من داعمين إلى مُستهدَفين... أنصار لبوتين تحوّلوا إلى «أعداء»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

من داعمين إلى مُستهدَفين... أنصار لبوتين تحوّلوا إلى «أعداء»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

يقول محللون إن هناك حملة تطهير تجري داخل النظام الروسي، حيث بدأت الفصائل المتنافسة الموالية للكرملين في الانقلاب بعضها على بعض.

من بين هؤلاء سيرغي ماركوف، وهو كاتب ومحلل سياسي مؤيد للكرملين أشاد لسنوات بالرئيس فلاديمير بوتين باعتباره أحد أعظم رجال التاريخ في ظهوراته الإعلامية الخارجية. والمدوّن العسكري، وجامع التبرعات للجنود الروس، رومان أليخين. إلى جانب تاتيانا مونتيان، الناشطة من أصل أوكراني والمعلقة في شبكة «آر تي» الحكومية الروسية، والتي عبرت عن أسفها مراراً لعدم شن روسيا غزوها الشامل في وقت أبكر، وفقاً لما نقلته صحيفة «الغارديان».

كان أولئك الأشخاص ضمن الشخصيات التي ازدهرت في روسيا في السنوات الأخيرة، حيث كان الولاء المطلق والحماس العسكري للحرب في أوكرانيا يكافأ بالمال، والمكانة، والنفوذ.

ومع ذلك، وجد الكثير من أولئك الأشخاص الموالين للكرملين أنفسهم مؤخراً مستهدفين من قبل الدولة التي أشادوا بها سابقاً، والتي حوّلت آلياتها القمعية إلى بعض أنصار النظام في الداخل.

وتم تصنيف ماركوف وأليخين بأنهما ضمن «عملاء أجانب» هذا العام، وهو تصنيف كان يُستخدم سابقاً ضد الأصوات المناهضة لبوتين.

ويحمل هذا التصنيف دلالة سلبية تعود إلى الحقبة السوفياتية، إذ يُلزم الناس بتعريف أنفسهم بوصفهم عملاء أجانب في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى تعريضهم لقيود مالية خانقة.

وصُنفت مونتيان الأسبوع الماضي على أنها «إرهابية ومتطرفة»، وهي تسمية تُطلق عادةً على من يعتبرهم الكرملين أخطر أعدائه.

ويقول المحللون إن هذه القضايا مجتمعةً تشير إلى اتجاه جديد: تطهير ليس فقط للمعارضين، بل أيضاً لمؤيدي النظام نفسه، حيث تنقلب الفصائل المتنافسة داخل النظام على بعضها البعض.

وقالت إيكاترينا شولمان، الخبيرة السياسية الروسية: «أولاً، تم استهداف الأصوات المناهضة للحرب. والآن، لم يبق أي منها، ولا يمكن إيقاف الآلة القمعية».

ولم تقدم موسكو أي تفسير رسمي لهذه الحملة القمعية، ويبدو أن كل حالة قد حدثت وفق تداعيات مختلفة.

ويُعتقد أن ماركوف، المعروف بعلاقاته الوثيقة مع النخب السياسية الأذربيجانية، قد فقد مكانته بعد تدهور العلاقات بين موسكو وباكو بشكل كبير.

أما أليخين، فقد اتُهم بإساءة استخدام الأموال التي جمعها للقوات الروسية بعد أن تفاخر بشرائه سيارة فاخرة جديدة، وساعة باهظة الثمن على وسائل التواصل الاجتماعي. وبالمثل، واجهت مونتيان تدقيقاً بشأن اختلاس الأموال التي جُمعت للجنود.

لكن المراقبين يقولون إن وراء هذه الأسباب الظاهرة صدعاً أعمق.

معسكران متنافسان

وتصف شولمان الانقسام بأنه صراع بين معسكرين متنافسين –مروجي الدعاية المخضرمين المرتبطين ارتباطاً وثيقاً بوزارة الدفاع والكرملين، والمعروفين باسم «الموالين»، وحركة الوطنيين المتشددين أو المدونين العسكريين، والمعروفين باسم مدوني Z، نسبةً إلى الحرف الذي أصبح رمزاً للغزو.

وتتكون هذه الحركة من مئات المدونين البارزين، والنشطاء المتطوعين الذين جمعوا الأموال، واشتروا الطائرات المسيرة، والمركبات، وقدموا الإمدادات مباشرة إلى الجبهات الأمامية للحرب. وقد ظهرت بعد غزو بوتين لأوكرانيا في 2022، عندما أصبح من الواضح أن الجيش كان يعجز عن توفير حتى أبسط المعدات والدعم.

