حبات المعمول الزجاجية وانفجار مرفأ بيروت في معرض لندني

عرض بعنوان «ليس شهيدك» للبناني رمزي ملاط... وتأملات في الهشاشة والعنف

حبات المعمول الملونة في عمل الفنان رمزي ملاط (الفنان)
حبات المعمول الملونة في عمل الفنان رمزي ملاط (الفنان)
TT

حبات المعمول الزجاجية وانفجار مرفأ بيروت في معرض لندني

حبات المعمول الملونة في عمل الفنان رمزي ملاط (الفنان)
حبات المعمول الملونة في عمل الفنان رمزي ملاط (الفنان)

في متحف فيكتوريا آند ألبرت، وفي قاعة مخصصة لعصر النهضة والعصور الوسطى تطغى عليها المنحوتات الضخمة تقبع مفاجأة. فعلى جانب من القاعة توجد بعض خزانات العرض التي تضم قطعاً لا تنتمي إلى عصور أوروبا القديمة، بل هي آتية من وقتنا الحاضر ومن عالمنا العربي، وهي ضمن معروضات أسبوع لندن للتصميم الجاري حالياً.

في إحداها نرى تنظيماً بصرياً ملوناً لقطع صغيرة من الزجاج الملون، ليست أية قطع، الشكل مألوف فهي تشبه قطع «المعمول» أو «الكعك» الذي يصنع في كل البلدان العربية بمناسبات مختلفة في الأعياد الدينية خاصة.

«ليس شهيدك» في المتحف اللندني (بيتر كيلر والمتحف)

لا نستطيع تجاوز ذلك العرض البصري، ليس فقط، بسبب جماله، ولكن أيضاً، بسبب إيحاءاته ومعانيه المشبعة بالحنين إلى ذكريات العائلة. غير أن العنوان الذي وضعه الفنان اللبناني رمزي ملاط لعمله هذا ينتزعنا من الحالة الوجدانية ليدخلنا في أجواء أثقل في معانيها وذكرياتها. يطلق ملاط على عمله عنوان «ليس شهيدك»، ويصفه البيان الصحافي بأنه «نصب تذكاري مضاد». نعود لقطع المعمول المنقوشة والزاهية الألوان فلا تغيب عنا رمزيتها بوصفها تمثيلاً لتقاليد مشتركة بين أفراد المجتمع اللبناني، فهي تصنع للاحتفال بالأعياد لدى المسلمين والمسيحيين. نكاد نسمع جلبة العائلات المجتمعة كل في بيت ليصنع أفرادها حبات المعمول، تمزج بين علاقات مشتركة وذكريات بين العائلات والجيران متوجة برائحة زكية تتصاعد من الأفران لتداعب أنوف الأطفال والكبار.

ما الذي يريد الفنان أن يعبر عنه عبر هذا العمل؟ أتحدث مع رمزي ملاط لمناقشة العمل، الذي ردّ على مباركتي له بعرض عمله في فيكتوريا آند ألبرت، وقال: «إنه إنجاز أن نرى العمل في مثل هذه المساحة التي تعج بالإشارات التاريخية».

«ليس شهيدك» في المتحف اللندني (بيتر كيلر والمتحف)

يتابع: «أعتقد أيضاً أن من النقاط المهمة في العمل هو وضعه على مستوى منخفض حتى يضطر الناظر إلى الانحناء قليلا لرؤيته (وكأنما ينحني احتراماً لما يمثله) وللانغماس فيه بالانجذاب بإغراء الألوان المتنوعة».

في نصبه التذكاري المضاد يحاول الفنان التعامل مع تبعات انفجار الرابع من أغسطس (آب)، بالنسبة إليه ولأبناء جيله يمثل الانفجار صدمة جماعية، يصف الصدمة والألم بأنهما «إرث»، ولكنه يرفض الانصياع للقتامة: «أردت أن أتناقض مع ذلك أيضاً من خلال إظهار الجمال والثراء الكامن». لعل ذلك ما يعنيه بوصف العمل بأنه «نصب تذكاري مضاد»، ويعلق شارحاً: «لم يكن هناك نصب تذكاري لضحايا الحرب الأهلية، فهي حرب لم يكن بها منتصر، ولا آيديولوجية مهزومة. أردتُ حقاً أن أُسلِّط الضوء على هذا الأمر في الوعي الجماعي، لأنني أشعر بأننا لا نملك طقوساً تُنظِّم جراحنا».

