جنوب لبنان في مرمى غارات إسرائيلية موسعة

تحذيرات ونزوح واستبعاد حرب شاملة

TT

جنوب لبنان في مرمى غارات إسرائيلية موسعة

عناصر من الجيش اللبناني يتجمعون في موقع استهدف بغارة إسرائيلية في بلدة العباسية جنوب لبنان (رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني يتجمعون في موقع استهدف بغارة إسرائيلية في بلدة العباسية جنوب لبنان (رويترز)

عد الجيش اللبناني، الخميس، أن الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان تهدف الى «منع استكمال» انتشار وحداته، بموجب وقف إطلاق النار الذي أنهى قبل نحو عام حرباً بين «حزب الله» واسرائيل ونصّ على حصر السلاح بيد القوى الشرعية.
وأورد الجيش في بيان «أطلق العدو الإسرائيلي موجة واسعة من الاعتداءات في الجنوب، مستهدفاً عدة مناطق وبلدات». وعد أن «هذه الاعتداءات المدانة هي استمرار لنهج العدو التدميري الذي يهدف إلى ضرب استقرار لبنان وتوسيع الدمار في الجنوب، وإدامة الحرب (...)، إضافة إلى منع استكمال انتشار الجيش تنفيذا لاتفاق وقف الأعمال العدائية».

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه أنهى ضرباته على أهداف لـ«حزب الله» في جنوب لبنان، بعد دعوة سكان العديد من القرى إلى إخلائها، بحسب بيان.

وجاء في البيان أن «الجيش الإسرائيلي نفذ بنجاح سلسلة من الضربات ضد بنى تحتية إرهابية وعدد من مستودعات الأسلحة التابعة لوحدة الرضوان في جنوب لبنان»، مشيراً إلى أن «حزب الله» «يواصل محاولاته لإعادة بناء بنى تحتية إرهابية في جنوب لبنان، بهدف الإضرار بدولة إسرائيل».

وشهد الجنوب اللبناني، الخميس، واحداً من أكثر أيامه سخونة منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مع تنفيذ الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات متزامنة مع تصعيد سياسي من جانب «حزب الله» وردود داخلية حول ملف السلاح.

الدخان يتصاعد في بلدة العباسية إثر استهدافه بغارة إسرائيلية (رويترز)

وجاء هذا التصعيد الذي انعكس توتراً وخوفاً في صفوف أهالي الجنوب، حيث سجل حركة نزوح كثيفة، بعد ساعات على رفض «حزب الله» ما قال إنه «استدراج لبنان إلى أفخاخ التفاوض السياسي» مع تل أبيب، وذلك مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن بدء شنّ غارات على أهداف تابعة لـ«حزب الله» بعد توجيهه إنذاراً بإخلاء مناطق في ثلاث قرى في المنطقة.

إنذارات مسبقة

وبعد تحذيرات بالإخلاء في عدد من القرى الجنوبية، نفّذ سلاح الجو الإسرائيلي سلسلة غارات على بلدات طيردبا والطيبة وعيتا الجبل وزوطر الشرقية، وكفردونين، وهي المناطق التي سبق أن أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عن استهدافها عبر بيانات علنية نشرها على منصّاته الرسمية، داعياً السكان إلى «إخلاء المباني المحددة باللون الأحمر في الخرائط المرفقة».

وبموازاة ذلك، أغار الطيران الحربي على المنطقة الواقعة بين بلدتي طورا والعباسية في قضاء صور، مستهدفاً أطراف الوادي المؤدي إلى طيردبا، ما أسفر عن مقتل مواطنٍ وإصابة ثمانية آخرين بجروح، وفق بيانٍ صادر عن وزارة الصحة العامة.

وأشارت المعلومات إلى سقوط قتيل وعدد من الجرحى نتيجة الغارات.

مواطنون يعاينون الموقع الذي تم استهدافه في بلدة طورا بالجنوب (أ.ف.ب)

وشهدت طريق الجنوب - بيروت حركة نزوح كثيفة، وأبلغت بعض مدارس الجنوب تعليق الدروس يوم الجمعة ريثما يتضح المشهد، فيما أغلقت فرق الدفاع المدني مداخل عدد من البلدات لتجنّب تعرّض المدنيين للاستهداف.

تبرير إسرائيلي

وعلى وقع هذا التصعيد العسكري، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ضباطٍ كبار قولهم إنّه «لا يوجد أي قرار بتوسيع العمليات أو التصعيد الشامل في لبنان»، موضحةً أنّ ما يجري «استمرار لسياسة منع (حزب الله) من إعادة بناء قدراته». كما نقلت القناة «13» أنّ «العمليات الأخيرة لا تُعدّ تصعيداً بل عمل وقائي ضمن استراتيجية الردع المتشدّدة».

