الذكاء الاصطناعي التوليدي ينتج فيديوهات خدَّاعة مطورة

نظام «سورا» يشكل نقطة تحوّل في عصر التزييف الحديث

الذكاء الاصطناعي التوليدي ينتج فيديوهات خدَّاعة مطورة
TT

الذكاء الاصطناعي التوليدي ينتج فيديوهات خدَّاعة مطورة

الذكاء الاصطناعي التوليدي ينتج فيديوهات خدَّاعة مطورة

طرحت شركة «أوبن إيه آي»، مبتكرة روبوت الدردشة الشهير «تشات جي بي تي»، هذا الشهر، تكنولوجيا جديدة عبر الإنترنت، ربما لم يكن معظمنا على استعداد لها. والمقصود هنا تطبيق «سورا» Sora الذي يتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو واقعية المظهر باستخدام الذكاء الاصطناعي، عبر مجرد كتابة وصف بسيط، مثل: «لقطة من كاميرا الشرطة المثبتة لكلب يجري اعتقاله لسرقته شريحة لحم من متجر كوستكو».

نظم ذكية لعروض خادعة

بوجه عام، فإن «سورا» تطبيق مجاني على أجهزة «آيفون»، شكل مصدر تسلية وقلق في آنٍ واحد؛ فمنذ إطلاقه، نشر الكثير من المستخدمين الأوائل مقاطع فيديو على سبيل الترفيه، مثل مقاطع مزيفة من هاتف محمول تظهر حيوان الراكون على متن طائرة، أو مشاجرات بين مشاهير هوليوود بأسلوب الأنمي الياباني. (أما أنا، فقد استمتعت بتصنيع مقاطع تظهر قطاً يحلق في السماء، وكلباً يتسلق الصخور في صالة تسلق).

ومع ذلك، استغل آخرون الأداة لأغراض أكثر خبثاً، مثل نشر معلومات مضللة، بما في ذلك مقاطع أمنية مزيفة لجرائم لم تحدث قط.

وحمل إطلاق تطبيق «سورا»، إلى جانب أدوات مشابهة لتوليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي طُرحت هذا العام من قبل «ميتا» و«غوغل»، تداعيات كبرى. وقد يشكل هذا التطور نهاية مفهوم «الحقائق البصرية» - والمقصود هنا فكر أن الفيديو يمكن أن يكون سجلاً موضوعياً للواقع - كما نعرفه. ومن اليوم، سيتعيّن على المجتمع أن يتعامل مع الفيديوهات بنفس الحذر والشك الذي يُعامل به النصوص.

في الماضي، كان لدى الناس ثقة أكبر في أن الصور حقيقية. وعندما أصبح من السهل التلاعب في الصور، تحوّل الفيديو إلى أداة معيارية لإثبات المصداقية، بفضل صعوبة التلاعب به. أما الآن، فقد انتهى هذا الأمر كذلك.

انتاج لقطات لحوادث سير لخداع شركات التأمين

ضرورة تدقيق الفيديوهات مثل النصوص

في هذا الصدد، قال رين نغ، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، والذي يُدرّس دورات في التصوير الحاسوبي: «أدمغتنا مبرمجة بشكل قوي لتصدق ما نراه، لكن يمكننا ويجب علينا أن نتعلم التوقف والتفكير الآن فيما إذا كان الفيديو، وأي وسيلة إعلامية أخرى، يعكس شيئاً حدث في العالم الحقيقي أم لا».

وبالفعل، أصبح «سورا»، الذي تصدّر قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلاً في متجر «آب ستور» من شركة «آبل»، هذا الأسبوع، مصدر قلق في هوليوود. وعبرت الاستوديوهات عن خشيتها من أن المقاطع التي جرى إنشاؤها باستخدام «سورا» قد انتهكت بالفعل حقوق الطبع والنشر الخاصة بعدد من الأفلام والعروض والشخصيات.

وعن ذلك، قال سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، في بيان إن الشركة تعكف في الوقت الحاضر على جمع آراء المستخدمين، وستوفر قريباً لأصحاب الحقوق آلية للتحكم في استخدام شخصياتهم، ومساراً لتحقيق الدخل من الخدمة.

