أسرى فلسطينيون «مُحرَّرون» لـ«الشرق الأوسط»: ما زلنا نرسم خطوتنا التالية

تم نقلهم من فندق لآخر بعد تقرير صحافي «مُحرض»

وفد شعبي مصري يزور الأسرى الفلسطينيين في مقر إقامتهم الأول بالقاهرة قبل نقلهم للعاصمة الإدارية (صفحة الأسير المحرر ظافر برهم)
وفد شعبي مصري يزور الأسرى الفلسطينيين في مقر إقامتهم الأول بالقاهرة قبل نقلهم للعاصمة الإدارية (صفحة الأسير المحرر ظافر برهم)
TT

أسرى فلسطينيون «مُحرَّرون» لـ«الشرق الأوسط»: ما زلنا نرسم خطوتنا التالية

وفد شعبي مصري يزور الأسرى الفلسطينيين في مقر إقامتهم الأول بالقاهرة قبل نقلهم للعاصمة الإدارية (صفحة الأسير المحرر ظافر برهم)
وفد شعبي مصري يزور الأسرى الفلسطينيين في مقر إقامتهم الأول بالقاهرة قبل نقلهم للعاصمة الإدارية (صفحة الأسير المحرر ظافر برهم)

تفصل سنوات طويلة بين الأسرى الفلسطينيين المُحررين أخيراً والحياة الطبيعية؛ كأن يستيقظوا دون مواعيد مسبقة أو على وجبة محتملة من الضغوط النفسية.

يصف الأسير الأربعيني المُحرر، ظافر برهم، ذلك قائلاً: «خرجنا من القبر إلى الحياة. وليست أي حياة، بل هي في مصر»، مثمناً هو و3 آخرون تحدثوا مع «الشرق الأوسط» حفاوة الاستقبال، ومشيرين في الوقت نفسه إلى أنهم «يحاولون رسم مسار» لخطواتهم العملية والعائلية.

واستضافت مصر في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي 154 أسيراً مُبعداً من الأراضي الفلسطينية، ضمن صفقة التبادل التي تعد أولى مراحل خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في غزة.

وقضى الأسرى المُحررون أيامهم الأولى في فندق «رينيساس ميراج سيتي» بالقاهرة، وهم يحاولون استيعاب العالم وتطوره؛ يتعلمون كل يوم أبجدية جديدة في التكنولوجيا... كيف يسجلون رقماً أو ينشرون صورة، يخرجون للتنزه على النيل وأمام الأهرامات، ويستقبلون الوفود الشعبية المهنئة، حتى طرأ تحدٍ أمني استدعى الانتقال إلى فندق «توليب» في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، حيث الهدوء والبعد عن الزحام.

وكانت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية قد نشرت تقريراً، السبت، عن الأسرى المُحررين، اعتبره الأسرى «يحمل تحريضاً ضدهم في القاهرة».

وقال الأسير المُحرر، مراد أبو الرب، إن تقرير «ديلي ميل» انتقد الإقامة الفُندقية الفخمة التي توفرها مصر للأسرى الفلسطينيين، زاعمة أن «تركيا وقطر هما من تدفعان فاتورة إقامة الأسرى في فندق 5 نجوم».

وأضاف أن التقرير تحدث كذلك عن تحرك الأسرى بحرية، وأن هذا يمثل «خطراً على السياح»، إذ عدَّ الأسرى المُحررين «إرهابيين خطرين»، على حد وصف الصحيفة.

الأسير الفلسطيني المحرر ظافر برهم (على اليمين) وإلى جواره أسير محرر آخر في فندق بالقاهرة (صفحة برهم على «فيسبوك»)

ولم تُعلق مصر رسمياً على ما جاء في صحيفة «ديلي ميل»، وحاولت «الشرق الأوسط» الحصول على إفادة رسمية، لكن لم يتسنَّ لها ذلك.

النيل والأهرامات... وطبق «الكشري»

وبحسب أبو الرب: «اتخذت مصر خطوات أمنية سريعة بنقل الأسرى إلى فندق آخر أكثر تأميناً في العاصمة الإدارية الجديدة»، موضحاً أنه عقب نشر تقرير الصحيفة البريطانية «أخبرنا القائمون على رعايتنا من الأجهزة المصرية بأنه سيتم نقلنا إلى فندق آخر في العاصمة الإدارية. وما هي إلا ساعات أخرى حتى نُقلنا بالفعل».

