ياسمين حمدان تعانق الموسيقى بعد شوق 8 سنوات

الفنانة اللبنانية في ألبوم جديد بعنوان «بنسى وبتذكّر»

الفنانة اللبنانية ياسمين حمدان تُصدر ألبوماً جديداً بعد غياب طويل (صور حمدان)
الفنانة اللبنانية ياسمين حمدان تُصدر ألبوماً جديداً بعد غياب طويل (صور حمدان)
TT

ياسمين حمدان تعانق الموسيقى بعد شوق 8 سنوات

الفنانة اللبنانية ياسمين حمدان تُصدر ألبوماً جديداً بعد غياب طويل (صور حمدان)
الفنانة اللبنانية ياسمين حمدان تُصدر ألبوماً جديداً بعد غياب طويل (صور حمدان)

غابت ياسمين حمدان 8 سنوات عن الإصدارات الموسيقية و6 سنوات عن الحفلات. بعد ألبوم «الجميلات» الذي صدر عام 2017، ظنّ محبّوها أنها اعتزلت الموسيقى قبل الأوان. لم يخطئوا تماماً في التوصيف، فما جرى هو شبه اعتزالٍ فضّلت ياسمين حمدان الابتعاد خلاله عن ضجيج المجال. ثم تتالت الخيبات لتُقنعَها أكثر بالعزلة؛ «جرى الاستيلاء على أموال المودعين في لبنان، بمَن فيهم والدي. تلا ذلك جائحة (كورونا) ثم تفجير مرفأ بيروت وحرب غزة»، تعدّد الفنانة اللبنانية في حوار مع «الشرق الأوسط» الصدمات المتراكمة.

تُصنَّف ياسمين حمدان كأحد الأعمدة المؤسِّسة للموسيقى المستقلة والـ«أندرغراوند» في لبنان والعالم العربي. يوم أطلقت، بالشراكة مع زيد حمدان، فريق «سوب كيلز» (Soap Kills) في التسعينيات، أحدثا ثورةً فنية ما زالت أصداؤها تتردد حتى الآن عربياً وأوروبياً.

ما زالت الصداقة تجمع بين ياسمين وزيد حمدان رغم انتهاء مشروع «سوب كيلز» (إنستغرام)

مشروعها الموسيقي الخاص نابعٌ من شغف وهي لا تتعامل معه كسلعةٍ تجارية، بل كرحلةِ ارتقاءٍ روحيّ وإنساني، لذلك فإن الغياب لم يؤرقها. ما أرّقها كانت المآسي البشريّة التي شاهدتها من بعيد، من مقر إقامتها الباريسيّ. حاولت مداواة انعكاساتها عليها بالاقتراب من الطبيعة، وبالتأمّل واليوغا. أخذها الطريق في إجازة إلى جزيرة صقليّة، حيث عادت لتنبت في رأسها أفكار ونغمات.

5 سنواتٍ في باريس تخللتها زيارات إلى لبنان، بحثت خلالها ياسمين حمدان عن أبعادٍ جديدة في نفسها وفنّها. تساءلت مراتٍ كثيرة ما إذا كانت تريد فعلاً كتابة الأغاني وإصدار الألبومات من جديد. «المؤكّد أنني كنت بحاجة إلى تحويل التجارب التي آلمتني إلى أغاني»، تخبر «الشرق الأوسط». تضيف: «أردتُ ألبوماً حقيقياً، يشبه ما أمرّ فيه وما تمرّ فيه البشريّة حالياً».

الألبوم الجديد انعكاس لتجارب شخصية ولواقع لبنان والمنطقة خلال السنوات الأخيرة (صور حمدان)

«بنسى وبتذكّر»، ألبوم ياسمين حمدان الجديد، يوازن بين الخيبات والأفراح، بين الذكريات الموجعة وخدَر النسيان. هو ألبوم مغمّس بالحرب ومطرّز بالحب. لا تغيب فيه الفنانة عن مآسي المنطقة والكوكب، لكنها لا تحوّل الأغنية إلى مرثاة. حتى في الفيديو كليب، تُزاوج بين السواد والفكاهة. تنتحل شخصية كرتونية نسائية شبيهة بـ«سوبر ماريو»، وتركض بين الركام ثم تهرب من فوهات البنادق.

