7 أفلام تُرمّم الذاكرة... إسبانيا تُواجه ماضيها في بيروت

«متروبوليس» تُعيد وَصْل المُخيّلة العالمية بوجع المدينة

أفلام تُعيد الحياة إلى ذاكرة أمّة وجرحها التاريخي (متروبوليس)
أفلام تُعيد الحياة إلى ذاكرة أمّة وجرحها التاريخي (متروبوليس)
TT

7 أفلام تُرمّم الذاكرة... إسبانيا تُواجه ماضيها في بيروت

أفلام تُعيد الحياة إلى ذاكرة أمّة وجرحها التاريخي (متروبوليس)
أفلام تُعيد الحياة إلى ذاكرة أمّة وجرحها التاريخي (متروبوليس)

في كلّ مرّة تفتح فيها «متروبوليس» أبوابها لعرض سلسلة من الأفلام الكلاسيكية، يبدو الأمر أشبه بعودة إلى أرشيف العالم، وتلك اللحظات التي صُنعت فيها السينما بقلق وفكر وشجاعة. هذه المرّة، تعود بيروت إلى إسبانيا عبر 7 أفلام مُرمَّمة تُشكّل خريطة لذاكرة وطنية كُتبت بالصورة، بين القمع والحرّية والطاعة والتمرُّد.

منذ بدايات القرن العشرين، كانت السينما الإسبانية ساحة مواجهة لا تقلّ عن ميادين السياسة. تحت ظلّ حُكم فرانكو، ووسط رقابة خانقة، استطاع مخرجون كبار تحويل المشهد إلى مساحة نقد ومُساءلة. أرادوا أفلامهم وثائق ضمير لأمّة حاولت من داخل الإسكات استعادة صوتها.

من لويس بونويل إلى كارلوس ساورا، ومن لويس غارسيا بيرلانغا إلى خوان أنطونيو بارديم، مروراً بخوان أنطونيو نييبس كوندي ومونتشو أرمينداريز، تتنوَّع هذه الأفلام بين السوريالية الحارقة، والواقعية النقدية، والدراما الاجتماعية، والدفء الإنساني، لتُشكّل فسيفساء مُتكاملة عن التاريخ الإسباني الحديث، حيث الجرح والذاكرة والعنف والبحث عن معنى الحرية.

يُفتتح البرنامج في 16 أكتوبر (تشرين الأول) بفيلم «كارمن» (1983) للمخرج كارلوس ساورا، الذي نقل الرقص إلى مرتبة اللغة السياسية. عبر لوحات الفلامنكو المُشبَّعة بالعاطفة، يصوغ ساورا تأمُّلاً في الجمال والغيرة والسلطة، واضعاً الفنّ في مواجهة القهر. في هذه المقاربة الدرامية المتوهّجة من أوبرا «كارمن»، تذوب الحدود بين الواقع والخيال، ويغدو الجسد مساحة تَحرّر تُعبّر عمّا تعجز السياسة عن قوله. إنه أحد أكثر الأفلام الإسبانية تأثيراً في تعريف العلاقة بين الفنّ والهوية.

عروض تكشف عن قوة الصورة في مواجهة القمع والنسيان (متروبوليس)

وفي اليوم التالي، 17 منه، يُعرض فيلم «أخاديد» (1951) للمخرج خوان أنطونيو نييبس كوندي، وهو من أوائل المحاولات الواقعية التي واجهت النظام من داخله. يُصوّر العمل هجرة الفلاحين إلى المدينة بحثاً عن «المعجزة الاقتصادية» الموعودة، ليكتشفوا وجهاً آخر لإسبانيا: البؤس، والفساد، واللامساواة. رغم انتماء كوندي في شبابه إلى الكتائب الفالانخية، فإنه استخدم تجربته ليكشف عن تناقضات النظام ذاته، مُقدّماً فيلماً إنسانياً جريئاً وصفته الكنيسة يوماً بأنه «خطر على الأخلاق العامة». الواقعية عنده كانت فعلاً أخلاقياً قبل أن تكون أسلوباً فنياً.