انتاج لقطات حول فوائد صحية مشكوك فيها لبعض الأطعمة

تطبيق «سورا»

والآن، كيف يعمل تطبيق «سورا»، وما الذي يعنيه هذا كله لك باعتبارك المستهلك؟ إليك ما يجب معرفته:

> كيف يستخدم الناس تطبيق «سورا»؟

يمكن لأي شخص تحميل تطبيق «سورا» دون مقابل. ومع ذلك، نجد أن الخدمة متاحة في الوقت الحاضر بدعوات فقط، أي أنه لا يمكن استخدام مولد الفيديوهات إلا من خلال رمز دعوة يحصل عليه المستخدم من شخص آخر لديه حساب على «سورا». وقد بدأ الكثير من الأشخاص بالفعل في مشاركة رموز الدعوة عبر مواقع وتطبيقات مثل «ريديت» و«ديسكورد».

بمجرد التسجيل، يبدو التطبيق مشابهاً لتطبيقات الفيديو القصير مثل «تيك توك» و«ريلز» من «إنستغرام». ويمكن للمستخدمين إنشاء فيديو عبر كتابة وصف (Prompt) مثل: «قتال بين بيغي وتوباك بأسلوب أنمي (قاتل الشياطين) ديمون سلاير».

يذكر أنه قبل أن يُعلن سام ألتمان أن «أوبن إيه آي» ستمنح مالكي الحقوق سيطرة أكبر على كيفية استخدام ملكياتهم الفكرية عبر هذه الخدمة، كانت الشركة تفرض على أصحاب الحقوق أن يختاروا بأنفسهم الانسحاب من الخدمة، مما جعل الشخصيات المتوفاة أهدافاً سهلة للتجربة.

ويمكن للمستخدمين كذلك رفع صورة حقيقية وإنشاء فيديو منها. وبعد قرابة دقيقة من المعالجة، يمكنهم نشر الفيديو داخل التطبيق أو تحميله ومشاركته مع الأصدقاء أو عبر تطبيقات أخرى مثل «تيك توك» و«إنستغرام».

لدى إطلاق «سورا» هذا الشهر، برز التطبيق بفضل أن مقاطع الفيديو التي يُنتجها بدت أشد واقعية بكثير من تلك التي تنتجها خدمات مماثلة، مثل «فيو 3 - Veo 3»، من «غوغل»، المُدمجة مع روبوت الدردشة «جيميناي» و«فايب Vibe»، التي تشكل جزءاً من تطبيق «ميتا إيه آي».

الزيف والواقع

> الزيف أم الواقع: ماذا يعني ذلك لي؟

الخلاصة أن أي فيديو تراه على تطبيقات تحتوي على فيديوهات قصيرة - مثل «تيك توك» و«ريلز» من «إنستغرام»، و«يوتيوب شورتس»، و«سنابشات»، أصبح من المحتمل للغاية أن يكون زائفاً.

يشكل تطبيق «سورا» نقطة تحول في عصر التزييف بالذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع ظهور تقليدات كثيرة خلال الأشهر القادمة، بما في ذلك أدوات تنشئها جهات خبيثة تتيح توليد مقاطع فيديو دون أي قيود.

من جهته، قال لوكاس هانسن، مؤسس منظمة «سيف إيه آي»، منظمة غير ربحية تُعنى بتثقيف الناس حول قدرات الذكاء الاصطناعي: «لن يكون أحد على استعداد لقبول الفيديوهات باعتبارها دليلاً على أي شيء بعد الآن».

> ما المشكلات التي يجب أن أكون حذراً منها؟

ج: تفرض شركة «أوبن إيه آي» عدداً من القيود لمنع إساءة استخدام «سورا»، بما في ذلك حظر إنشاء فيديوهات تتضمن محتوى جنسياً، أو نصائح صحية مضللة، أو دعاية إرهابية.

مع ذلك، بعد ساعة من اختبار الخدمة، فقد نجحت أنا في إنشاء بعض الفيديوهات التي قد تكون مثيرة للقلق:

- لقطات مزيفة من كاميرا لوحة القيادة يُمكن استخدامها في الاحتيال على شركة التأمين: طلبتُ من «سورا» إنشاء فيديو من كاميرا لوحة القيادة لسيارة «تويوتا بريوس» تصطدم بشاحنة كبيرة. وبعد إنشاء الفيديو، تمكنتُ حتى من تغيير رقم لوحة الترخيص.

- فيديوهات تتضمن ادعاءات صحية مشكوك فيها: أنشأ «سورا» فيديو لامرأة تستشهد بدراسات غير موجودة حول فائدة الدجاج المقلي للصحة. لم يحمل هذا الفيديو نوايا خبيثة، لكنه يبقى مزيفاً.

- فيديوهات تُشوّه سمعة الآخرين: أنشأ «سورا» تقريراً إخبارياً يتضمن تعليقات مُهينة بخصوص شخص أعرفه.