وأشاد أسير مُحرر آخر من نابلس، فضَّل عدم نشر اسمه، بأجواء الإقامة الفندقية الفاخرة، معبراً عن تقديره للجهود المصرية في حمايتهم. لكنه استطرد قائلاً: «يبدو أن الإسرائيليين لن يتركونا في حالنا».

ويستشعر الأسرى المُحررون الحذر الأمني في فندق العاصمة الإدارية، ويخشون تبعات أخرى تُقيد تحركاتهم خلال الفترة المقبلة، عكس الفترة الماضية التي استطاعوا خلالها الخروج على أفواج وبترتيبات مسبقة.

الأسير المحرر ماجد المصري خلال نزهة على النيل في القاهرة (صفحته على «فيسبوك»)

وكانت رؤية «النيل» و«التمشية في شوارع القاهرة» و«زيارة الأهرامات» حتى «تناول طبق كُشري» الوجهات المفضلة لمعظم الأسرى المُحررين، وهي النزهة التي كرر تفاصيلها كل من أبو الرب وبرهم والمصري. وفضَّل أسرى محررون آخرون جولات مختلفة، مثل الروائي باسم خندقجي، الذي زار إحدى المكتبات الشهيرة في القاهرة.

وكانت إجراءات خروج الأسرى «تتضمن تسجيل الرغبة في الخروج لدى المسؤولين عن حمايتهم، ثم صدور تصريح يسمح بخروج 20 إلى 30 أسيراً محرراً في اليوم الواحد، وتمتد عادة جولتهم إلى أكثر من 6 ساعات»، حسب الأسير المحرر ماجد المصري، الذي يخشى حالياً من أن يكون نقلهم لفندق العاصمة الإدارية «بداية عزلة لدواعٍ أمنية».

وقال: «لم نعلم حتى الآن إجراءات خروجنا، وأعتقد من الصعوبة وصول وفود إلينا لبعد المسافة بين مقر إقامتنا وقلب العاصمة المصرية».

الأسير المحرر الروائي باسم خندقجي خلال زيارته مكتبة «ديوان» في القاهرة (لقطة من فيديو للزيارة)

وقال برهم: «لم نكن نعلم أننا مهددون إلى تلك الدرجة إلى أن نشرت (ديلي ميل) تقريرها».

قصص أَسر متشابهة

وتتشابه قصص الأسرى المُحررين في خطوط كثيرة، من أَسر في مقتبل العمر خلال مرحلة الدراسة الجامعية أو بعد إنهائها بوقت قصير، إلى استكمال للدراسة في سنوات الأسر الطويلة، وصولاً لدرجة الماجستير، مع التركيز على الكتابة والأدب. وهم الآن يفكرون في خطواتهم المقبلة، التي يتوقف تنفيذ كثير منها على الاستقرار وبدء حياة طبيعية، لا فندقية.

ماجد المصري كان متزوجاً ولديه ابنتان قبل سجنه، وقد حصل على درجة الماجستير، وسجل في الآونة الأخيرة للحصول على الدكتوراه في تخصص التاريخ من جامعة نابلس. واستطاعت زوجته القدوم والإقامة معه في مصر، التي يفضّل أن يبقى بها.

أما أبو الرب، الذي ظل في السجون الإسرائيلية 20 عاماً، فيستعد لإطلاق أولى رواياته، التي تحمل عنوان «45 دقيقة»، نسبة إلى مدة الزيارة في الأسر. وتتناول الرواية معاناة الأسير وعائلته.

ولم يتمكن أبو الرب من الزواج وتكوين أسرة، وهو ما يطمح إليه أيضاً خلال الفترة المقبلة، في حين يترقب برهم صدور 4 روايات له، بعضها بالتعاون مع دار نشر مصرية.

ولا يقتصر ملف الأسرى المُحررين على الدفعة الأخيرة، إذ يوجد في مصر حسب الأسير الفلسطيني المُحرر والباحث في الشؤون الإسرائيلية أسامة الأشقر ما يقارب 260 أسيراً فلسطينياً، بعضهم من صفقات سابقة.

وحُرر الأشقر في فبراير (شباط) الماضي، ولا يزال هو ونحو 100 خرجوا معه مقيمين في مصر، بينما سافر 50 منهم لتركيا و12 لإسبانيا و17 لماليزيا.

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن مصيره ومصير الباقين غامض، وإنهم ينتظرون انتهاء المفاوضات والتفاهمات بين الوسطاء لمعرفة في أي دولة سيستقرون.


