجم الجيش الأوكراني، وتمنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتتطلب إجراء انتخابات خلال 100 يوم. وأشار المفاوضون إلى أن الإطار قد تغير، دون أن يتّضح كيف تم تعديل بنوده.
ومن المتوقّع أن يتوجّه مفاوضون أميركيون إلى موسكو الثلاثاء، عقب الاتفاق على إطار جديد مع الأوكرانيين في ميامي. وقال ترمب إنه سيرسل ويتكوف، وربما كوشنر، إلى موسكو للقاء بوتين بشأن الخطة. وقد كان الاثنان أيضاً وراء المقترح من 20 نقطة الذي أدّى إلى وقف إطلاق نار في غزة.
The Ukrainian delegation should already be in the United States by this evening, U.S. time. The dialogue based on the Geneva points will continue. Diplomacy remains active. The American side is demonstrating a constructive approach, and in the coming days it is feasible to flesh... pic.twitter.com/7eZC5c776w
— Volodymyr Zelenskyy / Володимир Зеленський (@ZelenskyyUa) November 29, 2025
من جانبه، كتب زيلينسكي على منصة «إكس» أن الوفد الأوكراني سيعمل «بسرعة وبشكل جوهري على وضع الخطوات اللازمة لإنهاء الحرب». وفي خطابه المسائي، قال زيلينسكي إن الجانب الأميركي «يُظهر نهجاً بناءً». وأضاف: «في الأيام المقبلة من الممكن تحديد الخطوات اللازمة لمعرفة كيفية إنهاء الحرب».
استمرار الهجمات
في الوقت الذي تكتسب الجهود الدبلوماسية زخماً، لا يزال القتال نشطاً على الجبهات، فيما تستمرّ الهجمات الجوية الروسية على المدن الأوكرانية.

وقُتل ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص، وأصيب العشرات، نتيجة هجمات روسية بالطائرات المسيّرة والصواريخ في العاصمة الأوكرانية كييف ومحيطها السبت، حسبما قال المسؤولون. كما قُتل شخص وأصيب 19 آخرون، بينهم أربعة أطفال، ليلة الأحد، بعد أن أصابت طائرة مسيّرة مبنى سكنياً مكوناً من تسعة طوابق في مدينة فيشهورود في منطقة كييف، بحسب المسؤولين المحليين. وفي منشور على «تلغرام»، الأحد، قال زيلينسكي إن روسيا هاجمت بلاده بـ122 طائرة مسيّرة وصواريخ باليستية. وأضاف: «تحدث هذه الهجمات يومياً. هذا الأسبوع فقط، استخدم الروس ما يقرب من 1400 طائرة مسيّرة هجومية، و1100 قنبلة جوية موجهة، و66 صاروخاً ضد شعبنا. ولهذا، يجب علينا تعزيز صمود أوكرانيا كل يوم. الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي ضرورية، ويجب أيضاً أن نعمل بنشاط مع شركائنا من أجل السلام». وختم بالقول: «نحن بحاجة إلى حلول حقيقية وموثوقة تساعد على إنهاء الحرب».
استهداف «أسطول الظل»
قبل ساعات من مغادرة الوفد الأوكراني إلى واشنطن، توقّفت العمليات في أحد أكبر مواني النفط الروسية بعد هجوم بزوارق مسيّرة. ووصف كونسورتيوم خط أنابيب بحر قزوين (كاسبيان بايبلاين كونسورتيوم) الذي يضم شركتي النفط الأميركيتين الكبريين «إكسون موبيل» و«شيفرون» ويملك المنشأة، الضربة بأنها «هجوم إرهابي».

ولم تعلّق أوكرانيا على الحادثة، علماً بأنها تستهدف مراراً منشآت الطاقة الروسية على أمل استنزاف خزينة الحرب التابعة لموسكو. ويعد خط الأنابيب التابع لـ«كونسورتيوم خط أنابيب بحر قزوين» الذي يبدأ في كازاخستان وينتهي عند الميناء المستهدف، أساسياً لنقل النفط من كازاخستان، كما أنه من بين الأكبر في العالم، إذ يدير نحو واحد في المائة من إمدادات النفط العالمية. لكنّ مصدراً أوكرانياً أعلن مسؤولية كييف عن هجوم على ناقلتي نفط في البحر الأسود، يشتبه بأنهما ضمن أسطول الظل الروسي الذي تستخدمه موسكو للالتفاف على العقوبات الغربية. وهزّت انفجارات الناقلتين «فيرات» و«كايروس» اللتين كانتا فارغتين قبالة الساحل التركي الجمعة، وفق ما أعلنت وزارة النقل التركية. وذكرت الوزارة أن إحداهما استُهدفت مجدداً صباح السبت. وقال مصدر في جهاز الأمن الأوكراني لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن مسيّرات بحرية من طراز «سي بيبي استهدفت المركبين بنجاح». وشارك المصدر تسجيلاً مصوّراً يظهر على حد قوله المسيّرات البحرية وهي تتجه نحو السفينتين، مسببة الانفجارات.
