مؤشرات التدهور الاقتصادي تُثقل كاهل الموازنة البريطانية

أكبر اقتراض منذ جائحة «كورونا» يزيد الضغوط المالية

منظر عام لحيّ المال والأعمال في لندن (رويترز)
منظر عام لحيّ المال والأعمال في لندن (رويترز)
TT

مؤشرات التدهور الاقتصادي تُثقل كاهل الموازنة البريطانية

منظر عام لحيّ المال والأعمال في لندن (رويترز)
منظر عام لحيّ المال والأعمال في لندن (رويترز)

تُشير مؤشرات أداء الشركات والمستهلكين والمالية العامة في بريطانيا إلى علامات تدهور قبل إعلان موازنة الأسبوع المقبل؛ حيث يُتوقع أن تقوم وزيرة المالية، راشيل ريفز، برفع الضرائب مجدداً.

وأظهرت البيانات الصادرة، الجمعة، أن المخاوف بشأن الموازنة تُثقل كاهل سادس أكبر اقتصاد في العالم، مؤكدّة حجم التحدي الذي تواجهه ريفز في محاولتها خفض الاقتراض دون إبطاء النمو الضعيف أصلاً.

وأظهر المسح الأولي لمؤشر «ستاندرد آند بورز غلوبال» لمديري المشتريات لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) أن الشركات أوقفت خططها مؤقتاً ريثما تتضح تفاصيل الضرائب، والتي يُتوقع أن تُرفع للعام الثاني على التوالي.

فرصة حقيقية لتباطؤ اقتصادي

ومن المتوقع أن تُعلن ريفز موازنتها يوم الأربعاء المقبل، التي قد تجمع عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية من الضرائب لتجنّب موجة بيع في سوق السندات، وهو ما قد يُثير استياء الناخبين الذين يشعرون أصلاً بعدم الرضا عن رئيس الوزراء كير ستارمر وحكومته.

وأظهر مسح مؤشر «مديري المشتريات» أن قطاعي الخدمات والتصنيع لم يشهدا نمواً يُذكر في نوفمبر، وكان أداؤهما أسوأ من توقعات الاقتصاديين في استطلاع «رويترز»، بما يُشير إلى نمو اقتصادي ضعيف يبلغ نحو 0.1 في المائة في الربع الأخير من عام 2025.

وعدّ كريس ويليامسون، كبير اقتصاديي الأعمال في «ستاندرد آند بورز»، أن هناك «فرصة حقيقية لتحول هذا التوقف إلى تباطؤ اقتصادي»، مرتبطاً جزئياً بالتكهنات حول فرض إجراءات إضافية مثبطة للطلب في الموازنة.

وأظهرت البيانات الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني تراجع التسوق في أكتوبر (تشرين الأول)، وهو أول انخفاض شهري لمبيعات التجزئة منذ مايو (أيار)، فيما أظهرت بيانات الاقتراض الحكومي أن الفترة من أبريل (نيسان) إلى أكتوبر سجّلت أعلى مستوى للديون منذ أكثر من 30 عاماً، باستثناء ذروة جائحة «كورونا».

حاجة الموازنة لجمع مبالغ إضافية

ورفعت ريفز الضرائب في موازنتها الأولى العام الماضي بأكبر قدر منذ 1993؛ وتحمّلت الشركات العبء الأكبر عبر زيادة ضرائب الرواتب. ومن المتوقع أن تحتاج الموازنة هذا العام إلى جمع 20-30 مليار جنيه إسترليني إضافية (26-39 مليار دولار) نتيجة خفض متوقع للنمو من قبل هيئة مراقبة الموازنة الحكومية، وارتفاع تكاليف الاقتراض، وصعوبة تمرير تخفيضات الرعاية الاجتماعية المخطط لها في البرلمان.