مقالات ذات صلة

ما دلالات التباين المصري - الأميركي بشأن صفقة الغاز الإسرائيلية؟

تحليل إخباري لقاء السيسي ونتنياهو ضمن هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2017 (إعلام عبري)

ما دلالات التباين المصري - الأميركي بشأن صفقة الغاز الإسرائيلية؟

في وقت قالت مصر إن «صفقة الغاز الضخمة المبرمة مع إسرائيل هي (تجارية بحتة)»، عدّتها الولايات المتحدة «تحمل أبعاداً سياسية تخدم عملية السلام».

هشام المياني (القاهرة )
تحليل إخباري تجمُّع فلسطينيين نازحين لتلقي حصص غذائية في مطبخ خيري بخان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري «اجتماع ميامي»... لتفادي فجوات المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»

لقاء جديد للوسطاء في مدينة ميامي، بولاية فلوريدا الأميركية، وسط تعثر في الانتقال للمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

محمد محمود (القاهرة )
المشرق العربي البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا (أ.ف.ب)

بطريرك القدس للاتين يصل إلى غزة بمناسبة «عيد الميلاد»

وصل البطريرك الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، اليوم (الجمعة)، إلى غزة في الزيارة الرعوية الميلادية السنوية إلى كنيسة العائلة المقدسة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
المشرق العربي إسرائيل تحول الخط الأصفر إلى «مصيدة للموت» للغزيين

إسرائيل تحول الخط الأصفر إلى «مصيدة للموت» للغزيين

خلال الـ24 ساعة الأخيرة في قطاع غزة (منذ ظهر الخميس وحتى الجمعة)، قتل 4 فلسطينيين بينهم سيدة، في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس.

«الشرق الأوسط» (غزة)

القاهرة تضغط للحل في لبنان عبر زيارة مدبولي

الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)
الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القاهرة تضغط للحل في لبنان عبر زيارة مدبولي

الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)
الرئيس اللبناني جوزف عون خلال استقبال مصطفى مدبولي في بيروت الجمعة (مجلس الوزراء المصري)

أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، أن «زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى لبنان هدفها اقتصادي؛ لكنها تحمل في جعبتها هدفاً استراتيجياً وسياسياً يتعلق بدعم لبنان ورسالة بأن مصر شريك وحليف استراتيجي له، كما تؤكد وقوف القاهرة معه لحين حل كل أزماته، فضلاً عن أن الرؤية المصرية تنطلق من أن تعاون الجميع في حل الأزمات الاقتصادية، بالقطع سينعكس على القضايا الأخرى، ويخلق أجواء إيجابية تسمح بتقريب وجهات النظر حولها».

وشدد المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، على أن «هناك تكليفات رئاسية واضحة للأجهزة المصرية والحكومة بتقديم كل سبل الدعم للأشقاء في لبنان، وتقديم الاستشارات اللازمة في كل الملفات، وهذا ينطلق من جهود القاهرة خلال الفترة الماضية، للعمل على حلحلة كل القضايا الساخنة في محيطها العربي وبمنطقة الشرق الأوسط، الذي يخلق ذرائع تدفع إلى تدخلات واعتداءات من جانب إسرائيل على وجه الخصوص، وبدعم من أميركا».

ونوه بأن «مصر في الملف اللبناني تحديداً تتمتع بقبول جميع الأطراف، وهو ما يعطيها ميزة للتحرك بقوة من أجل تحقيق الحلول التي تمنع تفجر الأوضاع، وهناك مؤشرات إيجابية ظهرت في كل المناقشات المصرية - اللبنانية على إمكانية تحقيق تقدم كبير في سياق الحل خلال الفترة المقبلة».

المصدر المصري شدد كذلك على أن القاهرة حريصة على أن «يكون الحل في لبنان نابعاً من توافق اللبنانيين أنفسهم، وبدعم مصري وعربي دون ضغوط أو تدخلات أطراف أخرى لها أغراض معروفة بالمنطقة».

وخلال اجتماعات عديدة عقدتها القاهرة على مستويات مختلفة مع مسؤولين لبنانيين منذ أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، طرحت القاهرة ما يُعرف بـ«المبادرة المصرية» لحل الأزمة اللبنانية - الإسرائيلية، وتهدف إلى تسوية شاملة للأزمة وتثبيت وقف إطلاق النار، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من 5 نقاط في جنوب لبنان، وفق بيانات رسمية سابقة.

