جولة دبلوماسية أميركية وسط تعقيدات تشكيل الحكومة العراقية

ضغوط لإصلاحات أمنية... وملف الفصائل في الواجهة

اجتماع سابق لقوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
اجتماع سابق لقوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

جولة دبلوماسية أميركية وسط تعقيدات تشكيل الحكومة العراقية

اجتماع سابق لقوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
اجتماع سابق لقوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

يتوجه نائب وزير الخارجية الأميركي لشؤون الإدارة والموارد، مايكل ريغاس، هذا الأسبوع في جولة تشمل تركيا والعراق وإسرائيل، في تحرّك دبلوماسي ترى فيه واشنطن تأكيداً لالتزامها بـ«تعزيز الاستقرار والأمن والحرية الدينية والازدهار» في المنطقة، وفق بيان لوزارة الخارجية الأميركية صدر مساء الثلاثاء.

وقالت الوزارة إن ريغاس سيزور إسطنبول وبغداد وأربيل والقدس بين 27 نوفمبر (تشرين الثاني) و5 ديسمبر (كانون الأول).

وفي العراق، يلتقي نائب الوزير مسؤولين حكوميين، ويطلع على المرافق الدبلوماسية الأميركية، ويشارك في افتتاح القنصلية العامة الجديدة في أربيل.

وتأتي الزيارة في ظل مرحلة سياسية دقيقة في بغداد مع استمرار المشاورات لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة، وسط ضغوط أميركية معلنة وغموض يلف موقف طهران.

وكان المبعوث الأميركي الخاص في العراق، مارك سافايا، قد أكّد في تدوينة على منصة «إكس» أن واشنطن «لطالما دعمت المؤسسات الأمنية العراقية الشرعية»، مشيراً إلى «تقدم حقيقي» في مكافحة تنظيم «داعش» وفي مواجهة «النفوذ الخبيث»، عادَّاً أن المجال ما زال يتطلّب «إصلاحات أساسية».

وأكد سافايا أن الشركات الأميركية، التي قدّمت مليارات الدولارات من المعدات والدعم، «شريك رئيسي في تعزيز أمن العراق وسيادته».

وضاعفت هذه التصريحات من حساسية المشهد بعدما كان وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين قد صرح بأن ستة فصائل عراقية مصنفة على أنها «ممنوعة» من قِبل الولايات المتحدة الأميركية، لن تكون ضمن التشكيلة الحكومية المقبلة..

مايكل ريغاس نائب وزير الخارجية الأميركي (موقع الوزارة)

حسابات ما بعد 7 أكتوبر

وتتزامن الجولة الأميركية مع مفاوضات معقدة تتوقف حتى الآن على اختيار مرشح تسوية لرئاسة الحكومة المقبلة. ويقول ياسين البكري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين، لـ«الشرق الأوسط» إن نتائج الانتخابات الأخيرة لم تمنح أي حزب «أفضلية حاسمة»؛ ما يفرض مفاوضات «قد تكون شاقة».

ويرى البكري أن التشكيل يتأثر بعاملين ضاغطين: «التوازنات الداخلية» و«المعادلات الإقليمية والدولية، خصوصاً مع تداعيات 7 أكتوبر (تشرين الأول) وتراجع النفوذ الإيراني، دون أن يعني ذلك زوال تأثيره».

ويتساءل البكري: «ما الذي تريده أميركا وما الذي تريده إيران؟»، عادَّاً أن مطالب واشنطن واضحة في «حصر السلاح»، بينما قد تسعى طهران إلى «نزع بعض الضغوط دون مواجهة» في مرحلة ما قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

ويرى أن المرشح الأوفر حظاً لرئاسة الوزراء سيكون من يمتلك القدرة على «إدارة التنازع بين اللاعبين» بليونة ومن دون انحياز، معتمداً على علاقات إقليمية ودولية متوازنة.

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتوسّط رئيس «الحشد الشعبي» فالح الفياض ورئيس أركانه «أبو فدك» (أرشيفية - إعلام حكومي)

عقوبات متشابكة

من جهته، يرى الباحث طالب محمد كريم، أن تشكيل الحكومة الجديدة يجري وسط «تعقيد غير مسبوق» بسبب وجود قوى وشخصيات فائزة في الانتخابات ومدرَجة في الوقت نفسه على لوائح عقوبات أميركية ودولية.

