واشنطن توسّع تضييقها على «حزب الله» من الميدان إلى الاقتصاد

الرئيس جوزيف عون أثناء استقباله وفد وزارة الخزانة الأميركية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس جوزيف عون أثناء استقباله وفد وزارة الخزانة الأميركية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
TT

واشنطن توسّع تضييقها على «حزب الله» من الميدان إلى الاقتصاد

الرئيس جوزيف عون أثناء استقباله وفد وزارة الخزانة الأميركية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس جوزيف عون أثناء استقباله وفد وزارة الخزانة الأميركية في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

يتقدّم المسار الأميركي في لبنان وسوريا على خطَّيْن متوازيَيْن: ضغط ميداني و لوجستي جنوباً لتقليص مساحة انتشار «حزب الله»، وخنق مالي تنفيذي يستهدف شبكة تمويله المدنية، بينما يشكّل الانفتاح الأمني على دمشق ذراعاً جديدة في استراتيجية تطويق الحزب عبر قطع شريان الإمداد.

في بيروت، شكّلت زيارة وفد وزارة الخزانة الأميركية مؤشراً على مرحلة أكثر صرامة من الملاحقة المالية. فالوفد، الذي ضمّ مسؤولين من وزارة الخزانة إلى جانب شخصيات من البيت الأبيض متخصّصة في مكافحة الإرهاب، نقل إلى المسؤولين اللبنانيين رسائل واضحة: «لم يعد الملف يقتصر على السلاح، بل على بنية الاقتصاد الموازي التي تغذّي (حزب الله)». وطالب الوفد بإغلاق المؤسسات المالية التابعة للحزب، وفي مقدمتها «القرض الحسن»، وتشديد الرقابة على مكاتب الصيرفة، والتحويلات النقدية التي تمرّ عبرها الأموال الإيرانية، وتفعيل آليات الامتثال المصرفي قبل انتخابات 2026.

رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام خلال محادثاته مع وفد «الخزانة» الأميركية (رئاسة الحكومة)

وبحسب مصادر اقتصادية، فإنّ الولايات المتحدة تعتبر أنّ «الاقتصاد النقدي» في لبنان بات رافعة غير مباشرة للحزب، وأنّ تحويلاته المالية من طهران تجاوزت المليار دولار منذ مطلع العام. كما لوّحت الخزانة بمهلة قصيرة لاتخاذ خطوات إصلاحية تحت طائلة تشديد العقوبات على أفراد ومؤسسات لبنانية متهمة بتسهيل التمويل.

من المواجهة العسكرية إلى الخنق المالي

في السياق، قال النائب اللبناني مارك ضو في تصريحٍ لـ«الشرق الأوسط» إنّ «المسار الأميركي تجاه (حزب الله) يشهد تحوّلاً واضحاً من المواجهة العسكرية إلى الخنق المالي واللوجستي»، مشيراً إلى أنّ «الوفد الأميركي الأخير الذي زار بيروت، والذي ضمّ مسؤولين من وزارة الخزانة إلى جانب شخصيات من البيت الأبيض متخصصة في مكافحة الإرهاب، يحمل دلالاتٍ تتجاوز الطابع المالي البحت».

وأوضح ضو أنّ «الزيارة تأتي في سياق توسيع الضغط على شبكة التمويل التي يعتمد عليها الحزب داخلياً، ولا سيما بعد تراجع نشاطه العسكري في الأشهر الأخيرة»، لافتاً إلى أنّ «الولايات المتحدة تعتبر أنّ خطّ الإمداد المالي أصبح الممرّ الأساسي لإعادة ترميم القدرات العسكرية للحزب، لذلك يجري تشديد المراقبة عليه».

تراجع القدرة التشغيلية

وأضاف أنّ «التحرك الأميركي لا يقتصر على لبنان، بل يمتدّ إلى سوريا، حيث بدأنا نلمس انفتاحاً أمنياً وسياسياً على دمشق يهدف إلى إعادة ضبط الحدود، ومنع استخدامها كمعبرٍ لوجستي للحزب»، موضحاً أن واشنطن «ترى من خلالها أنّ التعاون مع دمشق في ملف الحدود يخدم هدفها الأساسي المتمثّل في محاصرة (حزب الله) وإيران باعتبارهما خصمين مباشرين في الإقليم».