منذ إطلاق «سورا»، عاينت كذلك الكثير من الفيديوهات المُثيرة للجدل المُولّدة بالذكاء الاصطناعي، في أثناء تصفحي «تيك توك». كان هناك مقطع فيديو مُزيّف من كاميرا لوحة القيادة لسيارة «تيسلا» تسقط من حاملة سيارات على طريق سريع، وآخر يتضمن قصة إخبارية مُزيفة عن قاتل متسلسل خيالي، ومقطع فيديو مُلفّق من هاتف محمول لرجل يُقتاد خارج بوفيه لإفراطه في تناول الطعام.

من ناحيته، صرح متحدث باسم «أوبن إيه آي»، بأن الشركة أطلقت تطبيق «سورا» باعتباره تطبيقاً خاصاً بها، لمنح المستخدمين مساحة مخصصة للاستمتاع بمقاطع الفيديو المُولّدة بالذكاء الاصطناعي، والتأكد من أن هذه المقاطع مُعدّة باستخدام الذكاء الاصطناعي. وأضاف أن الشركة دمجت تقنيات لتسهيل تتبع مقاطع الفيديو إلى «سورا»، بما في ذلك العلامات المائية والبيانات المُخزّنة داخل ملفات الفيديو التي تُعدّ بمثابة توقيعات.

وأوضحت الشركة: «تحظر سياسات الاستخدام لدينا تضليل الآخرين من خلال انتحال الهوية أو الاحتيال، ونتخذ الإجراءات اللازمة عند اكتشاف إساءة الاستخدام».

رصد التزييف

> كيف أعرف ما هو مُزيّف؟

رغم أن مقاطع الفيديو المُولّدة باستخدام «سورا» تتضمن علامة مائية للعلامة التجارية للتطبيق، فإن بعض المستخدمين أدركوا بالفعل إمكانية إزالة العلامة المائية. وتميل المقاطع المُنشأة باستخدام «سورا» إلى أن تكون قصيرة كذلك - تصل مدتها إلى 10 ثوانٍ.

وأضاف هانسن أن أي فيديو يُضاهي جودة إنتاج هوليوود قد يكون مزيفاً، لأن نماذج الذكاء الاصطناعي مُدربة إلى حد كبير على لقطات من برامج تلفزيونية وأفلام منشورة عبر الإنترنت.

في اختباراتي، أظهرت مقاطع الفيديو المُنشأة باستخدام «سورا»، بعض الأحيان أخطاءً واضحة، بما في ذلك أخطاء إملائية في أسماء المطاعم وأصوات غير متزامنة مع حركة أفواه الناس.

علاوة على ذلك، فإن أي نصيحة حول كيفية اكتشاف مقطع فيديو مُنشأ بواسطة الذكاء الاصطناعي، ستكون بطبيعتها قصيرة الأجل بالنظر إلى التطور السريع للتكنولوجيا، حسبما أوضح هاني فريد، أستاذ علوم الحاسوب بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، ومؤسس شركة «غيت ريل سيكيوريتي»، المعنية بالتحقق من صحة المحتوى الرقمي.

وأضاف فريد: «وسائل التواصل الاجتماعي مُكدسة»، مضيفاً أن إحدى أضمن الطرق لتجنب مقاطع الفيديو المُزيفة، التوقف عن استخدام تطبيقات مثل «تيك توك» و«إنستغرام» و«سنابشات».

* خدمة «نيويورك تايمز».


مقالات ذات صلة

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

تكنولوجيا نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

ذكرت دراسة «كاسبرسكي» أن نصف موظفي السعودية تلقوا تدريباً سيبرانياً ما يجعل الأخطاء البشرية مدخلاً رئيسياً للهجمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أطلقت «يوتيوب» أول ملخص سنوي يمنح المستخدمين مراجعة شخصية لعادات المشاهدة خلال عام 2025

«ملخص يوتيوب»: خدمة تعيد سرد عامك الرقمي في 2025

يقدم الملخص ما يصل إلى 12 بطاقة تفاعلية تُبرز القنوات المفضلة لدى المستخدم، وأكثر الموضوعات التي تابعها، وكيفية تغيّر اهتماماته على مدار العام.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يعدّ «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» أكبر حدث من نوعه حضوراً في العالم (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني)

بمشاركة دولية واسعة وازدياد في المحتوى... «بلاك هات 25» ينطلق بأرقام قياسية جديدة

أكد متعب القني، الرئيس التنفيذي لـ«الاتحاد السعودي للأمن السيبراني»، أن مؤتمر «بلاك هات - الشرق الأوسط وأفريقيا» يحقق هذا العام أرقاماً قياسية جديدة.