وقال مدبولي في تصريحات إعلامية عقب لقائه رئيس الوزراء اللبناني، نواف سلام، في بيروت، الجمعة، إن «الرئيس عبد الفتاح السيسي كلفه بالتوجه إلى لبنان، حاملاً رسالة تؤكد دعم مصر الكامل لشقيقتها دولة لبنان في مختلف المجالات الممكنة، في ظل المرحلة الدقيقة التي تمر بها». وأوضح أنه «حرص خلال اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين اللبنانيين على نقل موقف الرئيس السيسي الداعم سياسياً ولوجيستياً واقتصادياً، والتأكيد على استعداد مصر لتلبية كل ما يطلبه الأشقاء اللبنانيون خلال هذه المرحلة».

مدبولي أكد أن هناك توجيهاً من الرئيس المصري بدعم لبنان سياسياً واقتصادياً (مجلس الوزراء المصري)

وأشار مدبولي إلى أنه في ضوء توقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان، جرى استعراض خطط واضحة لإعادة إعمار جنوب لبنان، مؤكداً «استعداد مصر للمشاركة عبر شركاتها الوطنية لتقديم الدعم والخبرات الفنية واللوجيستية؛ سواء بشكل منفرد أو بالشراكة مع الشركات اللبنانية، وأن مصر تقف بجانب لبنان بشكل كامل، وتحرص على أمنه واستقراره وسلامة أراضيه، وتدعم مؤسسات الدولة اللبنانية لبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، ووقف أي ممارسات عدوانية تهدد أمن واستقرار البلاد».

وزير خارجية لبنان سابقاً، عدنان منصور قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر لما لها من ثقلها العربي والعالمي وتقدير الجميع لها سواء في لبنان أو خارجه، فإن جهودها حالياً للعمل على حلحلة الأزمة اللبنانية المتعلقة بسلاح (حزب الله) والذرائع التي تستغلها إسرائيل للعدوان على لبنان، هي جهود مقدرة من الجميع، وتوشك على تحقيق تقدم كبير في هذا الأمر وفق ما يرشح من معلومات في الداخل اللبناني».

فيما يرى الخبير في الشؤون اللبنانية، فتحي محمود، أن «الدور المصري في لبنان يكتسب أهميته من أنه يحظى بقبول كل الأطراف اللبنانية، ويحظى أيضاً بقبول الأطراف الإقليمية والدولية، وبدأت مصر تكثيف دورها في لبنان بزيارة رئيس المخابرات العامة، حسن رشاد، إلى بيروت يوم 28 أكتوبر الماضي، عقب زيارة قام بها إلى إسرائيل، والتقى خلالها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو».

وخلال زيارته إلى بيروت، طرح رشاد مجموعة من المقترحات والأفكار التي يمكن أن تشكل مبادرة إذا وافقت عليها كل الأطراف؛ منها «التفاهم على هدنة تمتد لأكثر من 3 أشهر، وإيجاد صيغة سياسية - أمنية برعاية دولية لمشكلة سلاح (حزب الله) شمال الليطاني، وإجراء ترسيم للحدود عبر لجنة (الميكانيزم) التي تراقب وقف إطلاق النار»، وقد استجاب لبنان لأحد المقترحات المصرية بتعيين شخصية دبلوماسية ممثلاً له في اللجنة؛ وهو السفير سيمون كرم، وفقاً لمحمود.

وأوضح محمود، وهو عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية» لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة التي واجهت هذا الدور، هي التعنت الإسرائيلي واستمرار الاعتداءات، وربط الوضع اللبناني بالملف الإيراني، وهو أمر يؤدى لإطالة أمد النزاع، ومن ثم جاءت زيارة رئيس الوزراء المصري إلى بيروت في إطار دعم التعاون الثنائي اقتصادياً لمحاولة إخراج لبنان من أزمته الاقتصادية، والتأكيد للجميع أن مصر لها مصالح مشتركة مع لبنان، مما يدفع جهود حل الأزمة قدماً».

مدبولي خلال لقاء مع رجال الاقتصاد والاستثمار في بيروت (مجلس الوزراء المصري)

أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، ليلى نقولا، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «مصر حالياً لما لها من علاقات طيبة تتمتع بثقة جميع اللبنانيين، وكذلك بالأطراف المتشابكة مع لبنان، فهي بما حققته من زخم بنجاحها في تحقيق اتفاق السلام بغزة، تعمل حالياً على قيادة وتزعّم جهد عربي لحل الأزمة في لبنان، لأنها ترى أن أمن لبنان مرتبط بالوضع في فلسطين وغزة الذي يؤثر بالقطع على الأمن المصري».