وأشار ضو إلى أنّ «هناك توجهاً واضحاً نحو ملاحقة مؤسسات الحزب المدنية، مثل جمعية (القرض الحسن)، وبعض المؤسسات الاجتماعية والتربوية المرتبطة به»، مؤكداً أنّ «التركيز على جمعية (القرض الحسن) تحديداً يعود إلى دورها في تأمين السيولة للحزب من خلال تسييل الذهب والكفالات، بعدما جرى تضييق الخناق على تعاملاته المصرفية التقليدية».

وأضاف أنّ «بعض هذه المؤسسات بات يعاني فعلاً من تراجع القدرة التشغيلية؛ فحتى المدارس التابعة للحزب تواجه صعوبات في تحصيل الرسوم ودفع رواتب الأساتذة، ما يعكس حجم الضغط المتنامي على البنية الاقتصادية الموازية التي بناها الحزب خلال العقود الماضية».

مناصرون لـ«حزب الله» يرفعون أعلاماً له وصوراً لأمينه العام الأسبق حسن نصر الله في الذكرى السنوية الأولى لاغتياله (أ.ف.ب)

ورأى ضو أنّ «المرحلة المقبلة ستشهد تصعيداً إضافياً على هذا المستوى، إذ يجري العمل على تجفيف منابع التمويل عبر السوق السوداء، ومنع التحويلات النقدية غير الشرعية، بالتوازي مع برنامج صندوق النقد الدولي الذي يسعى إلى تنظيم الدورة المالية في لبنان»، مشيراً إلى أنّ «هذا الضغط متعدد الأوجه سيؤدي تدريجياً إلى تغيير في المشهد السياسي اللبناني، لأنّ السلاح والمال في نظر واشنطن وجهان لأزمة واحدة».

عدم ترك الجنوب للحزب

من جانب آخر، أكدت مصادر مطلعة على لقاءات المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس خلال زيارتها الأخيرة لبيروت أنّ «المسؤولة الأميركية تحدثت بجدّية عن ضرورة عدم ترك الساحة الجنوبية لمؤسسات (حزب الله) التنموية والاجتماعية». وأوضحت المصادر أنّ «الطرف الأميركي شدد على أنّ الحضور المدني للحزب لا يقلّ خطورة عن وجوده العسكري، لأنّ هذه المؤسسات تشكل بيئة حاضنة دائمة، وتمويلاً موازياً لبنيته التنظيمية».

حزب سياسي أم مزيد من التضييق

بدوره، يتحدث الكاتب والمحلل السياسي مروان الأمين عبر «الشرق الأوسط» عن «مجموعات في سوريا تتعاون اليوم مع (حزب الله) والإيرانيين في تهريب السلاح، ليس بدافع عقائدي أو سياسي بل إنه طمع في المال، إذ يقوم الحزب بشراء خدمات هذه المجموعات لنقل السلاح والمخازن من سوريا إلى لبنان».

وأضاف الأمين أنّ «دخول سوريا رسمياً في التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، مع ما يرافقه من دعوات دولية واضحة لبسط سلطة الدولة السورية على كامل الأراضي، من المفترض أن يساهم في منع هذا النوع من التهريب إلى لبنان، وبالتالي إلى الحزب»، لافتاً إلى أنّ «الزيارة الأميركية الأخيرة إلى بيروت لم تكن تشاورية فحسب، بل بحثت أيضاً في استمرار (حزب الله) في تهريب الأموال عبر المرافئ والمعابر، مع تأكيد على أهمية تشديد الرقابة في هذا الإطار».

من هنا شدد على أنّ «الضغط على (حزب الله) لم يعد سياسياً أو عسكرياً فقط، بل بات مالياً مباشراً يستهدف بنية الحزب التمويلية، وشبكاته المنتشرة حول العالم».

واعتبر الأمين أنّ «المنطقة دخلت مرحلة جديدة عنوانها الاستقرار الاقتصادي، والمشاريع العابرة للحدود، ولن يُسمح باستمرار نماذج كـ(حزب الله) أو (حماس) تهدد هذه المشاريع»، مضيفاً أنّ «تجفيف منابع تمويل الحزب سيؤدي تدريجياً إلى تراجع مؤسساته الاجتماعية والتربوية، ما يضعه أمام خيارين: إما أن يتحول إلى حزب يعمل تحت سقف القانون، أو أن يبقى تنظيماً ملاحقاً دولياً».