وخلال فترة المسح، أشارت ريفز إلى احتمال خرق وعود حزب «العمال» الانتخابية، ورفع المعدل الرئيسي لضريبة الدخل لأول مرة منذ سبعينات القرن الماضي، في حين يبدو الآن أنها تميل إلى تبني سلسلة إجراءات أقل صرامة.

تراجع التوظيف وثقة المستهلك

وأظهر المسح انخفاض التوظيف في القطاع الخاص بأسرع وتيرة خلال 4 أشهر، وهبوط أسعار الشركات إلى أدنى مستوى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020، ما يُعزز احتمالات قيام بنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة الشهر المقبل.

كما سجّلت ثقة المستهلكين انخفاضاً في نوفمبر؛ حيث تراجع مؤشر «جي إف كيه»، أطول مسح لثقة الأسر البريطانية، إلى -19 من -17. ووصف نيل بيلامي، مدير رؤى المستهلكين في «جي إف كيه»، هذه الأرقام بأنها «مجموعة من النتائج القاتمة مع اقترابنا من موازنة الأسبوع المقبل»، رغم أن المؤشر ظل ضمن نطاقه خلال الأشهر الستة الماضية.

اقتراض بريطانيا يتجاوز التوقعات

على صعيد آخر، أظهرت بيانات رسمية أن اقتراض الحكومة البريطانية في الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية الحالية بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق، باستثناء فترة جائحة «كوفيد-19»، مسلطة الضوء على حجم التحدي الذي تواجهه وزيرة المالية، راشيل ريفز، في موازنتها المقررة الأسبوع المقبل.

وأعلن مكتب الإحصاء الوطني أن الحكومة اقترضت بين أبريل (نيسان) وأكتوبر نحو 116.8 مليار جنيه إسترليني (152.9 مليار دولار)، أي بما يزيد بنحو 10 مليارات جنيه على توقعات مراقب الموازنة البريطاني الصادرة سابقاً. ويعد هذا أعلى مستوى للديون منذ الفترة نفسها في عام 2020 خلال ذروة الجائحة، استناداً إلى سجلات تعود إلى عام 1993.

اقتراض أكتوبر يفوق التوقعات

وأفاد المكتب بأن الاقتراض في أكتوبر وحده بلغ 7.4 مليار جنيه إسترليني، متجاوزاً التوقعات. فقد توقع خبراء مكتب مسؤولية الموازنة أن يبلغ العجز 14.4 مليار جنيه، في حين أظهر استطلاع أجرته «رويترز» أن متوسط توقعات الاقتصاديين كان عند 15 مليار جنيه إسترليني.

ومن المتوقع أن ترفع ريفز الضرائب في موازنتها يوم الأربعاء، في محاولة لطمأنة المستثمرين بأن الحكومة على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها المالية، وسعيها لإنهاء الاقتراض لتغطية الإنفاق اليومي بحلول نهاية العقد. ومع ذلك، أظهرت بيانات الفترة من أبريل إلى أكتوبر أن ما يُعرف بـ«الموازنة الحالية» سجّلت عجزاً يقارب 84 مليار جنيه إسترليني، بزيادة نحو 10 في المائة مقارنة بالعام السابق.

ضغوط مرتفعة لخدمة الدين

وصرح نيك ريدباث، الخبير الاقتصادي في معهد الدراسات المالية، بأن الأرقام قد تخضع للمراجعة، لكنها تذكر بشكل واضح السياق الصعب الذي تواجهه موازنة الأسبوع المقبل: عدم اليقين بشأن عائدات الضرائب، والضغوط على الإنفاق العام، وارتفاع تكاليف خدمة الدين المستمرة. ورغم زيادة الإيرادات الحكومية بفضل ارتفاع إسهامات الضمان الاجتماعي في أول موازنة لريفز العام الماضي، فقد كانت الزيادة أقل من نمو النفقات.

