حبات المعمول الزجاجية وانفجار مرفأ بيروت في معرض لندني

عرض بعنوان «ليس شهيدك» للبناني رمزي ملاط... وتأملات في الهشاشة والعنف

حبات المعمول الملونة في عمل الفنان رمزي ملاط (الفنان)
حبات المعمول الملونة في عمل الفنان رمزي ملاط (الفنان)
TT

حبات المعمول الزجاجية وانفجار مرفأ بيروت في معرض لندني

حبات المعمول الملونة في عمل الفنان رمزي ملاط (الفنان)
حبات المعمول الملونة في عمل الفنان رمزي ملاط (الفنان)

في متحف فيكتوريا آند ألبرت، وفي قاعة مخصصة لعصر النهضة والعصور الوسطى تطغى عليها المنحوتات الضخمة تقبع مفاجأة. فعلى جانب من القاعة توجد بعض خزانات العرض التي تضم قطعاً لا تنتمي إلى عصور أوروبا القديمة، بل هي آتية من وقتنا الحاضر ومن عالمنا العربي، وهي ضمن معروضات أسبوع لندن للتصميم الجاري حالياً.

في إحداها نرى تنظيماً بصرياً ملوناً لقطع صغيرة من الزجاج الملون، ليست أية قطع، الشكل مألوف فهي تشبه قطع «المعمول» أو «الكعك» الذي يصنع في كل البلدان العربية بمناسبات مختلفة في الأعياد الدينية خاصة.

«ليس شهيدك» في المتحف اللندني (بيتر كيلر والمتحف)

لا نستطيع تجاوز ذلك العرض البصري، ليس فقط، بسبب جماله، ولكن أيضاً، بسبب إيحاءاته ومعانيه المشبعة بالحنين إلى ذكريات العائلة. غير أن العنوان الذي وضعه الفنان اللبناني رمزي ملاط لعمله هذا ينتزعنا من الحالة الوجدانية ليدخلنا في أجواء أثقل في معانيها وذكرياتها. يطلق ملاط على عمله عنوان «ليس شهيدك»، ويصفه البيان الصحافي بأنه «نصب تذكاري مضاد». نعود لقطع المعمول المنقوشة والزاهية الألوان فلا تغيب عنا رمزيتها بوصفها تمثيلاً لتقاليد مشتركة بين أفراد المجتمع اللبناني، فهي تصنع للاحتفال بالأعياد لدى المسلمين والمسيحيين. نكاد نسمع جلبة العائلات المجتمعة كل في بيت ليصنع أفرادها حبات المعمول، تمزج بين علاقات مشتركة وذكريات بين العائلات والجيران متوجة برائحة زكية تتصاعد من الأفران لتداعب أنوف الأطفال والكبار.

ما الذي يريد الفنان أن يعبر عنه عبر هذا العمل؟ أتحدث مع رمزي ملاط لمناقشة العمل، الذي ردّ على مباركتي له بعرض عمله في فيكتوريا آند ألبرت، وقال: «إنه إنجاز أن نرى العمل في مثل هذه المساحة التي تعج بالإشارات التاريخية».

«ليس شهيدك» في المتحف اللندني (بيتر كيلر والمتحف)

يتابع: «أعتقد أيضاً أن من النقاط المهمة في العمل هو وضعه على مستوى منخفض حتى يضطر الناظر إلى الانحناء قليلا لرؤيته (وكأنما ينحني احتراماً لما يمثله) وللانغماس فيه بالانجذاب بإغراء الألوان المتنوعة».

في نصبه التذكاري المضاد يحاول الفنان التعامل مع تبعات انفجار الرابع من أغسطس (آب)، بالنسبة إليه ولأبناء جيله يمثل الانفجار صدمة جماعية، يصف الصدمة والألم بأنهما «إرث»، ولكنه يرفض الانصياع للقتامة: «أردت أن أتناقض مع ذلك أيضاً من خلال إظهار الجمال والثراء الكامن». لعل ذلك ما يعنيه بوصف العمل بأنه «نصب تذكاري مضاد»، ويعلق شارحاً: «لم يكن هناك نصب تذكاري لضحايا الحرب الأهلية، فهي حرب لم يكن بها منتصر، ولا آيديولوجية مهزومة. أردتُ حقاً أن أُسلِّط الضوء على هذا الأمر في الوعي الجماعي، لأنني أشعر بأننا لا نملك طقوساً تُنظِّم جراحنا».

