«مصالح متضاربة» تفرق الكرد في برلمان العراق

حزب طالباني يرفض التخلي عن منصب رئيس الجمهورية

أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني في ملعب فرانسو حريري بمدينة أربيل قبيل الانتخابات البرلمانية في البلاد (أ.ف.ب)
أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني في ملعب فرانسو حريري بمدينة أربيل قبيل الانتخابات البرلمانية في البلاد (أ.ف.ب)
TT

«مصالح متضاربة» تفرق الكرد في برلمان العراق

أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني في ملعب فرانسو حريري بمدينة أربيل قبيل الانتخابات البرلمانية في البلاد (أ.ف.ب)
أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني في ملعب فرانسو حريري بمدينة أربيل قبيل الانتخابات البرلمانية في البلاد (أ.ف.ب)

حتى الدورة الانتخابية التي جرت عام 2014، كانت القوى الكردية تتمتع بنفوذ معتاد ورثته عبر البرلمانات السابقة، وهو نفوذ مدعوم بعاملين أساسيين، يرتبط الأول بتلاحم القوى الكردية وخاصة الحزبين الرئيسين، «الحزب الديمقراطي» و«الاتحاد الوطني»، عبر اسم «التحالف الكردستاني»، فيما يرتبط العامل الآخر بـ«العلاقة التاريخية» مع القوى الشيعية التي باتت مهيمنة بعد 2003، واشتركت معها سابقاً في معظم نشاطات المعارضة ضد نظام صدام حسين.

ويقف الكرد اليوم على أعتاب مرحلة جديدة يتوجب عليهم فيها «توحيد الصفوف لبلورة موقف صلب في بغداد»، على حد قول مسؤول كردي سابق.

ويعتقد المسؤول الذي يفضل عدم الإشارة إلى اسمه، أن «ملامح الانقسام الشديد داخل القوى الكردية وضعف موقفها في بغداد ارتبطت بشكل بكبير بـ(استفتاء الاستقلال) الذي أجراه الكرد في سبتمبر (أيلول) عام 2017».

ويشير إلى أن ذلك الحدث «عمق انقسام الكرد وأضعف موقفهم، خاصة بعد خسارتهم للنفوذ الأمني والسياسي وحتى الاقتصادي في محافظة كركوك».

ويرى أن ذلك «أدى إلى ما ظهر لاحقاً على شكل تصدع خطير في العلاقة بين الحزبين (الديمقراطي) و(الاتحاد الوطني) وأفضى تالياً إلى تصدع (التحالف الكردستاني) وتراجع نفوذ ودوره الحاسم في البرلمان الاتحادي والحكومة في بغداد».

ويضيف أن «صعود قوى السلاح والفصائل المناهضة لكردستان بعد انتخابات عام 2018، أدى كذلك إلى إضعاف الموقف الكردي وانقسامه، ولا يمكن عودة الدور الكردي في بغداد إلا عبر عودة التحالف الكردستاني الذي تعمل تحت مظلته معظم القوى والأحزاب الكردية».

نيجرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق يستعد للإدلاء بصوته في أحد مراكز الاقتراع في أربيل (أ.ف.ب)

اصطفافات براغماتية

وعن إمكانية استعادة الكرد لدورهم الفعال في بغداد بعد إعلان نتائج الانتخابات العامة وما يليها من مفاوضات، يقول القيادي في حزب «الاتحاد الوطني» سوران الداوودي لـ«الشرق الأوسط» إنه «من المرجّح أن يكون الحضور الكردي في بغداد هذه المرة أكثر كثافة وتأثيراً، خاصة أن معظم المشاكل التي يعاني منها الإقليم – سواء كانت مالية أو إدارية أو سياسية – لا يمكن حلها إلا عبر بغداد، وهو ما سيدفع القوى الكردية إلى تعزيز وجودها ومشاركتها في مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة».

وحول إمكانية استعادة «التحالف الكردستاني» لأدواره السابقة في بغداد، يرى الداوودي، أن «التحالفات والاصطفافات السياسية في العراق لم تعد قائمة على أسس قومية بحتة كما في السابق، بل أصبحت أكثر براغماتية ومرتبطة بالمصالح السياسية. ومع ذلك، تبقى وحدة الموقف الكردي مطلباً أساسياً لاستعادة التأثير السابق في بغداد».

ويتابع الداوودي: «من الواضح أن الحزبين الكرديين – الديمقراطي والاتحاد – يدركان حاجتهما لبعضهما رغم الخلافات، لأن تفرّق الموقف الكردي في الدورة الماضية أضعف حضورهما في المفاوضات».