غازي الحارثي (الرياض)

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
TT

بـ40 ألف زائر و25 صفقة استثمارية... «بلاك هات» يُسدل ستار نسخته الرابعة

شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)
شهد المعرض مشاركة أكثر من 500 جهة (بلاك هات)

اختُتمت في ملهم شمال الرياض، الخميس، فعاليات «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025»، الذي نظمه الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، وشركة «تحالف»، عقب 3 أيام شهدت حضوراً واسعاً، عزّز مكانة السعودية مركزاً عالمياً لصناعة الأمن السيبراني.

وسجّلت نسخة هذا العام مشاركة مكثفة جعلت «بلاك هات 2025» من أبرز الفعاليات السيبرانية عالمياً؛ حيث استقطب نحو 40 ألف زائر من 160 دولة، داخل مساحة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة، إلى جانب 300 متحدث دولي، وأكثر من 200 ساعة محتوى تقني، ونحو 270 ورشة عمل، فضلاً عن مشاركة 500 متسابق في منافسات «التقط العلم».

كما سجّل المؤتمر حضوراً لافتاً للمستثمرين هذا العام؛ حيث بلغت قيمة الأصول المُدارة للمستثمرين المشاركين نحو 13.9 مليار ريال، الأمر الذي يعكس جاذبية المملكة بوصفها بيئة محفّزة للاستثمار في تقنيات الأمن السيبراني، ويؤكد تنامي الثقة الدولية بالسوق الرقمية السعودية.

وأظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية؛ حيث بلغ إجمالي المشاركين 4100 متسابق، و1300 شركة عالمية، و1300 متخصص في الأمن السيبراني، في مؤشر يعكس اتساع التعاون الدولي في هذا القطاع داخل المملكة.

إلى جانب ذلك، تم الإعلان عن أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، بما يُسهم في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي، وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة.

وقال خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز لـ«الشرق الأوسط»: «إن (بلاك هات) يُحقق تطوّراً في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات».

أظهرت النسخ السابقة للمؤتمر في الرياض تنامي المشاركة الدولية (بلاك هات)

وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد بنحو 27 في المائة على العام الماضي».

وسجّل «بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا» بنهاية نسخته الرابعة، دوره بوصفه منصة دولية تجمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني، وتتيح تبادل المعرفة وتطوير الأدوات الحديثة، في إطار ينسجم مع مسار السعودية نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».


دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
TT

دراسة: نصف الموظفين في السعودية تلقّوا تدريباً سيبرانياً

نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)
نصف الموظفين في السعودية فقط تلقّوا تدريباً سيبرانياً ما يخلق فجوة خطرة في الوعي الأمني داخل المؤسسات (غيتي)

أظهرت دراسة حديثة أجرتها شركة «كاسبرسكي» في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا، ونُشرت نتائجها خلال معرض «بلاك هات 2025» في الرياض، واقعاً جديداً في بيئات العمل السعودية.

فقد كشف الاستطلاع، الذي حمل عنوان «الأمن السيبراني في أماكن العمل: سلوكيات الموظفين ومعارفهم»، أن نصف الموظفين فقط في المملكة تلقّوا أي نوع من التدريب المتعلق بالتهديدات الرقمية، على الرغم من أن الأخطاء البشرية ما زالت تمثل المدخل الأبرز لمعظم الحوادث السيبرانية.

وتشير هذه النتائج بوضوح إلى اتساع فجوة الوعي الأمني، وحاجة المؤسسات إلى بناء منظومة تدريبية أكثر صرامة وشمولاً لمختلف مستويات الموظفين.

تكتيكات تتجاوز الدفاعات التقنية

تُظهر البيانات أن المهاجمين باتوا يعتمدون بشكل متزايد على الأساليب المستهدفة التي تستغل الجانب النفسي للأفراد، وعلى رأسها «الهندسة الاجتماعية».

فعمليات التصيّد الاحتيالي ورسائل الانتحال المصممة بعناية قادرة على خداع الموظفين ودفعهم للإفصاح عن معلومات حساسة أو تنفيذ إجراءات مالية مشبوهة.

وقد أفاد 45.5 في المائة من المشاركين بأنهم تلقوا رسائل احتيالية من جهات تنتحل صفة مؤسساتهم أو شركائهم خلال العام الماضي، فيما تعرّض 16 في المائة منهم لتبعات مباشرة جراء هذه الرسائل.

وتشمل صور المخاطر الأخرى المرتبطة بالعنصر البشري كلمات المرور المخترقة، وتسريب البيانات الحساسة، وعدم تحديث الأنظمة والتطبيقات، واستخدام أجهزة غير مؤمنة أو غير مُشفّرة.