الانفجار وتأثيره

نعود للعنوان مرة أخرى، فهو عنوان لا يهادن، به مزيج من التحدي والألم، وهو ما لا يستقيم مع كل تلك القطع المرهفة من الزجاج الملون مع كل الطبقات الدفينة من الأحاسيس المختزنة في داخل كل قطعة.

رمزي ملاط (الفنان)

يعود بالذاكرة لما حدث: «كنت في بيروت في أثناء الانفجار، عندما وقع لأول مرة، كنت على بعد أقل من كيلومتر واحد من مركز الزلزال، وأتذكر أنه بعد عدة أيام اجتمعنا بصفتنا أفراد مجتمع مدني لنتمكن من إعادة البناء، وداخلنا هذا الفهم بأن المجتمع هو ما يوجهنا حقاً إلى الأمام، وليست الحكومة، حيث إنه لا توجد مؤسسات حقيقية تساعد في إعادة البناء على الإطلاق». أثارت الحياة بعد الانفجار والتعامل مع آثاره لدى ملاط الرغبة في ترجمة كل هذه الأحاسيس إلى نصب تذكاري «لنتمكن أولاً من وضع علامة على هذا الحدث».

يعترض ملاط على وصف ضحايا الانفجار بأنهم «شهداء»، ويوضح «شعرتُ بأن في هذا ظلماً كبيراً لهم، فكان من المتوقع أن نحزن عليهم، وكفى وكنت أشعر بأنه لم يكن هناك نوع من الفهم الملائم للضحايا، لأن هؤلاء الناس لم يموتوا في الواقع على خطوط المواجهة في المعركة، بل ماتوا في منازلهم، وفي الشوارع.» يتابع : «الشهيد، على ما أعتقد، عادةً ما يكون أمراً محسوماً. إنه شخص قُتل في معركة أو جراء قصف كما يحدث في غزة، لكن انفجار الميناء ظل أمراً غير محسوم. قُتل أناس، لكن لم يعرف أحد سبب مقتلهم. لهذا السبب أردتُ وضع هذا الأمر في صدارة العمل. تجدر الإشارة إلى أنه لم يُجرَ حتى الآن أي نقاش حول تورط الأفراد المسؤولين عن هذا الانفجار. لم يدفع أحد ثمنه لقد اتفقنا جميعاً على أن هذه مأساة، وعلينا المُضي قُدماً، وإلا فسننهار».

رمزي ملاط يجهز عمله «ليس شهيدك» للعرض في متحف فيكتوريا آند ألبرت (الفنان)

يربط الانفجار وما تبعه بشعور جيله في لحظة ما بإمكانية التشارك في بناء المجتمع «أتذكر أن الانفجار وقع مباشرةً عقب ثورة، حيث شعر جيلي بإمكانية الإسهام في إعادة بناء وطننا، شعرنا وكأن الوطن ملكنا، ولكن في الواقع ما تعلمناه هو أن علينا دائماً الهجرة خارج الوطن لنتمكن من بناء مستقبلنا. لذا، ربما أصبحت هذه المأساة السبب الأكبر لرحيل مزيد من الناس. أتذكر أنه بعد عام من الانفجار، غادر كل أصدقائي البلد».

المعمول... تراث مشترك

أتساءل عن العمل بتفصيلاته الدقيقة: كعكات المعمول، لماذا اخترت هذا الشكل، خصوصاً أنها تأتي داخل منظومة مختلفة من المعاني والروابط والإشارات؟ يقول: «أعتقد أنها كانت لحظة اكتشاف عندما كنتُ أتعامل بجدية مع تداعيات الانفجار. كنت أفكر كيف يُمكنني تصوير وإنشاء نصب تذكاري لا يستغل الانقسامات الطائفية التي واجهتنا جميعاً في لبنان، ولهذا اخترتُ المعمول لما له من خاصية فهو تراث مشترك، يُحتفل به في عيد الأضحى، وفي عيد الفصح أيضاً. لذا كان هذا أفضل شكل لوصف هذه التقاطعات التي لدينا».

