توني بلير لاعب محوري بإنهاء حرب كوسوفو... فهل ينجح مجدداً في غزة؟

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير خلال التقاط صورة قبل مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في وسط لندن 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير خلال التقاط صورة قبل مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في وسط لندن 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

توني بلير لاعب محوري بإنهاء حرب كوسوفو... فهل ينجح مجدداً في غزة؟

رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير خلال التقاط صورة قبل مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في وسط لندن 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير خلال التقاط صورة قبل مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في وسط لندن 17 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع مشروع السلام الأميركي رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير إلى واجهة الجهود الرامية لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» في قطاع غزة. ورغم أن إرث بلير في الشرق الأوسط لا يخلو من الجدل، خصوصاً بعد مشاركته في غزو العراق عام 2003، فإن هناك مكاناً واحداً يُنظر إليه فيه على أنه بطل: كوسوفو. فهل تنجح جهوده للسلام أيضاً في غزة؟

بطل في ذاكرة كوسوفو

في عام 1999، لعب بلير، إلى جانب الرئيس الأميركي آنذاك بيل كلينتون، دوراً محورياً في تشكيل تحالف دولي شنَّ غارات جوية ضد نظام الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش لإنهاء قمعه للألبان الساعين إلى استقلال كوسوفو. وقد ارتفعت شعبية بلير حينها لدرجة أن اسم «توني بلير» أصبح يُستخدم اسماً جديداً للأولاد: «تونيبلر» (Tonibler) باللهجة الألبانية، وفق تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

يقول تونيبلر غاشي، وهو طالب طب في الرابعة والعشرين من عمره في بريشتينا: «أراد والداي أن يعبّرا عن امتناننا واحترامنا للرجل العظيم الذي لولاه لما كنا اليوم نتحدث الألبانية في كوسوفو».

صورة تعود لعام 2010 تظهِر توني بلير يقف مع أولاد سُمّوا باسمه في كوسوفو (أ.ف.ب)

مهمة أصعب في غزة

لكن ما إذا كان بإمكان بلير تكرار نجاحه في غزة – ذات البيئة الأكثر تعقيداً وتقلباً – يبقى موضع جدل واسع.

فوفقاً لخطة السلام الأميركية المقترحة، سيقود بلير هيئة انتقالية دولية تُسمى «مجلس السلام»، يرأسها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لتتولى إدارة قطاع غزة مؤقتاً تحت تفويض من الأمم المتحدة.

ستضم الهيئة خبراء دوليين وتقنيين ومسؤولين من الأمم المتحدة وممثلين فلسطينيين، لتشرف على إعادة الإعمار والأمن والإغاثة الإنسانية؛ تمهيداً لإقامة نظام حكم دائم.

لكن الخطة أثارت انتقادات حادة من الفلسطينيين ودول عربية وخبراء قانونيين، عادّين أن ماضي بلير المثير للجدل، خاصة دعمه لغزو العراق، يضعف أهليّته، كما يخشون أن تهمّش الخطة الإرادة الفلسطينية.

وفي تطور لافت، وافقت إسرائيل و«حماس» يوم الخميس على هدنة مؤقتة بعد حرب دامت عامين، تشمل تبادل الأسرى والرهائن.

وشغل بلير منصب مبعوث اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط لمدة ثماني سنوات، حتى عام 2015، قبل أن يستقيل في ظل تدهور آفاق السلام تحت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير يستقبل الرئيس الفلسطيني حينها ياسر عرفات قبل محادثاتهما في لندن 4 مايو 1998 (أ.ف.ب)

إرث كوسوفو

في كوسوفو، قاد بلير وكلينتون حملة حلف «ناتو» التي استمرت 78 يوماً وأجبرت ميلوشيفيتش على سحب قواته وتسليم الإقليم إلى إدارة الأمم المتحدة و«ناتو». وقد قُتل أكثر من 13 ألف شخص خلال الحرب، معظمهم من الألبان.

قال بلير في الذكرى الخامسة والعشرين لنهاية الحرب عام 2024: «النضال من أجل كوسوفو لم يكن فقط من أجلها، بل من أجل كل من يؤمن بأن الحرية والعدالة تستحقان الدفاع عنهما، حتى بالقتال إن لزم الأمر».

وما زال كثير من الكوسوفيين يعدّونه أحد أبرز القادة الغربيين الذين دافعوا عن قضيتهم وأسهموا في إعادة بناء بلدهم.

النحات الألباني الكوسوفي أغون كوسا يعمل على نحت تمثال لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير (رويترز)

تقدير كبير

أشرفت الأمم المتحدة على إدارة كوسوفو حتى إعلان استقلالها عام 2008. وما زالت الولايات المتحدة ومعظم الدول الغربية تعترف بها، في حين ترفض صربيا وروسيا والصين ذلك.

