أسرى فلسطينيون «مُحرَّرون» لـ«الشرق الأوسط»: ما زلنا نرسم خطوتنا التالية

تم نقلهم من فندق لآخر بعد تقرير صحافي «مُحرض»

وفد شعبي مصري يزور الأسرى الفلسطينيين في مقر إقامتهم الأول بالقاهرة قبل نقلهم للعاصمة الإدارية (صفحة الأسير المحرر ظافر برهم)
وفد شعبي مصري يزور الأسرى الفلسطينيين في مقر إقامتهم الأول بالقاهرة قبل نقلهم للعاصمة الإدارية (صفحة الأسير المحرر ظافر برهم)
TT

أسرى فلسطينيون «مُحرَّرون» لـ«الشرق الأوسط»: ما زلنا نرسم خطوتنا التالية

وفد شعبي مصري يزور الأسرى الفلسطينيين في مقر إقامتهم الأول بالقاهرة قبل نقلهم للعاصمة الإدارية (صفحة الأسير المحرر ظافر برهم)
وفد شعبي مصري يزور الأسرى الفلسطينيين في مقر إقامتهم الأول بالقاهرة قبل نقلهم للعاصمة الإدارية (صفحة الأسير المحرر ظافر برهم)

تفصل سنوات طويلة بين الأسرى الفلسطينيين المُحررين أخيراً والحياة الطبيعية؛ كأن يستيقظوا دون مواعيد مسبقة أو على وجبة محتملة من الضغوط النفسية.

يصف الأسير الأربعيني المُحرر، ظافر برهم، ذلك قائلاً: «خرجنا من القبر إلى الحياة. وليست أي حياة، بل هي في مصر»، مثمناً هو و3 آخرون تحدثوا مع «الشرق الأوسط» حفاوة الاستقبال، ومشيرين في الوقت نفسه إلى أنهم «يحاولون رسم مسار» لخطواتهم العملية والعائلية.

واستضافت مصر في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي 154 أسيراً مُبعداً من الأراضي الفلسطينية، ضمن صفقة التبادل التي تعد أولى مراحل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في غزة.

وقضى الأسرى المُحررون أيامهم الأولى في فندق «رينيساس ميراج سيتي» بالقاهرة، وهم يحاولون استيعاب العالم وتطوره؛ يتعلمون كل يوم أبجدية جديدة في التكنولوجيا... كيف يسجلون رقماً أو ينشرون صورة، يخرجون للتنزه على النيل وأمام الأهرامات، ويستقبلون الوفود الشعبية المهنئة، حتى طرأ تحدٍ أمني استدعى الانتقال إلى فندق «توليب» في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، حيث الهدوء والبعد عن الزحام.

وكانت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية قد نشرت تقريراً، السبت، عن الأسرى المُحررين، اعتبره الأسرى «يحمل تحريضاً ضدهم في القاهرة».

وقال الأسير المُحرر، مراد أبو الرب، إن تقرير «ديلي ميل» انتقد الإقامة الفُندقية الفخمة التي توفرها مصر للأسرى الفلسطينيين، زاعمة أن «تركيا وقطر هما من تدفعان فاتورة إقامة الأسرى في فندق 5 نجوم».

وأضاف أن التقرير تحدث كذلك عن تحرك الأسرى بحرية، وأن هذا يمثل «خطراً على السياح»، إذ عدَّ الأسرى المُحررين «إرهابيين خطرين»، على حد وصف الصحيفة.

الأسير الفلسطيني المحرر ظافر برهم (على اليمين) وإلى جواره أسير محرر آخر في فندق بالقاهرة (صفحة برهم على «فيسبوك»)

ولم تُعلق مصر رسمياً على ما جاء في صحيفة «ديلي ميل»، وحاولت «الشرق الأوسط» الحصول على إفادة رسمية، لكن لم يتسنَّ لها ذلك.

النيل والأهرامات... وطبق «الكشري»

وبحسب أبو الرب: «اتخذت مصر خطوات أمنية سريعة بنقل الأسرى إلى فندق آخر أكثر تأميناً في العاصمة الإدارية الجديدة»، موضحاً أنه عقب نشر تقرير الصحيفة البريطانية «أخبرنا القائمون على رعايتنا من الأجهزة المصرية بأنه سيتم نقلنا إلى فندق آخر في العاصمة الإدارية. وما هي إلا ساعات أخرى حتى نُقلنا بالفعل».

وأشاد أسير مُحرر آخر من نابلس، فضَّل عدم نشر اسمه، بأجواء الإقامة الفندقية الفاخرة، معبراً عن تقديره للجهود المصرية في حمايتهم. لكنه استطرد قائلاً: «يبدو أن الإسرائيليين لن يتركونا في حالنا».

ويستشعر الأسرى المُحررون الحذر الأمني في فندق العاصمة الإدارية، ويخشون تبعات أخرى تُقيد تحركاتهم خلال الفترة المقبلة، عكس الفترة الماضية التي استطاعوا خلالها الخروج على أفواج وبترتيبات مسبقة.