التاسعة من الليلة نفسها، يُعرَض فيلم «وفاة راكب دراجة» (1955) لخوان أنطونيو بارديم، أحد أبرز الأصوات اليسارية في تاريخ السينما الإسبانية. تبدأ القصة بحادث دهس عابر، وتتحوّل إلى محاكاة للنفاق الاجتماعي الذي يُغلّف الطبقات الثريّة. كان بارديم شيوعياً في زمن الرقابة، وكتب بفيلمه بياناً ضدّ الامتيازات والجبن الأخلاقي. من خلال إيقاع متوتّر ومونتاج ذكي، رسم صورة لمجتمع يُخفي عوراته خلف واجهة أنيقة، مؤكّداً أنّ العدالة لا يمكن أن تُستعاد إلا بكسر الخوف.

لقطة تختصر روح السينما الإسبانية بين السوريالية والواقعية (متروبوليس)

وفي 18 أكتوبر (7 مساء)، يستعيد الجمهور فيلم «بلاسيدو» (1961) للمخرج لويس غارسيا بيرلانغا، أحد أعمدة الكوميديا السوداء في أوروبا. مسرح الأحداث بلدة صغيرة يُطلب من أثريائها أن «يستضيفوا فقيراً على مائدتهم في عيد الميلاد». ومن هذه الفكرة البسيطة، يُفجّر بيرلانغا هجاءً عميقاً للرياء الطبقي والتديُّن المظهري. بخفّة وسرعة كاميرا، يضحك المتفرّج، ثم يُدرك أنّ الضحك نفسه شهادة على الخوف.

في الليلة نفسها (9 مساء)، يُعرَض «فيريديانا» (1961)، التحفة التي أعادت لويس بونويل إلى إسبانيا بعد منفاه المكسيكي. أراده النظام فيلماً «يُجمّل صورة الوطن»، فجاء عكس ذلك تماماً. قدَّم بونويل عملاً يهزّ أُسس العقيدة الكاثوليكية ويُدين التحالف بين الكنيسة والسلطة. من خلال الراهبة التي تُحاول إنقاذ المتسوّلين فتغرق في عبثهم، بنى المخرج أكثر مَشاهده رمزيةً واستفزازاً، وجعل من «فيريديانا» فيلماً عن استحالة الخلاص في مجتمع يُعيد إنتاج خطاياه كلّ يوم.

وبعد عام، أكمل بونويل تأمّلاته بفيلم «الملاك المبيد» (1962) الذي يُعرض في 19 أكتوبر، حيث تُحتجز مجموعة من الأرستقراطيين داخل قصرهم من دون سبب واضح. تتعرَّى البورجوازية أمام غرائزها، ويكشف بونويل عن تصدُّع الحضارة عندما تُسلب منها القواعد. في هذه العزلة الجماعية، تتحوَّل الوليمة إلى جحيم، وتصبح السوريالية تكثيفاً للواقع أكثر من الخيال.

إسبانيا تُطلّ من جديد عبر أفلام مرمَّمة على شاشة بيروتية (متروبوليس)

من الجيل اللاحق يأتي مونتشو أرمينداريز بفيلمه «تاسيو» (1981)، الذي يُختتم به البرنامج (19 أكتوبر، 9 مساء). يستعيد المخرج من خلاله سيرة عامل ريفيّ يعيش بين الغابات والفقر، لكنه يحتفظ بحرّيته الداخلية مثل مَن يملك العالم. الفيلم، القائم على بحث ميداني طويل، يُقدّم صورة نادرة للفقراء الإسبان بكرامة وذكاء، مُظهراً أنّ التمرّد ليس دائماً ثورياً، فيمكن أن يكون في البقاء نفسه، ورفض الانكسار أمام التهميش.

ضمير جماعي بين الفنّ والسياسة

ليس الانتماء الجغرافي وحده ما يجمع هذه الأفلام، وإنما أيضاً الرغبة المُشتركة في تحويل السينما إلى ذاكرة جماعية. كلّ مخرج في السلسلة كتب فصلاً من التاريخ الإسباني: بونويل عبَّر عن العصيان، وساورا عن الحرّية، وبارديم عن الذنب، وبيرلانغا عن السخرية، وكوندي عن الخيبة، وأرمينداريز عن التواضع الإنساني في وجه العنف. بهذه الأفلام السبعة، تُعيد «متروبوليس» طرح سؤال الفنّ والسياسة، لتؤكد بأنّ الصورة، مهما مرَّ عليها الزمن، قادرة على إعادة فتح الجرح كي لا يُنسى، وتحويله إلى ضوء.

