شهادة من قلب حصار غزة... مؤرخ يوثق دعم إسرائيل للصوص قوافل المساعدات

فلسطينيون يسيرون وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
TT

شهادة من قلب حصار غزة... مؤرخ يوثق دعم إسرائيل للصوص قوافل المساعدات

فلسطينيون يسيرون وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الدمار الذي خلفه الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي على مدينة غزة (أ.ب)

كشف المؤرخ جان-بيير فيليو، الذي قضى أكثر من شهر في غزة بنهاية العام الماضي، عن أنه شاهد دليلاً مقنعاً للغاية على أن إسرائيل دعمت اللصوص الذين هاجموا قوافل المساعدات خلال الصراع، بحسب صحيفة «الغارديان».

وجان-بيير فيليو، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة العلوم السياسية البارزة Sciences Po في فرنسا، دخل غزة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي حيث استضافته منظمة إنسانية دولية في المنطقة الساحلية الجنوبية المواصي.

دخول غزة رغم القيود الإسرائيلية

ومنعت إسرائيل وسائل الإعلام الدولية والمراقبين المستقلين من دخول غزة، لكن فيليو تمكن من تجاوز التدقيق الإسرائيلي الصارم. وغادر بعد وقت قصير من دخول الهدنة المؤقتة الثانية حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني). وقد نُشر كتابه «مؤرخ في غزة» بالفرنسية في مايو (أيار)، وبالإنجليزية هذا الشهر.

شاحنات المساعدات تستعد لعبور معبر رفح من الجهة المصرية لدخول قطاع غزة (أ.ب)

إسرائيل دعمت اللصوص

في الكتاب، يصف فيليو هجمات الجيش الإسرائيلي على عناصر الأمن المكلفين بحماية قوافل المساعدات، مما سمح للصوص بالاستيلاء على كميات كبيرة من الطعام والإمدادات الموجهة للفلسطينيين الذين كانوا في حاجة ماسة إليها. وأشارت وكالات الإغاثة الدولية إلى أن أجزاء من غزة كانت مهددة بالمجاعة في ذلك الوقت.

وكالات الأمم المتحدة أكدت حينها لتقارير إعلامية تدهور الأمن والنظام في غزة منذ أن بدأت إسرائيل تستهدف ضباط الشرطة الذين كانوا يحرسون قوافل المساعدات، حيث اعتبرت إسرائيل الشرطة في قطاع غزة، الذي تديره حركة «حماس» منذ 2007، جزءاً من التنظيم المسلح.

ووصف فيليو حادثة وقعت بالقرب من المنطقة التي أقام فيها في المواصي في خان يونس، عندما قررت الأمم المتحدة تجربة مسار جديد لقوافل المساعدات بعد أسابيع من الهجمات المستمرة من قبل المجرمين المحليين، والميليشيات، والأشخاص اليائسين.

كانت هناك 66 شاحنة تحمل الطحين، وطروداً صحية متجهة غرباً من نقطة تفتيش كريم شالوم الإسرائيلية على طول الممر الحدودي مع مصر، ثم شمالاً على الطريق الساحلي الرئيس، وفقاً لفيليو.

حاولت «حماس» تأمين القافلة، فقامت بتجنيد عائلات محلية قوية لتوفير حراس مسلحين على طول الطريق، لكن القافلة سرعان ما تعرضت لإطلاق النار.

وكتب فيليو: «كان ذلك في ليلة، وكنت على بعد مئات الأمتار فقط... وكان واضحاً جداً أن الطائرات الإسرائيلية الرباعية (Quadcopters) كانت تدعم اللصوص في الهجوم على فرق الأمن المحلية».

وقتل الجيش الإسرائيلي، وفق فيليو، اثنين من الشخصيات المحلية البارزة وهما جالسان في سيارتهما مستعدين لحماية القافلة، وتمت سرقة عشرين شاحنة. وقد اعتبرت الأمم المتحدة خسارة ثلث القافلة تحسناً نسبياً مقارنة بما حدث للقوافل السابقة.

نازحون يحاولون الحصول على وجبة طعام من مطبخ خيري في خان يونس جنوب قطاع غزة يوم 31 أكتوبر 2025 (إ.ب.أ)

وأوضح فيليو أن «المنطق الإسرائيلي كان يهدف إلى تشويه صورة (حماس) والأمم المتحدة في ذلك الوقت، والسماح لعملاء إسرائيل، أي اللصوص، بإعادة توزيع المساعدات لتوسيع شبكات دعمهم، أو بيعها للحصول على أموال نقدية، وعدم الاعتماد حصرياً على الدعم المالي الإسرائيلي».

إسرائيل نفت

ونفى المسؤولون الإسرائيليون هذه الاتهامات. وقال متحدث باسم الجيش إن الطائرة الإسرائيلية التي وردت في وصف فيليو نفذت ضربة دقيقة على مركبة كان بداخلها مسلحون خططوا لتحويل المساعدات الإنسانية إلى مخازن «حماس»، والسيطرة على شاحنة مساعدات في منطقة دير البلح.