وأشارت إلى أن «مصر قدمت أفكاراً تتعلق بنزع السلاح على مراحل، وفيما بعد يتم نزع كامل للسلاح في جنوب الليطاني، ويكون حصراً في يد الدولة والمراقبين الدوليين، بينما في شمال الليطاني يكون هناك جهود لتجميد أو ضبط السلاح، وبذلك حفظ ماء وجه (حزب الله) بأن السلاح لم ينزع منه بالقوة، بمعنى أن يكون نزع السلاح برضا الجميع، ومقابل ذلك تنسحب إسرائيل ويستعاد الأسرى، وأن تشارك الدول الخليجية والمانحة في إعادة إعمار المناطق المتضررة، بالإضافة إلى ترسيم الحدود بشكل كامل بين إسرائيل ولبنان لينتفي الاحتلال الذي يتم التذرع به للاحتفاظ بالسلاح».

وشددت نقولا على أنه «لا يمكن القول كما يتردد، إن مصر تنقل رسائل من أميركا وإسرائيل، فأميركا على وجه الخصوص ليست في حاجة لنقل رسائل عبر وسطاء، فهي لها مبعوثوها وممثلوها التي تنقل عبرهم مباشرة ما تريد، ولكن الجانب المصري له علاقات قوية بكل الأطراف ووزن كبير أيضاً، وبالتالي يستخدم ذلك في محاولة التوصل إلى صيغة تقرب وجهات النظر وتنتهي بالحل، كما تم التوصل إلى الاتفاق بالطريقة نفسها في غزة».


ما دلالات التباين المصري - الأميركي بشأن صفقة الغاز الإسرائيلية؟

لقاء السيسي ونتنياهو ضمن هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2017 (إعلام عبري)
لقاء السيسي ونتنياهو ضمن هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2017 (إعلام عبري)
TT

ما دلالات التباين المصري - الأميركي بشأن صفقة الغاز الإسرائيلية؟

لقاء السيسي ونتنياهو ضمن هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2017 (إعلام عبري)
لقاء السيسي ونتنياهو ضمن هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك عام 2017 (إعلام عبري)

في وقت قالت مصر إن «صفقة الغاز الضخمة المبرمة مع إسرائيل (تجارية بحتة)»، عدّتها الولايات المتحدة «تحمل أبعاداً سياسية تخدم عملية السلام»، بينما تحدث خبراء لـ«الشرق الأوسط» عن دلالات التباين المصري - الأميركي بشأن صفقة الغاز، بقولهم إن «هذا التباين يوضح ما يريده كل طرف من الصفقة ومصلحته منها وما يرغب في تحقيقه مستقبلاً، وهذا التباين لا يدل على الاختلاف بقدر ما يشي باتفاق حول الهدف النهائي وهو تحقيق السلام ».

وأكد رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، في تصريحات إعلامية، مساء الخميس، أن «صفقة الغاز مع إسرائيل اقتصادية بحتة، وتوقيتها ومضمونها لا علاقة لهما بأي ملفات سياسية، ولن تغير الصفقة الموقف المصري لكون إسرائيل لم تنسحب من غزة بعد».

فيما قالت «الخارجية الأميركية» في بيان، الخميس، إن «موافقة إسرائيل على اتفاقية الغاز التي أبرمتها شركة (شيفرون) مع مصر إنجاز كبير للأعمال التجارية الأميركية والتعاون الإقليمي»، مضيفة أن «اتفاقية الغاز بين إسرائيل ومصر لا تعزز أمن الطاقة فحسب، بل تدعم أيضاً الجهود الأوسع نطاقاً لتحقيق الاستقرار وإعادة إعمار غزة».

المستشار في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، عمرو الشوبكي، يرى أن «الطرفين المصري والأميركي اتفقا على أن الصفقة أساساها تجاري واقتصادي؛ لكن الولايات المتحدة أضافت لها أبعاداً سياسياً وفقاً لما تنوي واشنطن أن تستخدم فيه هذا الاتفاق، في ترتيب لقاء بين السيسي ونتنياهو، وتطوير في العلاقات الثنائية». وأضاف: «لكن مصر لا ترى أن الاتفاق يمكن أن يترتب عليه أي أبعاد سياسية، لأن أي ترتيبات سياسية مستقبلية ترتبط بحل القضية الفلسطينية، وإعادة إعمار غزة، وإغلاق ملف تهجير الفلسطينيين للأبد».