العروض الإسبانية تحوّل الوجع إلى جمال بصري (متروبوليس)

وبسؤال مُنسّقة البرمجة في «متروبوليس» نسرين وهبة عن الدافع لاختيار هذه الأفلام لإعادة عرضها في بيروت، وما إذا كانت الفكرة قد وُلدت من رغبة في استعادة الذاكرة الإسبانية ذاتها أم من شعور بأنّ تجارب القمع والمُساءلة في تلك السينما تشبه ما نعيشه هنا، تقول: «أولاً، أردنا إحياء الشراكة بين جمعية (متروبوليس) والسفارة الإسبانية لدى بيروت، وثانياً التركيز على الأفلام الكلاسيكية المُرمَّمة التي أصبحت مُتاحة بجودة عالية. وأيضاً، لاحظنا حماسة الجمهور وإصراره على مُشاهدتها في صالة سينما حقيقية».

وتُضيف نسرين وهبة أنّ التعمُّق في تاريخ الأفلام المُختارة وظروف إنتاجها يُظهر تقاطعاً لافتاً بين التجربتَيْن الإسبانية واللبنانية، خصوصاً فيما يتعلّق بالعدالة والمساواة والبحث عن الحقيقة. وتوضح لـ«الشرق الأوسط» أنّ الصالات التجارية نادراً ما تُبرمج أفلاماً جمالية ذات قيمة فنّية خالصة، «وهذا ما يجعل من (متروبوليس) مساحة بديلة تُقدّم سينما مختلفة. نحن نسعد برؤية وجوه جديدة تجد لدينا ما تفتقده في الصالات الأخرى. صحيح أنّ الصورة الجميلة والمؤثرات والصوت عوامل مهمّة، لكنّ الأهم هو الغوص في التاريخ والاحتفاء بأفلام أُعيد ترميمها».

وترى نسرين وهبة أنّ مرور العقود على إنتاج هذه الأفلام لم يُفقدها راهنيّتها، وإنما أعاد طرح أسئلتها من منظور جديد: «المتفرّج اليوم يتعامل مع العمل السينمائي بوعي مختلف بفضل التكنولوجيا ووسائل المعرفة، لكنّ الأسئلة الكبرى تبقى هي نفسها؛ تلك المتعلّقة بالحرّية والعدالة والإنسان في مواجهة السلطة. ما يتغيَّر هو الطريقة التي تُطرح بها. هذه الأفلام الإسبانية تُحاور زمننا، وإن وُلدت قبل عقود. عرضها اليوم يبدو كأنه ابن اللحظة».


مقالات ذات صلة

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

يوميات الشرق ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق مؤسسة «فيلم إندبندنت» تنظم ورشة عمل لصناع الأفلام ومنتجي التلفزيون السعوديين (الشرق الأوسط)

الشراكات الأميركية - السعودية تعيد تشكيل «المشهد السينمائي»

بمشهد يعكس تحوّل السينما من فعل ثقافي إلى صناعة عابرة للحدود حضرت البعثة الأميركية لدى المملكة العربية السعودية على هامش «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي».

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج العراقي زرادشت أحمد (الشركة المنتجة للفيلم)

«الأسود على نهر دجلة»... صراع إنساني تكشفه بوابة نجت من الدمار

يقدّم فيلم «الأسود على نهر دجلة» تجربة تتقاطع فيها الذاكرة الشخصية بالذاكرة الجماعية، ويعود فيها المخرج زرادشت أحمد إلى المُوصل.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق خيرية نظمي في مشهد من فيلم «هجرة» (الشرق الأوسط)

خيرية نظمي لـ«الشرق الأوسط»: حياتي الفنّية بدأت بعد الخمسين

تعود خيرية نظمي إلى فكرة السلام الداخلي، مؤكدةً أنها تعيش حالة رضا وتصالح مع الذات...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق أمير المصري قام ببطولة فيلم «العملاق» (مهرجان البحر الأحمر السينمائي)

المخرج البريطاني روان أثالي: أمير المصري أبهرني في «العملاق»

قال المخرج البريطاني روان أثالي إن اختيار المشهد الافتتاحي لفيلم «العملاق» لم يكن قراراً مفاجئاً، بل كان محدداً منذ المراحل الأولى للكتابة.

أحمد عدلي (جدة )

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
TT

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)

شدد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، على عدم التسامح مع من يحاولون استخدام «حرية التعبير» لخلق فوضى في الفضاء الإعلامي، أو استخدام خطاب شعبوي زائف الهدف منه زيادة أعداد المتابعين، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الحكومي بالعاصمة الرياض.

