السودان يتهم الاتحاد الأوروبي بانتهاج «معايير مزدوجة» حيال الحرب

حظر الحسابات المصرفية لحمدوك ورموز المعارضة

عناصر في الجيش يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري في الخرطوم يوم 21 مارس 2025 (أ.ب)
عناصر في الجيش يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري في الخرطوم يوم 21 مارس 2025 (أ.ب)
TT

السودان يتهم الاتحاد الأوروبي بانتهاج «معايير مزدوجة» حيال الحرب

عناصر في الجيش يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري في الخرطوم يوم 21 مارس 2025 (أ.ب)
عناصر في الجيش يحتفلون بعد استعادتهم القصر الجمهوري في الخرطوم يوم 21 مارس 2025 (أ.ب)

اتّهمت وزارة الخارجية السودانية مجلس الاتحاد الأوروبي بتبنّي «معايير مزدوجة»، في موقفه من الحرب في السودان، وذلك ردّاً على بيان أصدره المجلس الأوروبي حمّل فيه الجيش و«قوات الدعم السريع» مسؤولية استمرار النزاع المسلح، وأبدى استعداده لإحلال سلام عادل في البلاد.

وقالت الوزارة، في بيان رسمي في وقت متأخر من مساء الأربعاء، إن الخلاصات التي توصل إليها مجلس الاتحاد الأوروبي بشأن السودان «أظهرت وبشكل جليّ التناول غير الموفق للوضع»، وعبّرت عن تداخل الأجندات الأوروبية، وتقديم مصالح دول الاتحاد الأوروبي العليا، عوضاً عن تحقيق السلام في السودان بوصفه مبدأ أساسياً.

وكان مجلس الاتحاد الأوروبي قد اعتمد في اجتماعه بأمستردام، يوم الثلاثاء الماضي، خلاصة سياسية بشأن السودان، تضمن 4 مطالب رئيسية لأطراف الحرب، تتمثل في الانخراط في مفاوضات لوقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون معوقات، والالتزام بانتقال مدني حقيقي وشامل، فضلاً عن تعزيز المساءلة واحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وعَدّ البيان الصراع السوداني «تهديداً خطيراً للاستقرار في المنطقة»، وحذّر من مخاطر تقسيم البلاد، وأكّد رفضه لأي ترتيبات قد تقود لهذا التقسيم، مشيراً إلى استعداده لاستخدام أدوات السياسة الخارجية، بما فيها التدابير التقييدية والعقوبات المستهدفة للضغط على الأطراف المتحاربة من أجل إنهاء الحرب.

انفتاح على الحوار

أرشيفية لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان يُحيّي مؤيديه في العاصمة الخرطوم (أ.ب)

ووصفت الحكومة السودانية البيان الأوروبي بـ«المنحاز وغير المنصف»، وأنه أغفل «حقيقة أن ميليشيات (الدعم السريع)، لا تزال تُحاصر مدينة الفاشر، وتستخدم التجويع والعنف الممنهج ضد المدنيين سلاحاً في الحرب».

وقالت «الخارجية»، في البيان، إن مجلس الاتحاد تجاهل قرارات مجلس الأمن القاضية بفك الحصار عن مدينة الفاشر، ووقف الانتهاكات ضد المدنيين، وأضافت: «من الأجدى أن يضغط المجلس الأوروبي على ميليشيات (قوات الدعم السريع) لتنفيذ القرار، بدلاً من المطالبة بهدنة تمنحها وقتاً».

وأضاف البيان أن الاتحاد الأوروبي «أغفل جهود الحكومة السودانية في تسهيل عمل منظمات الإغاثة وفتح الممرات الإنسانية»، وهي جهود أشادت بها المنظمات الإنسانية العاملة في السودان.

وأكّدت «الخارجية» انفتاح السودان على حوار بنّاء مع الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي، بيد أنها اشترطت عدم مساس هذا الحوار بسيادة البلاد، بقولها: «لا يعني القبول بأي جهة، لا تحترم سيادة السودان ووحدة ترابه وعزة شعبه».

وأضافت: «السلام العادل الذي يلبي طموحات شعب السودان، ويسترد عزته وحقوقه هو الهدف الأسمى للحكومة»، وأن توفير الأمن والاستقرار واستعادة الحكومة هي المرجعية للانخراط مع المجتمعين الدولي والإقليمي.

حجز حسابات حمدوك

رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (رويترز)

داخلياً وفي تصعيد سياسي آخر، أصدر بنك السودان المركزي قراراً قضى بحجز وتجميد حسابات 39 شخصاً، أبرزهم رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، وعضو «مجلس السيادة» السابق محمد الفكي سليمان، ورئيس حزب «الأمة القومي» فضل برمة ناصر، ورئيس حزب «المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ورئيس «الحركة الشعبية - التيار الثوري» ياسر عرمان، وعدد من السياسيين والإعلاميين والصحافيين.