وعن منصب رئاسة الجمهورية الذي يذهب إلى الكرد ممثلين بحزب «الاتحاد الوطني» والتنافس الذي تظهره قوى سنية على هذا المنصب التشريفي، أكد الداوودي أنه «لا يمكن للكرد التنازل عن منصب رئاسة الجمهورية، فهو استحقاق قومي وتاريخي يمثل إحدى ركائز التوازنات السياسية في العراق، أي أن أي تنازل عنه سيُعدّ إخلالاً بالتوافقات التي ضمنت مشاركة الكرد في العملية السياسية».

ويعتقد الداوودي أن دخول المبعوث الأميركي مارك سفايا بوصفه فاعلاً في المساحة العراقية قد يساعد الكرد، كما سيمنح جميع الأطراف فرصة للاستفادة من الدور الأميركي في تحقيق التوازن وضمان التفاهمات المستقبلية.

وبشأن الضمانات الإضافية التي سيطلبها من رئيس الوزراء الجديد للمشاركة في الحكومة المقبلة، يرجح الداوودي ذلك، وأنها «ستتعلق بملفات حساسة مثل، مرتبات موظفي الإقليم، وعائدات النفط، وحصة الإقليم من الموازنة الاتحادية. فالتجارب السابقة أثبتت أن الوعود وحدها غير كافية دون وجود التزامات قانونية واضحة».

بافل جلال طالباني زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني يملأ ورقة اقتراعه في أحد مراكز التصويت بمدينة السليمانية (أ.ف.ب)

تقارب الحزبين الرئيسيين

يعتقد كفاح محمود المستشار الإعلامي لزعيم «الحزب الديمقراطي» مسعود برزاني، أن موقف الكرد في بغداد بعد الانتخابات العامة، سيعتمد على «مدى التقارب الذي سيحصل ما بين الحزبين الرئيسيين الديمقراطي والاتحاد، وإذا نجحت محاولات التقارب، وهي جاريه طبعاً وهناك اجتماعات روتينية بينهم، فإن دورهم سيتغير تماماً عما حدث خلال السنوات الماضية».

لكن محمود يرى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «التاريخ لا يعيد نفسه ومن الصعب جداً العودة إلى الوراء، لأنه لكل حقبة زمنية مواصفاتها ووسائلها، لكن المؤكد، أنه كلما كانت الأحزاب الكردية قريبة من بعضها على مستوى المصالح العليا للإقليم، عزز ذلك موقع الكرد في بغداد على المستويين التشريعي والتنفيذي».

ويضيف أن «تجاوز الخلافات بين الحزبين ونجاحهم في تشكيل حكومة الإقليم المؤجلة منذ نحو عام، سيلقيان بظلالهما الإيجابية على موقف الكرد في بغداد وسيعزز نجاحهم في الإقليم من مكانتهم ووزنهم السياسي في بغداد».

ومع تأكيد محمود على عدم تنازل الكرد عن منصب رئاسة الجمهورية المخصصة للمكون الكردي مثلما خصص منصب رئاسة الوزراء للمكون الشيعي والبرلمان للسني، يشير إلى «إمكانية تغير الظروف والمواقع تبعاً للصفقات السياسية التي ستأتي لاحقاً».


مقالات ذات صلة

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بجانب نوري المالكي خلال مناسبة دينية في بغداد (إعلام حكومي)

العراق يصنف «سهواً» حلفاء إيران «إرهابيين»... وارتباك داخل «التنسيقي»

في غضون ساعات، تراجع العراق عن وضع «حزب الله» وجماعة «الحوثي» على قائمة إرهاب، بعد ارتباك وذهول بين أوساط حكومية وسياسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي مناصرون يحملون أعلام «حزب الله» اللبناني في بيروت (رويترز)

السوداني يوجه بالتحقيق في خطأ يتعلق بقائمة لتجميد أموال شملت «حزب الله» و«الحوثيين»

وجَّه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، اليوم الخميس، بتحقيق عاجل ومحاسبة المقصرين بشأن الخطأ بقرار لجنة تجميد الأموال.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)
المشرق العربي 
القنصلية الأميركية الجديدة تمتد على مساحة تفوق مائتي ألف متر مربع وتضم منشآت أمنية مخصصة لقوات «المارينز» (إكس)

واشنطن تدعو العراقيين للتعاون ضد ميليشيات إيران

دعا مسؤول أميركي بارز، العراقيين إلى التعاون «لمنع الميليشيات الإيرانية من تقويض الاستقرار» في العراق.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني خلال مراسم افتتاح القنصلية الأميركية في أربيل بإقليم كردستان العراق (شبكة روداو)

واشنطن للتعاون مع الشركاء العراقيين لتقويض الميليشيات الإيرانية

قالت الولايات المتحدة إنها تكثف تعاونها مع بغداد وأربيل لمنع الفصائل المسلحة الموالية لإيران من تقويض استقرار العراق.