الانفجار وتأثيره

نعود للعنوان مرة أخرى، فهو عنوان لا يهادن، به مزيج من التحدي والألم، وهو ما لا يستقيم مع كل تلك القطع المرهفة من الزجاج الملون مع كل الطبقات الدفينة من الأحاسيس المختزنة في داخل كل قطعة.

رمزي ملاط (الفنان)

يعود بالذاكرة لما حدث: «كنت في بيروت في أثناء الانفجار، عندما وقع لأول مرة، كنت على بعد أقل من كيلومتر واحد من مركز الزلزال، وأتذكر أنه بعد عدة أيام اجتمعنا بصفتنا أفراد مجتمع مدني لنتمكن من إعادة البناء، وداخلنا هذا الفهم بأن المجتمع هو ما يوجهنا حقاً إلى الأمام، وليست الحكومة، حيث إنه لا توجد مؤسسات حقيقية تساعد في إعادة البناء على الإطلاق». أثارت الحياة بعد الانفجار والتعامل مع آثاره لدى ملاط الرغبة في ترجمة كل هذه الأحاسيس إلى نصب تذكاري «لنتمكن أولاً من وضع علامة على هذا الحدث».

يعترض ملاط على وصف ضحايا الانفجار بأنهم «شهداء»، ويوضح «شعرتُ بأن في هذا ظلماً كبيراً لهم، فكان من المتوقع أن نحزن عليهم، وكفى وكنت أشعر بأنه لم يكن هناك نوع من الفهم الملائم للضحايا، لأن هؤلاء الناس لم يموتوا في الواقع على خطوط المواجهة في المعركة، بل ماتوا في منازلهم، وفي الشوارع.» يتابع : «الشهيد، على ما أعتقد، عادةً ما يكون أمراً محسوماً. إنه شخص قُتل في معركة أو جراء قصف كما يحدث في غزة، لكن انفجار الميناء ظل أمراً غير محسوم. قُتل أناس، لكن لم يعرف أحد سبب مقتلهم. لهذا السبب أردتُ وضع هذا الأمر في صدارة العمل. تجدر الإشارة إلى أنه لم يُجرَ حتى الآن أي نقاش حول تورط الأفراد المسؤولين عن هذا الانفجار. لم يدفع أحد ثمنه لقد اتفقنا جميعاً على أن هذه مأساة، وعلينا المُضي قُدماً، وإلا فسننهار».

رمزي ملاط يجهز عمله «ليس شهيدك» للعرض في متحف فيكتوريا آند ألبرت (الفنان)

يربط الانفجار وما تبعه بشعور جيله في لحظة ما بإمكانية التشارك في بناء المجتمع «أتذكر أن الانفجار وقع مباشرةً عقب ثورة، حيث شعر جيلي بإمكانية الإسهام في إعادة بناء وطننا، شعرنا وكأن الوطن ملكنا، ولكن في الواقع ما تعلمناه هو أن علينا دائماً الهجرة خارج الوطن لنتمكن من بناء مستقبلنا. لذا، ربما أصبحت هذه المأساة السبب الأكبر لرحيل مزيد من الناس. أتذكر أنه بعد عام من الانفجار، غادر كل أصدقائي البلد».

المعمول... تراث مشترك

أتساءل عن العمل بتفصيلاته الدقيقة: كعكات المعمول، لماذا اخترت هذا الشكل، خصوصاً أنها تأتي داخل منظومة مختلفة من المعاني والروابط والإشارات؟ يقول: «أعتقد أنها كانت لحظة اكتشاف عندما كنتُ أتعامل بجدية مع تداعيات الانفجار. كنت أفكر كيف يُمكنني تصوير وإنشاء نصب تذكاري لا يستغل الانقسامات الطائفية التي واجهتنا جميعاً في لبنان، ولهذا اخترتُ المعمول لما له من خاصية فهو تراث مشترك، يُحتفل به في عيد الأضحى، وفي عيد الفصح أيضاً. لذا كان هذا أفضل شكل لوصف هذه التقاطعات التي لدينا».