تعود سيرة الحرب في «هون». مَن يسمع الأغنية، يخيّل له أن ياسمين جالسة على الكنبة أمام التلفاز، تتابع أخبار غزة ولبنان وتغنّي. «غيمة بوسط الصالون غيمة حزن معي هون هزة بدَن وعالتلفزيون خلص الحكي هون»...

أرادت أن تختصر في تلك الأغنية ما شعرت به الجالية العربية في أوروبا من عجزٍ وقهر، وهي تراقب المأساة من بعيد عبر الشاشة. عاونها كلاماً الشاعر الفلسطيني أنس العيلة ولحناً المنتج الموسيقي الفرنسي مارك كولان.

تعاونت الفنانة اللبنانية مع المنتج الفرنسي مارك كولان (صور حمدان)

«شمالي» هي الأغنية التي ينضح فيها نبض ياسمين حمدان المعهود. ليس غريباً على المغنّية أن تستقي من التراث لتقديمه بأسلوبها العصريّ. «يوم وقعتُ على (شمالي) عام 2022، قررتُ فوراً أن أعيد تسجيلها». حدثَ ذلك قبل أن تقدّم أصوات عربية كثيرة تلك الأغنية بالتزامن مع حرب غزة. فـ«شمالي» تعود إلى حقبة الحُكم العثماني، حيث كان أهل فلسطين يتواصلون مع أحبّتهم بشيفرة سرية كي لا يفهمهم المستعمر.

وحتى يتكامل الصوت مع الصورة، نبشت ياسمين حمدان في الأرشيف، فمزجت بين مشاهد من فلسطين يوم كانت أرضاً لا يَشغل بال أبنائها احتلالٌ ولا استعمار، بل الاعتناء بالزرع والحصاد. وفي المقلب الآخر، استعانت بلقطات من زفاف تقليديّ فلسطيني.

أما والدها الذي رحل قبل سنتين، فأهدته إحدى أغانيها المفضّلة في الألبوم «الحلوين الخسرانين». غادر الدنيا خاسراً جنى عمره في المصارف كما غالبية اللبنانيين، غير أنّ ياسمين عوّدت نفسها على رؤية النصف الممتلئ من الخسارة. «السنوات الأخيرة علّمتني أن أعالج الفقدان. يمكن أن نخسر ونظلّ أقوياء. يكفي ألا نفقد الأمل»، تقول الفنانة المقتنعة بأنّ والدها بات في المقلب الأجمل.

تختصر حكمةَ الألبوم بالقول إن «الخيبات التي تصادفنا هي أشبه بحوادث تضع حواجز بيننا وبين فرحنا وقوّتنا». وتوضح أنها في «بنسى وبتذكّر»، تحاول أن تُعيد الوصل مع الفرح.

ليس الألبوم الذي تعود به ياسمين حمدان بعد غياب، مجرّد مجموعة غنائية تتحدّث لغة موسيقية وشعرية جريئة. «بنسى وبتذكّر» مصالحةٌ مع ما حصل، وتقبّلٌ للدنيا ببياضها وسوادها. وكأنّ الفنانة تقدّم لذاتها ولجمهورها نسخةً أكثر نُضجاً.

لكن كل ذلك لا يلغي الغنج والدلال الذي عهِدَه الناس في صوتها. يعود هذا الإيقاع الحالم في أغانٍ مثل «شادية» و«ضياع». أما في «سبع صنايع»، و«مر التجني»، و«حويك وزويك» فتبلغ الإيقاعات الإلكترونية ذروتها.

في ألبوم «بنسى وبتذكّر» أحاول أن أعيد الوصل مع الفرح... ياسمين حمدان

وفق مفهوم ياسمين حمدان، فإنّ العمل الموسيقي حقل اختبار واحتفاليّة لا تصفّق فيها يدٌ واحدة. تُبدي امتنانها لأنّ التحضير للألبوم الجديد جمعها بفنانين ساعدوها على تحويل مشاعرها إلى أغاني، في طليعتهم المنتج مارك كولان؛ مع العلم بأن الشراكة الموسيقية بينهما تعود لسنوات.