وقال المتحدث: «تمت الضربة لضمان إصابة الإرهابيين مع تجنب الإضرار بالمساعدات. تواصل قوات الدفاع الإسرائيلية عملياتها ضد (حماس) وتبذل كل ما في وسعها لتقليل الأذى عن المدنيين غير المعنيين، وستستمر أيضاً بالعمل وفق القانون الدولي لتمكين تسليم المساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة».

اتهامات مماثلة من الأمم المتحدة

وتتوافق اتهامات فيليو مع ما أشار إليه بعض مسؤولي الإغاثة في ذلك الوقت. إذ وصفت مذكرة داخلية للأمم المتحدة دعم إسرائيل لبعض العصابات المسؤولة عن النهب في غزة بأنه «تسامح سلبي، إن لم يكن إيجابياً».

كما اتهم فيليو القوات الإسرائيلية بمهاجمة مسار جديد افتتحته منظمات إغاثية دولية لتجنب مناطق النهب، وقال فيليو لـ«الغارديان»: «برنامج الغذاء العالمي كان يحاول إنشاء طريق بديل للطريق الساحلي، وقامت إسرائيل بقصف منتصف الطريق... كانت محاولة متعمدة لإخراجه عن العمل».

ورفضت إسرائيل، التي فرضت قيوداً مشددة أو حتى حصاراً كاملاً على دخول المساعدات إلى غزة خلال الحرب، مزاعم أنها أعاقت المساعدات عمداً، أو دعمت اللصوص. ومع ذلك، اعترف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل ساعدت قوات شعبية، وهي ميليشيا مضادة لـ«حماس» تضم العديد من اللصوص بين منتسبيها.

واتهمت إسرائيل «حماس» مراراً بسرقة المساعدات بشكل منهجي لتوفيرها لقواتها، أو جمع الأموال للعمليات السياسية، أو العسكرية، بينما نفت «حماس» هذه الاتهامات.


مقالات ذات صلة

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

المشرق العربي الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

حوّلت إسرائيلُ «الخط الأصفر» الوارد في خريطة الانسحاب من قطاع غزة، إلى ما يمكن أن يوصف بـ«مصيدة للموت»؛ تقتل من خلالها كل من يقترب منه. وخلال 24 ساعة قُتل.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 5 فلسطينيين، الجمعة، في قصف إسرائيلي على مدرسة حوّلت إلى ملجأ، في حين قال الجيش إنه أطلق النار على «أفراد مشبوهين».

«الشرق الأوسط» (غزة)
الولايات المتحدة​ رياضيون يجدفون في نهر تشارلز أمام حرم جامعة «هارفارد» بماساتشوستس (أ.ف.ب) play-circle

ترمب يستأنف أمراً قضائياً بإعادة تمويل جامعة هارفارد

استأنفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمراً قضائياً أعاد إلى حد كبير التمويل الذي قطعته عن جامعة هارفارد، على خلفية اتهامات بتفشي معاداة السامية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تحليل إخباري لقاء السيسي ونتنياهو ضمن هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2017 (إعلام عبري)

تحليل إخباري ما دلالات التباين المصري - الأميركي بشأن صفقة الغاز الإسرائيلية؟

في وقت قالت فيه مصر إن «صفقة الغاز الضخمة المبرمة مع إسرائيل هي (تجارية بحتة)»، عدّتها الولايات المتحدة «تحمل أبعاداً سياسية تخدم عملية السلام».

هشام المياني (القاهرة )
تحليل إخباري تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «اجتماع ميامي»... لتفادي فجوات المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

لقاء جديد للوسطاء في مدينة ميامي، بولاية فلوريدا الأميركية، وسط تعثر في الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

محمد محمود (القاهرة )

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)
الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس أمس (رويترز)
TT

«الخط الأصفر» مصيدة موت للغزّيين

الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس  أمس (رويترز)
الطفلة الغزية أرجوان المصابة بسوء تغذية حاد تتلقى الطعام من أمها في مستشفى الناصر بخان يونس أمس (رويترز)

حوّلت إسرائيلُ «الخط الأصفر» الوارد في خريطة الانسحاب من قطاع غزة، إلى ما يمكن أن يوصف بـ«مصيدة للموت»؛ تقتل من خلالها كل من يقترب منه. وخلال 24 ساعة قُتل 4 فلسطينيين في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، والتي تبعد نحو 200 متر من «الخط الأصفر» الذي يفصل القطاع إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقول مصادرُ فلسطينية إنَّ إسرائيلَ فعلياً حوَّلت «الخط الأصفر» إلى «مصيدة للموت»، تقتل الغزيين عنده بدم بارد.

وأعلنتِ الأمم المتحدة أنَّ المجاعةَ في غزة انتهت، لكنَّ السوادَ الأعظم من سكان القطاع ما زالوا يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي.


سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
TT

سوريا تؤكد التزامها «الثابت» بمكافحة تنظيم «داعش»

وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني (أ.ف.ب)

أكدت سوريا، اليوم، التزامها الثابت بمكافحة تنظيم «داعش»، مشيرة إلى أنها ستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها.

