سجّل المغربي الشاب سمير مرابط باكورة أهدافه الاحترافية عندما قاد فريقه ستراسبورغ الفرنسي للفوز على كريستال بالاس الإنجليزي، الخميس، ضمن مسابقة «كونفرنس ليغ» 2 - 1؛ مما سلّط الأضواء أكثر فأكثر على النجم اليافع.
«سمير مرابط... سمير مرابط!»... هكذا صدح زميله الهولندي إيمانويل إيميغا خلال مروره في المنطقة المختلطة. ورغم أن الاخير هزّ أيضاً شباك كريستال بالاس في أمسية الخميس، فإنه كان واضحاً تماماً من هو رجل المباراة بالنسبة إليه، على غرار العاجي عبدول واتارا الذي كان قبل دقائق يوثّق بهاتفه لحظة ظهور ابن العشرين ربيعاً أمام وسائل الإعلام.
وقال مرابط، لاعب الوسط الدفاعي الذي مدد عقده مع ستراسبورغ حتى 2030، بعد المباراة: «هذا الهدف محفور في ذهني. إنه مصدر فخر كبير لي أن أسجّل أول هدف في مسيرتي، خصوصاً في ملعب (لامينو)، وفوق ذلك في مسابقة أوروبية».
بعد متابعته بنجاح الركلة الحرّة المباشرة التي نفّذها الباراغوياني خوليو إنسيسو وارتدت من العارضة في الدقيقة الـ77، وبلمسة بسيطة بباطن القدم، منح مرابط فريقه فوزاً ثميناً وضعه بالمركز الثاني في دور المجموعة الموحدة بعد مرور 4 جولات.
ينحدر من حي سيتي دي ليل، أحد الأحياء الشعبية في ستراسبورغ، وقد اكتُشف وهو في التاسعة والنصف من عمره على يد نور الدين آيت مولود، المستشار الفني الإقليمي في «رابطة غراند إيست»، وذلك خلال حصص «مركز التطوير الفني» المخصّصة لفئة من هم دون 13 عاماً، التي تُقام داخل الأحياء.
يتذكّر آيت مولود صورة فتى كان يعود إلى كل حصة تُقام في ذلك الحيّ، رغم أنّه لم يكن مدعواً إليها لصغر سنّه: «لم يكن من المفترض أن يكون هناك، لكنه امتلك مهارة عالية وتنسيقاً لافتاً جعلانا ندمجه مع المجموعة».
وبطبيعة الحال، وصلت المعلومة إلى نادي ستراسبورغ الذي انضمّ إليه في سن العاشرة. إلا إنه لم ينجح لاحقاً في تخطي المرحلة التالية من «برنامج التطوير»، إذ عُدّ آنذاك «غير مدرك إمكاناته».
المفارقة أن مرابط انتقل لاحقاً إلى لعبة «كرة القدم داخل القاعة (فوتسال)»، حيث اكتشفه باتريك فايس، المستشار الفني الإقليمي في «رابطة الألزاس» والمسؤول عن تطوير اللعبة.
يقول فايس: «اجتاز باقتدار اختبار الالتحاق في (مركز بول فرنس ليون). خلال السنة الأولى، كان يجمع بين اللعب في الـ(فوتسال) خلال الأسبوع وكرة القدم في عطلة نهاية الأسبوع. وفي السنة الثانية، تفرّغ كلياً لـ(فوتسال). وعندما بلغ فئة تحت 16 عاماً، أصبح عضواً في منتخب فرنسا تحت 19 عاماً».
لكن موهبة مرابط كانت تحنّ دائماً إلى المستطيل الأخضر. ورغم أن عالم الاحتراف في الـ«فوتسال» شرّع له أبواب اللعب في إسبانيا، لكنه فضّل أن يمنح نفسه فرصة جديدة مع نادي ستراسبورغ.
وفي عام 2022، منحَه النادي في نهاية المطاف «بطاقة هاوٍ في البداية» مع فريق تحت 19 عاماً ضمن البطولة الوطنية.
يشرح مدرّبه ريجيس آرنولد الذي سهّل عودته، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «قرّرت أن أشركه أساسياً في كل مباراة، لكن كان بيننا اتفاق: أردت أن أراه يدخل صلب مجريات اللعب، ويستعيد الكرات، ويركض، ويتقدّم، ويهاجم المرمى. كان الأمر صعباً في البداية، لكنه بذل الجهد اللازم للعودة».
وبعد انطلاقة متجددة، لم يعد مرابط يتردد أمام متطلبات المستوى العالي، مواصلاً مسار تكوينه بمزيج خبراته الفريدة، على غرار المهاجم وسام بن يدر الذي جاء أيضاً من عالم الـ«فوتسال» قبل أن يسطع نجمه في تولوز (2010 - 2016).
ويوضح فايس، الذي يشغل أيضاً منصب المدرب المساعد لمنتخب فرنسا تحت 21 عاماً في الـ«فوتسال»: «ساهم (مركز بول فرنس) في تطوير إبداعه. فقد عمل مع رافاييل رينو (مدرب منتخب فرنسا للفوتسال) على المراوغات الفردية والثنائية. ويشبه مشروع اللعب الذي يطبقه (مدربه الحالي في ستراسبورغ)، ليام روزينيور، إلى حد كبير أسلوب الـ(فوتسال)، مع حارس متحرك، وشراكات ثنائية وثلاثية، ولعب تحت الضغط».
لحسن حظ مرابط أن المدرب الإنجليزي روزينيور أدرك طريقة لعبه جيداً... فرغم حملة التعاقدات الصيفية الضخمة للنادي (بين 120 و130 مليون يورو وفق تقارير إعلامية)، خاض مرابط، لاعب منتخب المغرب تحت 20 عاماً (9 مباريات دولية)، جميع مباريات فريقه في الدوري حتى الآن: 8 منها أساسياً، تماماً مثل الدوليين الأرجنتينيين فالنتين باركو وخواكين بانيشيلي.