وقد انتقد «المدونون العسكريون» في بعض الأحيان الطريقة التي تتم بها إدارة الحرب، ودفع استقلالهم النسبي عن الدولة موسكو إلى تأييد الهجمات ضدهم.

وقالت شولمان: «الأنظمة الاستبدادية تخشى أي نوع من الحركات الشعبية». وأضافت: «أي حركة حقيقية، بما في ذلك الحركة المؤيدة للحرب، تُعتبر عقبة، وخطراً محتملاً».

وسبق للكرملين أن تحرك لكبح جماح بعض الحركات المؤيدة للحرب التي خرجت عن سيطرته، وأبرزها سجن المعلق اليميني المتطرف الشهير إيغور غيركين عام 2024.

المال يؤجج الخلاف

وبرز المال بوصفه نقطة خلاف أخرى بين مؤيدي النظام في روسيا.

ويقول إيفان فيليبوف، الباحث والكاتب الروسي: «جوهر الصراع بينهم هو معركة على الموارد».

وشرح كيف أن فلاديمير سولوفيوف، وهو مروج دعاية تلفزيونية قوي، ووجه عام لمعسكر «الموالين» ذوي العلاقات الوثيقة بوزارة الدفاع، كان قد قاد جهود تطهير حركة الوطنيين المتشددين، أو المدونين العسكريين المؤيدين للحرب، غاضباً من أن العديد منهم جمعوا أموالاً أكثر للجبهة من جمعيته الخيرية المعتمدة من الدولة.

وقال فيليبوف: «كان من المضحك أن نشاهد كيف يكتشف أولئك الذين لم يعترضوا قط على سجن الليبراليين فجأةً أن العدالة في روسيا انتقائية، وأنه يمكن زج أي شخص في السجن دون سبب».

وتتوقع شولمان المزيد من الاعتقالات. وقالت الخبيرة السياسية إنه بعد أن سجن أو نفي معظم المعارضين المناهضين للحرب في روسيا، فإن النظام الآن «مُلزم بالبحث عن أعداء جدد».

وقالت: «على الجهاز القمعي الروسي أن يُكمل حصته. يجب أن تُغذّي آلة القمع نفسها بنفسها».


مقالات ذات صلة

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

أوروبا الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي (أرشيفية - أ.ب) play-circle

روسيا تتحدث عن «تقدم بطيء» في المفاوضات بشأن أوكرانيا

سجلت موسكو تقدماً «بطيئاً» في المحادثات مع الولايات المتحدة بشأن خطة إنهاء الحرب في أوكرانيا، ونددت بمحاولات «خبيثة» لإفشالها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا السيارة التي قتل فيها الجنرال فانيل سارفاروف (56 عاماً) وسط منطقة سكنية في موسكو الاثنين (رويترز)

مقتل ضابط روسي كبير بانفجار سيارة في موسكو

قُتل جنرال في هيئة الأركان العامة للجيش الروسي في انفجار سيارة في جنوب موسكو، وذلك بعد ساعات فقط من إجراء مندوبين روس وأوكرانيين محادثات منفصلة في ميامي.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم امرأة فلسطينية تبكي وهي تحمل طفلاً رضيعاً قُتل في غارة إسرائيلية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

«حرب على الأمومة»... كيف أصبحت النساء الحوامل والأطفال أهدافاً في النزاعات؟

كشف تحقيق جديد عن مستوى غير مسبوق من العنف يطول النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة، في ظل النزاعات المشتعلة حول العالم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يحضر قمة المجلس الاقتصادي الأوراسي الأعلى في سانت بطرسبرغ الأحد (أ.ب)

الكرملين ينفي سعي بوتين للسيطرة على أوكرانيا بالكامل

نفي الكرملين تقرير لوكالة «رويترز» للأنباء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى للسيطرة على أوكرانيا بالكامل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

سيارة تدهس حشداً في هولندا وتصيب 9 بينهم 3 بجروح خطيرة

عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)
عناصر من شرطة هولندا (أرشيفية - د.ب.أ)

قالت الشرطة إن سيارة اندفعت نحو حشد من الأشخاص الذين كانوا ينتظرون مشاهدة عرض في مدينة بشرق هولندا، مساء اليوم الاثنين، ما أسفر عن إصابة تسعة أشخاص، ثلاثة منهم على الأقل إصاباتهم خطيرة.

وأوضحت شرطة جيلدرلاند، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أن الحادث لا يبدو متعمداً في الوقت الحالي، لكنها فتحت تحقيقاً.