ويقول كريم إن هذا الوضع «يخلق تناقضاً بين شرعية داخلية يضمنها صندوق الانتخابات، وشرعية خارجية تتحكم بها منظومة العقوبات»، محذراً من احتمال «تعريض مؤسسات الدولة نفسها للاستهداف» إذا لم يُدار الملف بحكمة.

ويحذر كريم من أن انتقال العقوبات من الأفراد إلى «الوزارات أو المصارف أو الملفات الاقتصادية» يهدد مصالح العراقيين، مؤكداً أن «إنقاذ الدولة يتطلب حكومة ممكنة دولياً وواقعية داخلياً».

مفاوضات مكثفة

وبينما تكثف القوى الشيعية والسنية والكردية لقاءاتها لضمان حصصها وفق نتائج الانتخابات، يدور الجدل بالأساس حول «مواصفات» رئيس الوزراء المقبل.

وعقد «الإطار التنسيقي» آخر اجتماعاته في منزل زعيم «تحالف الفتح» هادي العامري، قبل أن يجري الأخير لقاءً منفرداً مع رئيس تحالف قوى الدولة، عمار الحكيم، المكلف بقيادة لجنة تحديد مواصفات رئيس الوزراء.

ويدخل سلاح الفصائل المسلحة مجدداً على خط تشكيل الحكومة بالتزامن مع التحرك الأميركي المرتقب، وصولاً إلى زيارة المبعوث مارك سافايا إلى بغداد قريباً.

ويخشى سياسيون من خرق المهل الدستورية في ظل محاولات «التكيّف» مع واقع الضغوط الأميركية وغموض الموقف الإيراني، بينما يبقى التفاهم على رئيس الوزراء الجديد المدخل الأساسي لتجنّب انفجار الخلافات بين القوى السياسية، حسبما يقول مراقبون.


مقالات ذات صلة

مواقف عراقية متضاربة حول مرشح تسوية لرئاسة الحكومة

المشرق العربي قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)

مواقف عراقية متضاربة حول مرشح تسوية لرئاسة الحكومة

قال قيادي في تحالف «الإطار التنسيقي» بالعراق إن القوى الشيعية قطعت مراحل مهمة في التوافق على اختيار رئيس الوزراء المقبل، مع اقتراب انعقاد جلسة البرلمان.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

قضاء العراق «يجرم» المتورطين في الحرب الروسية - الأوكرانية

توعد القضاء العراقي من أسماهم المتورطين في حرب أوكرانيا بالسجن، مشدداً على مكافحة تجنيدهم للقتال على أراضٍ أجنبية.

فاضل النشمي (بغداد)
المشرق العربي مقاتلون يرفعون شعار «الحشد الشعبي» خلال تدريبات عسكرية (أرشيفية-الحشد الشعبي)

فصائل عراقية لا تمانع «التطبيع بشروط» مع واشنطن

أكدت مصادر مطلعة على كواليس الفصائل العراقية أنها لا تمانع «صيغة مقبولة» لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية، لكن بـ«شروط محددة».

فاضل النشمي (بغداد)
الاقتصاد علم العراق يرفرف أمام حقل نفطي (رويترز)

العراق يسعى لرفع حصته في «أوبك» 300 ألف برميل يومياً

أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء العراقي، مظهر محمد صالح، الثلاثاء، أن العراق يسعى لزيادة حصته من إنتاج النفط ضمن دول «أوبك» بنحو 300 ألف برميل يومياً.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي إنزال الأمن السوري حمولة صواريخ «غراد» بمحافظة حمص في سيارة معدة للتهريب باتجاه الحدود اللبنانية (أرشيفية - الداخلية السورية)

واشنطن تتدخل لتهدئة الاشتباكات بين «قسد» والأمن السوري

تقارير: إيران ليس لديها أي تردد في إبرام ترتيبات تكتيكية مع الجماعات المتطرفة مثلما حدث مع تنظيم «القاعدة» و«طالبان»، وقد تتبنى هذا التكتيك في سوريا مع «داعش».

