قال الموسيقار خالد الكمار، لـ«الشرق الأوسط»، إن علاقة عمله بمسرحية «أم كلثوم... دايبين في صوت الصوت» كانت أمنية تحولت إلى حقيقة، مشيراً إلى أنه تابع مؤتمر الإعلان عن المشروع، وشعر، منذ اللحظة الأولى، بأن هذه المسرحية تحديداً تناسبه، حتى إنه تمنَّى الانضمام إلى فريقها، وفُوجئ لاحقاً باتصال يطلب مشاركته، ليبدأ رحلة موسيقية مكثفة شملت التأليف والتوزيع الموسيقي مع الإخراج الموسيقي للعرض الذي وصفه بأنه «تجربة استثنائية».
وأضاف، لـ«الشرق الأوسط»، أن العمل على المسرحية مرّ بسلسلة طويلة من الجلسات جمعته مع الملحّن إيهاب عبد الواحد، وأن كثيراً من التفاصيل تغيّرت خلال مراحل التطوير، بل إن بعض التعديلات استمر، حتى بعد ليلة العرض الأولى؛ لأن العرض يتطور بشكل حيّ مع كل ليلة، وهو ما انعكس بدوره على الموسيقى التي كانت تُراجَع باستمرار للوصول إلى أفضل نسخة ممكنة.

وأوضح أنه اتفق، منذ البداية، على الحفاظ على أغنيات أم كلثوم كما قدّمتها، باستثناء التسجيلات القديمة جداً التي أُعيد ترميمها بتقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل أغنية «الصب تفضحه عيونه» المسجلة في العشرينات، بجانب عملهم على تقديم نحو 15 أغنية جديدة بتوزيع مستلهَم من جمل لحنية لتراث «كوكب الشرق»، ولكن بأسلوبٍ يناسب طبيعة المسرح الغنائي، وذلك ضمن المناقشات الموسَّعة التي جرت مع فريق العمل خلال مرحلة التحضير.
وتحدَّث الكمار عن الموسيقى التي قدَّمها للسيدة منيرة المهدية في العرض، مبيناً أنها تؤدي أغنيتين؛ الأولى تظهر فيها الغيرة الفنية في مشهد أقرب إلى الدويتو مع أم كلثوم، بينما تعكس الثانية لحظة اعتراف بموهبة كوكب الشرق، وهي الأصعب في التحضير بعدما استغرقت وقتاً وجهداً كبيراً لتُسلَّم قبل العرض بأيام محدودة بسبب كثافة التفاصيل الفنية.

وتطرَّق إلى تحديات الإنتاج الموسيقي مع تسجيل الآلات الشرقية في القاهرة، بينما سُجّلت الموسيقى الأوركسترالية في روسيا بسبب الصعوبات اللوجستية في جمع خمسين عازفاً داخل مصر، على العكس من تسجيلها في الخارج بترتيبات أكثر سهولة، مؤكداً أنه تابع جلسات التسجيل لحظة بلحظة عبر الانترنت، ليضمن خروج الصوت بالصورة التي تخدم العرض.
وعَدَّ الموسيقار المصري أن ضيق الوقت كان التحدي الأكبر، إذ إن المسرحيات الغنائية تُحضّر عالمياً على مدى سنوات، بينما لم يتجاوز الوقت الفعلي المتاح للمشروع شهرين ونصف الشهر، لكنه رغم ذلك يشعر برضا كبير عن النتيجة؛ لأن الفريق تمكَّن من تحقيق ما يشبه المستحيل خلال مدة قصيرة.

وقال الكمار إنه استمتع بالتعمق في عالم أم كلثوم الفني والإنساني لإدراك البنية الموسيقية التي حكمت زمنها، مشيراً إلى أن الفريق كان يسعى لتحقيق معادلة تجمع بين الأصالة والتجديد في العرض، مع إبراز هوية كوكب الشرق والفارق بينها وبين الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان يمثل الحداثة في عصرها، وهو أيضاً ما انعكس على طريقة التعامل مع الموسيقى التي قُدمت بالمشاهد التي تتناول علاقتهما.
وعَدّ أن الاهتمام بالموسيقى التصويرية، سواء في السينما أم التلفزيون أم الفنون الحيّة، زاد بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، الأمر الذي أتاح للمؤلفين الموسيقيين مساحة أوسع للتجريب وتطوير لغتهم الفنية، مع شعوره بأن الجمهور بات أكثر وعياً بما تقوم به الموسيقى في تشكيل إحساس المشاهد أو المتلقي، الأمر الذي زاد من أهمية هذا المجال وأعاد الاعتبار لدور الموسيقى في الصناعة الفنية ككل.
سيكون لدي عملان في السباق الرمضاني يتنوعان في المضمون واللون الموسيقي
ولفت إلى أنه في تسعينات القرن الماضي، على سبيل المثال، لم يكن معروفاً سوى اسمين أو ثلاثة فقط في مجال صناعة الموسيقى التصويرية، لكن، اليوم، هناك كثير من الأسماء التي يتابع الجمهور حتى أعمالهم، مؤكداً أن العمل الإبداعي الجيد يجد رد فعل يتناسب معه من الجمهور.
وحول سبب غيابه عن الوجود في رمضان الماضي، أكد خالد الكمار أنه اتخذ القرار حتى يحصل على بعض الراحة، وليتمكن من التفرغ للمسرحية بشكل شِبه كامل، لافتاً إلى أن لديه في الوقت الحالي 3 أعمال درامية يُعِد الموسيقى التصويرية الخاصة بها ستُعرَض خارج رمضان، بالإضافة إلى عملين آخرين سيكونان في السباق الرمضاني، وهي تجارب متنوعة في المضمون واللون الموسيقي.
وأوضح أنه يبدأ أي مشروع بالجلوس مع السيناريست وقراءة النص، وقد يشاهد مشاهد مصوّرة مسبقاً ليحدد بدقة العالمِ الموسيقى التي يمكن أن يعمل عليها، لافتاً إلى أنه كلما وجد مبكراً في العمل تكون لديه فرصة للتعمق فيه بشكل أكبر، ولكي تكون لديه فرصة للعمل دون ضغوط في الوقت.







