انفراجة في العلاقات الأميركية - الصينية

بكين تعلق عقوبات ورسوماً... وواشنطن تجمّد إجراءات تجارية

تُظهر هذه الصورة الجوية حاويات في ميناء شنغهاي الدولي بالصين (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة الجوية حاويات في ميناء شنغهاي الدولي بالصين (أ.ف.ب)
TT

انفراجة في العلاقات الأميركية - الصينية

تُظهر هذه الصورة الجوية حاويات في ميناء شنغهاي الدولي بالصين (أ.ف.ب)
تُظهر هذه الصورة الجوية حاويات في ميناء شنغهاي الدولي بالصين (أ.ف.ب)

في تطور يُعدّ من أبرز مؤشرات التهدئة الاقتصادية والدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة منذ عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، أعلنت بكين سلسلة من القرارات المفاجئة شملت تعليق عقوبات على شركات أجنبية مرتبطة بأميركا، وتجميد رسوم المواني على السفن الأميركية، في وقت كشفت فيه واشنطن عن تعليق تحقيقاتها التجارية ضد قطاع بناء السفن الصيني لمدة عام.

ويأتي هذا التقارب بعد قمة الشهر الماضي بين الرئيسين شي جينبينغ ودونالد ترمب، التي نتج عنها اتفاق واسع حول ملفات الفنتانيل والتجارة والمعادن النادرة، وسط محاولات من الجانبين لوقف التدهور الذي طبع العلاقات خلال الأعوام الأخيرة.

• الصين تُعلّق عقوبات ورسوماً

أعلنت وزارة التجارة الصينية، الاثنين، تعليق العقوبات المفروضة على الشركات التابعة لشركة «هانوا أوشن» الكورية الجنوبية، والمرتبطة بالولايات المتحدة، لمدة عام كامل.

وأوضحت الوزارة في بيانها، أن القرار يسري فوراً ويشمل العقوبات التي فُرضت في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على خلفية ارتباط فروع الشركة بأنشطة أميركية في قطاع الدفاع البحري.

وفي خطوة موازية، أعلنت وزارة النقل الصينية تعليق رسوم المواني المفروضة على السفن المرتبطة بالولايات المتحدة لمدة عام، على أن يبدأ سريان القرار الساعة 13:01 بالتوقيت المحلي (05:01 بتوقيت غرينيتش).

وقالت الوزارة إن القرار «يهدف إلى تهيئة بيئة بحرية منفتحة ومستقرة للتجارة الدولية»، في إشارة واضحة إلى مسعى بكين لتخفيف حدة التوترات التجارية.

ورحّبت شركة «هانوا أوشن» بقرار الصين، ووصفت الخطوة بأنها «مؤشر إيجابي لتطوير العلاقات مع الشركاء الصينيين»، مضيفة في بيان من سيول: «نأمل في أن تسهم هذه الخطوة في توسيع التعاون بمجالات بناء السفن والتكنولوجيا البحرية خلال المرحلة المقبلة».

• واشنطن ترد بالمثل

من جانبها، أعلن مكتب الممثل التجاري الأميركي مساء الأحد، أن واشنطن ستُعلّق لمدة عام أي إجراءات في تحقيقاتها بموجب المادة 301 المتعلقة بادعاءات استهداف الصين لقطاعات النقل البحري واللوجيستيات وبناء السفن للهيمنة العالمية.

وذكر البيان أن التعليق سيدخل حيز التنفيذ عند منتصف ليل 10 نوفمبر (تشرين الثاني) بالتوقيت الشرقي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستبدأ مفاوضات مباشرة مع الصين لحل القضايا المثارة في التحقيق.

ويُعد هذا الإعلان أول خطوة عملية لتجميد المواجهة التجارية بين الجانبين منذ عام 2021، إذ يُنظر إليه بوصفه إشارة إلى استعداد إدارة ترمب لتخفيف القيود مقابل التزام صيني بفتح الأسواق، وإعادة التوازن في سلاسل التوريد البحرية.