«اخترتُ المعمول لما له من خاصية فهو تراث مشترك» (الفنان)

يصف رحلة البحث عن الحرفيين لتنفيذ مشروعه والحديث معهم: «أتذكر عندما كنتُ أحاول تكليف حرفيين مختلفين في لبنان، أدركتُ أن الأشكال قوالب المعمول تُترجم في الواقع بأشكال أوراق الشجر، وأنماط الزهور، وإشراقات الشمس». ينظر إلى القطع الهشة والملونة بمنظور أعمق «عندما يذهب الناس إلى قبور أحبائهم، يضعون الزهور في علامة على الاحترام والذكرى والإخلاص. وأعتقد أن المَعمول، بوصفه شكلاً فنياً، قد جسّد كل هذه المنظورات. لذا أردتُ أن أحتفل باللحظات السعيدة التي قضاها الناس مع هؤلاء الضحايا، من خلال استحضار تلك الذكريات التي جمعتهم في الاحتفالات، وكذلك في أوقات تحضير المعمول الذي يتطلب جهداً كبيراً، ومساهمة من عدة أشخاص يجتمعون معاً في المطبخ لصنعه، عادةً ما تكون الجدات مع الأمهات والأطفال. إنه أمرٌ ننقله أيضاً من جيل إلى جيل».

سمفونية المدينة

تلفتنا بشدة فكرة استخدام الزجاج لصنع حبات المعمول الملونة، فالزجاج يرتبط مباشرة بالانفجار الذي خلف دماراً هائلاً كان الزجاج المهشم أبرز علاماته. يقول الفنان إن الزجاج المهشم أصبح «سمفونية المدينة» بعد الانفجار، واصفاً صوت المشي عليه في أثناء عمليات التنظيف، «أتذكر أنه أصبح صوتاً يدل على هذا الانفجار المحدد. لأن الزجاج كان في المادة التي تحطمت أكثر، بسبب شدة الانفجار الفعلية، وليس المنازل التي انهارت، مع أن بعضها قد انهار. وهي المادة التي تسببت في إصابات معظم الناس أيضاً. لذلك شعرت بأنه من المناسب دمج ذلك في العمل كأنه علامة مباشرة على هذا الحدث المحدد، وفي الوقت نفسه، يتمتع الزجاج بهذه القدرة على إعادة التشكل بطريقة لا نهائية». لكل هذه الدلائل أصبح الزجاج رمزاً ووسيلة لإنجاز هذا العمل يضيف إليها الفنان أنه يمكن رؤية أشكال المعمول الزجاجية بأنها تعبر عن الهشاشة والعنف «وهما جانبان مما مررنا به في الانفجار. كنا نشعر بالمأساة، وأصبح الزجاج مادةً صادمةً للجميع. لم يستطع الناس الجلوس بجانب النوافذ لشهور خوفاً من أن يتحطم الزجاج مجدداً ويؤذي الجميع. أصبح التفاعل مع الزجاج مرة أخرى بمكانة رد فعلٍ قويٍّ من الصدمة».


مقالات ذات صلة

ملتقى القاهرة للخط العربي... رحلة بصرية بين هيبة التراث وروح الحداثة

يوميات الشرق استعرضت بعض اللوحات أساليب مبتكرة في التكوين (الشرق الأوسط)

ملتقى القاهرة للخط العربي... رحلة بصرية بين هيبة التراث وروح الحداثة

احتفاءً بالخط العربي بوصفه فناً أصيلاً يحمل بين ثناياه دعوة للسلام، والانسجام الإنساني، أطلقت مصر الدورة العاشرة من «ملتقى القاهرة الدولي لفنون الخط العربي».