وكان الناس ينتظرون مشاهدة عرض لمركبات مزينة بأضواء عيد الميلاد في مدينة نونسبيت، الواقعة على بعد نحو 80 كيلومتراً شرق أمستردام.

وقالت بلدية إلبورج المجاورة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إن العرض توقف بعد الحادث.

وقال رئيس البلدية يان ناثان روزندال في بيان: «ما كان ينبغي أن يكون لحظة تضامن انتهى بقلق وحزن كبيرين».

وأضافت الشرطة أن السائقة، وهي امرأة (56 عاماً) من نونسبيت، أصيبت بجروح طفيفة، وتم توقيفها «كما هو معتاد في حوادث المرور الخطيرة»، دون تقديم مزيد من التفاصيل.


أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
TT

أوكرانيا: القوات الروسية تلجأ إلى التنقل بالخيول في ساحة المعركة

الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)
الدمار يظهر في حي أوكراني بمنطقة دونيتسك (الجيش الأوكراني - أ.ف.ب)

قالت القوات الأوكرانية إنها رصدت جنوداً روساً يمتطون الخيول قرب خط المواجهة، في مؤشر على الأساليب الارتجالية التي تستخدم في ساحة المعركة.

ونشر اللواء الهجومي 92 التابع للجيش الأوكراني، اليوم الاثنين، مقطع فيديو يظهر على ما يبدو عدداً من الجنود الروس يتنقلون على ظهور الخيل أو البغال، ويتعرضون لهجمات بطائرات مسيرة صغيرة، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية».

وقال اللواء 92، في منشور عبر تطبيق «تلغرام»، «يخسر المحتلون الروس معداتهم بسرعة كبيرة في هجماتهم المباشرة التي لا توفر سوى فرص ضئيلة للنجاة، إلى درجة أنهم باتوا مضطرين للتحرك على ظهور الخيل».

لقطة من فيديو نشرته القوات الأوكرانية تظهر ما يبدو وكأنه جندي روسي يمتطي جواداً ويحاول عبور منطقة مفتوحة قبل أن تصيبه طائرة مسيرة

وقال محللون إنه من المرجح أنه تم تصوير مقطع الفيديو في منطقة دنيبروبيتروفسك جنوبي البلاد، على الرغم من عدم إمكانية التحقق من الموقع بشكل مستقل.

وبحسب ما يظهر في اللقطات، كان الجنود الروس يحاولون عبور حقل واسع ومفتوح بأسرع ما يمكن.

وتعتمد القوات الروسية بشكل متزايد على مجموعات هجومية صغيرة للتقدم بسرعة نحو المواقع الأوكرانية ثم محاولة التحصن فيها. وأظهرت مقاطع فيديو سابقة جنوداً روساً يستخدمون دراجات نارية مخصصة للطرق الوعرة، ودراجات رباعية الدفع، ودراجات كهربائية كوسيلة للتنقل.

كما شوهد جنود أوكرانيون يستخدمون الدراجات الجبلية الكهربائية والدراجات النارية للتنقل بسرعة عبر ساحة المعركة.


شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)
TT

شبهات «تجسس ألماني» أجبرت مدير مدرسة ملك بريطانيا على مغادرة اسكوتلندا

كورت هان (ويكيبيديا)
كورت هان (ويكيبيديا)

كشفت وثائق حكومية بريطانية رُفعت عنها السرّية مؤخراً، أن كورت هان، مؤسس مدرسة «غوردونستون» الشهيرة التي تلقّى فيها الملك تشارلز تعليمه في شبابه، خضع لمراقبة دقيقة من جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5)، على خلفية تقارير وُصفت آنذاك بـ«المقلقة»، شككت في ولائه لبريطانيا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية، وفقاً لصحيفة «التايمز».

وتُظهر الملفات، التي كان مقرراً الإبقاء عليها سرية حتى عام 2046، أن هان أُجبر فعلياً على مغادرة اسكوتلندا عام 1940، بعد اتهامات رسمية بأنه قد يكون «جاسوساً ألمانياً خطيراً»، في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في تاريخ التعليم البريطاني الحديث.

وكان هان، المولود في ألمانيا، يُشاد به بوصفه مربياً رائداً وصاحب رؤية تربوية ثورية، إذ أسس مدرسة «غوردونستون» عام 1934 في مقاطعة موراي شمال شرقي اسكوتلندا، بعدما اضطر إلى مغادرة بلاده بسبب انتقاداته العلنية لهتلر. ولاحقاً، استضافت المدرسة ثلاثة أجيال من العائلة المالكة البريطانية، من بينهم الأمير فيليب، دوق إدنبرة، والملك تشارلز.