مقالات ذات صلة

الرئيس اللبناني: التفاوض لا يعني الاستسلام ونعمل لإبعاد شبح الحرب

المشرق العربي الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

الرئيس اللبناني: التفاوض لا يعني الاستسلام ونعمل لإبعاد شبح الحرب

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون «أن التفاوض لا يعني استسلاماً ونعمل على تثبيت الأمن والاستقرار والمهم في ذلك إبعاد شبح الحرب».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عنصران من الشرطة في سوريا (الشرق الأوسط)

«الداخلية السورية» تُعلن إحباط محاولة تهريب شحنة أسلحة إلى لبنان

أعلنت وزارة الداخلية السورية، الأربعاء، إحباط محاولة تهريب شحنة أسلحة إلى لبنان.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

مثل رجلان بريطانيان من أصول لبنانية أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، بعد توجيه اتهامات لهما بالانتماء إلى جماعة «حزب الله»

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، مساء الثلاثاء، شاحنة صغيرة على ساحل جبل لبنان الجنوبي، في تصعيد لافت بمداه الجغرافي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللنباني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

زيارة الدبلوماسيين لجنوب لبنان... دعم دولي للمسار الدبلوماسي ولإجراءات الجيش

تابع رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون، الثلاثاء، التحضيرات للاجتماع المقرر عقده بباريس للبحث في حاجات الجيش.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الرئيس اللبناني: التفاوض لا يعني الاستسلام ونعمل لإبعاد شبح الحرب

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
TT

الرئيس اللبناني: التفاوض لا يعني الاستسلام ونعمل لإبعاد شبح الحرب

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)
الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال استقباله السفير سيمون كرم في قصر بعبدا (الرئاسة اللبنانية)

أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون «أن التفاوض لا يعني استسلاماً، ونعمل على تثبيت الأمن والاستقرار، والمهم في ذلك إبعاد شبح الحرب، وإعادة الإعمار، وتثبيت الناس في أرضهم».

وأتت مواقف عون خلال استقباله المجلس الجديد للجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بقصر بعبدا، حيث كان له لقاء أيضاً مع رئيس الوفد اللبناني إلى المفاوضات في لجنة «الميكانيزم» السفير سيمون كرم، وزوّده بتوجيهاته عشية الاجتماع المقبل للجنة المقرر الجمعة. ولجنة «الميكانيزم» هي آلية دولية أُنشئت لمراقبة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال القتالية بين لبنان وإسرائيل في نوفمبر (تشرين الثاني) العام الماضي.

التفاوض لا يعني استسلاماً

وتحدث عون مطولاً عن المفاوضات الجارية بين لبنان وإسرائيل، والجهود التي تُبذل لإبعاد شبح الحرب، قائلاً: «نعمل من خلال التفاوض على تثبيت الأمن والاستقرار، خصوصاً في الجنوب، حيث تستمر الاعتداءات الإسرائيلية من وقت إلى آخر. وهذا التفاوض لا يعني استسلاماً». وأضاف: «نحن نعتمد على المواقف التي يتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب واهتمامه بموضوع السلام، ونعمل ما علينا في هذا الاتجاه».

لبنان لا يمكن أن يذهب للحرب

وشدّد عون على «أن لبنان يُعاد بناؤه، ويعود للانتعاش من جديد، ولا يمكن له أن يذهب للحرب. وأنا، بصفتي رئيساً للجمهورية، سأسلك أي طريق يقودني إلى مصلحة لبنان، والمهم في ذلك إبعاد شبح الحرب، وإعادة الإعمار، وتثبيت الناس في أرضهم، وإنعاش لبنان اقتصادياً وتطوير دولته. هذا هو هدفي، وإذا كان من أحد لديه مشكلة مع هذا الهدف فليقل لي».

وشدّد عون «على ضرورة نقل الصورة الحقيقية عن لبنان في الخارج، لأنه، وللأسف، فإن البعض من اللبنانيين فيه ينقلون الصورة السيئة»، لافتاً إلى «ضرورة أن يكون اللبنانيون مع لبنان لا مع شخص (محدد)»، عادّاً أن من يسوّق للحرب انفضح دوره، مشيراً إلى أن «ثمة من يعيش على نفَس الحرب لإجراء الانتخابات على أساسها». وتساءل: «هل يجوز لهذا البعض أن يشوّه الصورة الحقيقية، ويبث الشائعات، ويخيف اللبنانيين، ويطلب الحرب لمصلحته الانتخابية، فيما علينا التمسّك بحسنا ومسؤوليتنا الوطنية في هذا الظرف الدقيق الذي نمر به؟».