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق طفل يبحث عما يشبهه من كتب تحاكي ذاته (الشرق الأوسط)

650 ألف زائر يرسخ مكانة معرض جدة للكتاب كمنصة ثقافية إقليمية

مع رحيل آخر أيام معرض جدة للكتاب، يطرح المشهد الثقافي جملةً من الأسئلة حول المعرض وترسيخ مكانته كأحد أبرز الفعاليات الثقافية في المملكة.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق عبد الحليم رضوي... طاقات تعبيرية ودلالات مفاهيمية ذات طابع معاصر (الشرق الأوسط)

القاهرة تحتفي برائد الفن السعودي عبد الحليم رضوي

يُصاحب معرض رضوي تقديم أعمال نخبة من رواد وكبار التشكيليين المعاصرين في المملكة.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من توقيع الاتفاق لتحويل رواية «القبيلة التي تضحك ليلاً» إلى فيلم (الشرق الأوسط)

السينما السعودية تمدّ جسورها إلى الأدب في معرض جدة للكتاب

لم يعد سؤال صنّاع السينما يدور حول عدد العناوين، بل حول أيّ الروايات تصلح لأن تُروى على الشاشة...

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق تحاول الفنانة التشكيلية في هذه المجموعة العبور من المحدود إلى المطلق (الغاليري)

معرض «تفتّحت الزهور من بين حجار الإسمنت المكسور»... عود على بدء

تستخدم ندى صحناوي الألوان الزاهية، بالإضافة إلى الأسود والأبيض. وفي قوالب الزهور الحمراء والبيضاء، يخال للناظر إليها أنها تُشبه كعكة عيد...

فيفيان حداد (بيروت)

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
TT

وزير الإعلام السعودي: لا تسامح مع استخدام حرية التعبير لخلق فوضى

وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)
وزير الإعلام السعودي سلمان الدوسري والعضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار» عبد الله الداود خلال المؤتمر (وزارة الإعلام)

شدد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، على عدم التسامح مع من يحاولون استخدام «حرية التعبير» لخلق فوضى في الفضاء الإعلامي، أو استخدام خطاب شعبوي زائف الهدف منه زيادة أعداد المتابعين، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الحكومي بالعاصمة الرياض.

وقال وزير الإعلام السعودي إن القوانين والأنظمة في السعودية تكفل حرية التعبير كحق أصيل، لكن في الوقت نفسه تميز بوضوح بين الرأي المسؤول والنقد البناء، وبين التحريض الذي يهدف إلى التضليل أو تأجيج الرأي العام.

وبيّن أن إجراءات هيئة تنظيم الإعلام لا تستهدف الآراء أو النقد البناء، بقدر ما تأتي في إطار تطبيق الأنظمة تجاه أي ممارسات تتجاوز المسؤولية الإعلامية وتمس السلم المجتمعي.

وكشف الوزير الدوسري خلال المؤتمر، الذي عقد للحديث عن تطورات مشروع مدينة القدية، أن العمل جارٍ لإطلاق مشروع «مدرسة الموهوبين الإعلاميين»، وذلك بالتعاون مع وزارة التعليم، لاكتشاف ورعاية الموهوبين من مراحل مبكرة.

وأوضح أن مدينة القدية ستستضيف الملتقى الثاني لصناع التأثير إمباك 2026، لافتاً إلى أن العمل قائم مع الشركاء في القدية لإطلاق مشروع «بيت إمباك».

واستعرض وزير الإعلام السعودي مجموعة من الإنجازات التي حققتها السعودية خلال الفترة الماضية، ومن ذلك زيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث بلغت 55.4 في المائة خلال الربع الثالث من العام الماضي، مقارنة بـ45.9 في المائة في الربع الثالث من عام 2016. فيما ⁠«بلغت نسبة تملُّك الأسر السعودية للمنازل في نهاية العام الماضي 65.4 في المائة».

وتابع: ⁠«احتلّت المملكة المركز الأول عالمياً في عدد الجوائز التي نالتها في مسابقة الذكاء الاصطناعي العالمية للشباب بـ26 جائزة، كأكبر دولة في العالم تنال هذا العدد من الجوائز في تاريخ المسابقة».