«اخترتُ المعمول لما له من خاصية فهو تراث مشترك» (الفنان)

يصف رحلة البحث عن الحرفيين لتنفيذ مشروعه والحديث معهم: «أتذكر عندما كنتُ أحاول تكليف حرفيين مختلفين في لبنان، أدركتُ أن الأشكال قوالب المعمول تُترجم في الواقع بأشكال أوراق الشجر، وأنماط الزهور، وإشراقات الشمس». ينظر إلى القطع الهشة والملونة بمنظور أعمق «عندما يذهب الناس إلى قبور أحبائهم، يضعون الزهور في علامة على الاحترام والذكرى والإخلاص. وأعتقد أن المَعمول، بوصفه شكلاً فنياً، قد جسّد كل هذه المنظورات. لذا أردتُ أن أحتفل باللحظات السعيدة التي قضاها الناس مع هؤلاء الضحايا، من خلال استحضار تلك الذكريات التي جمعتهم في الاحتفالات، وكذلك في أوقات تحضير المعمول الذي يتطلب جهداً كبيراً، ومساهمة من عدة أشخاص يجتمعون معاً في المطبخ لصنعه، عادةً ما تكون الجدات مع الأمهات والأطفال. إنه أمرٌ ننقله أيضاً من جيل إلى جيل».

سمفونية المدينة

تلفتنا بشدة فكرة استخدام الزجاج لصنع حبات المعمول الملونة، فالزجاج يرتبط مباشرة بالانفجار الذي خلف دماراً هائلاً كان الزجاج المهشم أبرز علاماته. يقول الفنان إن الزجاج المهشم أصبح «سمفونية المدينة» بعد الانفجار، واصفاً صوت المشي عليه في أثناء عمليات التنظيف، «أتذكر أنه أصبح صوتاً يدل على هذا الانفجار المحدد. لأن الزجاج كان في المادة التي تحطمت أكثر، بسبب شدة الانفجار الفعلية، وليس المنازل التي انهارت، مع أن بعضها قد انهار. وهي المادة التي تسببت في إصابات معظم الناس أيضاً. لذلك شعرت بأنه من المناسب دمج ذلك في العمل كأنه علامة مباشرة على هذا الحدث المحدد، وفي الوقت نفسه، يتمتع الزجاج بهذه القدرة على إعادة التشكل بطريقة لا نهائية». لكل هذه الدلائل أصبح الزجاج رمزاً ووسيلة لإنجاز هذا العمل يضيف إليها الفنان أنه يمكن رؤية أشكال المعمول الزجاجية بأنها تعبر عن الهشاشة والعنف «وهما جانبان مما مررنا به في الانفجار. كنا نشعر بالمأساة، وأصبح الزجاج مادةً صادمةً للجميع. لم يستطع الناس الجلوس بجانب النوافذ لشهور خوفاً من أن يتحطم الزجاج مجدداً ويؤذي الجميع. أصبح التفاعل مع الزجاج مرة أخرى بمكانة رد فعلٍ قويٍّ من الصدمة».


مقالات ذات صلة

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

يوميات الشرق تدور موضوعات لوحات بو فرح بين الخيال والواقع (الشرق الأوسط)

معرض «آي كلاود» لجولي بو فرح ريشة مغمسة بالحدس والعفوية

تستعير الفنانة التشكيلية جولي بو فرح في معرضها «آي كلاود» من الغيوم صورة شاعرية لأعمالها، فترسمها بريشة تتأرجح بين الواقع والخيال.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق إحدى لوحات المعرض (المتحف المصري بالتحرير)

المتحف المصري يحتضن لوحات «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»

تحت عنوان «من البردي الأخضر إلى الفن الخالد»، استضاف المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) معرضاً فنياً يضم لوحات وأعمالاً تستلهم الحضارة المصرية.

محمد الكفراوي (القاهرة )
لمسات الموضة انطلقت الدورة الثانية من أسبوع الموضة المصري بورشات عمل وتدريب وعروض تبرز قدرات مواهب شابة (خاصة)

أسبوع الموضة المصري... آمال كبيرة في ترسيخ مكانته بالخريطة العالمية

يأتي أسبوع الموضة المصري ليكون خطوة مهمة في رحلة القاهرة لاستعادة دورها بوصفها عاصمة ثقافية وفنية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق وجه مرسوم على ورق هندي مصنوع من القطن (الشرق الأوسط)

«تاريخ الورق»... معرض مصري لسبر أغوار الذاكرة الإنسانية

لا يتعامل الفنان التشكيلي المصري محمد أبو النجا مع الورق باعتباره وسيطاً فنياً فحسب، بل يقدّمه على أنه مركز تاريخي يمكن عبره إعادة النظر إلى رحلة الإنسان نفسه.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق أعمال الفنانين تناولت مظاهر الحياة في الأقصر (قومسير الملتقى)

«الأقصر للتصوير» يستلهم تراث «طيبة» وعمقها الحضاري

بأعمال فنية تستلهم التراث القديم والحضارة الموغلة في القدم لمدينة «طيبة» التاريخية، اختتم ملتقى الأقصر أعماله الخميس.