وختم الرئيس اللبناني بالثناء على ما يقوم به الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى، مشدداً على أن رد أموال المودعين في المصارف هو أحد أبرز أهدافه، متمنياً أن يشهد العام المقبل «ميلاد لبنان الجديد والدولة الجديدة الخالية من الفساد، وقد عادت إلينا أراضينا وعاد أهلنا إليها».

لا تعيينات جديدة في لجنة «الميكانيزم»

وإثر لقائه رئيس الجمهورية، حيث أجرى معه جولة تناولت الأوضاع السياسية الراهنة، تحدّث نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب نافياً معلومات أشارت إلى التوجه لتعيين شخصيات مدنية لبنانية جديدة في لجنة «الميكانيزم» المكلفة بالإشراف على وقف النار مع إسرائيل. وقال: «الكلام الذي صدر في الإعلام حول تعيين سفراء آخرين غير السفير كرم، لا أعتقد أن فخامته في جوّه أو أنه على علم بهذا الموضوع. هذا كلام صدر في الإعلام، ونحن نعلم أن السفير كرم لديه من الكفاءة التي تجعله يقوم بالمهمة، ولم تكن هناك أي مطالبة بإضافة آخرين على هذا الوفد، حسبما سمعت من فخامته».

ولفت بوصعب إلى أنه اطلع من رئيس الجمهورية على العمل الذي تقوم به لجنة «الميكانيزم». وقال: «هذا العمل محل تقدير؛ لأن أسئلة جميع اللبنانيين الذين هم في الخارج، تتمحور حول ما إذا كان بإمكانهم المجيء لتمضية فترة العيد في لبنان، وإذا كان هناك هدوء»، واصفاً الوضع في البلاد بـ«المطمئن».

اجتماع أمني وإجراءات لمتابعة التدابير خلال الأعياد

في موازاة ذلك، عقد وزير الداخلية والبلديات، أحمد الحجار، اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي خُصص لعرض الأوضاع الأمنية العامة في البلد، ومتابعة التدابير والإجراءات الأمنية المتخذة لمناسبة الأعياد، بهدف الحفاظ على الأمن والاستقرار وسلامة المواطنين، خصوصاً في الأماكن التي ستشهد ازدحاماً مرورياً واحتفالات.

وطلب الوزير الحجار رفع الجهوزية القصوى، وتعزيز التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية والدفاع المدني، داعياً إلى «اتخاذ كل التدابير التي من شأنها ضمان سرعة الاستجابة لأي طارئ».

وأعطى الحجار توجيهاته للانتشار والتمركز في محيط الكنائس ودور العبادة، وأماكن السهر خلال عيدي الميلاد ورأس السنة، والتشدد في إجراءات حفظ الأمن والنظام، وتعزيز تدابير السير على الطرق العامة لتسهيل أمور المواطنين.

كما أكد الوزير الحجار «ضرورة تكثيف الجهد الاستعلامي الأمني لمنع أي أعمال مخلة بالأمن، لا سيما إطلاق النار في الهواء، وملاحقة المرتكبين وإحالتهم إلى القضاء المختص».

وخلال الاجتماع، أثنى الحجار على عمل الأجهزة الأمنية كافة، وعلى التدابير المتخذة في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، مؤكداً أهمية مواصلة هذا الجهد «لضمان حُسن سير العمل في المطار، وتسهيل أمور الوافدين والمغادرين».


توغل إسرائيلي جديد في القنيطرة السورية

الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (سانا)
الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (سانا)
TT

توغل إسرائيلي جديد في القنيطرة السورية

الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (سانا)
الطريق إلى جبا بريف القنيطرة (سانا)

توغلت قوات إسرائيلية مجدداً، مساء الأربعاء، في عدة قرى بريف محافظة القنيطرة.

وذكر مراسل وكالة «سانا» الرسمية في القنيطرة، أن «قوة تابعة للاحتلال الإسرائيلي مؤلَّفة من أربع آليات؛ واحدة مصفحة، وأخرى من نوع همر، واثنتين من نوع هايلكس، توغلت في مدينة القنيطرة المهدمة، وقامت بنصب حاجز مؤقت على دوار العلم لمدة 15 دقيقة، قبل أن تتوجه باتجاه قرية الصمدانية الشرقية وصولاً إلى تل كروم جبا في ريف القنيطرة الشمالي».