• زيارة سرّية

تزامنت القرارات الاقتصادية مع زيارة غير معلنة لمدير مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، كاش باتيل، إلى الصين الأسبوع الماضي، كشفت عنها وكالة «رويترز» يوم الاثنين.

ووفقاً لمصادر مطلعة، وصل باتيل إلى بكين يوم الجمعة، وأجرى محادثات مع مسؤولين صينيين حول قضايا الفنتانيل وإنفاذ القانون، بعد قمة شي - ترمب التي شهدت اتفاقاً على إنشاء آلية تعاون جديدة للحد من تهريب المواد الأفيونية القاتلة إلى الولايات المتحدة.

وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة التجارة الصينية أنها ستُعدّل قائمة المواد الكيميائية المستخدمة في تصنيع الفنتانيل، وتُلزم بتراخيص تصدير إلى الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، في خطوة لاقت ترحيباً حذراً في واشنطن.

• تقارب مدروس بعد أشهر من التوتر

تُشير الخطوات المتبادلة إلى مرحلة جديدة من الانفراج الحذر بين أكبر اقتصادين في العالم، بعد أشهر من التصعيد في ملفات حساسة شملت الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة وسلاسل التوريد والمعادن النادرة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن في أكتوبر الماضي، خفض الرسوم الجمركية على السلع الصينية من 20 إلى 10 في المائة، بعد التوصل إلى تفاهم مع الرئيس الصيني شي جينبينغ حول التعاون في مكافحة تهريب الفنتانيل واستئناف مشتريات فول الصويا الأميركي.

وفي المقابل، وافقت بكين على تعليق القيود على تصدير المعادن النادرة التي تُعدّ حيوية لصناعات التكنولوجيا والدفاع. ويرى محللون أن القرارات الأخيرة - من تعليق العقوبات إلى تجميد الرسوم والتحقيقات - تمثل خطوات تمهيدية لإعادة بناء الثقة بين واشنطن وبكين، في وقت يعاني فيه الاقتصاد العالمي من تباطؤ وتوترات جيوسياسية مزدادة.

وقال خبير العلاقات الدولية في جامعة تسينغهوا، وانغ جيانغ، لصحيفة «غلوبال تايمز» الصينية: «الجانبان أدركا أن استمرار التصعيد المتبادل لم يعد مجدياً، وأن العودة إلى مسار التفاوض هي الخيار الوحيد لحماية المصالح الاقتصادية».

وتظهر التحركات المتزامنة بين بكين وواشنطن أن البلدين يسعيان لتجنب جولة جديدة من الحروب التجارية، بعد سنوات من التوتر. ومع أن الخطوات الحالية مؤقتة وتمتد لعام واحد فقط، فإنها قد تمثل بداية مرحلة «هدنة اقتصادية ودبلوماسية» تمهّد لتفاهمات أوسع حول التجارة والأمن والطاقة والمواد النادرة، في عالم بات أكثر ترابطاً وأقل تسامحاً مع المواجهات الكبرى.


مقالات ذات صلة

تراشق جديد بين بكين وواشنطن على خلفية الرقائق والرسوم

يظهر علم صيني بجوار عبارة «صنع في الصين» على لوحة دوائر (رويترز)

تراشق جديد بين بكين وواشنطن على خلفية الرقائق والرسوم

أعلنت الصين توسيع قائمة القطاعات المشمولة بحوافز الاستثمار الأجنبي، في محاولة لوقف تراجع تدفقات رؤوس الأموال الخارجية وتعزيز ثقة المستثمرين

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد لافتة تحمل عبارة «الذكاء الاصطناعي» خلال المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)

الذكاء الاصطناعي يرسخ مكانته في صميم استراتيجيات الاستثمار لعام 2026

مع دخول الأسواق العالمية عصر «الاقتصاد المعرفي»، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد قطاع تقني عابر أو ظاهرة مؤقتة، بل أصبح محركاً رئيسياً يُعيد تشكيل النظام المالي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد زوار في متجر للعب الأطفال على شكل قطار وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