أما هي فتقمّصت دور الخيّاطة. تعاملت مع المادة الموسيقية وكأنها أقمشة. قصّت من هنا وحاكت من هناك وكأنها تصنع فساتين. هي فساتين ملوّنة وفق ما تصوّرها ياسمين حمدان، ولا يجب أن يتفاجأ جمهورها إن رآها ترتدي أحدها على المسرح. فوفق المغنّية، زمن «الستايل» الأسود والداكن قد ولّى.

بألبومها الملوّن ستجول ياسمين حمدان على عدد من العواصم الأوروبية والعربية قريباً، حيث تجدّد اللقاء مع جمهور افتقد أسلوبها وإيقاعاتها التي لا تشبه سوى نفسها.


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة (الشرق الأوسط)

«أسبوع الرياض الموسيقي» يحتفي بالمواهب الإبداعية في الفضاءات العامة

يُقدم «أسبوع الرياض الموسيقي» سلسلة فعاليات Fringe وعروضاً موسيقية متنوعة في الفضاءات العامة خلال الفترة من 7 إلى 10 ديسمبر

يوميات الشرق شعار مسابقة الأغنية الأوروبية 2025 يظهر على لافتة (د.ب.أ)

مع التصويت على مشاركة إسرائيل... مسابقة «يوروفيجن» تواجه اختباراً كبيراً

تواجه مسابقة الأغنية الأوروبية «لحظة فاصلة» يوم الخميس عندما يصوت أعضاء الهيئة المنظمة للمسابقة على ما إذا كان بإمكان إسرائيل المنافسة في نسخة العام المقبل.

«الشرق الأوسط» «الشرق الأوسط» (جنيف)
«ذا فويس 6» والمدرّبون ناصيف زيتون وأحمد سعد ورحمة رياض (إنستغرام)

مدرّبو «ذا فويس»: الموسم السادس يحمل مواهب استثنائية

كانت لـ«الشرق الأوسط» لقاءات مع المدرّبين الثلاثة خلال تسجيل إحدى حلقات الموسم السادس، فأبدوا رأيهم في التجربة التي يخوضونها...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق فكرة عقد المؤتمر جاءت استجابة لاحتياجات المشهدين الفني والبحثي في العالم العربي (هيئة الترفيه)

أول مؤتمر للموسيقى العربية في الرياض يوصي بتوثيق وصون التراث الشرقي

أوصى أول مؤتمر للموسيقى العربية عُقد في الرياض بأهمية تنفيذ مشروع عربي شامل، لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية، وفق منهجيات علمية دقيقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
TT

من دون قهوة... كيف تتغلب على النعاس بعد تناول الغداء؟

الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)
الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك قد يساعدك في محاربة النعاس بعد تناول الغداء (بكسلز)

هل تجد صعوبة في إبقاء عينيك مفتوحتين بعد الغداء؟ كثيراً ما يبدأ الناس يومهم بنشاط ثم تنهار طاقتهم بعد الغداء. هناك العديد من الأسباب التي تجعل الأشخاص يشعرون بانخفاض نشاطهم في فترة ما بعد الظهر، وخاصةً بين الساعة الواحدة ظهراً والرابعة عصراً.

كشف الدكتور أنتوني ريفي، اختصاصي النوم السلوكي في مركز هنري فورد الصحي: «الإيقاع اليومي الطبيعي لجسمنا، وهو الساعة الداخلية التي تعمل على مدار 24 ساعة وتساعد على تنظيم عملياتنا البيولوجية، يرسل إشارات إلى الدماغ خلال النهار ليبقينا متيقظين ونشيطين. مع حلول وقت الغداء، تنخفض هذه الإشارات مما قد يجعلنا نشعر بالنعاس».

إليك طرق تساعدك في التغلب على نعاس ما بعد الظهر دون احتساء رشفة من القهوة:

استمع إلى الموسيقى

أثبتت الدراسات أن الاستماع إلى موسيقى مُبهجة يُحسّن المزاج ومستوى الطاقة. للحفاظ على نشاطك خلال النهار بعد الغداء، أنشئ قائمة تشغيل لأغانٍ مُبهجة لتسلية نفسك. ولأن الموسيقى نشاط ممتع في كثير من الأحيان، فإنها تُحفز إفراز هرمون السعادة الذي يُبقيك نشيطاً.