كانت قوات إسرائيلية قد توغلت، الثلاثاء، في عدة قرى وبلدات بريف القنيطرة الجنوبي.

وأوضحت«سانا» أن إسرائيل«تواصل سياساتها العدوانية وخرقها اتفاق فض الاشتباك عام 1974 عبر التوغل في أرياف القنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين، فيما تطالب سوريا باستمرار، بخروج الاحتلال من أراضيها، وتدعو المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسؤولياته وردع هذه الممارسات غير المشروعة».


إنارة شجرة الميلاد بسوريا في مواجهة شبح الإرهاب والوضع الاقتصادي

إنارة شجرة السقيلبية في ريف حماة الغربي (صفحة أسرة التعليم الديني)
إنارة شجرة السقيلبية في ريف حماة الغربي (صفحة أسرة التعليم الديني)
TT

إنارة شجرة الميلاد بسوريا في مواجهة شبح الإرهاب والوضع الاقتصادي

إنارة شجرة السقيلبية في ريف حماة الغربي (صفحة أسرة التعليم الديني)
إنارة شجرة السقيلبية في ريف حماة الغربي (صفحة أسرة التعليم الديني)

يستعد المسيحيون في سوريا للاحتفال بعيد الميلاد للمرة الثانية بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد البائد، برغم سيطرة مخاوف أمنية من هجمات إرهابية محتملة، مع مواصلة السلطات السورية حملتها ضد تنظيم «داعش» الذي ارتفعت وتيرة استهدافاته لعناصر الأمن، والجيش في الأيام الأخيرة، وبرغم الأوضاع الاقتصادية المتعبة، بعد رفع أسعار الكهرباء.

وبينما زينت شجرات الميلاد كنائس العديد من المناطق وسط اهتمام رسمي وشعبي، لا تزال بعض الكنائس تتردد في إظهار البذخ بإنارة الشجرة، والزينات.

بازار في كنيسة الكيرلس في حي القصاع الدمشقي (متداولة)

في مشهد يبدو مستجداً على العاصمة دمشق، بدأت الأسواق التجارية وسط العاصمة دمشق، منها الشعلان، والحمرا، بوضع زينة الشجرة وعيد الميلاد قبل وضعها في حي القصاع المسيحي. ويقول جوزيف، وهو أحد سكان الحي، إنها المرة الأولى التي يتأخر فيها «سوق القصاع» بتزيين الشجرة في حين أن حيي «باب توما» و«باب شرقي» المسيحيين، علقا الزينات منذ بداية الشهر الجاري. وردّ الأسباب إلى عاملين، الأول: هو حالة الخوف التي لا تزال تسيطر على عدد كبير من المسيحيين منذ تفجير كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة، واحتمال استهداف الاحتفالات، وخاصة أن هناك متشددين ما زالوا يقومون بأعمال استفزازية بين حين وآخر. والسبب الثاني: اقتصادي بعد رفع أسعار الكهرباء في ظل وضع معيشي سيئ.

وأشار جوزيف إلى ما حصل لدى تزيين شجرة الدويلعة قبل عشرة أيام، حين مرّ شخصان يركبان دراجة نارية قريباً من الاحتفال وهما يرفعان «علم التوحيد» احتفالاً بعيد التحرير مع هتاف التكبير، ما أثار الذعر، والظن بأنهما سيفجران الشجرة، وحصل تدافع ورعب شديدان. وقال: «هذه الحادثة كشفت عن حالة الذعر لدى الأهالي التي عززها تفجير الكنيسة قبل أشهر».

محافظ حلب خلال افتتاح «القرية الميلادية» في المدينة (متداولة)

وتعرضت كنيسة مار إلياس في الدويلعة لهجوم انتحاري في يونيو (حزيران) الماضي، أدى إلى مقتل 25 شخصاً، وإصابة 60 آخرين، واتهمت السلطات السورية تنظيم «داعش» بالمسؤولية عن التفجير.

حنين يوسف من الدويلعة قال «إن مخاوف المسيحيين هذا العام تختلف عن العام الماضي، فقبل عام وفور سقوط النظام، كان الخوف من المجهول القادم قوياً جداً، لكن الآن، هناك جهات أمنية، وحكومة ننسق معها، وتقدم الحماية للتجمعات، والخوف هو من العناصر المتشددة، والمنفلتة التي تهدد الجميع».

