دوّت صفارة نهاية الشوط الأول في ملعب ستامفورد بريدج مساء السبت وسط صيحات استهجان لم تختلف رتابتها عن أداء الشوط الأول نفسه. فقد كان تشيلسي مسيطراً تماماً على مجريات اللعب، فيما لم ينجح وولفرهامبتون في تسديد أي كرة، لكن الفريق الضيف نجح في إحباط محاولات فريق المدرب الإيطالي إنزو ماريسكا بأسلوب دفاعي منظم، وذلك وفقاً لشبكة « The Athletic».
بدا وكأن سيناريو مألوفاً يتكرر؛ إذ عانى تشيلسي هذا الموسم أمام الفرق التي تعتمد على التكتل الدفاعي والخطوط الخماسية، فتعادل (2 - 2) مع برينتفورد، وخسر (2 - 1) على أرضه أمام سندرلاند. وقد أدركت الفرق المنافسة أن هذا الأسلوب فعّال في قطع الإمدادات عن المهاجمين في عمق هجوم تشيلسي. ومع ذلك، فإن الفوز (3 - 0) على وولفرهامبتون أظهر أن فريق ماريسكا بدأ يتعلم كيفية التكيّف مع هذه المعضلة.
أمام وولفرهامبتون ونوتنغهام فورست اللذين اعتمدا بدورهما على خط دفاعي مكوّن من خمسة لاعبين، أنهى تشيلسي شوطين أولين مسيطراً لكن دون فاعلية هجومية، قبل أن ينتفض في الشوط الثاني بتسجيل ثلاثة أهداف في كل مباراة. وتُظهر الخرائط التحليلية لتسديدات الفريق في هاتين المباراتين أن فرص تشيلسي في الشوط الأول كانت محدودة وضعيفة الجودة، معظمها من أطراف منطقة الجزاء.
وعلى الرغم من بعض اللمحات الإيجابية من بيدرو نيتو، ولا سيّما أليخاندرو غارناتشو على الجناحين، فإن الفريق قد واجه صعوبة في إيجاد المساحات في العمق. فحين مرّر نيتو الكرة إلى مالو غوستو عند حافة المنطقة، حاول الأخير إيصالها إلى ليام ديلاب، لكنه اصطدم بجدار دفاعي متكتل. ارتدت الكرة إلى مارك كوكوريا الذي قرّر التسديد من بعيد وسط الزحام، لكن كرته ذهبت بعيداً، وأثارت قلق الجماهير أكثر مما أقلقت حارس وولفرهامبتون سام جونستون.
تكرّر هذا المشهد كثيراً؛ إذ وجد لاعبو تشيلسي أنفسهم مضطرين إلى الاعتماد على التسديدات البعيدة عندما انسدت أمامهم المساحات داخل الصندوق. ورغم سرعة أجنحة الفريق وقدرتهم على الوصول إلى الثلث الأخير من الملعب، فإن ترجمة ذلك إلى فرص حقيقية كانت صعبة. أما المهاجم ليام ديلاب، الذي شارك أساسياً للمرة الأولى منذ تعافيه من إصابة في أوتار الفخذ في أغسطس (آب)، فكان الأقل لمساً للكرة بين جميع اللاعبين الأساسيين في المباراة.
وقال ماريسكا عقب اللقاء: «مهمة ليام لم تكن سهلة لعدة أسباب، أهمها أنه عاد بعد فترة طويلة من الغياب، إضافة إلى أن الخصم كان متراجعاً بأحد عشر لاعباً على مشارف المنطقة، مما جعله من دون مساحة للتحرك».
ورغم الملل والبطء اللذين سيطرا على الشوط الأول، فإن النصف الثاني من المباراة أظهر تقدّم تشيلسي في تعامله مع هذا النوع من الخصوم. فبدلاً من الانجرار وراء التوتر، لجأ الفريق إلى الصبر وإجراء تغييرات ذكية والعودة إلى الأساسيات حتى حقق فوزاً مهماً.
مع ازدياد الإحباط في الشوط الأول، بدأ الفريق يرسل كرات عرضية عشوائية، ويظهر تسرّعاً في إنهاء الهجمات، وهو ما تكرّر أيضاً أمام نوتنغهام فورست في الأسبوع الثامن من الدوري. في إحدى اللقطات، حاول نيتو إرسال الكرة إلى غارناتشو المعزول في القائم البعيد بدلاً من رفعها في منطقة الازدحام، بينما حاول غارناتشو تنفيذ تسديدة استعراضية على طريقة «الدراجة الهوائية» التي سجل منها عام 2023 أمام إيفرتون، بدلاً من السيطرة على الكرة وتسديدها واقعياً.
وجاء هدف التقدم الأول عبر مالو غوستو بطريقة بسيطة وفعالة، إذ حوّل كرة عرضية متقنة برأسه من مسافة قريبة إلى الشباك، في أول هدف له مع النادي في مباراته الثامنة والتسعين. وكان هذا الهدف مشابهاً لرأسية جوش أتشيمبونغ التي افتتحت التسجيل أمام نوتنغهام فورست. وفي المباراتين، أثمرت البساطة والتركيز على الكرات العرضية والركلات الثابتة عن نتائج إيجابية، ما يشير إلى أن التخلي عن بعض الجماليات قد يكون ثمناً مقبولاً من أجل الفاعلية.
لكن إدخال لمسة فنية لا يضرّ، وهنا ظهر البديل البرازيلي الشاب استيفاو في الدقيقة الرابعة والستين، وبعد دخوله بدقيقتين فقط صنع الهدف الثاني لزميله جواو بيدرو. فانطلاقته السريعة أربكت دفاع وولفرهامبتون، وجذبت لاعبين اثنين نحوه، ما فتح المساحات في منطقة الجزاء. وبينما تركزت أنظار المدافعين عليه، تسلل بيدرو خلفهم وسجّل الهدف بسهولة.
ويُعدّ استيفاو الورقة الرابحة لماريسكا في الأوقات الحاسمة، لكنه ليس الوحيد القادر على كسر التكتلات الدفاعية. فمارك غويو، بضغطه المستمر، وجيمي غيتنز بمهاراته، ورييس جيمس بقوته الهوائية، يشكلون جميعاً عناصر فعالة عند مواجهة دفاعات مرهقة.
وسيستعيد الفريق قريباً جهود كول بالمر بعد تعافيه من إصابة في العضلة الضامة، وهو لاعب يملك حركة ذكية من دون كرة، وقدرة على التسديد من خارج المنطقة، ما يمنح الفريق خياراً إضافياً ضد الدفاعات المغلقة. وكان بالمر قد سجل أربعة من أهداف تشيلسي الأحد عشر من خارج منطقة الجزاء في الموسم الماضي.
ومع أن تشيلسي سيواجه دفاعات أقوى من دفاع وولفرهامبتون هذا الموسم، فإن هذا الفوز يُعدّ مهماً من الناحية المعنوية والتكتيكية. فبعد أن أثبت الفريق قدرته على مجاراة الكبار مثل ليفربول في المواجهات الكبرى، بدأ الآن يُظهر أنه قادر على تجاوز الفرق التي تعتمد على التكتل الدفاعي أيضاً.