«اليونيفيل»

في خضمّ هذا التوتّر، أصدرت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) بياناً أكدت فيه أنّ «الشراكة مع الجيش اللبناني تبقى عنصراً محورياً في الحفاظ على الأمن والاستقرار في الجنوب»، مشيرةً إلى أنها «تواصل التنسيق اليومي مع قيادة الجيش لضمان تطبيق القرارات الدولية ومنع أي خرقٍ أوسع للهدنة».

مواطنون في طيردبا يعاينون أضرار إحدى الغارات (أ.ف.ب)

وبينما يسود الترقب في لبنان لما ستؤول إليه الأمور في الأيام المقبلة، ويتزايد الخوف من توسّع الحرب، قال العميد المتقاعد ناجي ملاعب لـ«الشرق الأوسط» إنّ البيان الصادر عن «حزب الله» اليوم الذي أكّد «حق الدفاع عن النفس جاء في سياق مواجهة ضغوط سياسية وميدانية»، موضحاً «أن المشهد الراهن يندرج ضمن تصعيد لا حرب شاملة».

ورأى ملاعب، أن إسرائيل «تتبع سياسة تصعيدية مدروسة تهدف إلى فرض وقائع جديدة تُستغل في أي مسار تفاوضي قادم، لكنّ ذلك لا يعني بالضرورة انزلاقاً إلى مواجهة شاملة»، مشيراً إلى ثلاثة أسباب رئيسية تؤسِّس لهذا الاحتمال المحدود، «أولاً، الالتزامات الميدانية والآليات الدولية المنتشرة في الجنوب، وثانياً، التزام (حزب الله) بآلية وقف إطلاق النار، وثالثاً، محدودية الخيارات الأميركية والإسرائيلية في الدفع باتجاه حرب شاملة في لبنان في هذه اللحظة».

وأوضح: «حقيقة الأمر، أنّ الاتفاق على وقف إطلاق النار ونشر قوات الطوارئ في الجنوب صعّب من قدرة أي طرف على توسيع نطاق العمليات، (حزب الله) التزم بالهدنة والحكومة اللبنانية التزمت، ولم يحصل خرق من الحزب». وفي المقابل، لفت إلى أن الضربات الجوية الإسرائيلية التي سبقت أي عملية برية «أضعفت الكثير من قدرات الحزب في المناطق المستهدفة وقلّلت من إمكانياته التشغيلية».

واحدة من الغارات الإسرائيلية على طيردبا (رويترز)

وتابع ملاعب: «كل الضغط الإسرائيلي يهدف لممارسة ضغط يُفضي إلى الجلوس على طاولة تفاوض». ورأى أنّ «الحديث عن إمكانية القضاء على (حزب الله) عسكرياً غير واقعي»، وقال: «كيف يمكن القضاء على (حزب الله) وهو كيان متجدد وذو جذور محلية؟ القوة العسكرية وحدها لم تُفلح حتى الآن».

وختم العميد ملاعب تصريحه بالتأكيد على أن «المبالغة في تهويل الحرب غير مبررة، وما يجري هو ضغوط تهدف إلى دفع الأطراف للطاولة».


مقالات ذات صلة

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

المشرق العربي ضبط صواريخ من نوع «سام 7» معدة للتهريب خارج البلاد في البوكمال شرق سوريا (سانا)

مصدر: الصواريخ المضبوطة داخل البوكمال كانت ستهرب إلى «حزب الله» في لبنان

رجحت مصادر أن تكون الجهة التي كان من المفترض تهريب دفعة صواريخ «سام 7» إليها عبر الأراضي السورية هي «حزب الله» بلبنان، الذي كان يقاتل أيضاً إلى جانب نظام الأسد.

موفق محمد (دمشق)
المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي مودعون يرفعون لافتات اعتراضية على مشروع قانون استعادة الودائع خلال تحركات شعبية على طريق القصر الجمهورية (الشرق الأوسط)

انطلاقة «غير آمنة» لمشروع قانون الفجوة المالية في لبنان

كشف توسّع موجة الاعتراضات على مشروع قانون «الفجوة» المالية، حجم العقبات التي تعترض الوصول إلى محطة تشريع القانون في البرلمان.

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي ضابط في الجيش اللبناني إلى جانب ضابط إيطالي ضمن عديد «اليونيفيل» خلال مهمة مشتركة في جنوب لبنان (اليونيفيل)

إيطاليا تطلب رسمياً من لبنان إبقاء قواتها في الجنوب بعد انسحاب «اليونيفيل»

طلبت إيطاليا رسمياً من لبنان، إبقاء قوات لها في منطقة العمليات الدولية جنوب الليطاني بجنوب البلاد بعد انسحاب «اليونيفيل» منها، وهو مطلب رحب به لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي من اعتصام سابق لأهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت (أرشيفية - الشرق الأوسط)

صمت مالك سفينة «النيترات» يراكم تعقيدات التحقيق في انفجار مرفأ بيروت

لم تحقق مهمة المحقّق العدلي في ملفّ انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار غايتها في العاصمة البلغارية صوفيا، إذ لم يتمكن من استجواب مالك الباخرة روسوس.