الأخطاء البشرية مثل كلمات المرور الضعيفة وتسريب البيانات وعدم تحديث الأنظمة تشكل أبرز أسباب الاختراقات (شاترستوك)

التدريب... خط الدفاع الأول

ورغم خطورة هذه السلوكيات، يؤكد الاستطلاع أن الحد منها ممكن بدرجة كبيرة عبر برامج تدريب موجهة ومستمرة.

فقد اعترف 14 في المائة من المشاركين بأنهم ارتكبوا أخطاء تقنية نتيجة نقص الوعي الأمني، بينما أشار 62 في المائة من الموظفين غير المتخصصين إلى أن التدريب يعدّ الوسيلة الأكثر فاعلية لتعزيز وعيهم، مقارنة بوسائل أخرى مثل القصص الإرشادية أو التذكير بالمسؤولية القانونية.

ويبرز هذا التوجه أهمية بناء برامج تدريبية متكاملة تشكل جزءاً أساسياً من الدفاع المؤسسي ضد الهجمات.

وعند سؤال الموظفين عن المجالات التدريبية الأكثر أهمية لهم، جاءت حماية البيانات السرية في صدارة الاهتمامات بنسبة 43.5 في المائة، تلتها إدارة الحسابات وكلمات المرور (38 في المائة)، وأمن المواقع الإلكترونية (36.5 في المائة).

كما برزت موضوعات أخرى مثل أمن استخدام الشبكات الاجتماعية وتطبيقات المراسلة، وأمن الأجهزة المحمولة، والبريد الإلكتروني، والعمل عن بُعد، وحتى أمن استخدام خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي.

واللافت أن ربع المشاركين تقريباً أبدوا رغبتهم في تلقي جميع أنواع التدريب المتاحة، ما يعكس حاجة ملحة إلى تعليم شامل في الأمن السيبراني.

«كاسبرسكي»: المؤسسات بحاجة لنهج متكامل يجمع بين حلول الحماية التقنية وبناء ثقافة أمنية تُحوّل الموظفين إلى خط دفاع فعّال (شاترستوك)

تدريب عملي ومتجدد

توضح النتائج أن الموظفين مستعدون لاكتساب المهارات الأمنية، لكن يُشترط أن تكون البرامج التدريبية ذات طابع عملي وتفاعلي، وأن تُصمَّم بما يتناسب مع أدوار الموظفين ومستوى خبراتهم الرقمية. كما ينبغي تحديث المحتوى بانتظام ليتوافق مع تطور التهديدات.

ويؤدي تبني هذا النهج إلى ترسيخ ممارسات يومية مسؤولة لدى الموظفين، وتحويلهم من نقطة ضعف محتملة إلى عنصر دفاعي فاعل داخل المؤسسة، قادر على اتخاذ قرارات أمنية واعية وصد محاولات الاحتيال قبل تصعيدها.

وفي هذا السياق، يؤكد محمد هاشم، المدير العام لـ«كاسبرسكي» في السعودية والبحرين، أن الأمن السيبراني «مسؤولية مشتركة تتجاوز حدود أقسام تقنية المعلومات».

ويشير إلى أن بناء مؤسسة قوية يتطلب تمكين جميع الموظفين من الإدارة العليا إلى المتدربين من فهم المخاطر الرقمية والتصرف بوعي عند مواجهتها، وتحويلهم إلى شركاء حقيقيين في حماية البيانات.

تقوية دفاعات المؤسسات

ولتقوية دفاعاتها، تنصح «كاسبرسكي» أن تعتمد المؤسسات نهجاً متكاملاً يجمع بين التكنولوجيا والمهارات البشرية واستخدام حلول مراقبة وحماية متقدمة مثل سلسلة «Kaspersky Next» وتوفير برامج تدريبية مستمرة مثل منصة «كاسبرسكي» للتوعية الأمنية الآلية، إضافة إلى وضع سياسات واضحة تغطي كلمات المرور وتثبيت البرمجيات وتجزئة الشبكات.

وفي الوقت نفسه، يساعد تعزيز ثقافة الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة ومكافأة السلوكيات الأمنية الجيدة في خلق بيئة عمل أكثر يقظة واستعداداً.

يذكر أن هذا الاستطلاع أُجري في عام 2025 بواسطة وكالة «Toluna»، وشمل 2,800 موظف وصاحب عمل في سبع دول، بينها السعودية والإمارات ومصر، ما يقدم صورة إقليمية شاملة حول مستوى الوعي والتحديات المرتبطة بالأمن السيبراني في أماكن العمل.


تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».