هبة القدسي (واشنطن)

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
TT

سوريا تعتقل خلية تابعة لمسؤول في النظام السابق خططت لاستهداف احتفالات رأس السنة

جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)
جنود موالون لقوات الرئيس السوري السابق بشار الأسد ينتشرون في منطقة قرب مخيم اليرموك بدمشق عام 2018 (أرشيفية - رويترز)

كشف قائد الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية بشمال غربي سوريا، عبد العزيز هلال الأحمد، عن أن قوات المهام الخاصة التابعة للقيادة نفذت، بالتعاون مع فرع مكافحة الإرهاب ووحدة من الجيش، عملية أمنية نوعية، صباح اليوم الأربعاء، في ريف جبلة، استهدفت مجموعة من خلية تابعة لما تسمى «سرايا الجواد».

وأضاف، في بيان، أن الخلية التابعة للمسؤول البارز في النظام السابق سهيل الحسن، «متورطة في تنفيذ عمليات اغتيال وتصفيات ميدانية وتفجير عبوات ناسفة، إضافة إلى استهداف نقاط تابعة للأمن الداخلي والجيش، كما كانت تعمل على التحضير لاستهداف احتفالات رأس السنة الجديدة».

وتابع قائلاً إن اشتباكاً اندلع واستمر قرابة ساعة، وأسفر عن «إلقاء القبض على أحد أفراد الخلية، وتحييد ثلاثة آخرين».

وذكر البيان أن أربعة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بإصابات خفيفة، وأنه «لا يزال العمل مستمراً حتى القضاء على الخلية بشكل كامل».


غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
TT

غارات أردنية على شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا

آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)
آليات تابعة للجيش الأردني (القوات المسلحة الأردنية)

شنّ الجيش الأردني، مساء الأربعاء، غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات في جنوب سوريا، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي.

وقالت قناة «الإخبارية» الرسمية على تطبيق «تلغرام» إن الجيش الأردني استهدف بغارات «شبكات لتهريب المخدرات ومزارع تخزينها في ريف السويداء الجنوبي والشرقي».

وقال مراسل «الإخبارية» إن الجيش الأردني أطلق قنابل مضيئة على الحدود مع سوريا من جهة محافظة السويداء، بعد تنفيذه عدة غارات استهدفت شبكات لتهريب المخدرات ومزارع التخزين.

بدوره، أعلن الجيش الأردني، في بيان، أنه «حيّد عدداً» من تجار الأسلحة والمخدرات الذين ينظمون عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات على الواجهة الحدودية الشمالية للأردن.

وأوضح أن «القوات المسلحة استهدفت عدداً من المصانع والمعامل التي تتخذها هذه الجماعات أوكاراً لانطلاق عملياتهم تجاه الأراضي الأردنية»، مشيراً إلى أنه «تم تدمير المواقع المحددة بناءً على معلومات استخبارية دقيقة، وبالتنسيق مع الشركاء الإقليميين».


14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني في الضفة الغربية

مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة إسرائيلية قرب رام الله بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

ندّدت 14 دولة، من بينها فرنسا وبريطانيا وكندا واليابان، الأربعاء، بإقرار إسرائيل الأخير إنشاء مستوطنات يهودية في الضفة الغربية المحتلّة، داعية الحكومة الإسرائيلية إلى التراجع عن القرار، وإلى الكفّ عن توسيع المستوطنات.

وجاء في بيان مشترك، نشرته وزارة الخارجية الفرنسية: «نحن، ممثلي ألمانيا وبلجيكا وكندا والدنمارك وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا وآيرلندا وإيسلندا واليابان ومالطا وهولندا والنرويج وبريطانيا، نندد بإقرار المجلس الوزاري الأمني للحكومة الإسرائيلية إنشاء 19 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة».

وأضاف البيان: «نؤكد مجدداً معارضتنا أي شكل من أشكال الضم، وأي توسيع لسياسة الاستيطان»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ودعت الدول إسرائيل إلى «العدول عن هذا القرار، بالإضافة إلى ⁠إلغاء التوسع في ‌المستوطنات».

وأضاف ​البيان: «نذكر أن مثل هذه التحركات ⁠أحادية الجانب، في إطار تكثيف أشمل لسياسات الاستيطان في الضفة الغربية، لا ينتهك القانون الدولي فحسب، بل يؤجج أيضاً انعدام الاستقرار».