محمد الكفراوي (القاهرة )

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
TT

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)
النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

أصدر النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

وأكد دي كابريو، البالغ من العمر 51 عاماً، أن الإفراط في الظهور قد يضر بالممثل الطموح الذي يتطلع إلى النجاح في هوليوود، وفقاً لشبكة «فوكس نيوز».

وقال نجم فيلم «تايتانيك»: «أكثر ما يمكنني قوله هو إنه إذا كنت تحب هذه المهنة، إذا كنت تحب التمثيل، فعليك أن تدرك أنها أشبه بماراثون، وليست سباقاً قصيراً».

وأضاف: «هذا لا يعني أن هذه كلها خيارات مصيرية. لا تجرّبوا شيئاً تجارياً. لا تفعلوا هذا مبكراً جداً.. يتعلق الأمر بفكرة النظر إلى مسيرتكم المهنية بعد 20، 30، 40، 50 عاماً من الآن، ووضع هذه العناصر معاً لضمان استمراريتها».

وتابع: «ربما يكون الإفراط في التعرض مضراً... أعتقد، إن لم يكن هناك أي شيء، أنني كنتُ أملك حدساً مبكراً بشأن الإفراط في التعرض. صحيحٌ أن ذلك كان زمناً مختلفاً. كان زمناً شاهدتُ فيه ممثلين اختفوا عن الأنظار، ولم نكن نعرف الكثير عنهم. أما الآن، فقد اختلف الأمر كثيراً مع وسائل التواصل الاجتماعي. لكنني لم أتمكن من معرفة الكثير عنهم إلا ما رأيته على الشاشة».

أشار دي كابريو إلى أن الزمن تغير بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، لكن مشاهدة ممثلين آخرين يبنون ببطء أعمالاً قوية أثّرت على قراراته المهنية.

وشرح: «رأيتهم يبنون أعمالاً رائعة مع مرور الوقت. لم أُغمر بفيضٍ هائل من أفلامهم في عام أو عامين. هذا لا يعني أنه لا يجب عليك قبول العمل عندما يُعرض عليك، ولكن الفكرة هي توزيعه، أو ربما مجرد اختيار الأفلام التي تضم شخصيات ثانوية رائعة ومثيرة للاهتمام وتترك بصمتك في هذا المجال».

اشتهر دي كابريو برفضه دوراً في فيلم «هوكس بوكس»، وهو أعلى أجر كان سيحصل عليه آنذاك. وبدلاً من ذلك، قبل دور «ما الذي يزعج جيلبرت جريب»، الذي نال عنه أول ترشيح لجائزة الأوسكار. وصرح الممثل أن نقطة التحول في مسيرته كانت فيلم «تايتانيك»، الذي مكّنه من اختيار أفلامه بنفسه.

وأوضح: «كنت محظوظاً جداً في البداية. وكما ذكرتُ مع فيلم (تايتانيك)، كانت تلك نقطة التحول الحقيقية، عندما أتيحت لي فرصة اختيار أفلامي بنفسي. ولكن حتى ذلك الحين، كنتُ أشارك في العديد من الأفلام المستقلة. كنتُ أختار الشخصية التي أجدها الأكثر إثارة للاهتمام، والتي أستمتع بها».


«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
TT

«البحر الأحمر» يُعيد للسينما سحرها... افتتاح مدهش يُكرّم مايكل كين ويحتفي بالبدايات الجديدة

‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)
‎لحظة تاريخية لتكريم النجم البريطاني مايكل كين في حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

في لحظة يصعب نسيانها، ظهر النجم الأميركي فين ديزل، وهو يدفع الأسطورة البريطانية مايكل كين على كرسيه المتحرّك فوق خشبة مسرح حفل افتتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، مساء الخميس، في مشهد بدا كأنه يُلخّص روح دورة خامسة تجمع بين شغف السينما وامتنانها لرموزها، وبين حضور دولي يُرسّخ جدة منصةً تلتقي فيها قصص نجوم «هوليوود» و«بوليوود» والعالم العربي.