«الشرق الأوسط» (أربيل)

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
TT

عون يطالب وفد مجلس الأمن بالضغط على إسرائيل لتطبيق اتفاق وقف النار والانسحاب

صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)
صورة من لقاء الرئيس اللبناني جوزيف عون مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن اليوم في القصر الجمهوري في بعبدا (صفحة الرئاسة اللبنانية على «إكس»)

قالت الرئاسة اللبنانية، اليوم (الجمعة)، إن الرئيس جوزيف عون التقى مع وفد من سفراء وممثلي بعثات مجلس الأمن يزور البلاد، حيث دعا إلى دعم الجيش اللبناني في استكمال عمله والضغط على إسرائيل للانسحاب من الجنوب.

وذكرت الرئاسة في بيان على منصة «إكس»، أن وفد مجلس الأمن «أبدى دعمه للاستقرار في لبنان من خلال تطبيق القرارات الدولية، واستعداد الدول للمساعدة في دعم الجيش اللبناني واستكمال انتشاره وتطبيق حصرية السلاح».

وأضاف البيان أن عون أكد خلال اللقاء، التزام لبنان بتطبيق القرارات الدولية، وقال: «نحتاج إلى دفع الجانب الإسرائيلي لتطبيق وقف (إطلاق) النار والانسحاب، ونتطلع للضغط من جانبكم».

وجرى التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي، بوساطة أميركية، بعد قصف متبادل لأكثر من عام أشعله الصراع في قطاع غزة، لكن إسرائيل ما زالت تسيطر على مواقع في جنوب لبنان رغم الاتفاق، وتواصل شن هجمات على شرق البلاد وجنوبها.


«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيفيل»: الهجمات الإسرائيلية على جنوب لبنان انتهاك واضح للقرار 1701

ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
ناقلة جنود مدرعة تابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) تقوم بدورية على طول طريق الخردلي في جنوب لبنان... 17 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، اليوم (الجمعة)، إنها رصدت أمس سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية في منطقة عملياتها بعدد من القرى في جنوب البلاد، واصفة هذه الهجمات بأنها «انتهاكات واضحة» لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وحثت «يونيفيل» في بيان، الجيش الإسرائيلي على «الاستفادة من آليات الارتباط والتنسيق المتاحة له»، كما نبّهت الجهات اللبنانية إلى «مغبة أي رد فعل قد يفاقم الوضع».

كانت وسائل إعلام لبنانية أفادت، أمس (الخميس)، بأن الطيران الإسرائيلي نفّذ سلسلة غارات استهدفت منازل في بلدات محرونة وجباع وبرعشيت والمجادل بجنوب البلاد، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم ما وصفها بمستودعات أسلحة تابعة لجماعة «حزب الله».

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (يونيفيل) تقوم بدورية في مرجعيون في جنوب لبنان بالقرب من الحدود مع إسرائيل... 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

من ناحية أخرى، ذكرت «يونيفيل» في بيانها اليوم، أن إحدى دورياتها في جنوب لبنان تعرّضت لإطلاق نار خلال الليلة الماضية، ولكن دون وقوع إصابات.

وأوضحت أن «ستة رجال على متن ثلاث دراجات نارية اقتربوا من جنود حفظ السلام أثناء دورية قرب بنت جبيل، وأطلق أحدهم نحو ثلاث طلقات نارية نحو الجزء الخلفي من الآلية، ولم يُصب أحد بأذى».

واعتبرت القوة الأممية أن «الاعتداءات على قوات حفظ السلام غير مقبولة وتمثل انتهاكات خطيرة للقرار 1701»، في إشارة إلى قرار مجلس الأمن الذي أنهى حرباً بين إسرائيل و«حزب الله» عام 2006.

وتابعت بالقول «نذكّر السلطات اللبنانية بالتزاماتها بضمان سلامة وأمن قوات حفظ السلام، ونطالب بإجراء تحقيق شامل وفوري لتقديم الفاعلين إلى العدالة».


قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

قوة إسرائيلية تتوغل في ريف القنيطرة بجنوب سوريا

مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)
مركبة عسكرية إسرائيلية تسير في مرتفعات الجولان السوري المحتل... 18 ديسمبر 2024 (رويترز)

قالت «الوكالة العربية السورية للأنباء»، اليوم (الجمعة)، إن قوة تابعة للجيش الإسرائيلي توغلت في ريف القنيطرة بجنوب البلاد.

وذكرت الوكالة الرسمية أن القوة الإسرائيلية تتألف من ست آليات، وتوغلت باتجاه قرية صيدا الحانوت، دون ورود معلومات حتى الآن عن قيامها بنصب حاجز في المنطقة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، تشن إسرائيل عمليات توغل بري في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا، حيث سيطرت على المنطقة العازلة على الحدود بين سوريا وإسرائيل، ثم انتقلت لتنفيذ مداهمات في المناطق الحدودية تخللتها اعتقالات لأشخاص.