وأضاف الوزير الدوسري أن قطار الرياض استقبل 120 مليون راكب منذ بدء انطلاق المشروع وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وسجّل أعلى درجات الانضباط في التشغيل، بنسبة التزام بلغت 99.8 في المائة لعام 2025. مشيراً إلى أن السعودية تستهدف تنفيذ المرحلة السابعة من مشروع قطار الرياض خلال العام المقبل.

من جهته، قال العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، عبد الله الداود، أن القدية مدينة فريدة من نوعها تجمع أكثر من 70 أصلاً في مكانٍ واحد، من بينها استاد الأمير محمد بن سلمان، ومجمع التنس الوطني، ومركز الفنون الأدائية، والعديد من الأصول النوعية الأخرى. ‏وأكد الداود أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يؤمن بالمشاريع النوعية التي تضيف لحياة الناس ولها القدرة على خلق اقتصادات وقطاعات جديدة، ولذلك كان كل العمل منصباً على تنفيذ أفكار الأمير محمد وتطلعاته، مشيراً إلى أن مشروع القدية يأتي من قلب «رؤية 2030»، وأن القدية تتبنى مفهوماً متكاملاً يندمج فيه الترفيه والرياضة والثقافة والسياحة بشكل متجانس.

وأعلن العضو المنتدب لشركة «القدية للاستثمار»، خلال المؤتمر، أن تاريخ 31 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، هو موعد افتتاح مدينة القدية لأول أصولها، منتزه «سيكس فلاغز»، مؤكداً أن الافتتاح سيشكل نقلة نوعية تحولية في مسيرة المدينة.

وأضاف الدواد أن منتزه «Six Flags» نجح في كسر عدد من الأرقام القياسية، وذلك من خلال 5 ألعاب في مكان واحد، من أبرزها لعبة أفعوانية الصقر التي تحطم 3 أرقام قياسية كأطول أفعوانية في العالم، وأسرع أفعوانية في العالم، وأعلى أفعوانية في العالم.

وكشف الداود أنه تم الانتهاء الكامل من منتزه «Six Flags» الذي صمم لاستقبال نحو 10 آلاف زائر يومياً، ومن المتوقع أن يتجاوز أعداد زوار المنتزه مليوني زائر خلال 2026، فيما تم الانتهاء من أكثر من 95 في المائة من منتزه أكواريبيا المائي وسيفتتح خلال العام المقبل، إضافة إلى المرحلة الأولى للبنية التحتية في الطرق والكهرباء والاتصالات وخدمات الطوارئ.


«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
TT

«خريطة رأس السنة»... دراما مصرية عن الأمومة و«متلازمة داون»

ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)
ريهام وأسماء أبو اليزيد في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

يقدّم الفيلم المصري «خريطة رأس السنة» تجربة سينمائية إنسانية تنطلق من علاقة عائلية واضحة منذ اللحظة الأولى؛ إذ يعرف الطفل «نور» (يقوم بدوره الطفل آسر) أن «حبيبة» (ريهام عبد الغفور) هي خالته، ويتعامل معها على هذا الأساس، فالطفل المتفوق في المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر، يخطط لمفاجأة والدته في رأس السنة بزيارتها في باريس مع تحضير مفاجأة لها، لتكون العطلة بمثابة بداية لأيام مختلفة في حياته.

نشاهد الفيلم من منظور الطفل «نور» على مدار الأحداث، بداية من المدرسة الداخلية التي يدرس فيها بالمجر والتي تقع بالقرب من منزل «حبيبة» وصديقتها التي تقيم معها، وكلتاهما من أصحاب «متلازمة داون»، مروراً بتواصله مع «سارة» (هنادي مهنا) باعتبارها والدته التي لم تأتِ لزيارته ولقائه من باريس منذ عامين، في حين يقتصر التواصل بينهما على الاتصالات الهاتفية.