الأسير المحرر ماجد المصري خلال نزهة على النيل في القاهرة (صفحته على «فيسبوك»)

وكانت رؤية «النيل» و«التمشية في شوارع القاهرة» و«زيارة الأهرامات» حتى «تناول طبق كُشري» الوجهات المفضلة لمعظم الأسرى المُحررين، وهي النزهة التي كرر تفاصيلها كل من أبو الرب وبرهم والمصري. وفضَّل أسرى محررون آخرون جولات مختلفة، مثل الروائي باسم خندقجي، الذي زار إحدى المكتبات الشهيرة في القاهرة.

وكانت إجراءات خروج الأسرى «تتضمن تسجيل الرغبة في الخروج لدى المسؤولين عن حمايتهم، ثم صدور تصريح يسمح بخروج 20 إلى 30 أسيراً محرراً في اليوم الواحد، وتمتد عادة جولتهم إلى أكثر من 6 ساعات»، حسب الأسير المحرر ماجد المصري، الذي يخشى حالياً من أن يكون نقلهم لفندق العاصمة الإدارية «بداية عزلة لدواعٍ أمنية».

وقال: «لم نعلم حتى الآن إجراءات خروجنا، وأعتقد من الصعوبة وصول وفود إلينا لبعد المسافة بين مقر إقامتنا وقلب العاصمة المصرية».

الأسير المحرر الروائي باسم خندقجي خلال زيارته مكتبة «ديوان» في القاهرة (لقطة من فيديو للزيارة)

وقال برهم: «لم نكن نعلم أننا مهددون إلى تلك الدرجة إلى أن نشرت (ديلي ميل) تقريرها».

قصص أَسر متشابهة

وتتشابه قصص الأسرى المُحررين في خطوط كثيرة، من أَسر في مقتبل العمر خلال مرحلة الدراسة الجامعية أو بعد إنهائها بوقت قصير، إلى استكمال للدراسة في سنوات الأسر الطويلة، وصولاً لدرجة الماجستير، مع التركيز على الكتابة والأدب. وهم الآن يفكرون في خطواتهم المقبلة، التي يتوقف تنفيذ كثير منها على الاستقرار وبدء حياة طبيعية، لا فندقية.

ماجد المصري كان متزوجاً ولديه ابنتان قبل سجنه، وقد حصل على درجة الماجستير، وسجل في الآونة الأخيرة للحصول على الدكتوراه في تخصص التاريخ من جامعة نابلس. واستطاعت زوجته القدوم والإقامة معه في مصر، التي يفضّل أن يبقى بها.

أما أبو الرب، الذي ظل في السجون الإسرائيلية 20 عاماً، فيستعد لإطلاق أولى رواياته، التي تحمل عنوان «45 دقيقة»، نسبة إلى مدة الزيارة في الأسر. وتتناول الرواية معاناة الأسير وعائلته.

ولم يتمكن أبو الرب من الزواج وتكوين أسرة، وهو ما يطمح إليه أيضاً خلال الفترة المقبلة، في حين يترقب برهم صدور 4 روايات له، بعضها بالتعاون مع دار نشر مصرية.

ولا يقتصر ملف الأسرى المُحررين على الدفعة الأخيرة، إذ يوجد في مصر حسب الأسير الفلسطيني المُحرر والباحث في الشؤون الإسرائيلية أسامة الأشقر ما يقارب 260 أسيراً فلسطينياً، بعضهم من صفقات سابقة.

وحُرر الأشقر في فبراير (شباط) الماضي، ولا يزال هو ونحو 100 خرجوا معه مقيمين في مصر، بينما سافر 50 منهم لتركيا و12 لإسبانيا و17 لماليزيا.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن مصيره ومصير الباقين غامض، وإنهم ينتظرون انتهاء المفاوضات والتفاهمات بين الوسطاء لمعرفة في أي دولة سيستقرون.


مقالات ذات صلة

«حماس» تعتبر اغتيال رائد سعد تهديداً لوقف النار مع إسرائيل

المشرق العربي جانب من تشييع رائد سعد في قطاع غزة الأحد (إ.ب.أ) play-circle

«حماس» تعتبر اغتيال رائد سعد تهديداً لوقف النار مع إسرائيل

قال خليل الحية رئيس حركة «حماس» في غزة إن اغتيال إسرائيل للقيادي العسكري رائد سعد يهدد «بقاء الاتفاق (وقف إطلاق النار) صامداً» في القطاع.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي جانب من تشييع رائد سعد في قطاع غزة الأحد (إ.ب.أ)

«القسام» تؤكد مقتل القيادي رائد سعد في قصف إسرائيلي

أكدت كتائب «عز الدين القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، مقتل رائد سعد أحد أكبر قادتها في هجوم إسرائيلي أمس السبت.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري رجال شرطة بعد حادث إطلاق نار في شاطئ بوندي بمدينة سيدني الأسترالية يوم الأحد (أ.ف.ب) play-circle 00:36