حساسية الحكومة اليابانية تزداد تجاه عوائد السندات القياسية

تتجه اليابان إلى خفض إصداراتها من السندات الحكومية طويلة الأجل للغاية في السنة المالية المقبلة إلى أدنى مستوى لها منذ 17 عاماً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مشاة بأحد شوارع العاصمة اليابانية طوكيو يمرون أمام شاشة إلكترونية تعرض حركة الأسهم (أ.ب)

انتعاش الين يدفع «نيكي» لأول خسارة في 4 جلسات رغم مكاسب الرقائق

تراجعت الأسهم اليابانية، يوم الأربعاء، تحت وطأة ارتفاع الين، مما أدى لتسجيل مؤشر نيكي أول خسارة له في أربع جلسات تداول

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد بائعة ترتب مجوهرات ذهبية معروضة للبيع في متجر بمدينة ليانيونغانغ بمقاطعة جيانغسو شرق الصين (أ.ف.ب)

الذهب يكسر حاجز الـ4500 دولار للمرة الأولى في تاريخه

تجاوز سعر الذهب حاجز 4500 دولار للأونصة، للمرة الأولى يوم الأربعاء، في حين سجلت الفضة والبلاتين مستويات قياسية جديدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اشتعال خزانين للمنتجات النفطية بعد هجوم أوكراني على ميناء تيمريوك الروسي

أرشيفية لشاحنة استعملت لإطلاق مسيرات أوكرانية هاجمت القواعد الجوية الروسية بمنطقة إيركوتسك (أ.ب)
أرشيفية لشاحنة استعملت لإطلاق مسيرات أوكرانية هاجمت القواعد الجوية الروسية بمنطقة إيركوتسك (أ.ب)
TT

اشتعال خزانين للمنتجات النفطية بعد هجوم أوكراني على ميناء تيمريوك الروسي

أرشيفية لشاحنة استعملت لإطلاق مسيرات أوكرانية هاجمت القواعد الجوية الروسية بمنطقة إيركوتسك (أ.ب)
أرشيفية لشاحنة استعملت لإطلاق مسيرات أوكرانية هاجمت القواعد الجوية الروسية بمنطقة إيركوتسك (أ.ب)

اشتعلت النيران، اليوم (الخميس)، في خزانين للمنتجات ‌النفطية ‌في ‌ميناء ⁠تيمريوك ​بجنوب ‌روسيا بعد ما قالت السلطات المحلية في ⁠منطقة كراسنودار ‌إنه ‍هجوم ‍أوكراني بمسيرات.

وذكرت السلطات ‍في مقر قيادة العمليات في ​كراسنودار، عبر تطبيق «تيليغرام»، أن ⁠ألسنة اللهب انتشرت على مساحة تبلغ حوالي ألفي متر مربع.


كاليفورنيا تستعد لعاصفة غير مسبوقة يوم عيد الميلاد

ضربت أولى موجات الثلج منطقة جبال ماموث في كاليفورنيا (أ.ب)
ضربت أولى موجات الثلج منطقة جبال ماموث في كاليفورنيا (أ.ب)
TT

كاليفورنيا تستعد لعاصفة غير مسبوقة يوم عيد الميلاد

ضربت أولى موجات الثلج منطقة جبال ماموث في كاليفورنيا (أ.ب)
ضربت أولى موجات الثلج منطقة جبال ماموث في كاليفورنيا (أ.ب)

أصدرت هيئة الارصاد الوطنية الأميركية الأربعاء تحذيرات من حصول فيضانات مفاجئة في لوس أنجليس ومعظم مناطق جنوب كاليفورنيا التي تشهد عاصفة غير مسبوقة في الذاكرة القريبة في يوم عيد الميلاد.

والعاصفة التي تحركها ظاهرة جوية تعرف باسم «قطار الأناناس السريع»، وهي انتقال رطوبة عالية من المناطق الاستوائية في هاواي إلى الساحل الغربي، من المتوقع أن تتسبب بهطول كميات أمطار خلال الأيام المقبلة تعادل ما يهطل في أشهر.