وأشار أحد نواب وزراء ريفز إلى أن بريطانيا تسعى لتحقيق أكبر خفض في عجز موازنتها الأولية -الذي يستثني مدفوعات الديون- بين دول مجموعة العشرين خلال السنوات الخمس المقبلة، بهدف تقليل تكاليف الاقتراض.

وقال كبير أمناء الخزانة، جيمس موراي: «في الموازنة الأسبوع المقبل، سيُحدد وزير المالية الخيارات العادلة لتحقيق أولويات المواطنين، بما في ذلك تقليص قوائم انتظار الخدمة الصحية الوطنية، وخفض الدين العام، وتخفيف تكلفة المعيشة».


مقالات ذات صلة

تعثّر «أوراكل» يهزّ أسهم الذكاء الاصطناعي... والسوق ترفض الاستسلام

الاقتصاد شعار شركة «أوراكل» في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

تعثّر «أوراكل» يهزّ أسهم الذكاء الاصطناعي... والسوق ترفض الاستسلام

تلقّى الزخم القوي الذي يدعم أسهم الذكاء الاصطناعي ضربة مؤلمة بعد تقرير مخيّب من «أوراكل»، أعاد إلى الواجهة المخاوف من التقييمات المبالغ فيها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
الاقتصاد صورة جوية لمركز بيانات «أمازون ويب سيرفيسز» في آشبورن - فيرجينيا - أكتوبر 2025 (رويترز)

ديون مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي تقفز إلى 125 مليار دولار

مع انتشار «حمّى الذكاء الاصطناعي» التي دفعت الأسهم العالمية إلى مستويات قياسية، يتم تمويل مراكز البيانات اللازمة لتشغيل هذه التكنولوجيا بشكل متزايد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد صورة تمثل العملات المشفّرة في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

نائب محافظ «المركزي الهندي» يحذر من العملات المستقرة... ويشكك في جدواها

قال نائب محافظ بنك الاحتياطي الهندي، تي رابي شانكار، يوم الجمعة، إن بلاده بحاجة إلى توخي الحذر تجاه العملات المستقرة، مشيراً إلى أنها تُشكّل مخاطر اقتصادية.

«الشرق الأوسط» (مومباي )
الاقتصاد يتسوق الناس في سوق بمدينة نيودلهي (رويترز)

ارتفاع طفيف لتضخم التجزئة بالهند يتيح خفضاً إضافياً للفائدة

أظهرت بيانات، الجمعة، أن التضخم في أسعار التجزئة في الهند ارتفع في نوفمبر (تشرين الثاني) من أدنى مستوى قياسي سجَّله الشهر السابق، لكنه ظلَّ دون النطاق المستهدف.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد أبخرة وعوادم تخرج من إحدى مصافي النفط في مدينة أومسك الروسية بسيبيريا (رويترز)

توقعات بتراجع إيرادات الطاقة الروسية لأدنى مستوى منذ جائحة «كوفيد-19»

من المرجح أن تنخفض إيرادات النفط والغاز الحكومية الروسية إلى النصف تقريباً في ديسمبر الحالي مقارنة بالعام الماضي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
TT

مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)

في وقت تتدفق فيه مئات المليارات نحو صناعة الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام ثورة رقمية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، أم على أعتاب فقاعة مالية جديدة تشبه الدوت كوم؟

فالسباق العالمي لبناء مراكز البيانات، وتطوير الرقائق، وتوسيع البنية التحتية، تجاوز بالفعل حجم استثمارات تاريخية مثل «مشروع مانهاتن» و«برنامج أبولو»، فيما تتنافس شركات التكنولوجيا العملاقة على اقتناص موقع قيادي في «سباق السلاح الرقمي» الجديد. لكن هذا الزخم الهائل ترافقه مؤشرات مقلقة: أسعار أسهم صعدت بوتيرة فلكية، وتقييمات شركات ناشئة لا تعكس حجم إيراداتها الفعلي، وشهية استثمارية تغذِّيها توقعات النمو أكثر مما تغذيها النتائج الواقعية.

وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة اقتصادية تمتد لعقود، يُحذر آخرون من أن الحماس المفرط قد يُخفي وراءه هشاشة يمكن أن تؤدي إلى تصحيح قاسٍ في الأسواق.

لا يعتقد مورتن ويرود، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه بي بي»، أن هناك فقاعة، لكن «نرى بعض القيود فيما يتعلق بسعة البناء التي لا تواكب جميع الاستثمارات الجديدة»، وفقاً لـ«رويترز».

وأضاف: «نتحدث عن تريليونات من الاستثمارات، وستستغرق عدة سنوات لتنفيذها، لأن الموارد والبشر غير كافيين لبناء كل هذا».

أما دينيس ماشويل، الرئيس التنفيذي لشركة «أديكو»، فيرى أن «هناك بالفعل فجوة حالية بين هذا العرض الهائل من الذكاء الاصطناعي والطريقة التي تقوم بها الشركات بتضمينه فعلياً في عملياتها الأساسية»، كما قال في نوفمبر (تشرين الثاني). وأضاف أن المشروع المشترك لمجموعته مع «سيلس فورس» قد يقلل من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي من خلال دفع الشركات لاستخدامات أكثر واقعية للتقنية.

يد آلية أمام رسالة مكتوب عليها «الذكاء الاصطناعي» ولوحة مفاتيح (رويترز)

ويقول سندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة «ألفابت»: «لا أعتقد أن أي شركة ستكون بمنأى عن التأثر، بما في ذلك نحن»، وذلك في مقابلة مع «بي بي سي» نُشرت في 18 نوفمبر، عند سؤاله عن كيفية تعامل «غوغل» مع احتمال انفجار فقاعة. وأضاف أن موجة الاستثمار الحالية في الذكاء الاصطناعي «لحظة استثنائية»، لكنه أقر بوجود «عناصر من السلوك غير العقلاني» في السوق، مشيراً إلى تحذيرات مماثلة خلال فترة فقاعة «الدوت كوم».

أما جيف بيزوس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «أمازون»، فيقول: «عندما يتحمس الناس بشدة للذكاء الاصطناعي كما يحدث اليوم، يتم تمويل كل تجربة... ويصعب على المستثمرين التمييز بين الأفكار الجيدة والسيئة وسط هذا الحماس».

وأضاف: «الفقاعات الصناعية ليست بالخطورة نفسها كالفقاعات المصرفية، وقد تكون مفيدة لأن الفائزين النهائيين سيعودون بالنفع على المجتمع من خلال تلك الابتكارات».

وحذر بنك إنجلترا (البنك المركزي) من أن الأسواق العالمية قد تتراجع إذا تغير مزاج المستثمرين تجاه آفاق الذكاء الاصطناعي. وقالت لجنة السياسة المالية في البنك في 8 أكتوبر (تشرين الأول): «ارتفعت مخاطر حدوث تصحيح حاد في السوق»، مضيفةً أن احتمال تأثير ذلك على النظام المالي البريطاني «مهم».

وخلال حلقة نقاشية في قمة خاصة بالتكنولوجيا في آسيا في 3 أكتوبر الماضي، قال برايان يو، المدير الاستثماري في «جي آي سي»، إن «هناك بعض الضجة المبالغ فيها في مجال الشركات الناشئة»، وأضاف: «أي شركة ناشئة تحمل شعار (إيه آي) ستُقوَّم بمضاعفات ضخمة مهما كان حجم الإيرادات الصغيرة... قد يكون ذلك عادلاً لبعض الشركات وليس كذلك لأخرى».

فيما أكد جوزيف بريغز، الاقتصادي في «غولدمان ساكس» للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن فيض الاستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة مستدام، ورفض المخاوف المتزايدة من أن القطاع قد يكون في مرحلة فقاعة. لكنه حذر من أن «الفائزين النهائيين في الذكاء الاصطناعي لا يزالون غير واضحين»، مع تغير التكنولوجيا بسرعة، وانخفاض تكلفة الانتقال، مما قد يحد من مزايا المبادر الأول.