وقف ديزل على المسرح لتقديم الجائزة التكريمية، قائلاً: «هذه الليلة مميّزة بالنسبة إليّ، لأنني أقدّم جائزة لشخص تعرفونه جميعاً بأنه من أفضل الممثلين الذين عاشوا على الإطلاق... مايكل كين يملك من الكاريزما ما يفوق ما لدى معظم نجوم هوليوود». أمّا كين، الذي بلغ التسعين من عمره، فصعد إلى المسرح بدعم 3 من أحفاده، وقال مازحاً: «أتيتُ لأتسلم جائزة، ولا يفاجئني ذلك... فقد فزت بأوسكارين».

مايكل كين متأثّراً خلال كلمته على المسرح (إدارة المهرجان)

كان ذلك المشهد الشرارة التي أعطت مساء الافتتاح طابعاً مختلفاً؛ إذ لم تكن الدورة الخامسة مجرّد احتفاء بفنّ السينما، وإنما إعلان عن نقلة نوعية في موقع السعودية داخل الخريطة العالمية، حيث تتقاطع الأضواء مع الطموح السينمائي، ويتحوَّل الافتتاح من استقطاب للنجوم وعروض الأفلام، إلى قراءة لصناعة تتشكَّل أمام العالم.

وانضم إلى مايكل كين في قائمة النجوم المكرّمين لهذا العام: سيغورني ويفر، وجولييت بينوش، ورشيد بوشارب، وستانلي تونغ، فيما استمرَّت أسماء عالمية في التوافد إلى جدة في اليومين الماضيين، من بينهم جيسيكا ألبا، وأدريان برودي، والمخرجة كوثر بن هنية.

وينسجم ذلك مع كلمة وزير الثقافة السعودي الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، خلال الحفل، بأنّ المهرجان أصبح منصةً تعكس التحوّل الكبير الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة، ويُظهر دور الشباب في تشكيل مشهد سينمائي ينسجم مع طموحات «رؤية 2030»، مشيراً إلى أنّ الثقافة تُعد إحدى أقوى أدوات التأثير عالمياً.

حشد سينمائي عالمي كبير في الحفل (إدارة المهرجان)

السعودية... بدايات هوليوود

ومثل عادة المهرجانات، اتّجهت الأنظار نحو السجادة الحمراء، فامتلأت «الريد كاربت» الواقعة في منطقة البلد التاريخية بطيف نادر من نجوم السينما العالمية؛ من داكوتا جونسون، وآنا دي أرماس، ورئيس لجنة التحكيم شون بيكر وأعضاء اللجنة رض أحمد، وناعومي هاريس، ونادين لبكي، وأولغا كوريلنكو، إضافة إلى كوين لطيفة، ونينا دوبريف؛ اللتين شاركتا في جلسات حوارية مُعمَّقة قبل الافتتاح.

وخلال الحفل، أكد رئيس لجنة التحكيم شون بيكر، أنه متحمّس جداً للحضور في السعودية، التي شبَّهها بـ«هوليوود في أيامها الأولى»، مضيفاً: «بينما نُقاتل للحفاظ على دور العرض في الولايات المتحدة، افتُتِحت هنا مئات الصالات خلال 5 سنوات، لتصبح السعودية أسرع أسواق شباك التذاكر نمواً في العالم. ما يحدث هنا مُلهم ودافئ للقلب».

رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد (إدارة المهرجان)

من جهتها، تحدَّثت رئيسة مجلس أمناء مؤسّسة «البحر الأحمر السينمائي»، جمانا الراشد، عن أثر المؤسّسة خلال السنوات الخمس الماضية، قائلة: «لقد بنينا بهدوء ما كان كثيرون يرونه مستحيلاً: منظومة تمنح صنّاع الأفلام من آسيا وأفريقيا والعالم العربي القدرة على القيادة». وأشارت إلى أنّ 7 أفلام دعمها «صندوق البحر الأحمر» اختارتها بلدانها لتمثيلها في «الأوسكار»، وهو دليل على أثر الصندوق الذي دعم أكثر من 130 مشروعاً خلال 5 سنوات فقط. وأوضحت أنّ الدورة الخامسة تضم هذا العام 111 فيلماً من أكثر من 70 دولة، وتسلّط الضوء على 38 مُخرجة، مؤكدة أنّ حضور المرأة في هذه الدورة يُسهم في إعادة تعريف حدود السرد السينمائي، ويشكّل جزءاً أساسياً من روح المهرجان.