وفي مدينة فريزاي جنوب بريشتينا في كوسوفو، أُقيم تمثال لبلير عام 2023، وأُطلق اسم «ساحة توني بلير» على إحدى الساحات. يقول بشكيم فازليو، من مؤسسة «نحن نتذكر توني بلير»:

«من دون قيادته كنا سنختفي من الوجود. وربما يريد الآن أن ينجز آخر مهمة له في هذا العالم، وأعتقد أنه قادر إن أُتيحت له الفرصة».

بين كوسوفو وغزة

قالت فلورا تشيتاكو، المندوبة السابقة لكوسوفو في الأمم المتحدة: «يمتلك السيد بلير ما يفتقده قادة العالم اليوم: الشجاعة والتعاطف».

أما السياسي الكوسوفي فيتون سوروي، أحد المشاركين في محادثات السلام عام 1999، فقال: «أتمنى أن يُظهر توني بلير في غزة العمق والالتزام ذاتهما اللذين أبداهما في كوسوفو».

لكن في العالم العربي، تبقى صورة بلير مثيرة للانقسام، ويخشى كثيرون أن يُنظر إلى قيادته على أنها وصاية خارجية على الفلسطينيين.


مقالات ذات صلة

«حماس» تؤكد مقتل أبو عبيدة ومحمد السنوار في حرب غزة

المشرق العربي يمنيون يتابعون كلمة لأبو عبيدة المتحدث باسم «كتائب القسام» الذي أعلنت إسرائيل اغتياله في أغسطس الماضي (أرشيفية-إ.ب.أ)

«حماس» تؤكد مقتل أبو عبيدة ومحمد السنوار في حرب غزة

​أكدت حركة «حماس»، اليوم الاثنين، مقتل ‌أبو ‌عبيدة ‌المتحدث باسم ⁠جناحها ​العسكري ‌ومحمد السنوار الذي كان قائدها في غزة.

المشرق العربي الرئيس الأميركي دونالد ترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ) play-circle

تقرير: نتنياهو فكر في فتح معبر رفح قبل لقاء ترمب لكنه تراجع

نقلت صحيفة إسرائيلية، عن مصدر، قوله إن بنيامين نتنياهو عرض فتح معبر رفح بين مصر وغزة في كلا الاتجاهين كبادرة حسن نية قبل اجتماعه مع ترمب، لكنه تراجع.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

«توسيع الخط الأصفر»... مخطط جديد يُهدد مسار «اتفاق غزة»

تسريبات إسرائيلية جديدة تتضمن توسيع وجود قواتها بقطاع غزة من 53 إلى 75 في المائة، وسط جهود للوسطاء من أجل الدفع بالمرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

محمد محمود (القاهرة)
شؤون إقليمية الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب) play-circle

نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

وسط زخم من التقديرات والتسريبات الإسرائيلية عما جرى إعداده في تل أبيب للقاء دونالد ترمب، مع بنيامين نتنياهو، اعتبرت مصادر إسرائيلية أن اللقاء «معركة مصيرية».

نظير مجلي (تل أبيب)
شؤون إقليمية 53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

أظهر تقرير صدر اليوم (الأحد) أن عدد طلبات انتقال إسرائيليين يعملون في شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل إلى الخارج، ارتفع العام الماضي نتيجة الحرب على غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)

بوتين يؤكد تقدم جيشه لاحتلال مناطق أعلن ضمها في أوكرانيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

بوتين يؤكد تقدم جيشه لاحتلال مناطق أعلن ضمها في أوكرانيا

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، أن قواته تمضي قدماً للسيطرة على ثلاث مناطق أعلنت موسكو ضمها عام 2022 وتحقق تقدّماً ثابتاً.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» قال بوتين في اجتماع متلفز مع قيادات عسكرية روسية إن «الهدف من تحرير مناطق دونباس وزابوريجيا وخيرسون يُنفّذ على مراحل بما يتوافق مع خطة العملية العسكرية الخاصة... تتقدّم القوات بثقة» في المناطق الثلاث التي أعلنت روسيا ضمها إلى جانب لوغانسك.


«الكرملين»: بوتين وترمب يتحدثان هاتفياً قريباً

ترمب وبوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب بأوكرانيا في أغسطس الماضي (رويترز)
ترمب وبوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب بأوكرانيا في أغسطس الماضي (رويترز)
TT

«الكرملين»: بوتين وترمب يتحدثان هاتفياً قريباً

ترمب وبوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب بأوكرانيا في أغسطس الماضي (رويترز)
ترمب وبوتين يتصافحان خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماعهما للتفاوض على إنهاء الحرب بأوكرانيا في أغسطس الماضي (رويترز)

قال المتحدث باسم «الكرملين»، ديميتري بيسكوف، الاثنين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي دونالد ترمب، سيُجريان قريباً اتصالاً هاتفياً.

ونقلت وكالة «إنترفاكس» عن بيسكوف قوله إن «الكرملين» يتفق مع ترمب على أن السلام في أوكرانيا بات أقرب بكثير، غير أنه ذكر أن وقف إطلاق النار لم يُبحث خلال فترة أعياد الميلاد.