استمر بالحركة

إذا شعرت بالنعاس بعد تناول الطعام بعد الظهر، يمكنك الخروج في نزهة قصيرة لتجديد نشاطك. يعتقد الخبراء أن ممارسة الرياضة تُنشط عقلك وجسمك. كما أنها تُعرّضك للهواء النقي والإضاءة الطبيعية، مما يُحقق لك نتائج جيدة.

اخرج إلى الشمس

اخرج إلى الشمس لضبط ساعتك البيولوجية وتوفير فيتامين «دي» الضروري. يمكن لأشعة الشمس الطبيعية أن تمنع إنتاج هرمون النوم (الميلاتونين) في جسمك. إذا كنت في المكتب، ولا يسمح لك ذلك بالتعرض لأشعة الشمس، يمكنك تشغيل أضواء السقف الساطعة وتجنب الظلام، خاصةً بعد استراحة الغداء.

حافظ على رطوبة جسمك

يُعد الحفاظ على رطوبة الجسم أمراً بالغ الأهمية لأداء وظائفك اليومية. ويؤكد الباحثون أن الجفاف، حتى لو كان خفيفاً، قد يؤدي إلى التعب، مما قد يؤثر على قدرتك على التركيز. يقول الدكتور ريفي: «للأسف، يُصاب الكثير من الناس بالجفاف المزمن لمجرد أنهم لا يشربون كمية كافية من الماء لأداء أنشطتهم اليومية».

تناول غداءً متوازناً

احرص على تناول نظام غذائي متوازن غني بالبروتين والألياف والدهون الصحية خلال النهار. اتباع هذه النصيحة الواعية سيساعدك على التغلب على مشكلة النوم بعد الظهر، التي تأتي فجأةً بعد الغداء، خاصةً بين الساعة الأولى ظهراً والرابعة عصراً.

اتبع نمط نوم جيداً

النوم الجيد ليلاً أمرٌ لا غنى عنه، خاصةً إذا كنت تحاول إدارة انخفاض الطاقة بعد الغداء. يوصي الخبراء بأن ينام الشخص البالغ من 7 إلى 9 ساعات على الأقل ليلاً ليشعر بالنشاط خلال النهار. يوضح الدكتور ريفي: «كمية النوم التي يحتاج إليها كل شخص تختلف من فرد لآخر، وتتغير على مدار حياته».


«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
TT

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)
صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

لم يتخيّل المخرج البلجيكي جان فرانسوا رافانيان أن مقطعاً مصوَّراً عابراً على مواقع التواصل الاجتماعي سيقوده، بعد سنوات من البحث، إلى قلب أفريقيا، وتحديداً إلى قرية نائية في غامبيا، ليغوص عميقاً في مأساة إنسان يُدعى «باتيه سابالي».

الشاب الذي هزّ غرقُه في القناة الكبرى بالبندقية عام 2017 الرأيَ العام العالمي، حين اكتفى العشرات من المتفرجين بالصراخ وإطلاق الإهانات العنصرية بدلاً من مدّ يد العون له، كان مقطعُ الفيديو المصوَّرُ له الشرارةَ الأولى لفيلمه الوثائقي «الشاطئ الأخير»، الذي يحاول أن يعيد لهذا الشاب اسمه وصوته وحكايته.

قال رافانيان لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتذكّر اللحظة الأولى جيداً؛ «كان الأمر صفعةً. رأيتُ الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، كما شاهده آلاف غيري في ذلك الوقت. صدمتني اللامبالاة، والكلمات العنصرية، والجمود الكامل أمام غرق شاب لا يحاول أحد مساعدته. في البداية لم أفكّر في فيلم؛ فكّرتُ بصفتي صحافياً: مَن هذا الشاب؟ ماذا حدث؟ ولماذا لم يتحرّك أحد؟».