وقال وزير الإعلام السعودي إن القوانين والأنظمة في السعودية تكفل حرية التعبير كحق أصيل، لكن في الوقت نفسه تميز بوضوح بين الرأي المسؤول والنقد البناء، وبين التحريض الذي يهدف إلى التضليل أو تأجيج الرأي العام.

وبيّن أن إجراءات هيئة تنظيم الإعلام لا تستهدف الآراء أو النقد البناء، بقدر ما تأتي في إطار تطبيق الأنظمة تجاه أي ممارسات تتجاوز المسؤولية الإعلامية وتمس السلم المجتمعي.

وكشف الوزير الدوسري خلال المؤتمر، الذي عقد للحديث عن تطورات مشروع مدينة القدية، أن العمل جارٍ لإطلاق مشروع «مدرسة الموهوبين الإعلاميين»، وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم، لاكتشاف ورعاية الموهوبين من مراحل مبكرة.

وأوضح أن مدينة القدية ستستضيف الملتقى الثاني لصناع التأثير إمباك 2026، لافتاً إلى أن العمل قائم مع الشركاء في القدية لإطلاق مشروع «بيت إمباك».

واستعرض وزير الإعلام السعودي مجموعة من الإنجازات التي حققتها السعودية خلال الفترة الماضية، ومن ذلك زيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث بلغت 55.4 في المائة خلال الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة بـ45.9 في المائة في الربع الثالث من عام 2016. فيما ⁠«بلغت نسبة تملُّك الأسر السعودية للمنازل في نهاية العام الماضي 65.4 في المائة».

وتابع: ⁠«احتلّت المملكة المركز الأول عالمياً في عدد الجوائز التي نالتها في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب بـ26 جائزة، كأكبر دولة في العالم تنال هذا العدد من الجوائز في تاريخ المسابقة».

وأضاف الوزير الدوسري أن قطار الرياض استقبل 120 مليون راكب منذ بدء انطلاق المشروع وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وسجّل أعلى درجات الانضباط في التشغيل، بنسبة التزام بلغت 99.8 في المائة لعام 2025. مشيراً إلى أن السعودية تستهدف تنفيذ المرحلة السابعة من مشروع قطار الرياض خلال العام المقبل.

من جهته، قال العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، عبد الله الداود، أن القدية مدينة فريدة من نوعها تجمع أكثر من 70 أصلاً في مكانٍ واحد، من بينها استاد الأمير محمد بن سلمان، ومجمع التنس الوطني، ومركز الفنون الأدائية، والعديد من الأصول النوعية الأخرى. ‏وأكد الداود أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يؤمن بالمشاريع النوعية التي تضيف لحياة الناس ولها القدرة على خلق اقتصادات وقطاعات جديدة، ولذلك كان كل العمل منصباً على تنفيذ أفكار الأمير محمد وتطلعاته، مشيراً إلى أن مشروع القدية يأتي من قلب «رؤية 2030»، وأن القدية تتبنى مفهوماً متكاملاً يندمج فيه الترفيه والرياضة والثقافة والسياحة بشكل متجانس.

وأعلن العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، خلال المؤتمر، أن تاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، هو موعد افتتاح مدينة القدية لأول أصولها، منتزه «سيكس فلاغز»، مؤكداً أن الافتتاح سيشكل نقلة نوعية تحولية في مسيرة المدينة.

وأضاف الدواد أن منتزه «Six Flags» نجح في كسر عدد من الأرقام القياسية، وذلك من خلال 5 ألعاب في مكان واحد، من أبرزها لعبة أفعوانية الصقر التي تحطم 3 أرقام قياسية كأطول أفعوانية في العالم، وأسرع أفعوانية في العالم، وأعلى أفعوانية في العالم.

وكشف الداود أنه تم الانتهاء الكامل من منتزه «Six Flags» الذي صمم لاستقبال نحو 10 آلاف زائر يومياً، ومن المتوقع أن يتجاوز أعداد زوار المنتزه مليوني زائر خلال 2026، فيما تم الانتهاء من أكثر من 95 في المائة من منتزه أكواريبيا المائي وسيفتتح خلال العام المقبل، إضافة إلى المرحلة الأولى للبنية التحتية في الطرق والكهرباء والاتصالات وخدمات الطوارئ.