يعتمد الفيلم بالكامل على رؤية العالم من خلال «نور»، فنحن نراه ونفهمه كما يراه هو، ونشهد تحوّلاته النفسية من دون تدخل تفسيري مباشر للقاءات التي يخوضها في الطريق مع غرباء، وتبدّل الأمكنة، والضغط المتواصل الناتج عن السفر، والظروف الاضطرارية التي تعوق ترتيب رحلته وإكمالها بالطريقة التي يريدها، مع إعادة ترتيب الأنشطة والأماكن التي يوجد فيها قبل الوصول إلى والدته.

في الأحداث التي تستمر على مدار أكثر من 90 دقيقة نتابع رحلة «نور» التي تشمل توقفات بعدد من المدن الأوروبية قبل الوصول لوجهته النهائية في باريس؛ توقفات لرغبته في تنفيذ مفاجأة استثنائية لوالدته وهدية لذكرى والده الراحل.

ريهام عبد الغفور مع عدد من الحضور في العرض الخاص (الشركة المنتجة)

الفيلم الذي شارك في بطولته إلى جوار ريهام وآسر كل من هنادي مهنا، وأسماء أبو اليزيد، وعدد من الممثلين الأجانب، كتبه يوسف وجدي، ويخرجه رامي الجندي في أولى تجاربه الإخراجية، في حين صُوّر بين 6 مدن أوروبية مختلفة على مدار أكثر من عام.

وقال المخرج رامي الجندي لـ«الشرق الأوسط» إن نقطة الانطلاق في «خريطة رأس السنة» كانت تحديد زاوية الرؤية للأحداث، وإن القرار الأهم تمثّل في أن يُروى الفيلم بالكامل من داخل وعي الطفل «نور»، فالمتفرج لا يُفترض به أن يرى الشخصيات من الخارج، بل يختبر العالم بذات الدرجة من البراءة والارتباك والأسئلة غير المكتملة التي يعيشها البطل، وهو ما فرض إيقاعاً هادئاً ولغة بصرية تميل إلى المراقبة أكثر من الشرح، وفق تعبيره.

وأوضح الجندي أن «العلاقة بين (نور) و(حبيبة) لا تقوم على المفاجأة أو الاكتشاف، بل على المعرفة المسبقة، وهو ما منح الفيلم مساحة أعمق للاشتغال على الاختبار الإنساني، لا الصدمة الدرامية»، مشيراً إلى أن هذا الاختيار أتاح له التركيز على التفاصيل الصغيرة في العلاقة، وعلى التحوّلات التدريجية في فهم الطفل لمعنى المسؤولية، بدلاً من اللجوء إلى حلول سردية مباشرة.

ولفت المخرج إلى أن «اختيار التصوير في أجواء (الكريسماس) بأوروبا كان تحدياً كبيراً؛ إذ يُعد هذا التوقيت الأصعب من حيث الإجازات والتحكم في المواقع وحركة المدن»، على حد تعبيره، وقال إنه قام بتقسيم التصوير إلى ثلاث مراحل، عبر ست دول أوروبية مختلفة، معتبراً أن السيطرة على هذا الكم من التفاصيل لم تكن سهلة، لكنها كانت حاسمة للحفاظ على الإحساس الحقيقي بالطريق.

وأضاف الجندي أن «العمل مع ممثلين أجانب جرى بالكامل عبر الإنترنت، من خلال شركات متخصصة، وهو ما تطلّب تحضيرات طويلة قبل التصوير».

الملصق الترويجي للفيلم (الشركة المنتجة)

وأكد مؤلف الفيلم يوسف وجدي لـ«الشرق الأوسط» أن العمل لا يتعامل مع «متلازمة داون» بوصفها موضوعاً مستقلاً، بل كجزء من نسيج إنساني أوسع، موضحاً أن «التحدي الحقيقي كان في تجنّب الخطاب المباشر أو التفسير الأخلاقي الجاهز، خصوصاً أن ما شغله منذ البداية مرتبط بطبيعة الاختلاف بين كل حالة، والتفاوت الموجود لدى كل شخص، وكيف يمكن أن يستفيد منه ليعيش حياته بشكل أفضل».

