يفتقد المشاهد اللبناني بين الحين والآخر إطلالة أحد الممثلين عن الساحة، فيخيّل إليه أنه اعتزل المهنة، أو أنه مستبعد من جهة إنتاجية. الممثلة هند خضرا، التي شكّل مسلسل «الهيبة» في جزئه الأخير آخر ظهور لها على الشاشة، ها هي اليوم تعود بدور جديد في مسلسل «سلمى». ورغم صغر مساحته يمكن تصنيفه في خانة «ضيفة شرف»، ولكن هند وافقت على القيام به لأسباب عديدة. تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أولاً لأن الجهة المنتجة للعمل (إم بي سي) هي رائدة اليوم في هذا المجال. كما أنني أحب الأدوار التي تتحداني وتدور بين الخير والشر. وبالتالي فإن فريق العمل بأكمله كان رائعاً، فاستمتعت بأجواء التصوير، لا سيما أنها التجربة الأولى لي في الدراما المعرّبة».
وتشير خضرا إلى أنها لم تلقِ نظرة على النسخة التركية للعمل، وقدّمت الدور بأسلوبها، وعلى طريقتها، وتبدي إعجابها بالنوعية التي تمّ من خلالها تنفيذ المسلسل: «إنهم يقدّرون الممثل، ويهتمون براحته، بذلك يضمنون جودة عطائه، وهو ما لا نصادفه عندنا في لبنان».
بالنسبة لهند خضرا، فإن أجواء العائلة الواحدة سادت بين الممثلين المشاركين في «سلمى»، وجميعهم كانوا يعملون من باب تقديم الأفضل، وعلى المستوى المطلوب. ولأن غالبيتهم لبنانيون، فهي سبق وتعاونت مع عدد كبير منهم. وتقول: «سبق ومثّلت مع طوني عيسى في (خرزة زرقا)، ومع مجدي مشموشي في برنامج (عاطل عن الحرية)، أما ستيفاني عطالله فهي رفيقة عمر، وبدأنا معاً في مشوار تصوير الإعلانات التجارية». وتتحدث عن الممثلة السورية بطلة العمل مرام علي: «إنها المرة الأولى التي ألتقي بها في عمل درامي. لقد أعجبت كثيراً بأدائها المحترف، وهدوئها في الكواليس. وهي ممثلة مبدعة رغم جهد كبير تطلّبه منها الدور، أتعبتها الشخصية، خصوصاً أنها تطلّ في غالبية حلقات العمل».
بالنسبة لنقولا دانيال، فهي أيضاً سبق أن مثّلت معه في «دانتيل»، بينما تعد المرة الأولى التي تلتقي بها تقلا شمعون. وتروي هند لـ«الشرق الأوسط» أسباب غيابها عن الساحة لسنوات: «آخر عمل درامي قمت به كان (الهيبة 5). ومن ثم تزوجت، ورزقت بأول أولادي، فانشغلت بعائلتي الصغيرة لفترة».
ولكن ألا يزعجها هذا الغياب؟ وتخاف من أن يسهم في نسيانها من قبل المشاهد؟ تردّ: «بصراحة يزعجني نعم، والعكس صحيح. آسفة لابتعادي عن مهنة أحبّها كثيراً، ولكن الحياة تتطلب منّا مرات كثيرة التضحية. وعائلتي الصغيرة تستأهل مني هذا التفرغ. وفي الوقت نفسه أحمّل غيابي هذا لشركات الإنتاج. ففي لبنان هناك دائماً من يتحكّم بظهورك وغيابك عن الساحة. فليس الممثل هو الذي يملك القرار بذلك. ونلاحظ أن ثمة ممثلين اليوم يطلون باستمرار في إنتاجات درامية. بينما تغيب أسماء كثيرة بسبب ما نسمّيه (الشللية) التي تمارس على الساحة. نشعر بالتركيز على ممثلين معينين دون غيرهم. والأسوأ هو أننا نعرف كيف نصفّق لغير الممثل اللبناني. وهناك من يشجّعه، ويتعاون معه، ويولّد حالة من المنافسة بينه وبين اللبناني. بالطبع لا أرفض دخول ممثلين عرب أو سوريين على الخط. ولكن أليس من الأجدى أن تكون الأولوية للممثل اللبناني؟».
ترى هند أن الفن ليس لغة واحدة تتحكّم به. وبإمكان أي شخص متابعة مسلسل درامي بغض النظر عن اللغة التي يتحدثون بها خلاله. فلا يمكن تحديده بهوية ولون. «إنه مجال عالمي مفتوح على الجميع. والممثل اللبناني يتمتع بقدرات هائلة، ولذلك يجب تقديم كل التقدير والدعم له».
وتعلّق على مسلسل «بالدم» اللبناني بامتياز، والذي نافس في موسم رمضان الفائت: «أصفق لشركة (إيغل فيلمز) التي بادرت إلى ذلك. أقدمت على خطوة جريئة لاقت معها النجاح الكبير. فأثبتت أن المسلسل المحلي له جمهوره العربي. وأن الممثلين اللبنانيين يستطيعون حمل أهم موضوعات الدراما على أكتافهم».
لا تتوقع هند أن يطول غيابها عن الشاشة بعد إنجاب طفلتها الثانية في الأيام المقبلة: «أعتقد أن الأمر سيستغرق مني نحو 6 أشهر للاهتمام بطفلتي الثانية. وإذا تلقيت العرض المناسب فلن أتأخر عن القبول به. ولكن أتمنّى أن أقدّم دوراً يليق بعودتي هذه. وأنا متفائلة بذلك». وتقول إنها تتابع الدراما العربية في مواسم رمضان أكثر من أي وقت آخر. وفي العام الفائت شاهدت مسلسلات مصرية بشكل كبير. ومن بينها «لام شمسية» و«كتالوغ»، والأردني «بنات الروابي». وتعلّق: «أشعر بأنهم يسبقوننا في اختيار موضوعات رائعة، تخرج عن المألوف. أعتقد أننا في لبنان نكرر أنفسنا كثيراً. والبطلة لا تقهر مهما تعرّضت إلى مشكلات. فعلينا أن نقدم مسلسلات تشبه واقعنا».