 

«العملاق»... فيلم الافتتاح

وفي نهاية الحفل، بدأ عرض فيلم الافتتاح «العملاق» للمخرج البريطاني - الهندي روان أثالي، وهو عمل يستعيد سيرة الملاكم البريطاني - اليمني الأصل نسيم حمد «برنس ناز»، والفيلم من إنتاج سيلفستر ستالون، ويقدّم فيه الممثل المصري - البريطاني أمير المصري أهم أدواره حتى الآن، بينما يلعب بيرس بروسنان دور المدرّب الذي شكّل مسيرة ناز.

ورغم أنّ السِّير الرياضية مألوفة في السينما العالمية، فإنّ اختيار هذا الفيلم تحديداً يحمل دلالة ضمنية؛ فهو عن شاب صنع مساراً لم يكن موجوداً، وعَبَر حدود التصوّرات الطبقية والثقافية ليصنع له مكاناً يُشبهه. بما يُشبه إلى حد كبير قصة الصناعة السينمائية المحلّية التي تُحاول إعادة تعريف صورتها أمام العالم، وتبني حضورها من نقطة البدايات، بمزيج من الحلم والهوية والإصرار، لتصل اليوم إلى مرحلة النضج في دورة تحتفي بشعار «في حبّ السينما»، وتحمل معها 10 أيام من عروض وتجارب تُعيد إلى الفنّ السابع قدرته الأولى على الدهشة.


ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
TT

ابتلعها بهدف سرقتها... استعادة قلادة مستوحاة من أفلام جيمس بوند من أحشاء رجل نيوزيلندي

شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)
شرطي يعرض بيضة فابرجيه خضراء مرصعة بالماس في أوكلاند بعد مراقبة دامت 6 أيام للص المتهم بابتلاعها (أ.ف.ب)

كشفت شرطة نيوزيلندا، التي أمضت 6 أيام في مراقبة كل حركة أمعاء لرجل متهم بابتلاع قلادة مستوحاة من أحد أفلام جيمس بوند من متجر مجوهرات، اليوم (الجمعة)، أنها استعادت القلادة المزعومة.

وقال متحدث باسم الشرطة إن القلادة البالغة قيمتها 33 ألف دولار نيوزيلندي ( 19 ألف دولار أميركي)، تم استردادها من الجهاز الهضمي للرجل مساء الخميس، بطرق طبيعية، ولم تكن هناك حاجة لتدخل طبي.

يشار إلى أن الرجل، البالغ من العمر 32 عاماً، والذي لم يكشف عن هويته، محتجز لدى الشرطة منذ أن زعم أنه ابتلع قلادة الأخطبوط المرصعة بالجواهر في متجر بارتريدج للمجوهرات بمدينة أوكلاند في 28 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتم القبض عليه داخل المتجر بعد دقائق من السرقة المزعومة.

وكانت المسروقات عبارة عن قلادة على شكل بيضة فابرجيه محدودة الإصدار ومستوحاة من فيلم جيمس بوند لعام 1983 «أوكتوبوسي». ويدور جزء أساسي من حبكة الفيلم حول عملية تهريب مجوهرات تتضمن بيضة فابرجيه مزيفة.

وأظهرت صورة أقل بريقاً قدمتها شرطة نيوزيلندا يوم الجمعة، يداً مرتدية قفازاً وهي تحمل القلادة المستعادة، التي كانت لا تزال متصلة بسلسلة ذهبية طويلة مع بطاقة سعر سليمة. وقال متحدث إن القلادة والرجل سيبقيان في حوزة الشرطة.

ومن المقرر أن يمثل الرجل أمام محكمة مقاطعة أوكلاند في 8 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقد مثل أمام المحكمة لأول مرة في 29 نوفمبر.

ومنذ ذلك الحين، تمركز الضباط على مدار الساعة مع الرجل لانتظار ظهور الدليل.