فيما قال المستشار بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، عماد جاد، إن «الصفقة أكبر من كونها تجارية بحتة نظراً لضخامتها وتوقيتها، لأنه لم يكن ممكناً توقيع هذه الصفقة الآن ما لم يكن هناك تحسن في أفق العلاقات مما سمح بوجود حوار وأحاديث وجهود لمحاولة ترتيب تقارب وعقد لقاء بين السيسي ونتنياهو من أجل حل وحسم القضايا الرئيسية والعالقة على مائدة هذا اللقاء، وهي القضايا التي تتعلق بغزة وفلسطين والأمن القومي المصري».

أما خبير الأمن القومي المصري، محمد عبد الواحد، فقال إن «هذا التباين لا يدل على الاختلاف بقدر ما يدل على الاتفاق، فكل طرف ينظر للصفقة وفقاً لمصلحته وما يريده، والتأكيد المصري على أن الصفقة تجارية بحتة، هو خطاب في الأساس موجه للداخل المصري للتأكيد على استقلال وسيادة القرار المصري فيما يخص القضية الفلسطينية، وأنه لا يتأثر بالصفقات، كذلك فالخطاب الأميركي موجه للداخل الأميركي ولإسرائيل أيضاً وفقاً للمصلحة الأميركية التي تسعى حالياً لتحقيق التهدئة في الشرق الأوسط بما يسمح بعودة التحالفات مع واشنطن وإسرائيل في مواجهة إيران».

وتجدر الإشارة إلى أن حديث ضياء رشوان اتفق مع ما أكدته مصادر مصرية مسؤولة قبل أسبوع لـ«الشرق الأوسط» من أن «صفقة الغاز مع إسرائيل ليست مؤثرة في تقييم الموقف المصري للمبادرة الأميركية الساعية لترتيب لقاء بين الرئيس السيسي ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، وأن المطالب المصرية للتهدئة مع إسرائيل متعلقة بتنفيذ اتفاق السلام الموقع في شرم الشيخ والانسحاب الكامل من غزة، ووقف مخطط التهجير تماماً». وقالت المصادر حينها إن «صفقة الغاز ستتم آجلاً أو عاجلاً لمصالح اقتصادية وليست سياسية».

رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري)

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، الأربعاء، أنه أعطى موافقته على اتفاق ضخم لبيع الغاز إلى مصر، بينما أفادت شركة «نيوميد إينرجي» الإسرائيلية، بأن قيمته تبلغ 35 مليار دولار.

الباحث في «مركز هدسون للدراسات بواشنطن»، ريتشارد وايتز، يعتقد أن الأمر يتلخص في كون الحكومة المصرية تحاول التقليل من شأن التداعيات السياسية للصفقة للتأكيد على أنها «مُصرة على مطالبها بشأن غزة»، بينما تحاول الولايات المتحدة «تضخيم هذه الصفقة وإضفاء أبعاد سياسية حولها لخلق زخم لدفع عملية السلام بالمنطقة».

أما الخبير في الشؤون الأميركية المقيم بنيويورك، محمد السطوحي، فقال إن كل طرف يرى الأمر من زاويته الخاصة، لكن الحقيقة أنه «لا يمكن تجاهل التشابك الكبير الآن في كل القضايا، ليس فقط من حيث أبعادها الاقتصادية والسياسية؛ لكن حتى النفسية والاجتماعية»، فمثل هذه الصفقة لو تمت قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 وما أعقبه من حرب إبادة مدمرة في غزة، لم تكن لتثير هذه الضجة التي نراها الآن.

وأضاف: «الحقيقة أن الجانب الأميركي صار يعتقد صعوبة تسوية الخلافات السياسية العميقة في الشرق الأوسط، ومن ثمّ فإن إدارة ترمب تحديداً لا تجد حافزاً يدعوها للانخراط في جهود لا تراها مجدية، خاصة أنها تتطلب تنازلات من إسرائيل لن تقبل بها، ولا تريد واشنطن أن تضغط من أجلها».