وأشار بيير-أوليفييه غورينتشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إلى أنه قد تتبع موجة استثمارات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة انهياراً شبيهاً بفترة «الدوت كوم»، لكنها أقل احتمالاً أن تكون حدثاً نظامياً يضر بالاقتصاد الأميركي أو العالمي. وأضاف: «هذا لا يتم تمويله بالديون، مما يعني أنه إذا حدث تصحيح في السوق، قد يخسر بعض المساهمين وبعض حاملي الأسهم».

جن سين هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، يقول: «تحدث الكثير عن فقاعة الذكاء الاصطناعي، لكن من وجهة نظرنا نرى شيئاً مختلفاً جداً»، مشيراً إلى الطلب الكبير من شركات الحوسبة السحابية على رقائق شركته.

وفي أغسطس (آب) الماضي، تساءل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»: «هل نحن في مرحلة يكون فيها المستثمرون بأكملهم مفرطين في الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي؟ جوابي: نعم». وأضاف: «سوف يخسر البعض مبالغ هائلة، وسيجني البعض الآخر مبالغ هائلة أيضاً».

وفي أول منشور له على «إكس» منذ أكثر من عامين، حذر مايكل بوري، مستثمر ومؤسس «سايون» لإدارة أصول، من فقاعة في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ووضع رهانات هبوطية على «إنفيديا» و«بالانتير» الشهر الماضي، وهذا زاد من مخاوف المستثمرين بشأن الإنفاق المبالغ فيه في صناعة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

لكن تشي تاي-وون، رئيس «إس كيه هاينكس» الكورية الجنوبية، لا يرى «أي فقاعة في صناعة الذكاء الاصطناعي». وأضاف: «لكن عند النظر إلى أسواق الأسهم، نجدها صعدت بسرعة كبيرة جداً، وأعتقد أنه من الطبيعي أن يكون هناك بعض التصحيحات»، مشيراً إلى أن أسهم الذكاء الاصطناعي تجاوزت قيمتها الأساسية.

ويرى محللو الأسهم في بنك «يو بي إس»، أن عدد المستثمرين الذين يعتقدون أننا في فقاعة الذكاء الاصطناعي يقارب عدد أولئك الذين ما زالوا محتفظين باستثماراتهم في القطاع. وأضافوا في مذكرة منتصف أكتوبر الماضي: «معظمهم شعر بأننا في فقاعة، لكن بعيداً عن الذروة فإن نحو 90 في المائة من الذين قالوا إننا في فقاعة ما زالوا مستثمرين في العديد من مجالات الذكاء الاصطناعي».


أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
TT

أوروبا لتبسيط إجراءات الاستيراد

اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)
اصطفاف شاحنات نقل تابعة لشركة «أمازون» في ميناء شيربورغ بفرنسا بسبب تأخير عمليات التفتيش الجمركي (رويترز)

يدخل أكثر من 12 مليون طرد الاتحاد الأوروبي يومياً، مما يجعل مهمة فحصها بحثاً عن البضائع غير القانونية، أو التي لم تُعلن، أو تقدير الرسوم المستحقة عليها، مهمة شاقة على رجال الجمارك.

والكثير من هذه الطرود صغير الحجم وقليل القيمة، ففي عام 2024 دخل إلى التكتل 4.6 مليار طرد بقيمة معلنة فردية أقل من 22 يورو (25.6 دولار).

وذكرت المفوضية الأوروبية في أغسطس (آب) الماضي أن نسبة ما فحصته سلطات الجمارك من إجمالي المنتجات المستوردة بلغت فقط 0.0082 في المائة.