غير أن اندلاع الحرب العالمية الثانية أعاد فتح ملف ولاء هان، وسط تصاعد المخاوف من غزو نازي محتمل للسواحل الاسكوتلندية. وتكشف مراسلات رسمية أن الدعوة إلى التحقيق معه، قادها توماس كوبر، المدعي العام الاسكوتلندي آنذاك، إلى جانب جيمس ستيوارت، نائب كبير منسقي الانضباط الحزبي لرئيس الوزراء ونستون تشرشل.

وفي رسالة بعث بها كوبر إلى وزارة الداخلية في يونيو (حزيران) 1940، قال إن «الملف المُعد ضد هان، ربما يكون أخطر من أي ملف آخر»، مضيفاً أن جهاز «MI5»؛ «يعرف كل شيء عن هذا الرجل»، وأنه «إما جاسوس خطير أو عميل بريطاني».

واتهم كوبر مدرسة «غوردونستون» بأنها تشكّل موقعاً مثالياً للتجسس، نظراً لموقعها المشرف على خليج موراي، وقربها من مطارات ومحطة لاسلكية، فضلاً عن امتلاكها تجهيزات اتصالات مكثفة وعدداً كبيراً من أجهزة الاستقبال اللاسلكي. كما أشار إلى وجود عدد كبير من الألمان ضمن طاقم المدرسة، بعضهم ضباط سابقون في الجيش الألماني.

وأضاف أن مراقبة هواتف المدرسة خلال شتاء 1939 - 1940 كشفت عن مكالمات بعيدة المدى تتناول موضوعات تبدو «تافهة» عن الزراعة والماشية، لكنها، بحسب تقديره، كانت رسائل «مشفّرة».

وفي السياق نفسه، بعث جيمس ستيوارت برسالة إلى وزير الأمن الداخلي، السير جون أندرسون، متسائلاً عن إمكانية نقل المدرسة إلى «منطقة أقل حساسية». وجاء الرد أن هان يعتزم نقل المؤسسة إلى ويلز، وهو ما تم بالفعل في يوليو (تموز) 1940، «لتهدئة المخاوف المحلية»، وفق تعبير الوزارة.

وتضم الملفات أيضاً رسالة من مدير مدرسة مجاورة، اتهم فيها هان باستقبال نازي ألماني كان يتردد ليلاً على المدرسة، ويقوم بجولات تصوير للساحل الاسكوتلندي ومنشآت حيوية قريبة.

وعلى الرغم من كل تلك الشبهات، تُظهر السجلات الأمنية اللاحقة أن أجهزة الاستخبارات لم تعثر على أي دليل يثبت تورط هان في نشاط معادٍ لبريطانيا. وخلص تقرير رسمي لوزارة الداخلية إلى أنه «لا يوجد ما يبرر القلق»، مؤكداً أن هان «معجب بالمؤسسات البريطانية» ولا يكنّ أي عداء للبلاد.

كما تكشف الوثائق أن هان كان يزوّد مكتب الدعاية البريطاني بمعلومات بشكل غير رسمي، من دون علم وزارة الداخلية أو جهاز «MI5»، ما يرجّح أنه كان أقرب إلى متعاون غير معلن منه إلى مشتبه به حقيقي.

وإلى جانب الجدل الأمني، تسلّط الوثائق الضوء على فلسفة هان التربوية المثيرة للجدل، التي قامت على ما وصفه بـ«مختبر تربوي» قاسٍ، شمل تعريض التلاميذ لظروف بدنية شديدة؛ مثل الجري حفاة في الثلج، والاستحمام بالماء البارد، والتدريب البدني الصارم، في إطار إيمانه بأن «قوة الطفولة الروحية» يمكن الحفاظ عليها ومنع «تشوّه المراهقة».

وكان الأمير فيليب من أبرز المدافعين عن هان، واستلهم لاحقاً أفكاره في تأسيس «جائزة دوق إدنبرة». في المقابل، لم يُخفِ الملك تشارلز استياءه من سنوات دراسته في «غوردونستون»، واصفاً إياها لاحقاً بأنها «سجن بلباس اسكوتلندي».

وتوفي كورت هان عام 1974 عن عمر ناهز 88 عاماً في ألمانيا، بينما لا تزال مدرسته تواجه إرثاً مثقلاً بالانتقادات؛ ففي العام الماضي، قدمت «غوردونستون» اعتذاراً رسمياً بعد تحقيق اسكوتلندي خلص إلى وجود «ثقافة مروّعة من الإساءة والعنف» داخل المدرسة قبل عام 1990.