يوسف دياب (بيروت)

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
TT

لبنان: انطلاقة «غير آمنة» لمشروع «استعادة الودائع»

مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)
مودعون يعترضون على مشروع قانون حكومي لاستعادة الودائع بالتزامن مع انعقاد جلسة لمجلس الوزراء في القصر الرئاسي شرق بيروت (الشرق الأوسط)

عكستِ الاعتراضات على مشروع قانون استعادة الودائع المجمدة منذ عام 2019 في لبنان، انطلاقةً غير آمنةٍ له، إذ بدأتِ الحكومة بمناقشة المسودة، بالتزامن مع اعتراضات سياسية من قوى ممثلة بالحكومة وخارجها، وانتقادات عميقة من قبل «جمعية المصارف»، فضلاً عن تحركات شعبية نُظمت بالتزامن مع جلسة مجلس الوزراء.

وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون أنّه لا يقف مع أي طرف ضدّ آخر، وأنّ النقاش يجب أن يتم تحت قبة البرلمان، فيما دافع رئيس الحكومة نواف سلام عن المسودة، وشدّد على أنَّ مشروع قانون الفجوة المالية واقعي وقابل للتنفيذ، مؤكداً أنَّ أي تأخير في إقراره قد يضر بثقة المواطنين والمجتمع الدولي.

وبرزتِ اعتراضات قانونية على إدراج مواد ذات «مفعول رجعي» لضرائب واقتطاعات وتعديلات في القيم الدفترية للمدخرات المحوّلة بعد عام 2019، والعوائد المحصّلة على الودائع في سنوات سابقة.


مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
TT

مواجهات في حلب توقع قتلى وجرحى

نقل المصابين إلى مشفى الرازي  جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)
نقل المصابين إلى مشفى الرازي جراء القصف من حي الشيخ مقصود على الأحياء السكنية في حلب (سانا)

قتل شخصان وأصيب 6 مدنيين بينهم امرأة وطفل بجروح جراء اشتباكات اندلعت في مدينة حلب شمال سوريا بين القوات الحكومية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، تزامنت مع زيارة وفد تركي إلى دمشق، في وقت توشك مهلة تنفيذ بنود اتفاق 10 مارس (آذار) بين «قسد» والسلطات على الانتهاء.

وفي حين تبادل الطرفان الاتهامات بالتسبّب في اندلاع الاشتباكات، أفادت مصادر في واشنطن لـ«الشرق الأوسط»، بأن المبعوث الأميركي توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية براد كوبر، يجريان اتصالات لتهدئة الاشتباكات لمنع تصعيد يستفيد منه «داعش»، وقوى إقليمية معادية.

واتهمت أنقرة ودمشق «قسد» بالمماطلة في تنفيذ الاتفاقية الموقعة في 10 مارس الماضي، وأكدتا رفض أي محاولات للمساس بوحدة سوريا واستقرارها.

جاء ذلك في مؤتمر صحافي بدمشق ‌بعد محادثات بين وفد تركي رفيع المستوى ‌والرئيس السوري ​أحمد الشرع ‌ووزير الخارجية أسعد الشيباني وآخرين، وقال الشيباني إن دمشق لم تلمس «أي مبادرة أو إرادة جادة» من «قسد» لتنفيذ الاتفاق، لكنها اقترحت في الآونة الأخيرة عليهم طريقة أخرى لدفع العملية قدماً.


ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
TT

ائتلاف السوداني يطرح مبادرة لحسم رئاسة وزراء العراق

جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)
جانب من أحد اجتماعات قوى «الإطار التنسيقي» (وكالة الأنباء العراقية)

يعتزم ائتلاف «الإعمار والتنمية»، الذي يترأسه محمد شياع السوداني، رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، طرحَ «مبادرة سياسية شاملة» لحسم منصب رئاسة الوزراء.

وذكر إعلام «تيار الفراتين»، الذي يتزعمه السوداني، في بيان، أمس، أنَّ ائتلاف «الإعمار» يعمل على «بلورة مبادرة سياسية متكاملة» تهدف إلى كسر حالة الانسداد السياسي، مشيراً إلى أنَّ تفاصيلها ستُطرح أمام قوى «الإطار التنسيقي» في اجتماعه المرتقب.

إلى ذلك، قال العضو في ائتلاف «الإعمار والتنمية» قصي محبوبة لـ«الشرق الأوسط» إنَّ «المبادرة ستكون عبارة عن شروط الائتلاف لاختيار رئيس الوزراء»، دون ذكر تفاصيل.

من ناحية ثانية، رحب مارك سافايا، مبعوث الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، إلى العراق، في تدوينة عبر منصة «إكس» بإعلان بعض الفصائل المسلحة استعدادها لبحث نزع سلاحها، لكنَّه شدّد على «أن يكون نزع السلاح شاملاً، وغير قابل للتراجع».