وأضاف المخرج، الذي عُرض فيلمه للمرة الأولى عربياً في مهرجان «الدوحة السينمائي»، أن الأمر تحوّل إلى هاجس، بيد أنه اصطدم منذ اللحظة الأولى بحقيقة أن التحقيقات في إيطاليا كانت مغلقة بالكامل، مما جعل الوصول إلى أي معلومة أمراً معقّداً وصعباً.

المخرج البلجيكي (الشركة المنتجة)

ولأن الطريق إلى الحقيقة كان مسدوداً، اختار المخرج البلجيكي طريقاً آخر، وهو البحث عن عائلة باتيه. يقول: «استغرق الأمر عامين كاملين لأجد أثرهم في غامبيا، وعندما وصلت أخيراً إلى القرية، أدركت أن الغضب الذي اجتاحني أمام شاشة الكمبيوتر في أوروبا كان صورة مختلفة. فالعائلة دعتني إلى رؤية الأمور من زاوية أخرى: زاوية الفقد، والغياب، والبحث عن المعنى. عند تلك اللحظة تغيّر الفيلم تماماً».

يشير رافانيان إلى أن «أصعب ما واجهته في البداية لم يكن الطبيعة أو الظروف، بل بناء الثقة مع العائلة»، مضيفاً: «عندما تصل إلى قرية بعيدة، وتكون غريباً، عليك أن تدرك أن لكل عائلة سرديّتها الخاصة. كان عليّ أن أجد الطريقة المناسبة للوقوف بالكاميرا، وأن أتجنّب أي منظور قد يُشعِرهم بأننا نمسك بموقع قوة أو وصاية. الثقة كانت المفتاح، لا الأدوات ولا الموقع ولا التقنية».

وعن ظروف التصوير في القرية، يشرح رافانيان أن «الفريق كان صغيراً للغاية؛ كنت أنا، ومدير التصوير، ومساعدة تنتمي إلى مجتمع الفولا، تتحدث لغتهم وتفهم ثقافتهم. ولم تكن المسألة لغةً فقط، بل سلوكاً ومعتقدات ونظرة إلى الحياة. كنا نقيم في القرية أياماً طويلة بلا كهرباء، نصحو مع الفجر وننام مع المغيب؛ لا فنادق ولا راحة، فقط الحياة اليومية كما هي. وكل 8 أيام نعود إلى المدينة لشحن البطاريات وإحضار حاجات العائلة، ثم نعود من جديد. كان الوجود الدائم ضرورياً، لأن أقرب مدينة تبعد أربعين دقيقة بالسيارة، ولأن الحياة في القرية تبدأ وتنتهي مبكراً».

المخرج حاول تسليط الضوء على هوية العائلة في فيلمه (الشركة المنتجة)

اختار المخرج ألّا يُظهر باتيه، رغم امتلاكه صوراً عدّة له سواء من العائلة أو من الإنترنت، لكنه لم يرغب في استخدامها، وهو ما يفسّره قائلاً: «أردتُ أن يراه الجمهور من خلال غيابه، كما تعيشه عائلته. أردتُه غائباً، حاضراً بالصوت وبالأثر. فالصوَر قد تعيد تجسيده، لكنها قد تُسطّح ما تعرّض له، بينما الصوت، صوت العائلة وذاكرتها، يعيد إنسانيته كاملة».

وعن كيفية حماية العائلة في هذا النوع من الأفلام الحسّاسة، يقول رافانيان إن ما فعله يشبه عمل الصحافة أكثر منه عملاً سينمائياً؛ فالعائلة لم تكن تعرف تفاصيل ما حدث في القناة، ولم يرغب في أن يضع الفيديو أمامهم أو أن يعرّضهم لصدمة جديدة. وحين سألته الأم عمّا وقع لابنها، قال لها الحقيقة بالكلمات. ويضيف: «لم تشأ أن ترى الفيديو، واكتفت بأن تعرف. كان هناك أيضاً تقريرٌ من 200 صفحة صادر عن السلطات الإيطالية، لم يكن من حقّهم الحصول عليه، فساعدناهم على الوصول إليه. كان الفيلم أيضاً وسيلة لكشف الحقيقة لهم، ولإنصافهم أسرياً».