وتقدمت وزارة الخارجية السورية بتعازيها الحارة لعائلات الضحايا من رجال الأمن السوريين والأميركيين الذين قتلوا في الهجمات الإرهابية التي وقعت في تدمر وشمال سوريا الأسبوع الماضي. مؤكدة أنّ هذه الخسارة تبرز ضرورة تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب.

وقالت الخارجية السورية عبر منصة "إكس»: «تؤكد سوريا التزامها الثابت بمكافحة تنظيم داعش وضمان عدم وجود ملاذات آمنة له في الأراضي السورية. وستواصل تكثيف العمليات العسكرية ضد التنظيم في جميع المناطق التي يهددها».

عملية أمنية في مدينة تدمر عقب الهجوم الإرهابي على وفد سوري - أميركي مشترك (الداخلية السورية)

وأضافت: «تدعو الجمهورية العربية السورية الولايات المتحدة والدول الأعضاء في التحالف الدولي للانضمام إلى دعم جهود الجمهورية في مكافحة الإرهاب، بما يسهم في حماية المدنيين واستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة».

و شنت طائرات تابعة للتحالف الدولي غارات على مواقع يعتقد أنها تابعة لتنظيم «داعش» في مناطق شمال وشرق سوريا.

وقالت مصادر محلية في محافظات الرقة ودير الزور، بحسب وكالة الانباء الألمانية (د ب أ)، إن «طائرات حربية أميركية شنت غارات في بادية دير الزور والرقة وسمع صوت أربعة انفجارات في منطقة البشري في ريف الرقة الجنوبي الشرقي، ليل الجمعة-السبت، وسط صوت تحليق للطائرات الحربية في سماء مناطق ريف الرقة الشرقي ودير الزور الغربي في المنطقة التي تنشط فيها خلايا تنظيم داعش منذ مطلع الشهر الحالي».


«البنتاغون» يعلن إطلاق عملية ضد «داعش» في سوريا رداً على هجوم تدمر

استخدمت قوات القيادة المركزية الأميركية في عمليتها ضد تنظيم «داعش» طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية (سنتكوم)
استخدمت قوات القيادة المركزية الأميركية في عمليتها ضد تنظيم «داعش» طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية (سنتكوم)
TT

«البنتاغون» يعلن إطلاق عملية ضد «داعش» في سوريا رداً على هجوم تدمر

استخدمت قوات القيادة المركزية الأميركية في عمليتها ضد تنظيم «داعش» طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية (سنتكوم)
استخدمت قوات القيادة المركزية الأميركية في عمليتها ضد تنظيم «داعش» طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية (سنتكوم)

أعلن البنتاغون، في وقت مبكر من اليوم (السبت)، أن طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية ومدفعية أميركية قصفت أكثر من 70 هدفاً في أنحاء وسط سوريا الجمعة، ضمن عملية عسكرية واسعة النطاق ضد مواقع لتنظيم «داعش».

وأكد قائد القيادة الوسطى الأميركية «سنتكوم» في بيان: «سنواصل بلا هوادة ملاحقة الإرهابيين الذين يسعون إلى إلحاق الأذى بالأميركيين وبشركائنا في جميع أنحاء المنطقة».

وفي وقت متأخر من يوم أمس (الجمعة)، أعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث، إطلاق عملية عسكرية ضد تنظيم «داعش» في سوريا رداً على هجوم في تدمر أودى بحياة ثلاثة أميركيين.

وقال هيغسيث في منشور على منصة «إكس»: «بدأت القوات الأميركية عملية +ضربة عين الصقر+ في سوريا للقضاء على مقاتلين وبنى تحتية ومواقع تخزين أسلحة لتنظيم داعش، في رد مباشر على الهجوم الذي استهدف قوات أميركية في 13 ديسمبر (كانون الأول)».

وأكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أن تنظيم «داعش» يواجه «رداً انتقامياً قاسياً جداً» في سوريا من قبل القوات الأميركية.

وكتب ترمب على شبكته الاجتماعية «تروث سوشال بعد وقت قصير من إعلان «البنتاغون» عن إطلاق عملية عسكرية في سوريا، «أعلن هنا أن الولايات المتحدة تقوم برد قاس جداً، كما وعدت، ضد الإرهابيين القتلة المسؤولين» عن الهجوم، مضيفاً «نوجه ضربات قوية جداً ضد معاقل تنظيم داعش في سوريا».

وذكر ‌الجيش الأميركي، أن ‍اثنين ‍من أفراده ومترجم مدني قتلوا، ‍السبت، في مدينة تدمر وسط سوريا على يد مهاجم استهدف قافلة للقوات الأميركية ​والسورية قبل أن يُقتل بالرصاص. وأصيب ثلاثة جنود أميركيين ⁠آخرين في الهجوم.

عناصر من الجيش الأميركي في ريف الرميلان بمحافظة الحسكة شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

ونفذ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضربات جوية وعمليات برية في سوريا استهدفت المشتبه في انتمائهم لتنظيم «داعش» في الشهور القليلة الماضية، وغالباً ما كان ذلك بمشاركة قوات ‌الأمن السورية.