ووصف محمد الفكي سليمان القرار بأنه «استهداف إعلامي لقوى الثورة، بهدف إظهارهم متهمين، في وقت يتصاعد فيه الحديث عن الحل السياسي والسلام». وأضاف: «لا أملك أي حساب مصرفي داخل السودان أو خارجه حتى يتم حظره، فضلاً عن امتلاك أموال، فالقرار يقع ضمن سلسلة عمليات تضييق سياسي، شملت حرمان المعارضين من تجديد جوازاتهم أو الحصول على وثائق رسمية. الخطوة تعكس توجهاً للتصعيد بدل التهيئة للحل السياسي الشامل».

ويأتي قرار تجميد الحسابات ضمن سلسلة عمليات من التصعيد السياسي للتضييق على المعارضين، أصدرتها الحكومة التي يدعمها الجيش، وأبرزها حرمانهم من «جوازات السفر»، وحظر تجديد الجوازات منتهية الصلاحية لمعظم أعضاء المجموعة التي حظرت حساباتها.

ميدانياً، في الوقت الذي تتعرض فيه قوات الجيش في مدينة الفاشر لهجوم من عدة محاور يستهدف إكمال الاستيلاء على المدينة، تتابعت «حرب المسيّرات» بين طرفي النزاع في السودان.

وقال شهود إن مسيّرات قتالية تابعة لـ«الدعم السريع» استهدفت صباح الخميس للمرة الثالثة خلال أسبوع، مطار الخرطوم ومقر قيادة الجيش، في حين استهدفت مسيّرات أخرى منطقة «وادي سيدنا» العسكرية.

وذكرت مصادر صحافية موالية للجيش أن طائرات مسيّرة من طراز «بيرقدار» تركية الصنع، دمّرت طائرة شحن تابعة لـ«الدعم السريع» في مدينة نيالا بغرب البلاد، في حين لم تصدر تصريحات رسمية من طرفي القتال حول هذه الهجمات.


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تهاجم مقر الأمم المتحدة بجنوب كردفان ومقتل 6 جنود بنغلادشيين

شمال افريقيا عناصر من «قوات التدخل السريع» يقومون بدورية في بلدة شمال السودان (أرشيفية - أ.ب) play-circle

«الدعم السريع» تهاجم مقر الأمم المتحدة بجنوب كردفان ومقتل 6 جنود بنغلادشيين

شنت «قوات الدعم السريع»، (السبت)، هجوماً بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان استهدف مقراً للأمم المتحدة، مما أدى إلى مقتل 6 جنود بنغلاديشيين.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا جنود من الجيش السوداني يسيرون بجوار مركبات عسكرية مدمرة بعد معركة مع «قوات الدعم السريع» في الخرطوم (رويترز) play-circle

السودان: الجيش يتهم «الدعم السريع» بقصف مقر للأمم المتحدة أوقع 6 قتلى

قُتل ستة جنود بنغلادشيين على الأقل، السبت، في هجوم بطائرة مسيّرة على قاعدة تابعة لبعثة حفظ سلام أممية في كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان المحاصرة.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أوروبا عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» (وسط) خلال اجتماعات لإطلاق «تحالف تأسيس» بنيروبي في فبراير الماضي (أ.ب)

عقوبات بريطانية على شقيق حميدتي وقادة من «الدعم السريع»

أعلنتِ المملكة المتحدة، أمس، فرضَ عقوبات على أربعة من قادة «قوات الدعم السريع» في السودان، بينهم الرجلُ الثاني فيها، عبد الرحيم دقلو، شقيق قائدها محمد حمدان.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز) play-circle

غوتيريش يدعو «الدول ذات التأثير» إلى استخدام نفوذها لوقف الحرب في السودان

ندد الأمين العام للأمم المتحدة، الجمعة، بالهجمات على المدنيين والبنية التحتية بالسودان، مطالباً جميع أطراف الصراع بالالتزام بالقانون الدولي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا عبد الرحيم دقلو نائب قائد «قوات الدعم السريع» (وسط) خلال اجتماعات لإطلاق «تحالف تأسيس» بنيروبي في فبراير الماضي (أ.ب) play-circle 02:04

عقوبات بريطانية على قادة من «الدعم السريع» بينهم شقيق «حميدتي»

بريطانيا تفرض عقوبات على أربعة من قادة «الدعم السريع»، أبرزهم عبد الرحيم دقلو شقيق «حميدتي»، واتهمتهم بارتكاب جرائم قتل جماعي وعنف جنسي بالسودان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

اشتباكات بين الشرطة التونسية وشبان في القيروان بعد وفاة رجل

احتجاج ضد سياسات الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)
احتجاج ضد سياسات الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)
TT

اشتباكات بين الشرطة التونسية وشبان في القيروان بعد وفاة رجل

احتجاج ضد سياسات الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)
احتجاج ضد سياسات الرئيس التونسي قيس سعيد في العاصمة تونس (إ.ب.أ)

قال شهود لوكالة «رويترز» إن اشتباكات اندلعت لليلة ثانية على التوالي، أمس (السبت)، بين الشرطة التونسية وشبان غاضبين في مدينة القيروان وسط البلاد، بعد وفاة رجل عقب مطاردة نفَّذتها الشرطة تلاها عنف ضده، وفقاً لما ذكرته عائلته.