لم يُنكر المخرج البلجيكي وجود صعوبات عدّة أثناء التصوير في غامبيا، من الإجراءات الأمنية والبيروقراطية المعقّدة، إلى عدم اعتياد السكان على الكاميرا، فضلاً عن عزلة القرية نفسها وافتقارها إلى الكهرباء والمياه العامة، واعتماد حياتها اليومية على الزراعة وتربية النحل. لكنه، رغم ذلك، لا يُخفي سعادته بهذه التجربة التي وثّقت اسم «باتيه سابالي».


رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
TT

رابح صقر وناصر نايف يفتتحان «صدى الوادي» بليلة طربية في وادي صفار

وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)
وادي صفار معروف بمكانته التاريخية وموقعه الحيوي (موسم الدرعية)

ساعات من الطرب والحماسة شهدتها أولى حفلات برنامج «صدى الوادي» في وادي صفار، مع صقر الأغنية الخليجية رابح صقر، والفنان ناصر نايف، ضمن فعاليات موسم الدرعية.

وانطلقت، الخميس، أولى حفلات برنامج «صدى الوادي»، في مشهد جمع بين القيمة التاريخية للمكان والإيقاع الفنّي الذي يُقدّمه موسم الدرعية 25-26، ضمن برامجه التي تمزج بين التاريخ والتراث والسياحة والترفيه.

وبدأت الأمسية على المسرح المفتوح بتصميمه الذي ينسجم مع الطبيعة الآسرة لوادي صفار شمال غربي مدينة الرياض، مع الفنان السعودي الشاب ناصر نايف الذي تفاعل معه الجمهور وهو يؤدّي أغنياته المُحبَّبة.

وتصاعدت حماسة الحضور مع ظهور صقر الأغنية الخليجية رابح صقر الذي لفت الأنظار بأدائه في عدد من أغنياته، أبرزها: «يوم ما أنا ضحّيت ما أقصد جحود»، و«حبيبي اللي همّه رضاي»، إلى جانب أداء ناصر الاستثنائي في «نسايم نجد»، و«خلي الليالي سعادة»، ومجموعة أخرى من الأغنيات التي أشعلت شتاء وادي صفار في أولى حفلات موسم الدرعية هذا العام.

الفنان ناصر نايف خلال الحفل (موسم الدرعية)

الفنان رابح صقر خلال الحفل (موسم الدرعية)

ويأتي اختيار وادي صفار لتنظيم الأمسية لما يمثّله من قيمة تاريخية وموقع حيوي كان على مدى العصور مَعْبراً للمسافرين وقوافل التجارة، وملتقى اجتماعياً لأهالي الدرعية، قبل أن يتحوَّل اليوم إلى مسرح مفتوح يحتضن فعاليات ثقافية وفنية تعكس حضور الموسم وتنوّع عروضه. ويندرج هذا الحفل ضمن برنامج موسيقي واسع يشارك فيه فنانون من أبرز الأسماء العربية؛ من بينهم: فنان العرب محمد عبده، وقيثارة العرب نوال، وراشد الفارس، وأميمة طالب، وفنانو حفل اليوم، الجمعة، عايض يوسف، وزينة عماد، بالإضافة إلى مجموعة من المواهب السعودية الممّيزة.

أجواء تراثية وطربية في ليالي «صدى الوادي» (موسم الدرعية)

ويُقدّم برنامج «صدى الوادي» سلسلة من الحفلات التي تستضيف أبرز الفنانين في العالم العربي، عبر إثراء التجربة الفنية لزوار موسم الدرعية من خلال عروض موسيقية متنوّعة تشمل السامري وفنون الأداء الجماعي، وتُبرز جماليات المكان بتكوينه الطبيعي وشواهده التاريخية.

وتشمل تفاصيل «صدى الوادي» تجربة متكاملة تبدأ باستقبال الزوار بطابع الضيافة السعودية، مروراً بعروض شعرية وغنائية، وصولاً إلى مرافق فنّية ومعارض تفاعلية، من بينها معرض السامري الذي يُقدّم سرداً بصرياً وثقافياً لتراث فنون الأداء النجدية عبر تقنيات رقمية وآلات موسيقية معروضة، بما يعزّز دور البرنامج في الحفاظ على الفنون التقليدية وإبرازها بأسلوب معاصر.