وأوضح أنه «بحكم العقلية التجارية التي تحكم الرئيس الأميركي وأغلب المحيطين به من رجال الأعمال، فإن الحل العملي بالنسبة لهم، هو خلق مصالح وعلاقات مالية وتجارية بين إسرائيل ودول الإقليم، ونظريتهم في ذلك أن تبادل المصالح سيحول دون وقوع حروب وصراعات بما يسمح لواشنطن بالتفرغ لأمور أخرى أكثر أهمية داخلية وخارجية». ولفت إلى أن «مشكلة هذه النظرية أنها تتجاهل الأبعاد التاريخية والسياسية العميقة، وهجوم السابع من أكتوبر 2023 يثير الشكوك حولها، ومن ثم يمكن لكل طرف أن يحسب مكاسبه أو خسائره المالية بشكل مستقل، لكن تصور أنها فقط حسبة أرقام، لا أظنه مقنعاً».

وكان موقع «أكسيوس» قد نقل عن مسؤول أميركي وآخر إسرائيلي، الأسبوع الماضي، أن «البيت الأبيض يسعى إلى التوسط لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو اللذين لم يتواصلا علناً منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة».

وعلى مدى الأسبوع الماضي تحدثت تقارير إسرائيلية عديدة عن شروط مصرية حازمة لقبول المبادرة الأميركية، وأن هذه الشروط تتعلق بـ«ضرورة تنفيذ جميع بنود اتفاق السلام الذي عقد في شرم الشيخ لإنهاء حرب غزة والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة، والتوقف تماماً عن أي إجراءات تفضي لتهجير الفلسطينيين لما به من تهديد للأمن القومي المصري».


هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقاء رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان بالقاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

تعددت التساؤلات حول طبيعة التحركات المصرية المستقبلية في الأزمة السودانية، واحتمالات اللجوء إلى الخيارات العسكرية، بعد الموقف اللافت بتحديد «خطوط حمراء» للحفاظ على «وحدة السودان»، وكذلك التلويح بـ«اتفاقية الدفاع المشترك»، وذلك في ظل وضع ميداني معقد جراء الحرب المستمرة منذ ما يزيد على 3 سنوات.

وتمثلت المحددات المصرية للخطوط الحمراء في «الحفاظ على وحدة السودان، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، والحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان». وجاءت الخطوط الحمراء مقترنة بالتأكيد على «الحق الكامل في اتخاذ كل التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي»، ومن بينها «تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين»، وفق بيان صادر عن الرئاسة المصرية، الخميس.

الخيار العسكري مستبعد

واتفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، على أن «الخيار العسكري يبقى مستبعداً في حال لم يتم تجاوز الخطوط الحمراء»، وأن «لغة البيان المصري دفاعية بالأساس، وإن كانت تحمل لغة مغايرة عن الخطابات الدبلوماسية التي حرصت مصر عليها منذ اندلاع الحرب، وتبقى تقديرات استخدام الأساليب الخشنة متروكة وفقاً لحسابات عديدة يصُعب تقديرها الآن». وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، ضياء رشوان، في تصريحات إعلامية، مساء الخميس، إن «من المهم عدم تجاوز الخطوط الحمراء لمصر في السودان»، مؤكداً موقف القاهرة الثابت تجاه دعم استقرار ووحدة الدولة السودانية.

ولفت إلى أن «اتفاق الدفاع المشترك بين مصر والسودان قائم، ويشمل مواجهة أي أخطار أو تهديدات تمس أمن البلدين»، موضحاً أن «مصر ترفض أي تهديد لوحدة السودان من أي طرف كان، بما في ذلك محاولات فرض حكومة موازية»، مؤكداً «التزام القاهرة بالحفاظ على سيادة السودان ووحدة أراضيه».

وفي مارس (آذار) من عام 2021، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري» مع السودان، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في عام 1976، في مواجهة «التهديدات الخارجية».

الهدف وقف النار

الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أكد أن «مصر لديها هدف رئيسي يتمثل في وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات والحفاظ على وحدة السودان، وأن الخطوط الحمراء تؤكد أن السودان امتداد استراتيجي للأمن القومي المصري ولن تسمح مصر بأن ينقسم إلى دويلات، وبالتالي فإن الهدف دفاعي في المقام الأول».

محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

وجاء البيان المصري الذي أكد «الرفض القاطع لإنشاء أي كيانات موازية، أو الاعتراف بها، باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه»، بالتزامن مع زيارة قام بها الخميس، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة، التقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي. وعقب عودته إلى السودان، وجه البرهان رسالة إلى الرئيس المصري في تغريدة له على منصة «إكس»، مساء الخميس، قائلاً: «شكراً مصر... شكراً الرئيس عبد الفتاح السيسي».