وقال بيسكوف إنه من غير المناسب التعليق علناً على نقاط النقاش المتعلقة بالتسوية الأوكرانية، مضيفاً أن «الكرملين» لا يرى ضرورة حتى الآن لتحديد خطة السلام التي يقول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه قد اتُّفق عليها بنسبة 90 في المائة مع الجانب الأميركي. وأوضح أن «روسيا ستتلقى معلومات بشأن نتائج محادثات فلوريدا بعد المحادثة الجديدة بين بوتين وترمب، لكن الكرملين لا يستطيع تقييمها بعد».

ترمب وبوتين في ألاسكا 15 أبريل 2025 (أ.ب)

وأكد أن أوكرانيا تفقد أراضيها وستستمر في فقدانها، «وهذه هي الخطة (أ) و(ب) و(ج)» بالنسبة إلى موسكو.

وذكر المتحدث باسم «الكرملين» أنه لا يوجد في الوقت الحالي أي حديث عن إجراء أي محادثة هاتفية بين بوتين وزيلينسكي.

كان الرئيس الأميركي قد قال، الأحد، إنه عقد اجتماعاً رائعاً مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في منتجع «مار آلاغو» بولاية فلوريدا.

وأضاف ترمب، في مؤتمر صحافي مشترك مع زيلينسكي: «أحرزنا تقدماً كبيراً في إنهاء حرب أوكرانيا، وأعتقد أننا اقتربنا جداً من اتفاق... أجرينا محادثات بشأن كل القضايا؛ بما في ذلك مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين».

وفي السياق نفسه، قال «الكرملين» إن على أوكرانيا سحب قواتها من ​الجزء الذي لا تزال تسيطر عليه في دونباس، إذا ما كانت تريد سلاماً. وأضاف أنه إذا لم تتوصل كييف إلى اتفاق فإنها ستخسر مزيداً من الأراضي. ورفض بيسكوف التعليق على فكرة إنشاء منطقة اقتصادية حرة في دونباس، أو على مستقبل محطة زابوروجيا ⁠النووية، الخاضعة لسيطرة روسيا، وقال إن «الكرملين» يرى ذلك ‌غير ملائم.

الرئيسان ترمب وبوتين خلال «قمة ألاسكا» في 15 أغسطس (أ.ف.ب)

وعندما سُئل عن ‍تصريحات يوري أوشاكوف، المساعد بـ«الكرملين» بشأن القرار الذي يتعين على كييف اتخاذه بشأن دونباس، قال بيسكوف إن على أوكرانيا سحب قواتها من المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها. وتشير تقديرات روسية ​إلى أن موسكو تسيطر حالياً على خُمس أوكرانيا، بما في ذلك شبه ⁠جزيرة القرم التي ضمّتها في عام 2014، ونحو 90 في المائة من دونباس، و75 في المائة من منطقتيْ زابوروجيا وخيرسون، وأجزاء صغيرة من مناطق خاركيف وسومي وميكولايف ودنيبروبتروفسك. وقال بيسكوف إنه لم يجرِ التطرق لإمكانية إجراء أي اتصال بين بوتين وزيلينسكي. وأعاد بيسكوف تكرار تصريحات ترمب التي قال فيها إن أوكرانيا قد تخسر مزيداً من الأراضي ‌لصالح روسيا، خلال الأشهر المقبلة، ما لم تبرم كييف اتفاقاً.


ماكرون: حلفاء كييف يجتمعون في باريس مطلع يناير لبحث الضمانات الأمنية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه العام الماضي (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه العام الماضي (د.ب.أ)
TT

ماكرون: حلفاء كييف يجتمعون في باريس مطلع يناير لبحث الضمانات الأمنية

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه العام الماضي (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه العام الماضي (د.ب.أ)

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين عن اجتماع لحلفاء كييف في باريس مطلع يناير (كانون الثاني) لمناقشة الضمانات الأمنية التي ستقدّم لأوكرانيا في إطار اتفاق سلام مع روسيا.

وكتب ماكرون على «إكس» بعد محادثة مع نظيرَيه الأميركي دونالد ترمب والأوكراني فولوديمير زيلينسكي «سنجمع دول (تحالف الراغبين) في باريس مطلع يناير لوضع اللمسات الأخيرة على المساهمات الملموسة لكل منها».

وأضاف ماكرون الذي أجرى أيضاً محادثة ثنائية مع زيلينسكي: «نحن نحرز تقدماً فيما يتعلق بالضمانات الأمنية التي ستكون أساسية لبناء سلام عادل ودائم».

ويأتي هذا الإعلان عقب اجتماع زيلينسكي وترمب الأحد في مقر إقامة الرئيس الأميركي في فلوريدا، حيث أظهر الأخير بعض التفاؤل بشأن التوصل إلى حل قريب للحرب المستمرة منذ فبراير (شباط) 2022.

وأقر دونالد ترمب بأن «المفاوضات كانت صعبة للغاية»، مشيراً إلى «إحراز تقدم كبير».