وتثير مثل هذه الاحتجاجات العنيفة مخاوف السلطات من احتمال توسُّع رقعتها في مناطق أخرى مع استعداد البلاد لإحياء ذكرى ثورة 2011، التي فجَّرت انتفاضات «الربيع العربي».

وتشهد تونس تفاقم توترات سياسية واجتماعية وسط موجة احتجاجات متزايدة وإضرابات في قطاعات عدة، ودعوة من الاتحاد العام التونسي للشغل لإضراب وطني الشهر المقبل.

وفي الأسابيع الماضية، احتجَّ أيضاً آلاف المتظاهرين في قابس جنوب البلاد، مطالبين بإغلاق مصنع كيميائي يقولون إنه سبب رئيسي للتلوث.

وقال شهود إن المتظاهرين في القيروان رشقوا، ليل السبت، الشرطة بالحجارة والزجاجات الحارقة والشماريخ، وأغلقوا الطرق بإشعال الإطارات المطاطية؛ ما دفع قوات الأمن لتفريقهم باستخدام الغاز المسيل للدموع.

ويقول أقارب هذا الرجل إن المتوفى كان يقود دراجةً ناريةً دون رخصة، وطاردته عربة الشرطة، ثم تعرَّض للضرب ونُقل إلى المستشفى الذي هرب منه لاحقاً، وتوفي أمس إثر نزف في الرأس.

ولم يتسنَّ الحصول على تعليق رسمي بشأن الحادث.

وفي محاولة على ما يبدو لتهدئة الأوضاع، قالت مصادر محلية وإعلامية إن والي القيروان زار منزل عائلة المتوفى، السبت، وتعهَّد بفتح تحقيق لتحديد ملابسات الوفاة وتحميل المسؤوليات.

وتتهم جماعات حقوقية الرئيس التونسي، قيس سعيد، باستخدام القضاء والشرطة لقمع منتقديه، وهي اتهامات ينفيها بشكل قاطع.


«الدعم السريع» تهاجم مقرَّ الأمم المتحدة في كادوقلي

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)
نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)
TT

«الدعم السريع» تهاجم مقرَّ الأمم المتحدة في كادوقلي

نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)
نازحون يصطفون للحصول على مساعدات غذائية في مخيم بشمال كردفان (أ.ف.ب)

شنَّت «قوات الدعم السريع»، أمس، هجوماً بالمسيَّرات على مدينة كادوقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان المحاصرة، استهدف مقراً للأمم المتحدة، مما أدى إلى مقتل 6 جنود من بنغلادش، في حين بدأت بعض المنظمات الإنسانية ووكالات الأمم المتحدة في المدينة، تنفيذ عمليات إجلاء لموظفيها، كما تشهد المدينة نزوحاً سكانياً.

وعدَّ مجلس السيادة الانتقالي السوداني الهجوم «خرقاً جسيماً وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني». وقال في بيان إنَّ «استهداف منشأة أممية محمية يمثل تصعيداً خطيراً وسلوكاً إجرامياً يرقى إلى عمل إرهابي منظم ويكشف عن استخفاف متعمَّد بالقانون الدولي، وتهديد مباشر لعمل البعثات الإنسانية والدولية»، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى اتخاذ «مواقف حازمة وإجراءات رادعة» تكفل حماية المنشآت الأممية.

يأتي ذلك بعد يومين من اتهام الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، «الدعم السريع» بـ«القوات السيئة»، لتردّ الأخيرة باتهام الأمم المتحدة بـ«ازدواجية المعايير».


«القبائل» الجزائرية تتوحَّد ضد مشروع «ماك» الانفصالي

ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)
ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)
TT

«القبائل» الجزائرية تتوحَّد ضد مشروع «ماك» الانفصالي

ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)
ناشطون في بجاية خلال تجمع ضد مشروع الانفصال (حسابات خاصة)

رداً على مسعى حركة (ماك) الانفصالية لإطلاق «دولة القبائل المستقلة»، اليوم في فرنسا، تشهد منطقة القبائل الجزائرية زخماً وحركة غير مألوفين، تمثلا في أنشطة ميدانية معارضة لهذا الحدث الذي يشكل أحد أبرز فصول التوتر مع الجزائر، التي تتهمها بـ«احتضان أعداء وحدتها الترابية».

وشهدت ولاية بجاية (250 كلم شرق العاصمة)، أكبر مدن القبائل سلسلةً من المبادرات التي عبّر من خلالها مواطنون وفعاليات محلية عن رفضهم أي طرح يمس بالوحدة الوطنية. ولوحظ تعليق العلم الوطني على واجهات عدد كبير من المنازل والمحلات التجارية.

ونظَّمت مديرية الشباب والرياضة لولاية بجاية قافلة سيارات مزيّنة بالأعلام الوطنية، انطلقت من وسط المدينة وجابت عدداً من الشوارع والقرى، تحت شعار «الجزائر واحدة موحدة»، فيما أصدر طلبة جامعة بجاية بياناً عبّروا فيه عن رفضهم لمشروع حركة «ماك» الانفصالية، مؤكدين تمسُّكَهم بـ«وحدة الجزائر وسيادتها».