«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
TT

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى؛ إذ يعرف الطفل «نور» (يقوم بدوره الطفل آسر) أن «حبيبة» (ريهام عبد الغفور) هي خالته، ويتعامل معها على هذا الأساس، فالطفل المتفوق في المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر، يخطط لمفاجأة والدته في رأس السنة بزيارتها في باريس مع تحضير مفاجأة لها، لتكون العطلة بمثابة بداية لأيام مختلفة في حياته.

نشاهد الفيلم من منظور الطفل «نور» على مدار الأحداث، بداية من المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر والتي تقع بالقرب من منزل «حبيبة» وصديقتها التي تقيم معها، وكلتاهما من أصحاب «متلازمة داون»، مروراً بتواصله مع «سارة» (هنادي مهنا) باعتبارها والدته التي لم تأتِ لزيارته ولقائه من باريس منذ عامين، في حين يقتصر التواصل بينهما على الاتصالات الهاتفية.

يعتمد الفيلم بالكامل على رؤية العالم من خلال «نور»، فنحن نراه ونفهمه كما يراه هو، ونشهد تحوّلاته النفسية من دون تدخل تفسيري مباشر للقاءات التي يخوضها في الطريق مع غرباء، وتبدّل الأمكنة، والضغط المتواصل الناتج عن السفر، والظروف الاضطرارية التي تعوق ترتيب رحلته وإكمالها بالطريقة التي يريدها، مع إعادة ترتيب الأنشطة والأماكن التي يوجد فيها قبل الوصول إلى والدته.

في الأحداث التي تستمر على مدار أكثر من 90 دقيقة نتابع رحلة «نور» التي تشمل توقفات بعدد من المدن الأوروبية قبل الوصول لوجهته النهائية في باريس؛ توقفات لرغبته في تنفيذ مفاجأة استثنائية لوالدته وهدية لذكرى والده الراحل.

ريهام عبد الغفور مع عدد من الحضور في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

الفيلم الذي شارك في بطولته إلى جوار ريهام وآسر كل من هنادي مهنا، وأسماء أبو اليزيد، وعدد من الممثلين الأجانب، كتبه يوسف وجدي، ويخرجه رامي الجندي في أولى تجاربه الإخراجية، في حين صُوّر بين 6 مدن أوروبية مختلفة على مدار أكثر من عام.

وقال المخرج رامي الجندي لـ«الشرق الأوسط» إن نقطة الانطلاق في «خريطة رأس السنة» كانت تحديد زاوية الرؤية للأحداث، وإن القرار الأهم تمثّل في أن يُروى الفيلم بالكامل من داخل وعي الطفل «نور»، فالمتفرج لا يُفترض به أن يرى الشخصيات من الخارج، بل يختبر العالم بذات الدرجة من البراءة والارتباك والأسئلة غير المكتملة التي يعيشها البطل، وهو ما فرض إيقاعاً هادئاً ولغة بصرية تميل إلى المراقبة أكثر من الشرح، وفق تعبيره.

وأوضح الجندي أن «العلاقة بين (نور) و(حبيبة) لا تقوم على المفاجأة أو الاكتشاف، بل على المعرفة المسبقة، وهو ما منح الفيلم مساحة أعمق للاشتغال على الاختبار الإنساني، لا الصدمة الدرامية»، مشيراً إلى أن هذا الاختيار أتاح له التركيز على التفاصيل الصغيرة في العلاقة، وعلى التحوّلات التدريجية في فهم الطفل لمعنى المسؤولية، بدلاً من اللجوء إلى حلول سردية مباشرة.

ولفت المخرج إلى أن «اختيار التصوير في أجواء (الكريسماس) بأوروبا كان تحدياً كبيراً؛ إذ يُعد هذا التوقيت الأصعب من حيث الإجازات والتحكم في المواقع وحركة المدن»، على حد تعبيره، وقال إنه قام بتقسيم التصوير إلى ثلاث مراحل، عبر ست دول أوروبية مختلفة، معتبراً أن السيطرة على هذا الكم من التفاصيل لم تكن سهلة، لكنها كانت حاسمة للحفاظ على الإحساس الحقيقي بالطريق.