واعتبر الخبير في شؤون الأمن القومي، اللواء محمد عبد الواحد، أن «جميع السيناريوهات مطروحة طالما أن الموقف المصري ربط بين وحدة السودان واستقراره وحماية الأمن القومي المصري، ويبقى الخيار العسكري بيد السلطة السياسية والقائد الأعلى للقوات المسلحة (رئيس الجمهورية) وفقاً لحسابات عديدة ومعقدة». وأضاف أن «مصر هدفت لإحداث توازن بين لغة التصعيد للدفاع عن مصالحها، والإشارة إلى المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار ودعم المسارات السياسية، ما يشير إلى أن القاهرة غير مندفعة نحو الخيار العسكري، وتنتظر تراجعاً من الأطراف التي تعمل على تقويض استقرار السودان وتقسيم أراضيه بما يشكل تهديداً للأمن القومي المصري».

خطاب ردع

وتضمن بيان «الخطوط الحمراء» تأكيداً على «حرص مصر الكامل على استمرار العمل في إطار (الرباعية الدولية)، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطلاق النار، يتضمن إنشاء ملاذات وممرات إنسانية آمنة لتوفير الأمن والحماية للمدنيين السودانيين، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة السودانية». لكن عبد الواحد في الوقت ذاته، شدد على أن «الخطوط الحمراء» تمثل نقطة تحول استراتيجي في الخطاب السياسي من التهدئة الدبلوماسية إلى التهديد، أو ما يمكن وصفه بـ«التصعيد الدفاعي» في ظل تطورات ميدانية تشير إلى تقدم «قوات الدعم السريع»، وبالتالي فإن الموقف الأخير هو «خطاب ردع».

متحدث الرئاسة المصرية ينشر تغريدة لرئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عقب زيارته القاهرة الخميس (المتحدث)

ومن وجهة نظر عبد الواحد، فإن «استدعاء القانون الدولي يشير إلى أن القاهرة تُذكر بـ(المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تتيح للدول الدفاع عن نفسها إذا تعرضت للمخاطر)، كما أن تفعيل (اتفاقية الدفاع المشترك) يؤشر على تنسيق في مجالات التبادل المعلوماتي والتدريبات المشتركة، وغيرها من مجالات التعاون التي تدعم حماية الأمن القومي».

ووسعت «قوات الدعم السريع» عملياتها باستخدام الطائرات المُسيرة، وأطلقت، الخميس، هجوماً واسعاً على مدن عطبرة والدامر وبربر في شرق السودان باستخدام 35 طائرة مسيرة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

الكرة في ملعب «الدعم»

مساعد وزير الخارجية المصري السابق لشؤون السودان، السفير حسام عيسى، أكد أن «الحديث عن الخيارات العسكرية سابق لأوانه، فلكل حادث حديث في حال جرى تجاوز الخطوط الحمراء، والكرة الآن في ملعب (قوات الدعم السريع) بإعادة النظر في خططها الساعية لتقسيم السودان بما يضمن وحدة البلاد والحفاظ على مؤسسات الدولة مع التدمير الواسع الذي تقوم به على مستوى البنية التحتية، وبما يمنع من تكرار جرائم الحرب الشنيعة التي وقعت في دارفور». وأشار إلى أن الموقف المصري الأخير جاء مع تنامي الأخطار المحيطة بالدولة المصرية مع تدفق أعداد هائلة من اللاجئين، وتهديد أمن الحدود والوضع العملياتي على الأرض الذي يحمل خطورة كبيرة على الأمن القومي المصري.

وحذر وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الشهر الماضي، من «رد فعل قوي لبلاده، حال تهديد أمنها القومي المباشر»، مشيراً في تصريحات متلفزة عقب زيارته بورتسودان، إلى أنه «لا يمكن السماح لأي طرف تحت أي ظرف المساس بحدود بلاده».

وتتحكم «قوات الدعم السريع» التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ أكثر من عامين ونصف عام في «إقليم دارفور بالكامل»، بعد سيطرتها على مدينة الفاشر (شمال دارفور) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كما أعلنت في يونيو (حزيران) الماضي سيطرتها على «منطقة المثلث الحدودي» التي تجمع مصر، وليبيا، والسودان.