وأعلنت وزارة الداخلية السورية ليل الثلاثاء-الأربعاء عن تفكيك خلية تتبع تنظيم «داعش» في إدلب، وقالت إن زعيم الخلية قتل فيما تم القبض على ثمانية آخرين في عملية نوعية نفذتها بالتعاون مع جهاز الاستخبارات العامة في محافظة إدلب.

وجاءت العملية بعد عدة هجمات استهدفت عناصر الأمن، ودوريات الطرق، والجمارك في ريفي حلب وإدلب، وبعد هجوم استهدف جنوداً أميركيين في تدمر قبل أيام.

المخاوف من الإرهابيين والمتشددين لم تمنع المسيحيين من إقامة الاحتفالات، وكان لافتاً هذا العام احتفال البلدات المسيحية في ريف إدلب بعيد الميلاد، حيث تزينت شوارع وكنائس بلدتي اليعقوبية، والقنية اللتين عاد إليهما قسم كبير من المهجرين الصيف الماضي، كما أعيد افتتاح كنيسة اليعقوبية... وفي مدينة السقيلبية ذات الغالبية المسيحية بريف حماة الغربي، التي تعرضت شجرة الميلاد فيها العام الماضي إلى اعتداء وحرق من قبل مجهولين، قام العميد محمد الجاسم قائد «الفرقة 62» في الجيش السوري بحماة، بالتبرع لدعم تزيين الشجرة هذا العام، في تأكيد على الدعم الرسمي للاحتفالات.

ونقلت «وكالة سانا» الرسمية عن عدد من أهالي السقيلبية التأكيد على أن «الاحتفال هذا العام يحمل رمزية مضاعفة، إذ يجمع بين فرحة الميلاد وذكرى التحرير»... وفي مدينة محردة ذات الغالبية المسيحية بريف حماة أيضاً، جرى احتفال رسمي لإنارة شجرة الميلاد وقال مطران حماة نيقولاوس بعلبكي: «فرحتنا اليوم مضاعفة؛ فرحة الميلاد، وفرحة مرور عام على ولادة سوريا الجديدة». وفي مدينة القصير بريف حمص، أثار مسلمون من أهالي المدينة جدلاً حول أسباب تأخر إنارة الشجرة، وقدموا اقتراحات بإنارة شجرة في ساحة المدينة إن لم ترغب الكنيسة بإنارتها هذا العام، وردت الكنيسة ببيان أوضحت فيه أنها لم تتأخر وأنها اعتادت إنارة الشجرة قبل العيد بأربعة أو خمسة أيام.

«القرية الميلادية» في حلب (فيسبوك)

وكانت الكنائس في مدينتي اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري سباقة في بدء الاحتفالات بعيد الميلاد بحضور رسمي. وقال مطران اللاذقية أثناسيوس فهد في كلمة ألقاها في أحد الاحتفالات: «نيّتنا كسوريين أن نزيّن بلدنا كما نزيّن شجرة الميلاد، بكل إمكانياتنا ومواهبنا، لتبقى سوريا شامخة، وللجميع». كما شهدت حلب احتفالاً مميزاً بافتتاح «القرية الميلادية» في «دير الأرض المقدسة»، بحضور محافظ حلب ومسؤولين بالحكومة، وعدد من رجال الدين، والرهبان، والراهبات.

ويعتبر المسيحيون في سوريا العيد فرصة للمشاركة في نشاطات اجتماعية وثقافية داعمة للأسر من خلال حفلات الفرق النحاسية، والبازارات الخاصة بترويج الأعمال اليدوية المنزلية، والمشاريع الصغيرة، ومشاريع الدعم، والرعاية للشرائح الضعيفة.

ميليسيا عيسى، أخصائية في العلاج النفسي الحركي من مركز «يد الرب» التابع لكنيسة السريان، قالت لـ«الشرق الأوسط» إن عيد الميلاد، والبازارات، والأنشطة التي ترافقه «مناسبة لعرض مشروع دعم ذوي الإعاقة من كل الحالات، والأعمار، ومن كل الأطياف، بهدف دمجهم في المجتمع، باعتبار ذلك رسالة سلام للجميع».

وقالت «إن العمل مع ذوي الإعاقة يعلمنا النظر للإنسان ككيان، ومشاعر بغض النظر عن الانتماء الطائفي، وهذا يذكرنا بأننا أكبر من أي شحن طائفي، وقادرون على الحب وخدمة بعضنا البعض، فالأطفال ذوو الإعاقة هم رسالة تحتاج لعيون تقرأها».