وأضاف الجندي أن «العمل مع ممثلين أجانب جرى بالكامل عبر الإنترنت، من خلال شركات متخصصة، وهو ما تطلّب تحضيرات طويلة قبل التصوير».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

وأكد مؤلف الفيلم يوسف وجدي لـ«الشرق الأوسط» أن العمل لا يتعامل مع «متلازمة داون» بوصفها موضوعاً مستقلاً، بل كجزء من نسيج إنساني أوسع، موضحاً أن «التحدي الحقيقي كان في تجنّب الخطاب المباشر أو التفسير الأخلاقي الجاهز، خصوصاً أن ما شغله منذ البداية مرتبط بطبيعة الاختلاف بين كل حالة، والتفاوت الموجود لدى كل شخص، وكيف يمكن أن يستفيد منه ليعيش حياته بشكل أفضل».

وأضاف وجدي أن «فكرة العمل استُلهمت جزئياً من قضايا حقيقية أُثيرت في فرنسا، تتعلق بالأهلية الأسرية، وبالنظرة القانونية والاجتماعية إلى مفهوم المسؤولية لمن يعاني من (متلازمة داون)»، مشيراً إلى أن هذه القضايا فتحت أمامه مساحة للتفكير في الفجوة بين القانون والمشاعر، وبين ما يُعتبر صحيحاً على الورق وما يحدث فعلياً داخل البيوت والعلاقات اليومية.


معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
TT

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً ضم مجموعة من اللوحات التي تُبرز جماليات فن الخط العربي، إلى جانب معرض متميز لأعمال ومقتنيات عائلة صوفي زاده، شمل لوحات فنية وأفلاماً تسجيلية توثّق مسيرتها الفنية بوصفها رائدة في فنون الخط العربي.

وتحت شعار «إرث يتجدد بخط يتألق»، جاءت الفعاليات المتنوعة، بالتعاون مع سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة، وجمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، ومشيخة الأزهر الشريف، والمجمع اللغوي بالقاهرة، وعائلة صوفي زاده؛ تأكيداً على الدور المحوري للغة العربية بوصفها أحد أهم روافد الهوية الثقافية والإنسانية.

واحتفلت أكثر من مؤسسة مصرية باليوم العالمي للغة العربية المقرر في 18 ديسمبر (كانون الأول) عبر ندوات وأنشطة ومعارض متنوعة، من بينها: ندوة مشتركة بين كلية دار العلوم ودار الكتب والوثائق القومية، واحتفالية بجامعة الدول العربية، وفعاليات ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي الذي أقيم في قصر الفنون وضم لوحات العديد من رواد الخط العربي فضلاً عن الفنانين المعاصرين.

وتسعى الفعاليات التي نظمها متحف الحضارة إلى «نشر الوعي بالتراث المصري وتعزيز قيمه الحضارية، وإيماناً بأهمية اللغة العربية ومكانتها التاريخية بوصفها وعاءً للهوية وذاكرة للأمة»، وفق بيان للمتحف.

وأكد الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، أهمية هذه الفعاليات في «صون التراث المصري وتعزيز الوعي به»، مشيراً في البيان إلى أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء الحضارة وذاكرة الأمة، وحلقة الوصل بين الماضي والحاضر، بما تحمله من قيم ثقافية وجمالية قادرة على التعبير عن هوية الشعوب وصون تراثها عبر العصور».

ولفت إلى أن مقتنيات المتحف تضم العديد من القطع الأثرية، لا سيما الإسلامية منها، التي تزخر بنماذج راقية من الفنون والزخارف والخطوط العربية، وتعكس تطور الكتابة وجمالياتها عبر العصور، بما يجعلها شاهداً حياً على عبقرية الفنان المصري وقدرة اللغة العربية على التجدد والتألق.

فيما عدّ المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، اللغة العربية «ركيزة أساسية في حفظ الذاكرة الحضارية المصرية ونقلها إلى الأجيال المتعاقبة»، مشيداً بالدور الذي يقوم به المتحف في صون هذا الإرث الثقافي.

وتضمّنت الفعالية عرض فيلم تسجيلي قصير عن تراث عائلة صوفي زاده، إحدى أعرق العائلات التي توارثت فنون الخط العربي والزخرفة والرسم والنحت والتذهيب عبر خمسة أجيال متعاقبة.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قراراً عام 1973 بإدراج اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل بالأمم المتحدة، في 18 ديسمبر، وهي المناسبة التي تم خلالها عدّ هذا اليوم يوماً عالمياً للغة العربية.