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم حالة الطوارئ في عدة مقاطعات، بما في ذلك لوس أنجليس، لتسهيل التعبئة السريعة وتخصيص الموارد عند الحاجة. وحذرت هيئة الأرصاد الجوية الوطنية من «فيضانات مفاجئة مهددة للحياة في جنوب كاليفورنيا اليوم وغدا، كما تستمر الثلوج الكثيفة والرياح العاتية في الجبال»، مضيفة أن « خطرا كبيرا يتهدد الأرواح والممتلكات».

وقد ضربت أولى موجات الرياح والأمطار الغزيرة المنطقة ليل الثلاثاء، حيث استيقظ سكان لوس أنجليس على أشجار مقتلعة تغلق الشوارع وفيضانات طفيفة وانقطاع في التيار الكهربائي عن آلاف الأشخاص نتيجة شدة عاصفة عيد الميلاد. وتعتبر المناطق الساحلية في باسيفيك باليسيدز وماليبو تحت حالة تأهب قصوى، إذ لا تزال تتعافى من حرائق الغابات المدمرة التي اندلعت في يناير (كانون الثاني). وبسبب الأضرار الناجمة عن الحرائق، أصبحت الأرض عرضة للانهيارات الطينية مع استمرار هطول الأمطار.

وقد فُتحت مراكز الإيواء في جميع أنحاء المنطقة بعد أن تلقى بعض سكان جنوب كاليفورنيا أوامر إخلاء. وأُغلقت العديد من الطرق الرئيسية بسبب تحذيرات الفيضانات المفاجئة السارية في مناطق واسعة من المنطقة.

وقال آرييل كوهين الخبير في الارصاد الجوية للصحافيين «بحلول ليل الأربعاء حتى الجمعة ستكون العديد من المناطق شهدت على الأرجح فيضانات كبيرة وانزلاقات صخرية وانهيارات وحلية، خصوصا في المرتفعات والطرق التي تمر في الوديان». وأشار إلى أن بعض مناطق جنوب كاليفورنيا قد تشهد هطول ما يصل إلى 30,5 سنتيمترا من الأمطار. وتوجّه كوهين إلى سكان الولاية بالقول «إذا كنتم تخططون للسفر خلال عطلة عيد الميلاد، يرجى بأن تعيدوا النظر في خططكم».

يفيد مسؤولو الولاية بأن عام 2025 شهد مقتل 31 شخصا جراء 8019 حريق غابات أتى على 212,551 هكتارا في أنحاء كاليفورنيا مع اندلاع حرائق كبرى في أحياء سكنية في لوس أنجليس بينها باسيفيك باليسيدز مطلع العام. وفي سلسلة جبال سييرا نيفادا على طول الحدود الشرقية لكالفورنيا، تساقطت ثلوج بلغت سماكتها نحو 30 سنتيمترا هذا الأسبوع فيما يتوقع بأن تصل إلى نحو 152 سنتيمترا قبل انتهاء العاصفة.

يتوقع أيضا بأن تصاحب العاصفة رياح تصل سرعتها إلى 88 كيلومترا في الساعة. وحذّر مسؤولو الأرصاد من أن «مزيج التربة المشبعة بشكل متزايد والرياح القوية سيؤدي إلى احتمال سقوط أشجار وأعمدة الطاقة على نطاق واسع.. الأرواح والممتلكات تواجه خطرا كبيرا».


نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب


جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يتهم «حماس» بخرق الاتفاق قبل لقائه ترمب


جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتفالات ليلة عيد الميلاد خارج «كنيسة المهد» في بيت لحم بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح.

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيقاً في انفجار رفح لمعرفة توقيت زرع العبوة؛ فإن نتنياهو اتهم «حماس» بأنها انتهكت اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفق خطة قدمها ترمب. لكن «حماس» أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

إلى ذلك، منعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نائب الرئيس الفلسطيني، حسين الشيخ، أمس، من المشاركة في قداس منتصف الليل الذي تقيمه كنيسة المهد ببيت لحم احتفالاً بعيد الميلاد، ومنعت موكبه من الوصول إلى الكنيسة.