تحليل إخباري حكومة نتنياهو تُوزع الاتهامات عن هجوم سيدني... وتستثني نفسها

في الوقت الذي ترفض فيه دول العالم، بما فيها العربية والمسلمة، الهجوم على الاحتفال اليهودي في سيدني الأسترالية، تصرّ الحكومة الإسرائيلية على استغلاله سياسياً.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي عناصر من «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في رفح جنوب غزة (أرشيفية - رويترز)

«حماس» تؤكد مقتل القيادي البارز رائد سعد في غارة إسرائيلية

 أكد خليل الحية رئيس حركة (حماس) في قطاع غزة اليوم الأحد مقتل القيادي البارز رائد سعد خلال غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي فلسطينيون يسيرون بين أنقاض المباني المُدمَّرة بسبب الحرب في مدينة غزة (رويترز) play-circle

مصر تشدد على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة

أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري شدَّد على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«الدعم السريع» تصعِّد في جنوب كردفان وتقصف الدلنج


مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)
مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)
TT

«الدعم السريع» تصعِّد في جنوب كردفان وتقصف الدلنج


مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)
مروحية للأمم المتحدة نقلت جثامين الجنود القتلى إلى أبيي (متداولة)

صعّدت «قوات الدعم السريع» من عملياتها في ولاية جنوب كردفان. فبعد أنباء متضاربة عن استهدافها، السبت، مقراً للأمم المتحدة، في مدينة كادوقلي، عاصمة الولاية، ومقتل 6 من جنود حفظ السلام البنغلاديشيين، عادت، أمس، وقصفت مستشفى عسكرياً بمدينة الدلنج المحاصرة، ثاني أكبر مدن الولاية، ما أدّى إلى مقتل 7 وجرح 12.

وقال عامل صحي في المستشفى، طلب عدم كشف هويته، إن الضحايا هم من المرضى ومرافقيهم، مضيفاً أن المستشفى العسكري «يخدم سكان المدينة ومحيطها، إضافة إلى العسكريين».

في السياق ذاته، نفّذت فرق من الأمم المتحدة بالتنسيق مع الحكومة السودانية، أمس (الأحد)، عمليات إجلاء لقتلى وجرحى قوات حفظ السلام (يونيسفا) من مدينة كادوقلي، الذين قتلوا بمسيّرة استهدفت مقراً للمنظمة، السبت. وتفيد أنباء متواترة بأن بعثة «يونيسفا» تدرس إخلاء جميع القوات والعاملين من كادوقلي؛ بسبب تصاعد القتال بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في المدينة.


صدامات في القيروان بعد مظاهرات تونس

من مظاهرة في العاصمة التونسية السبت (رويترز)
من مظاهرة في العاصمة التونسية السبت (رويترز)
TT

صدامات في القيروان بعد مظاهرات تونس

من مظاهرة في العاصمة التونسية السبت (رويترز)
من مظاهرة في العاصمة التونسية السبت (رويترز)

اندلعت مواجهات لليلة الثانية على التوالي، مساء السبت، بين الشرطة التونسية وشباب في مدينة القيروان وسط البلاد.

وجاءت الصدامات بعد وفاة رجل عقب مطاردة نفّذتها الشرطة، تلاها عنف ضده، وفقاً لما ذكرته عائلته. ويقول أقارب هذا الرجل إنه كان يقود دراجة نارية من دون رخصة «وطاردته عربة الشرطة، ثم تعرّض للضرب ونُقل إلى المستشفى لكنه هرب منه لاحقاً، ثم توفي السبت إثر نزيف في الرأس».

وكان المئات من التونسيين قد تظاهروا في العاصمة، يوم السبت أيضاً، استجابةً لدعوة جمعيات وأحزاب معارضة، للأسبوع الرابع على التوالي، «دفاعاً عن الحريات واحتجاجاً على سياسات» الرئيس قيس سعيد.


فيضانات تودي بحياة 14 شخصا في آسفي بالمغرب

سيارة تسير عبر شارع غمرته المياه بعد الفيضانات في منطقة زاكورة بالمغرب في 7 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارة تسير عبر شارع غمرته المياه بعد الفيضانات في منطقة زاكورة بالمغرب في 7 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

فيضانات تودي بحياة 14 شخصا في آسفي بالمغرب

سيارة تسير عبر شارع غمرته المياه بعد الفيضانات في منطقة زاكورة بالمغرب في 7 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارة تسير عبر شارع غمرته المياه بعد الفيضانات في منطقة زاكورة بالمغرب في 7 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت السلطات المغربية إن «تدفقات فيضانية استثنائية» ناجمة عن أمطار غزيرة أودت بحياة 14 شخصا على الأقل، وتسببت في إصابة 32 آخرين، اليوم الأحد، في إقليم آسفي الساحلي المطل على المحيط الأطلسي، والواقع على بُعد 330 كيلومتراً جنوب الرباط.

وأوضحت السلطات، في بيان، أن الأمطار الغزيرة التي استمرت ساعة واحدة أدت إلى غمر نحو 70 منزلاً ومتجراً بالمياه، وجرف 10 سيارات، وقطع كثير من الطرق في مدينة آسفي وضواحيها، في حين تتواصل جهود الإنقاذ، وفقاً لوكالة «رويترز».