ووفقاً لديوان المحاسبة الأوروبي (محكمة المدققين الأوروبيين)، تفتقر عمليات الفحص الجمركي في بعض الدول الأعضاء إلى الصرامة الكافية. كما أن عدم توحيد تطبيق القواعد في جميع دول الاتحاد يجعل الاحتيال أمراً سهلاً.

إصلاح الجمارك: ما الخطة؟

وفي عام 2023، قدمت المفوضية الأوروبية مقترحات تهدف إلى إجراء إصلاح شامل للحد من البيروقراطية والتعامل مع تحديات مثل الارتفاع الحاد في حجم التجارة الإلكترونية.

وتُعدّ كيفية إدارة التدفق الهائل للطرود والشحنات الواردة من دول غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي -خصوصاً الصين- نقطة محورية في خطة الإصلاح.

وقررت دول الاتحاد الأوروبي الشهر الماضي إلغاء الحد الحالي للإعفاء الجمركي، البالغ 150 يورو، على الطرود، وذلك بمجرد استكمال الإجراءات اللازمة -وهو أمر متوقع بحلول عام 2028- مع الالتزام بفرض رسوم جمركية مؤقتة على الطرود الصغيرة خلال الفترة الانتقالية. كما اقترحت المفوضية الأوروبية فرض رسوم عامة على المناولة، وهو إجراء لا يزال قيد النقاش.

وعلى نحو مختصر، يهدف الإصلاح إلى تحديث إجراءات الجمارك، وتعزيز التعاون بين سلطات الجمارك في الدول الأعضاء، وتحسين الرقابة على الواردات والصادرات. كما يعد بتحسين تحصيل الرسوم والضرائب، وتوفير حماية أفضل للسوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي.

ومن أجل تحقيق ذلك، سيجري إنشاء «منصة بيانات الجمارك الأوروبية»، التي ستخضع لإشراف هيئة الجمارك الأوروبية، التي لم تُنشأ بعد.

ومن المقرر أن تعمل هيئة الجمارك الأوروبية بوصفها مركزاً رئيسياً لدعم هيئات الجمارك في الدول الأعضاء. وبمجرد تشغيلها، سوف تسعى إلى تبسيط الإجراءات، وتحسين سلامة المشتريات الإلكترونية، وتزويد السلطات الوطنية بأدوات أكثر بساطة وتوحيداً.

ومن المتوقع أن يحقق الإصلاح عدة مزايا، من بينها تبسيط متطلبات الإبلاغ عبر جهة موحدة، وذلك توافقاً مع وعود رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بتقليص الروتين.

ويتوقع الاتحاد الأوروبي تحقيق توفير بقيمة مليارَي يورو سنوياً، عبر إحلال المنصة محل بنية تكنولوجيا المعلومات في الدول الأعضاء.

مقر هيئة الجمارك الأوروبية

من المقرر إنشاء هيئة الجمارك الأوروبية بداية من عام 2026، وسوف تتولي المفوضية الأوروبية مسؤولية إطلاقها. ومن المتوقع أن تحصل الشركات على أول فرصة وصول إلى منصة البيانات بحلول 2028، مع بدء الاستخدام الطوعي في 2032، ثم الإلزامي في 2038.

أما القرار الأول الحاسم فسوف يكون تحديد مقر الهيئة، وقد تقدمت تسع دول أعضاء الأسبوع الماضي، بملفات لاستضافة المقر: بلجيكا (لييغ)، وكرواتيا (زغرب)، وفرنسا (ليل)، وإيطاليا (روما)، وهولندا (لاهاي)، وبولندا (وارسو)، والبرتغال (بورتو)، ورومانيا (بوخارست)، وإسبانيا (مالقا).

وستقوم المفوضية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- الآن بدراسة الطلبات التسعة، على أن تضمن أن الموقع الذي يقع عليه الاختيار سوف يمكن الهيئة من أداء مهامها، واستقطاب كوادر مؤهلة ومتخصصة، وتوفير فرص تدريب.