وأضاف وجدي أن «فكرة العمل استُلهمت جزئياً من قضايا حقيقية أُثيرت في فرنسا، تتعلق بالأهلية الأسرية، وبالنظرة القانونية والاجتماعية إلى مفهوم المسؤولية لمن يعاني من (متلازمة داون)»، مشيراً إلى أن هذه القضايا فتحت أمامه مساحة للتفكير في الفجوة بين القانون والمشاعر، وبين ما يُعتبر صحيحاً على الورق وما يحدث فعلياً داخل البيوت والعلاقات اليومية.


معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
TT

معرض تراثي في متحف الحضارة المصرية يحتفي بفنون الخط العربي

الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)
الاحتفاء بالخط العربي في المتحف القومي للحضارة المصرية (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ضمن فعاليات متنوعة احتفاء باليوم العالمي للغة العربية، استضاف المتحف القومي للحضارة المصرية معرضاً تراثياً لفنون الخط العربي، وتضمنت الفعاليات معرضاً فنياً ضم مجموعة من اللوحات التي تُبرز جماليات فن الخط العربي، إلى جانب معرض متميز لأعمال ومقتنيات عائلة صوفي زاده، شمل لوحات فنية وأفلاماً تسجيلية توثّق مسيرتها الفنية بوصفها رائدة في فنون الخط العربي.

وتحت شعار «إرث يتجدد بخط يتألق»، جاءت الفعاليات المتنوعة، بالتعاون مع سفارة سلطنة عُمان بالقاهرة، وجمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، ومشيخة الأزهر الشريف، والمجمع اللغوي بالقاهرة، وعائلة صوفي زاده؛ تأكيداً على الدور المحوري للغة العربية بوصفها أحد أهم روافد الهوية الثقافية والإنسانية.

واحتفلت أكثر من مؤسسة مصرية باليوم العالمي للغة العربية المقرر في 18 ديسمبر (كانون الأول) عبر ندوات وأنشطة ومعارض متنوعة، من بينها: ندوة مشتركة بين كلية دار العلوم ودار الكتب والوثائق القومية، واحتفالية بجامعة الدول العربية، وفعاليات ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي الذي أقيم في قصر الفنون وضم لوحات العديد من رواد الخط العربي فضلاً عن الفنانين المعاصرين.

وتسعى الفعاليات التي نظمها متحف الحضارة إلى «نشر الوعي بالتراث المصري وتعزيز قيمه الحضارية، وإيماناً بأهمية اللغة العربية ومكانتها التاريخية بوصفها وعاءً للهوية وذاكرة للأمة»، وفق بيان للمتحف.

وأكد الدكتور الطيب عباس، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، أهمية هذه الفعاليات في «صون التراث المصري وتعزيز الوعي به»، مشيراً في البيان إلى أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاء الحضارة وذاكرة الأمة، وحلقة الوصل بين الماضي والحاضر، بما تحمله من قيم ثقافية وجمالية قادرة على التعبير عن هوية الشعوب وصون تراثها عبر العصور».

ولفت إلى أن مقتنيات المتحف تضم العديد من القطع الأثرية، لا سيما الإسلامية منها، التي تزخر بنماذج راقية من الفنون والزخارف والخطوط العربية، وتعكس تطور الكتابة وجمالياتها عبر العصور، بما يجعلها شاهداً حياً على عبقرية الفنان المصري وقدرة اللغة العربية على التجدد والتألق.

فيما عدّ المستشار محمد شيرين فهمي، رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء المتحف القومي للحضارة المصرية، اللغة العربية «ركيزة أساسية في حفظ الذاكرة الحضارية المصرية ونقلها إلى الأجيال المتعاقبة»، مشيداً بالدور الذي يقوم به المتحف في صون هذا الإرث الثقافي.

وتضمّنت الفعالية عرض فيلم تسجيلي قصير عن تراث عائلة صوفي زاده، إحدى أعرق العائلات التي توارثت فنون الخط العربي والزخرفة والرسم والنحت والتذهيب عبر خمسة أجيال متعاقبة.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قراراً عام 1973 بإدراج اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل بالأمم المتحدة، في 18 ديسمبر، وهي المناسبة التي تم خلالها عدّ هذا اليوم يوماً عالمياً للغة العربية.