ومن المتوقع صدور قرار في هذا الشأن خلال شهر فبراير (شباط)، تقريباً، بالتعاون بين الدول الأعضاء والبرلمان الأوروبي.

وسيتعيّن على الدولة المضيفة توفير مبانٍ جاهزة على الفور، وبنية تحتية متقدمة لتكنولوجيا المعلومات والأمن، ومساحة لما لا يقل عن 250 من الموظفين، إلى جانب غرف اجتماعات ذات تقنية عالية، و«منطقة آمنة» لإدارة المعلومات السرية، إلى جانب العديد من الشروط الأخرى.

حماية الأسواق الأوروبية

وقال وزير المالية البولندي، أندجي دومانسكي: «تجارة أكثر أماناً تعني أوروبا أكثر أماناً». وأوضح أن اتحاداً جمركياً «قوياً ومرناً» يضمن حماية السوق الداخلية وسلامة المستهلك والتنمية الاقتصادية المستقرة.

ولكن، ما تزال كيفية إدارة سياسات التجارة والجمارك المشتركة محل خلاف. ويأتي الإصلاح في الوقت المناسب، في الوقت الذي تسعى فيه العواصم الأوروبية إلى حماية القطاعات الاستراتيجية الرئيسية لديها في ظل تصاعد حدة التوتر في التجارة الدولية.

وتتعالى الدعوات في بعض الأوساط لإطلاق برنامج «صنع في أوروبا»، الذي يعطي أفضلية للمنتجات المحلية، وهو موقف تتبناه فرنسا، على نحو خاص.

وكانت المفوضية الأوروبية تعتزم نشر مبادرة أوروبية مرتبطة بهذا الأمر هذا الشهر، لكنها واجهت معارضة من جمهورية التشيك، وسلوفاكيا، وآيرلندا، والسويد ولاتفيا، وغيرها. وحسب ما ذكرته صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، أُجّل المقترح حتى مطلع العام المقبل.


الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين لتعزيز الصادرات والواردات في 2026 سعياً لنمو «مستدام»

آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)
آلاف الحاويات المُعدَّة للتصدير في ميناء نانجينغ العملاق شرق الصين (أ.ف.ب)

ذكر تلفزيون الصين المركزي (سي سي تي في) نقلاً عن مسؤول اقتصادي كبير، السبت، أن الصين تخطط لتعزيز الصادرات والواردات العام المقبل ضمن الجهود الرامية إلى تعزيز التجارة «المستدامة».

ويثير الفائض التجاري البالغ تريليون دولار الذي سجله ثاني أكبر اقتصاد في العالم توتراً مع شركاء بكين التجاريين، ويؤدي إلى انتقادات من صندوق النقد الدولي، ومراقبين آخرين يقولون إن نموذج النمو الاقتصادي الذي يركز على الإنتاج غير مستدام.

وقال هان ون شيو، نائب مدير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية المركزية، في مؤتمر اقتصادي: «يجب أن نلتزم بالانفتاح، ونعزز التعاون المربح للجانبين في قطاعات متعددة، ونوسع الصادرات مع زيادة الواردات في الوقت نفسه، لدفع التنمية المستدامة للتجارة الخارجية».

وأضاف أن الصين ستشجع صادرات الخدمات في عام 2026، متعهداً باتخاذ تدابير لتعزيز دخل الأسر، ورفع المعاشات الأساسية، وإزالة القيود «غير المعقولة» في قطاع الاستهلاك.

وحث صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع بكين على اتخاذ «الخيار الشجاع» بالحد من الصادرات، وتعزيز الطلب الاستهلاكي.

ووعد القادة الصينيون يوم الخميس بالإبقاء على سياسة مالية «نشطة» في العام المقبل لتحفيز الاستهلاك، والاستثمار، إذ يتوقع المحللون أن تستهدف بكين تحقيق نمو بنحو 5 في المائة.